بيداغوجية البركة بين التنظير التربوي والتطبيق المنهجي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         لو مدمنة شوكولاتة ومش عارفة تخسى.. نظام غذائى هيساعدك تخسرى وزنك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          6 طرق لشحن الطاقة واستعادة النشاط فى الويك إند.. الأولولية لنفسك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          إزاى ترد بشياكة على شخص بيتعالى عليك؟ 3 حيل نفسية مهمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أزمة الهوية في عصر العولمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الإمام الشعبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          سلسلة أفقاه لا يستغني عنها الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 500 )           »          أبو القاسم بن عساكر (الحافظ الكبير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أبو فرج بن الجوزي (شيخ الواعظين) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ندبة الودّ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          اجمع بين أصالتك وجمالك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-08-2021, 10:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,638
الدولة : Egypt
افتراضي بيداغوجية البركة بين التنظير التربوي والتطبيق المنهجي

بيداغوجية البركة بين التنظير التربوي والتطبيق المنهجي
عبدالرحمن بنويس







يَبدو لقارئنا الكريم من عنوان هذا المقال أن التعليم ارتبط ببيداغوجية جديدة، تَدخل ضمن الإصلاحات التي عملتها الوزارة مؤخرًا[1] في الساحة التعليمية، لكن الحقيقة عكس ذلك؛ وإنما مُرادي لفت انتباه القارئ إلى أهمية النظر إلى حالنا التعليمي، وخصوصًا شأن بركة المرسومين المشؤومين، كما أهدف أيضًا مِن هذا العنوان إلى إثارة انتباه القراء إلى شغل اهتمامهم بما يروج في الساحة التعليمية، والنظر بشكل دقيق إلى الآليات التي دَأَبْنا نسمعها عن إصلاح التعليم والنظر فيها؛ هل هي مُوافقة للواقع أم هو ضرب من العبث؟!

فما الذي يُقصَد ببيداغوجية البركة في الجانب التربوي؟ وهل يُمكن اعتبار هذه البيداغوجية مصاحبة للبيداغوجيات الحديثة المعمول بها في التعليم؟ أم فقط هي طابع ارتجالي عشوائي يُخيم على ميدان التربية والتكوين بله التعليم العالي؟ وهل حققت غايات أو أهدافًا تؤشِّر باعتمادها كنظرية ذات أنساق معيارية؟ أو إن شئت فإلى أيِّ حدٍّ يُمكن اعتبار هذه البيداغوجية نظرية يصلح إنزالها على ميداننا التعليمي؟

قد لا أكون مضطرًّا للإجابة عن هذه الأسئلة بقدر ما أضع في ذهن القارئ إشكالية تتطلَّب منه البحث والتحليل العميقين لموضوعات التربية، وجعل ذلك ألمًا يُخيِّم في ذهنه للتفكير في مآلية تجويد العملية التعليمية التعلمية، والحال هذه حبَّذت البدء بالإجابة عن السؤال الثاني فأقول: إن بيداغوجية البركة كما أحببت أن أُسميها، هي إجراءات مُتسلسلة مُصاحبة للبيداغوجيات التعليمية، سواء في المضامين أو الأهداف أو التعليم بالكفايات، لكن لن يَكتمل الفهمُ إلا إذا عُرِّفَ هذا المفهوم المركب "بيداغوجية البركة" كلمةً كلمة.

البيداغوجية كما هو معرَّف في الحقل التربوي: هي مجمل الأنشطة التعليمية - التعلمية التي يتمُّ ممارستُها من قِبَل المعلمين والمتعلِّمين[2]، كما تعرَّف أيضًا بأنها "حقلٌ معرفي قوامُه تفكير فلسفي وسيكولوجي في غايات وتوجهات الأفعال المطلوبة مُمارستها في وضعية التعليم، وهي أيضًا طريقة في التدريس أو إجراءات وتقنيات معينة، يتمُّ توظيفها في وضعية معينة"[3]، أما مصطلح البركة، فبالرجوع قليلًا إلى اللغة نجد "العرب تقول: باركَكَ الله وبارك فيك، والمتبارك: المرتفع، وقال الزجاج: تبارك: تفاعل من البركة، كذلك يقول أهل اللغة، وروى ابن عباس: ومعنى البركة الكثرة في كل خير، وقال في موضع آخر: تبارك: تعالى وتعاظم"[4]،وإذا تأملت معي أيها القارئ هذه المعاني، تجدها تدور حول العظمة والتنزيه والتقديس والبركة، وهذه العبارات ومثيلاتها يمكن أن تدلَّ على شيء؛ وهو أن الله تعالى يحفظ هذا التعليم من مُنزلقات خطيرة، ولا ننفي أن حاله لا يبشِّر بخير، خصوصًا إذا عرفنا مسار الإصلاح الوطني تاريخيًّا مقارنة مع مُخرجاته، وقد يكون أبرز دافع لذلك أنَّ المنظومة التعليمية لم تجهِّز بعض الآليات والأساليب التي يُمكن أن تطوِّر وتحسِّن من أداء النشاط التعليمي التعلُّمي، وبهذا السبب يضطرُّ المدرِّس أن يَجتهد بفكرِه وملكته في بيداغوجية البركة - عفوًا الكفاية - التي وصل إليها دماغه، وبما يسدُّ به الفراغ أو النقص الذي يُعاني منه في الفصل، والبركة والاجتهاد هي معالجة النقص الحاصل؛ ولذلك تجد خوضًا عشوائيًّا في تنزيل البيداغوجيات التعليمية المستورَدة، فقد يكون إما لغياب ظروف مقامها الحقيقي، وقد يكون السبب: قلَّة زاد بعض الأساتذة وخمولهم في البحث عن كيفية توظيف البيداغوجيات الحديثة في نشاطهم، وإما لعدم إيمانهم بها تمامًا، أو لتعصُّب كمالًا، وخمولهم ينأى بهم عن بلوغ أقصى جهد مُمكن، وبالتالي يقتصر على بركته التي بين يديه، وهذا موطن ضعف قد نقع فيه إن لم نُكثر الاطِّلاع ونُجدِّد النية.


لعلَّ الكلام السابق لا يَضرب عرضًا المجهودات القيمية التي يقوم بها أساتذتنا الفضلاء، فمنهم الذي يُنفق من ماله، ومنهم الذي يزيد من وقته، ومن الخير أن نعترف لأهل الفضل، وليس الشاهد كالسامع، فكم ممن يدرس مثلًا في مناطق قروية أو نائية، أو في جبال خالية، وهضاب بالية، وسهول سارية، بعيدة عما يُسمى بالعالم الافتراضي؛ الذي يقرِّب الصورة الحقيقية إلى ذهن المتعلمين، خصوصًا إذا استحضرنا طبيعة المقرَّرات وخضوعها لبيداغوجيات الكفايات ومتطلباتها، فيجتهد المدرس بما آتاه الله من البركة، ليوصل إلى تلامذته الشرح التقريبي البياني شيئًا فشيئًا، وقليلًا فقليلًا؛ كما قال ابن خلدون[5]، وخاصة إذا ما ورد في المقرر كلمة أو نص يتحدث عن شيء لم يُعاينوه أو يُشاهدوه، وفي الغالب فالطبع يغلب التطبُّع، كما يقال؛ فقد يَصير المدرس الذي كان مجتهدًا إلى تلميذٍ مجتهدٍ، إذا غابت عنه هو الآخر الوسائل المعينة على الفهم والإدراك؛ لأنها هي المصادر التي تزوِّده بالمعارف فيُحيي بها ذهنه، ويُجدِّد بها أفكاره.


إن المتأمِّل أو المزاول لمهنة التدريس لا شك أنه يجد بيداغوجية البركة في كل ما يمس بصِلَة للفصل وما حدا به، ولم يَقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل قد تَجدها حتى في المؤسَّسات التعليمية من لدن جميع الفاعلين التربويين، ولعل السبب في ذلك عدم توفر الإمكانات اللازمة التي تتيح لهم العمل بشكل يُؤمن عليه، وقد يكون لغياب رؤية واضحة تحدِّد المُخرجات المرغوبة، وقد يكون السبب لضَعف المدخَلات داخل المنهاج الدراسي التي تسهم في تجويد المعرفة وتحْيين الأفكار.


فالعمل وفق الظروف المتاحة هي التي تخلق وسائل ذاتية في إكساب المتعلِّمين معارف قد تكون نيرة، إذا وافقت الجانب السيكولوجي والمعرفي والاجتماعي للمُتعلمين، وقد تكون سلبية في حالة إذا ما غابت تلك المسائل عن المدرس، وبالتالي كمُحصلة تربوية نتوقَّع أن نَنتظر أجيالًا أو أطرًا مستقبلية تؤدِّي نفس الدور الذي تربَّت عليه، وهذه طبيعة الإنسان، إلا من رحم ربك.


إنَّ تخريج أطر مُتشبِّعة بروح القيم والمواطَنة الحرَّة، وقادرة على حمل همِّ الأمة ومسايرة الواقع - لكفيل بتجديد النية مع الله أولًا، ثم إيجاد الحلول الضرورية التي تخرج بنا من الضيق إلى النور والانفتاح على المستقبل؛ وذلك من خلال عزم المنظومة التربوية ورغبتها في إصلاحٍ عامٍّ وشمولي، يستهدف صنعَ الوعي لدى الأساتذة والأطر التربوية وكافة الفاعلين بدعم ومُساهمة جمعيات المجتمع المدني، مع تحسين المرافق المعِينة على تحسين العملية البيداغوجية والديداكتيكية، دون إغفال النظر عن القيام بأبحاث تربوية ميدانية في جميع المناطق الترابية، وتشجيع وتحفيز الأساتذة على القيام ببحوث تدخُّلية تُحسِّن مِن مستوى أدائهم، وحثِّهم على القيام بأعمال تشاركية وفق إطار التكوين المستمر والتبادلي.


فجمع المشاكل التعليمية والأزمات التربوية لأطراف العملية التعليمية التعلُّمية، لا شكَّ أنه يحلُّ عنا ضيمَ بيداغوجية البركة التي أنهكت مستوى تلامذتنا وطلابنا، بَلْهَ أساتذتنا - والله المعين - فإذا تحقق ذلك، فإن هذا لهو البيان المبين، الذي يدلُّنا على معرفة الواقع رصدًا وإحصاءً، وهي رغبة هادفة في تعميق الدراسات للبحث عن الحلول الإجرائية الفعالة التي تُخرجنا من هذا المأزق، وحينها نكون أمام غدٍ مشرقٍ.


ولا ننسى أن البحث العلمي يُمكن أن نرتقي به إلى صفوف الدول المتقدِّمة، ليس في التعليم فحسب، بل في جميع المجالات، كما يُمكننا أن نُزوِّد الأساتذة والمعلمين بتكويناتٍ بديلة تطوِّر مِن أدائهم، وتنمِّي قدراتهم، وتُعلِّمهم كيفية التدريس بالبيداغوجيات والمقاربات الإسلامية والحديثة، وإخضاع الأساتذة المكونينَ للتكوين؛ لأنهم هم الترجمة الحقيقيَّة لأساتذة الواقع، مع تمديد مدة تكوين الطلبة الأساتذة في المراكز المخصَّصة للتكوين؛ حتى يتشبَّع المدرس الجديد بالأفكار التي تؤهِّله لولوج هذه المهنة، ثم ليكون على علم تامٍّ بأهمِّ الوثائق الضرورية التي تساعده في ممارسته التطبيقية والمستجدات التربوية.


أما بالنسبة للمقررات الدراسية، فيجب أن تُعطَى لتأليفها مدة كافية بما يتوافق ومتطلبات التعليم والتعلم، لا أن تُطْبَخَ على عجلٍ، بل أن تَلمُسَ موضوعاتها القيمَ الإسلامية، وأن تنهل من عمل السلف الصالح، ولن يتأتى هذا إلا إذا أوجدنا مؤسَّسات تعليمية تتوافق والتجديد الحضاري للأمة الإسلامية، ومتوفِّرة على الوسائل والأدوات اللازمة التي تُساعد على تجويد تعليمنا وتعلُّمنا، مع تشجيع الكفاءات العلمية والمنظرين التربويين الخُلَّص، كل هذا إذا حاولنا حسن استثماره في الواقع وبناءه على دراساتٍ ميدانيةٍ، حينها نتأكد أننا على طريق الإصلاح الحقيقي، وأننا على المسار الصحيح.


لكن، وفي ظل بقائنا على الإصلاح التنظيري والافتراضي المسطور بغضِّ النظر عن واقع الحال، فإن تعليمنا يبقى حبيس بيداغوجية البركة، وقلَّ مَن نَجده يُحسن تنزيلها منهجيًّا، والعمل وفق الأهداف التي يؤجرئ لها تطبيقيًّا.


اللهم سدِّد تعليمنا العربيَّ


[1] منذ الاستقلال والمغرب دخل في خضمِّ الدول التي تُعمل بيداغوجيات تعليمية حديثة من أجل تطوير أدائنا وتحسين تعلُّمنا، غير أن هذه البيداغوجيات، كلما جاءت واحدة لعنتْ أختها؛ ولذلك ترى "بيداغوجية الكفايات"، وقبلها كانت المضامين، وبعدها بيداغوجية الأهداف.

[2] المعجم الموسوعي لعلوم التربية؛ د. أحمد أوزي منشورات مجلة علوم التربية العدد 14 - 2006 (ص: 51).

[3] معجم علوم التربية مصطلحات البيداغوجيا والديداكتيك؛ د. عبدالكريم غريب وآخرون، منشورات عالم التربية، سلسلة مجلة علوم التربية، العدد 9 - 10 ط 3 - 2001 (ص: 255).

[4] لسان العرب؛ لمحمد بن مكرم بن علي، أبي الفضل، جمال الدين بن منظور الأنصاري الرويفعي الإفريقي (المتوفى: 711هـ)، دار صادر - بيروت الطبعة: الثالثة - 1414 هـ - (10 / 396).

[5] قال ابن خلدون في مقدمته: اعلم أن تلقين العلوم للمُتعلِّمين شيئًا فشيئًا، وقليلًا قليلًا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.82 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]