
08-09-2021, 04:21 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,709
الدولة :
|
|
فارق السن الكبير بيني وبين خاطبي
فارق السن الكبير بيني وبين خاطبي
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال
السلام عليكم، أما بعد:
أنا فتاة خلوق واعية، ولله الحمد، تقدَّمَ لخِطْبتي رجلٌ رائع، خلوق ملتزمٌ حنون، تعرَّفْنا بطريقة شرعيَّة، أحببتُه، وهو أيضًا، والآن أنا مخطوبة له، إلاَّ أنه 46 عامًا، وهذا ما يسبِّب لي خوفًا في المستقبل، مع العلم أن لديَّ الحرية التامَّة في اتِّخاذ القرار، مع العلم أني صلَّيت الاستخارة، وهو أيضًا، وكلَّما عُرقِلَ الأمر تيسَّر، والكل يشيد بأخلاقه.
فما الحلُّ؟ وصلَّى الله على سيدنا محمَّد، وآله وصحبه وسلَّم
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حياكِ الله أختي الكريمة في شبكة الألوكة.
أتعلمين؟
هذه سادس استشارة تأتيني حول أمر اختيار الخاطب، والتحيُّر في قبول زوج، فلا أدري ما سببُ تحيُّر الفتيات والشباب في أمر الزَّواج، أهو عِظم القرار، أم تَضاربُ الأفكار، أم زيادةً في الحيطة والحذر؟
على كلِّ حال، لا أملك لكم جميعًا - شبابَ وفتياتِ الإسلام - إلاَّ أن أدعُوَ لكم من كلِّ قلبي أن يوفِّقَكم الله ويرشدكم لِما فيه صلاحُ دينكم ودنياكم، ولا أملك إلا النُّصح والإرشاد، ويبقى عِلْم الخير عند علاَّم الغيوب، ومَن بيده مفاتِحُه.
أعدتُ قراءة رسالتك، فلم أجد تفصيلاً يُعينني على إرشادكِ، أو تقليب الأمر من عدَّة وجوه - كما هو دأبي فيما يخصُّني ويخصُّ مَن يَعنيني أمره.
الرَّجُل قد بلغ السادسة والأربعين، فهل سبق له الزواج؟ وهل لديه أبناء؟
وإن لم يكن كذلك، فما الذي أخَّرَه إلى هذا العمر؟
وزاد عجبي أنِّي لاحظتُ أن تأخُّره في الزواج لم يدهشكِ، فقط تسألين عن مدى التَّوافُق من حيث العمر!
على كلِّ حال لا أُخفي عليكِ أنَّ فارق العمر (22 سنة) ليسَ بالأمر الهيِّن، وإن كانت الفتاة تفضِّل مَن يكبرها في العمر غالبًا، لكن بلا شكٍّ لن يصل الرَّقم إلى هذا الحد الذي يجعله مؤشِّرًا للقلق!
في جميع الأحوال لا أنصح بردِّ الخاطب صاحب الخلق والدِّين، والذي يجعل الله له في قلب الفتاة القبول.
لكن من حقِّ الفتاة أن تبحث عمَّن يناسبها ويوافقها من حيث الشخصيَّة، والعمر، والبيئة، والمستوى الدِّراسي والعلمي.
الرجل بعد الأربعين أمرٌ يثير قلق الفتاة، ويستدعي مخاوفها، فهل يستحقُّ بالفعل هذا القلق؟
إلى كل الفتيات المسلمات أقول:
• لا يمكن الحكم على شخصٍ بعينه أو فئة محدَّدة، والإقرار بأنَّهم يُعانون أعراضًا صحِّية بعد الأربعين أو منتصف العمر، ولو انتشرت تلك الظاهرة؛ فاختلاف الحياة في الشباب يؤدِّي إلى اختلاف النتيجة عند تقدُّم العمر، وقد سُئِل أحد الصَّالحين وهو في سنٍّ متقدِّمة - وليس في الأربعين - بكامل عقله وصحَّته، فقيل له في ذلك، فقال: "هي أعضاء حَفِظْناها في الصِّغَر، فحَفِظَها الله علينا في الكِبَر".
• ولا شكَّ أن الرَّجل الذي قد تزوَّج وأنجب وتحمَّل أعباءَ الأُسرة، وعايشَ المشكلات، وتعرَّض للضُّغوط النفسية في العمل أو البيت - سيختلف عمَّن لم يتزوَّج، ولم يمرَّ بتلك السِّلسلة؛ فقد ثبت علميًّا أن الضُّغوط النفسية من أكثر ما يؤثِّر على صحة الإنسان، ويساعد على ظهور أعراض الإعياء والعلل الجسديَّة والنفسية المختلفة.
• ومن يُمارس الرياضة لن يتأثَّر كمَنْ تركَ نفسه عُرضة لأمراض نقص النشاط الحركي.
ومن لم يمارس التَّدخين أو العادات السيِّئة بصفة عامة، فلن تظهر عليه الأعراضُ كمن يُهلِك نفسه وأهلَه به في شبابه، وكما قال الشاعر:
إِذَا الْمَرْءُ أَعْيَا رَهْطَهُ فِي شَبَابِهِ
فَلاَ تَرْجُ مِنْهُ الْخَيْرَ عِنْدَ مَشِيبِ
وهكذا؛ رغم انتشار ظاهرة تغيُّر حالة الرجل بعد الأربعين، إلا أنَّنا نرى الكثير من الحالات التي يظهر فيها الرَّجلُ وكأنَّه دون الثلاثين؛ متَى ما حفظ نفسه دينيًّا وصحِّيًّا ونَفسيًّا.
فانظري إلى خاطبكِ، واحْكُمي من أيِّ النوعين هو؟
أخيرًا:
يقول بعض الحُكماء: "ليس الشباب سِنًّا، وإنما هو كيفيَّة التعامل مع الحياة".
فما دُمتِ قد استخَرْتِ ووجدتِ له القبول والمحبَّة القلبيَّة، ولم تجدي ما يمنعكِ شرعًا من الرَّفض، فتوكَّلي على الله، وسَلِيه التوفيق؛ فهو وحده أعلم بالغيب، وهو الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|