|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التربية بالملامسة علي بن حسين بن أحمد فقيهي بوح القلم (تأملات في النفس والكون والواقع والحياة) التربية بالملامسة ♦ تُعتبَر الحواسُّ أولَ أبواب المعرفة الإنسانية، وآكَدَ مراتب الوعي والإدراك، وأعمقَ وسائل الشعور والإحساس، وأفضلَ طرق التعلُّق والارتباط. ♦ يؤكِّد علماءُ اللغة والاتصال وخبراءُ التربية والتعليم على دَوْرِ الحِسِّ واللَّمْس في التواصُل والتوافُق غيرِ اللفظيِّ وتأثيرِه على نفسية الفرد، وبرمجة الفِكْر، وسلوك الإنسان، ويظهر ذلك جليًّا في المنافع التالية: 1) إظهار المشاعر الداخلية للآخرين؛ كالرحمة والشفقة، والمحبة والمودة، والإجلال والاحترام. 2) إشباع الغرائز العاطفية الضرورية؛ كالأُبوَّة والبُنوَّة، والأُخوَّة والقرابة، والصُّحبة. 3) تغيير الروتين السائد والنمط المعتاد بالمزاح المُباح، والمُلاطَفة البريئة، وخاصةً في المحيط الأُسري والتربوي. 4) التنويع في أساليب التربية وأصناف التوجيه، كلٌّ بحسب حاجته وخصائصه. 5) التخلص من الأدْوَاء الظاهرية، والأمراض القلبية؛ بحُسن القصد للخالق، وجميل التَّعامُل مع المخلوق. 6) المحاسَبَة الصادقة، والمراجَعَة المُنْصِفة؛ بالمُوازَنة العادِلة بين حُظُوظ النفْس وواجبات الآخرين. 7) الفهم الشامل لحقيقة التعبُّد؛ بتلبية الرغبات الفطرية، والاحتياجات النفسية، والواجبات الاجتماعية، والأوامر التعبُّدية. 8) الانعتاق من الجُمود التربوي القائم على الأمر والنهي اللفظي، والنفوذ للعالَم الداخليِّ، الذي يُعتَبَر مَناط الرغبة والإرادة، ومصدرَ السلوك والحركة. 9) العَلاقة المُتَزايِدة، والصِّلة المُتنامِية، الناتجةُ عن طبيعة الارتباط بين الفرد والأشياءِ من حوله من الكائنات والجمادات ((أُحُد جبلٌ يُحبُّنا ونُحبُّه)). ♦ بالتأمُّل في سيرة المربِّي الأول صلى الله عليه وسلم، نَجِد الاهتمامَ والعنايةَ والتطبيقَ والممارَسةَ لهذا النمط من التعامل، وذلك الأسلوب من التربية، الذي برز في المشاهد والصور التالية: 1) مشروعية وسُنِّيَّة المُصافَحة عند اللقاء؛ لدورها في تعزيز الأُخُوَّة وتقوية الصُّحبَة، عن قتادة قال: قلتُ لأنس بن مالك رضي الله عنه: "أكانت المصافَحةُ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟"، قال: "نعم"؛ أخرجه البخاري. 2) الأخْذُ باليد، والمسحُ على الصدر، وملامسةُ الخدِّ للأصحاب والأَتْباع؛ إظهارًا للمحبة، وتسليةً في المصاب، ورُقْيَةً للمريض، وتغييرًا للمنكر: ♦ عن عبدالله بن هشام، قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو آخِذٌ بِيَدِ عمر بن الخطاب"؛ رواه البخاري. ♦ عن جابر بن عبدالله، يقول: "أَخَذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدي ذات يومٍ إلى منزله"؛ رواه مسلم. ♦ عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: ((أُمَّ قومَك))، قال: قلت: "يا رسول الله، إني أَجِدُ في نفسي شيئًا؛ قال: ((ادْنُهْ))، فجَلَّسَنِي بين يديه، ثم وَضع كفَّه في صدري بين ثديَيَّ، ثم قال: ((تَحَوَّلْ))، فوضعها في ظهري بين كتفيَّ، ثم قال: ((أُمَّ قومَك؛ فمَن أَمَّ قومًا فلْيخَفِّفْ؛ فإنَّ فيهم الكبير، وإنَّ فيهم المريض، وإنَّ فيهم الضعيف، وإنَّ فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحدَه، فليصلِّ كيف شاء))؛ رواه مسلم. ♦ وعن جابر في حجة الوداع قال: "وأَرْدَف الفضلَ بن عباس، وكان رجلًا حسنَ الشعر، أبيضَ، وسيمًا، فلما دفَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مرَّت به ظُعُنٌ يَجْرِين، فطَفِقَ الفضلُ ينظر إليهِنَّ، فوَضع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَه على وَجه الفضل، فحَوَّل الفضلُ وجهه إلى الشِّقِّ الآخر يَنظُر، فحوَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده مِن الشِّقِّ الآخَر على وجه الفضل، يَصْرِف وجهَه مِن الشق الآخر"؛ رواه مسلم. 3) التقبيل والضَّمُّ، والمُلاطَفة والمُمازَحة للأبناء والبنات، والصغار والكبار: ♦ عن عائشة قالت: "وكانت - فاطمة - إذا دَخلَت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها وقبَّلها، وأجلَسَها في مجلسه، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها، قامت من مجلسها فقَبَّلَتْه وأجْلَسَتْه في مجلسها"؛ رواه أبو داود والترمذي والنسائي. ♦ عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والحسنُ بن عليٍّ على عاتِقِه، يقول: ((اللهم إني أُحبُّه فأَحِبَّه))؛ أخرجه البخاري، وفي رواية: "حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه"، وفي أخرى: "فالتزمه". ♦ عن جابر بن سَمُرة رضي الله عنه، قال: "صلَّيْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثم خرجَ إلى أهله، وخرجْتُ معه، فاستقبَلَه وَلَدان، فجَعَل يمسح خَدَّيْ أحدِهم واحدًا واحدًا"، قال: "وأمَّا أنا، فمَسَح خدِّي، فوَجدتُ لِيَدِه بردًا ورِيحًا، كأنما أخرَجَها مِن جُؤْنَةِ عطَّار"؛ أخرجه مسلم. وجؤنة العطار: هي التي يُعِدُّ فيها الطِّيبَ ويدَّخرُه. ٤) حُسْن المعاشَرة للزوجة بالملاعَبة والمداعَبة، والملامَسة والمباشَرة: ♦ عن عائشة، قالت: "...كان يوم عيد، يلعب السُّودان بالدَّرَق والحِراب، فإما سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وإما قال: ((تشتهين تنظرين؟))، فقلتُ: "نعم"، فأقامَني وراءَه، خدِّي على خدِّه، وهو يقول: ((دونَكم يا بني أرفدة))، حتى إذا مللتُ، قال: ((حَسْبُكِ؟))، قلت: "نعم"، قال: ((فاذهبي))؛ رواه البخاري. ♦ وعن عائشة رضي الله عنها، قالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل وهو صائم، ويُباشِر وهو صائم"؛ رواه البخاري. ♦ عن عائشة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم "كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن"؛ رواه البخاري. ♦ ومضة: بعد الحرب العالمية الثانية، وُضِعَتْ عنابرُ وملاجئُ لِيتامى الحرب مِن الأطفال، لاحَظ طبيبٌ مِن الأطباء أنَّ أحدَ العنابر يبدو فيه الأطفال أكثرَ هدوءًا، ونسبة الوفَيَات بينهم أقلُّ، وتنفيذهم لتعليمات الممرضات أكثر، وهنا كان التساؤل: لماذا هذا العنبر خاصة؟! وبالرَّصد والتتبُّع وُجِدَ أنَّ كل العنابر بها نفس الغذاء والعناية الطبية، لكنْ هناك شيءٌ إضافيٌّ واحد في ذلك العنبر، هو أن سيدةً عجوزًا تَحضُر كلَّ يوم وتحتضنُ الأطفالَ وتُربتْ على رؤوسهم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |