زكاة حلي المرأة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 543 - عددالزوار : 23841 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 5379 )           »          حدث في الثامن من ذي القعدة 669 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيف نحصن شبابنا من الآراء الشاذة؟؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها أثناء قضاء الحاجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 9623 )           »          الفرع الأول: أحكام اجتناب النجاسات، وحملها والاتصال بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من قام من نومه فوجد بللًا في ثوبه هل يجب عليه الغسل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          تفسير سورة الضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-10-2021, 06:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,674
الدولة : Egypt
افتراضي زكاة حلي المرأة

زكاة حلي المرأة
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني


تعريف الزكاة:
الزكاة لغة: النَّماء والزيادة، ومنه قيل للصدقة عن المال: زكاة؛ لأنها تثمره وتنمِّيه، ومنه يقال: زكا الزرع، وزَكَت النفقة: إذا بورك فيها[1].


وقيل: سُمِّيَت زكاة؛ لأنها تُطهِّرُ مالَ المُزَكِّي، وتنمِّي الفقيرَ وتُغنيه، ومنه قوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103] [2].


وتُطلق الصدقة، ويراد بها الزكاة[3]، والصدقة متى أطلقت في القرآن فهي صدقة الفرض[4].


الزكاة شرعا:
عرفتها الحنفية: بأنها تمليك جزء من المال من فقيرٍ مسلمٍ غير هاشميٍّ، ولا مولاه بشرط قطع المنفعة عن المملِّك من كلّ وجهٍ[5].


وعرفتها المالكية: بأنها مال مخصوص يُؤخذ من مال مخصوص إذا بلغ قدرا مخصوصا في وقت مخصوص يُصرف في جهات مخصوصة[6].


وعرفتها الشافعية: بأنها اسم لما يخرج عن مال أو بدن على وجه مخصوص[7].


وعرفتها الحنابلة: بأنها حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص[8].


يمكن إجمال هذه التعريفات بقولنا: الزكاة هي مال مخصوص يؤخذ في وقت مخصوص من طائفة مخصوصة فيدفعُ إلى طائفة مخصوصة.


تعريف الحُلي:
الحُلي لغة: جمع حَلْي، وقد تكسر الحاء؛ لمكان الياء مثل عصي، وقد قُرئ: ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ [الأعراف: ١٤٨]، بالكسر، والضم[9].


والحُلي: هو كل حِلية حُلِّيت به امرأة، أو سيفا، أو نحوه، ومنه قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ [الأعراف: ١٤٨]، وإنما يقال: الحُلِي للمرأة، ولا يقال لغيرها إلا حِلْية[10].


ويقال: تحلَّت المرأة إذا اتخذت حُليًّا أو لبسته، و: حَلَّيْتها، أي ألبستُها، واتخذتُه لها[11].


ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي[12].


تحرير محل النزاع:
أجمع أهل العلم على أن لا زكاة في الحلي إذا كان جوهرا، أو ياقوتا لا ذهب فيه، ولا فضة إلا أن يكون للتجارة[13].


كما أجمعوا على أن الحُلي الذي لا يراد به زينة النساء تجب فيه الزكاة[14]، كالمعد للاتجار، أو النفقة، أو الإجارة، وكذلك ما اتخذ حلية فرارا من الزكاة[15].


كما أجمعوا على أن حلي المرأة المعد للاستعمال لا زكاة فيه إذا لم يبلغ النصاب[16]، واختلفوا فيما إذا بلغ النصاب على أربعة أقوال.


السبب في اختلافهم أمران:
أحدهما: التردد في تشبيه الحلي بالعُروض من جهة، ومن جهة أخرى بالتبر[17] والفضة اللتين المقصود منهما المعاملة في جميع الأشياء، فمن شَبَّهَهُ بالعُروض التي المقصود منها المنافع أولا قال: ليس فيه زكاة، ومن شَبَّهَهُ بالتبر والفضة التي المقصود فيها المعاملة بها أولا قال: فيه الزكاة[18].


الآخر: اختلاف الأحاديث المروية في ذلك، وذلك أنه روى جابرٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَال: «ليْسَ فِي الحُلِيِّ زَكَاةٌ»[19]، وروى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ[20] غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟»، قَالَتْ: لَا، قَالَ: «أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟»، قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ عز وجل، وَلِرَسُولِهِ[21][22]، فمن يقول بعدم الوجوب يأخذ بالحديث الأول، ومن يقول بالوجوب يأخذ بالحديث الثاني، والحديثان مختلف في صحتهما، وتضعيفهما كما سيأتي.


أقوال العلماء في حكم زكاة حلي المرأة:
القول الأول: تجب الزكاة في حلي المرأة.
القائلون به: عمر بن الخطاب[23]، وعبد الله بن عمر[24]، وعبد الله بن عمرو[25]، وابن عباس[26]، وابن مسعود[27] رضي الله عنهم، وابن المسيب[28]، وعبد الله بن المبارك[29]، وعطاء بن أبي رباح[30]، ومجاهد[31]، وسعيد بن جُبير[32]، وعبد الله بن شدَّاد[33]، وميمون بن مهران[34]، وطاوس[35]، وابن سيرين[36]، وجابر بن زيد[37]، والزهري[38]، وسفيان الثوري[39]، والأوزاعي[40]، ومكحول[41]، والحسن بن حُيّ[42]، والنخعي[43]، وأصحاب الرأي[44]، وقول عند الشافعية[45]، ورواية عن أحمد[46]، والظاهرية[47]، وابن المنذر[48]، والصنعاني[49].


الأدلة التي استدلوا بها:
أولا: القرآن الكريم:
قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34].


وجه الدلالة من وجهين:
أحدهما: هذه الآية عامة تتناول جميع أنواع الحلي من الذهب، والفضة، فمن كان عنده ذهب مصوغ، أو مضروب، أو تبر، أو فضة فعليه زكاته بعموم اللفظ، ولا يجوز إخراج شيء من ذلك بالرأي؛ فقد أوجب عمومه إيجاب الزكاة في سائر الذهب والفضة؛ إذ أن الله تبارك وتعالى إنما علق الحكم فيهما بالاسم، فاقتضى إيجاب الزكاة فيهما بوجود الاسم دون الصنعة[50].


الآخر: ألحق اللهالوعيد الشديد بكنز الذهب والفضة، وترك إنفاقهما في سبيل الله من غير فصل بين الحُلي، وغيره[51].


وفي الحديث: «كُلُّ مَالٍ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ سَبْعَ أَرَضِينَ يُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ، وَكُلُّ مَالٍ لَا يُؤَدَّى زَكَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَهُوَ كَنْزٌ»[52]، فكان تارك أداء الزكاة منه كانزا فيدخل تحت الوعيد، ولا يُلحق الوعيد إلا بترك الواجب[53].


ثانيا: السنة النبوية:
1-عنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ[54] صَدَقَةٌ»[55].


وجه الدلالة: هذا الحديث عام؛ فيدخل فيه حلي المرأة، ولا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نص، ولا إجماع، ومفهومُ الحديث أن فيها صدقةً إذا بلغت خمس أواق[56].


أجيب عنه من وجهين:
أحدهما: أن الحلي لا يدخل في هذا الحديث، وإنما معنى الحديث: الصدقة واجبة في الوَرِق فيما بلغ خمس أواق مما لم يكن حُليا متخذا لزينة؛ لأنه لا زكاة فيه إذا كان متخذا لذلك؛ لأنه لا يطلب فيه شيء من النماء[57].


نوقش بأنه جواب متناقض غير صحيح، فلا يصح أن ما أبيح اتخاذه من الحلي تسقط عنه الزكاة[58].


الآخر: هذا الحديث لا يتناول محل النزاع؛ لأن الأواقي هي الدراهم المضروبة[59].


قال القاسم بن سلام «ت 224هـ» رحمه الله: لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب يقع إلا على الدراهم، كل أوقية أربعون درهما[60].


نُوقش من وجهين:
أحدهما: أن الشرع أوجب الزكاة على كل ما يطلق عليه اسم الدراهم إن كان الغالب هو الفضة، وإن كانت مغشوشة[61].


الآخر: القول بأن الأوقي تُطلق على الدراهم المضروبة فقط تحكُّمٌ؛ فإن الأواقي تطلق على الفضة مطلقا سواء كانت مضروبة، أو لا[62].


2-عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَرَضَ عَلَى المُسْلِمِينَ فِي الرِّقَّةِ[63]رُبْعُ العُشْرِ»[64].


وجه الدلالة: هذا الحديث عام؛ فيدخل فيه حلي المرأة، ولا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نص، ولا إجماع[65].


أجيب عنه من وجهين:
أحدهما: بأن هذا الحديث لا يتناول محل النزاع؛ لأن الرِّقَة هي الدراهم المضروبة[66].


قال القاسم بن سلام رحمه الله: «لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب يقع إلا على الوَرِق المنقوشة ذات السكة السائرة في الناس»[67].


نُوقش بما نُوقِشَ به جواب الدليل السابق.


الآخر: القول بأن الرِّقَة تُطلق على الدراهم المضروبة فقط تحكُّمٌ؛ فإن الرقة تطلق على جنس الفضة مطلقا سواء كانت مضروبة، أو لا[68].


3- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ»[69].


وجه الدلالة: هذا عام في كل مال؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يفصل بين مال، ومال[70].


أجيب بأنه يستدل به على الإطلاق مع إمكان حمله على حلي محظور، أو للتجارة[71].
نوقش بأنه لا دليل على تقييد الحديث بحلي دون حلي.


4- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ»[72].


وجه الدلالة: أن هذا الحديث عام يدخل فيه الحلي[73].


5- عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ حَتَّى تَتِمَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ»[74].


وجه الدلالة: أن هذا الحديث عام يدخل فيه الحلي[75].


6- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟»، قَالَتْ: لَا، قَالَ: «أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟»، قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ عز وجل، وَلِرَسُولِهِ[76].


وفي رواية: «فأَدِّيَا حَقَّ هَذَا الَّذِي فِي أَيْدِيكُمَا»[77].


وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر في هذا الحديث بزكاة الحلي[78]، فهو حجة في وجوب الزكاة في الحلي[79].


أجيب عنه من أربعة أوجه:
أحدها: أنه ضعيف؛ لم يروَ إلا من وجه واحد بإسناد قد تكلم الناس فيه قديما وحديثا[80]، ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء[81].


نُوقش بأن للحديث طرقا، ومَن ضعفه إنما ضعفه؛ لأنه لم يصل عنده إلى عمرو بن شعيب إلا بضعيفين[82]، وإنما قال الترمذي ذلك فيما أخرجه هو في كتابه، ولا يلزم من عدم ثبوت الصحة عنده عدم ذلك عند غيره[83].


فهذا التضعيف مبنيٌّ على انفراد ابن لهيعة والمثنى بن الصَّبَّاح به، وليس هو منفردا بل أخْرجَهُ أبو داود، وغيره من رواية حسين المُعلِّم عن عمرو بن شعيب، وحُسين ثقة بلا خلاف، روى له البخاري ومسلم، وأخْرجَهُ النسائي من رواية خالد بن الحارث مرفوعا، ومن رواية معتمر بن سليمان مرسلا، ثم قال: خالد بن الحارث أثبت عندنا من معتمر، وحديث معتمر أولى بالصواب[84].


الثاني: إذا قلنا بصحته، فإنه يحتمل أنه أراد بالزكاة إعارته كما فسره به بعض العلماء، وذهب إليه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وغيرهم[85].


نوقش من وجهين:
أحدهما: أن تسمية إعارة الحلي زكاة لا تنفي وجوب الزكاة المعهودة إذا قام دليل الوجوب[86].


الثاني: العارية مستحبة، والوعيد لا يستحق إلا بترك الواجب[87].


الثالث: أن فيه ما يدل على أن الحلي لم يكن للبس، وذلك أنه قيل فيه إنهما غليظتان، فكأنهما خرجتا عن حد ما يتخذ من الحلي إلى حد ما يتخذ من الأواني؛ لأن الغرض لم يكن للسرف والتزين به؛ لأنه لو كان هذا غرضا؛ لاتخذته على نحو ما يتخذه الناس[88].


نوقش بأنكم تقولون بأن الحلي إذا كان فيه سرف حرُمَ لبسه، ووجبت فيه الزكاة، وقوله: «غليظتان» تدل على أن فيه سرفًا[89].


الرابع: أنه يحمل على أنه كان في أول الإسلام حال الشدة والضيق، وقت كان النساء منهيات عن لبس الذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حظره، ثم أباحه في حال السعة، وتكاثر الفتوح[90].


نوقش من وجهين:
أحدهما: أننا لا نعلم أن هذا كان محظورا على النساء، وإنما الحظر الوارد محمول على الرجال، وقيل: فيمن لا يؤدي الزكاة.


الآخر: لو ثبت ما قالوا فأخبارنا في حال الإباحة، ألا ترى أنه لو كان ذلك في حال الحظر لأنكر اللبس أولا، ثم أمر بإخراج الزكاة؟[91].


7- عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالَتِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهَا أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَنَا: «أَتُعْطِيَانِ زَكَاتَهُ؟»، قَالَتْ: فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: «أَمَا تَخَافَانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا اللهُ أَسْوِرَةً مِنْ نَارٍ؟ أَدِّيَا زَكَاتَهُ»[92].


وجه الدلالة: أن هذا عام يدخل فيه الحلي[93].


أجيب بأنه لا يصح[94].


نوقش بأن الترمذي قال ذلك فيما أخرجه هو في كتابه، ولا يلزم من عدم ثبوت الصحة عنده عدم ذلك عند غيره[95].


8- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ[96] مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟»، فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟»، قُلْتُ: لَا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: «هُوَ حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ»[97].


وجه الدلالة: أن هذا الحديث عام يدخل فيه الحلي[98].


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 234.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 232.47 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.74%)]