|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() لا أرضى تدين الخطاب فأرفضهم أ. مروة يوسف عاشور السؤال السلام عليكم. جزاكم الله خيرًا على خِدمتكم، وشكَر لكم، وبلَّغكم الفردوس. بعد أشهر سأتمُّ - إن شاء الله - أربعة وعشرين عامًا، لا أُدخِل بيتي من الخطَّاب إلا مَن استقام ظاهرُه وسمعتُ عنه خيرًا، فأجد الآتي: أحدهم شَغُوف بمباريات كرة القدم، والآخَر يرى جَواز الكلام بين المخطوبَيْن، وآخَر يُتابع قناةً إخباريَّة بها مُخالَفات... وهكذا، فأرفُض رغم أنَّ منهم طلاب علم وأصحاب خُلق، بل منهم مَن يقيمُ الليل، لكنِّي أخشي مَفسَدة زَواجي من مُصِرٍّ على معصية، فهل أنا على صَواب؟ لا أدري كيف أتصرَّف خاصَّة وأنَّ أبي ضاقَ بي لما رفَضتُ أحدَهم لأنَّه غيرُ مُنتظِم في صلاة الجماعة، دعا عليَّ وسبَّني بأبشع الألفاظ، وقاطَعَنِي ومنعَنِي دُروسَ العلم لفترةٍ. شكرًا لكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يقول الدكتور مصطفى السباعي: "إن لم يكن في إخوانك أخٌ كامل، فإنَّهم في مجموعِهم أخٌ كامل يُتمِّم بعضه بعضًا". كم يحزَنُ المرء على خُلق صَدِيقه ويفجعه أنْ وقَع على رذيلةٍ لم تكن في صاحبه الذي كان له بلسم الجروح وشِفاء الرُّوح، فيتسلَّى بغيره من إخوان الخير وأهل البرِّ، لكنَّ الزوج واحدٌ، لا بديل له ولا خيار عنه، أفلا يكون من حَقِّ الفتاة أنْ تبحث عن أكمل الصِّفات وأحسَنِها، وأنْ تنتقي أفضلَ ما يُمكنها الحصول عليه؟ من حقِّكِ أُخيَّتي أنْ تبحَثِي عن زوجٍ صالح يُعِينُكِ على أمْر دِينكِ ودُنياكِ. أنْ يكون لكِ نِعمَ الرَّفيق وخيرَ الصاحب الأمين. أنْ يقيَكِ الفتنَ وما انطَوَتْ عليه سَرائر الناس؛ من شرٍّ يتوارى في قلوبهم، وحِقدٍ يتغَلغَلُ في نُفوسهم، وأنْ يُذكِّركِ إذا غفلتِ، وينصَحَكِ متى استَنصحتِ، لكن.. أتبقى الفتاة تبحثُ وتبحثُ عن رجلٍ صالحٍ به كلُّ الأمنيات وله أكمل الخَلاَّت؟ هناك ثلاثةُ أمور يجدرُ بالفتاة العاقلة الراشدة أنْ تُقدِّمها وتنظُر فيها عند اختيار الزوج: أولاً: دِين الخاطب وخُلقه، وصفاته الأخرى. ثانيًا: حالة الفتاة وعُمرها. ثالثًا: البيئة وحال الشباب فيها. فأمَّا دِين الخاطب، فلا سبيل للتَّهاوُن فيه، وإنِ اشتدَّ الحال وكبر عُمرها وضاقَتْ عليها الدُّنيا، وإنْ تمكَّن الحزن من نفسها واعتصَرَ الألم قلبها، فلا تُفرِّط في دينه؛ فبه تُقام الحياة الحقيقيَّة، وبه تأمَنُ على نفسها وأبنائها من بعدها؛ ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82]، وأمَّا بقيَّة الصِّفات، فأنصَحُ بالتنازُل عنها بقدرٍ يسير مع كلِّ عامٍ يمرُّ من عُمر الفتاة، على ألا يُجاوز القدرَ المعقول والحدَّ الطبعي. وحالُ مَن ذكرتِ من طلبة العِلم، من تهاوُنٍ في صَلاة الجماعة، وإطلاق البصَر، والإدمان على مُشاهَدة المباريات وغيرها - لا تُبشِّر بخيرٍ ولا تُنبِئ بصَلاح! لكن ماذا تقصدين بغير مُنتظمٍ في صلاة الجماعة؟ وهل أقرَّ هو بذلك؟ قد يكونُ لدى الشابِّ بعضُ الورَع، فيُخبر أنَّه يُحافِظ على صلاة الجماعة لكن يُقصِّر في بعض الأوقات أو يتأخَّر لعلَّة أو مرض، أو غيرها من الأسباب، ثم يتورَّع عن تزكية نفسه ويعترف بأنَّه لا يُحافِظ عليها تمامَ المحافظة، ومع اعتِرافه بفضلها والنظَر في بقيَّة الصفات قد يستجيبُ ويُقبِلُ عليها، ويكون لزوجه عظيمُ الأجر؛ لهذا على الفتاة أنْ تنظُر في صفاته إجمالاً، ولا تُفصِّلها تفصيلاً؛ فتغتمَّ وتنصب. وأمَّا عن حال الفتاة وعُمرها، فهناك من الفتيات مَن لا صبرَ لها على تأخُّر الزواج، وقد تجاوزت الثلاثين أو اقتربت من الأربعين، فأنَّى لها الظَّفر بزوجٍ به من الصفات ما تتمنَّاه؟! اللهمَّ إلا أنْ يشاء الله ربُّنا، ورزقُ الله واسعٌ لا يُعجِزه شيءٌ في الأرض ولا في السَّماء سبحانه، لكنَّ الواقعيَّة مطلوبة، والمنطقيَّة مرغوبة، والحاجة إلى الزَّواج فطرةٌ في كلِّ شاب وفتاة أسوياء! فبالنظَر إلى عُمرك - ولله الحمد - ما زلتِ في عُمرٍ مطلوب مرغوب، فلا خوف من هذه النُّقطة، بشرط ألا تصرفي عنها النظَر بشكلٍ كلي. وأمَّا عن البيئة أو المجتمع وحال الشباب فيه، فهذا جلُّ ما يَهُمُّنا، وذاك أكثر ما يعنينا. انظُري فيمَن تقدَّمُوا لخطبتكِ وتأمَّلي حالَ صَديقاتكِ وقَرِيباتكِ، وحال الشَّباب من الأهل والجِيران والأقارب والمعارف، هل تندر فيهم تلك الصفات وتشحُّ خِلال الخير؟ نحن الآن نتحدَّث عن حال الواقع، ونُوقِن بأنَّ الله تعالى لا يعجزه أنْ يرزُق فتاة الأربعين بما تتمنَّاه مَن هي دُون العشرين، لكنَّا كبشرٍ نأخُذ بالأسباب، ونعمَلُ بما يقتضيه الواقع، ويُملِيه العقلُ والحكمة. إنْ كانت بيئتكِ ومجتمعكِ غنيًّا بمثْل هذه النماذج الطيِّبة، فلا داعي لتقديم أيِّ نوع من التنازُل، ولستِ بحاجةٍ له على الإطلاق، أمَّا إنْ كان الحال لا يُبشِّر بخيرٍ، فتأمَّلي حالَ المتقدِّمين وحاوِلي انتقاءَ أحسن الصفات، وتجنَّبي طلب الكمال؛ فالزواج مَطلَبٌ شرعي، واجعَلِي نظرتكِ - مستقبلاً - أكثر واقعيَّة. الوالد - حفظه الله - لا يَعنِي توبيخَكِ، ولا يقصد تعنيفكِ أو إهانتكِ؛ بل يتَّضِحُ حِرصُه عليكِ وحبُّه لكِ، وإنْ أساء التعبير وجانَب الإنصاف، وإنْ تعدَّى الحدود وتلفَّظ بما لا يليقُ، لكنِ احمدي الله أنْ رزَقَكِ بوالدٍ عَطُوف حَنُون، فكم نرى ونسمَعُ أعاجيب القصص عن أولياء يمنعون بناتهم من الزَّواج ويعضلونهن بأقسى وأبشَع الطُّرق! والخلاصة أنَّكِ على صَوابٍ ما لم يزدِ الأمر عن حدِّه المعقول، ولم أجدْ فيما ذكرتِ تعنُّتًا أو تشدُّدًا، فاستَعِيني بالله وتصبَّري، واعلَمِي أنَّه لن يتجرَّع كُؤوس النَّدم مَن توكَّل على الله وتعلَّق به ورجا رضاه. أخيرًا: كان ممَّا نُسب للإمام علي - رضي الله عنه - أنَّه قال: "لا خيرَ من عقلٍ زانَه علم، وعلمٍ زانَه حلمٌ، وحلمٍ زانَه صدقٌ، وصدقٍ زانَه رفقٌ، ورفقٍ زانَتْه تقوى". رزقكِ الله زوجًا عاقلاً عالمًا، حليمًا صادقًا، رفيقًا تقيًّا، وأسعَدَ قلبكِ في الدارَيْن.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |