|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تحبني ولا أميل إليها، فهل أخطبها؟ أ. مروة يوسف عاشور السؤال أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة، متدين وحاصل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية، موظف في الدولة - والحمد لله - وحالتي المالية لا بأس بها، أملك سكنًا خاصًّا، وبدأت بتأثيثه مؤخَّرًا؛ وذلك رغبةً مني في الزواج، تعمل معي في المدرسة التي أدرس بها بعض الأخوات المعلِّمات اللاتي لا أعيرهنَّ أيَّ اهتمام - لتديُّني طبعًا وخوفي من الله - في السنة الماضية قامت إحدى الأخوات اللاتي يعملنَ معي بإرسال رسالةٍ عن طريق مدير المدرسة التي أعمل بها مفادها: أنها معجبة بي وتودُّ الزواج مني، هذه الأخت ملتزمةٌ ومحجبة، لكنِّي لا أميلُ لها، ولم أفكِّر يومًا في الزواج منها. في البداية أصابتني دهشةٌ؛ لأنَّني لم أفكِّر يومًا بأنْ يقع لي مثل ذلك، وخاصَّة من زميلةٍ في العمل؛ لأنَّني بصراحةٍ لست معجبًا بها، واستغربت من الطريقة التي طلبَتْني بها للزواج، بالرغم من أنَّ ذلك ليس فيه حرج في دِيننا، وأجبتُ المدير بأنْ يقول لها بأني لم أفكِّر بعدُ في الزواج، وأنَّ الزواج قسمة ونصيب، وأنَّ كلَّ شيء بمقادير الله تعالى؛ أي: مسكت العصا من الوسط؛ حيث إنَّي لم أبدِ رفضًا قاطعًا للزواج منها خوفًا مني من جرح مشاعرها، وقد تأكَّدت بأنها أحبَّتني، ولم أبدِ رغبتي في الزواج منها؛ لأنَّ نفسي لا تميلُ لها، ولست أفكِّر في الزواج من امرأةٍ عاملة، وهي طبعًا تعمل معلمةً معي في نفس المدرسة، هي الآن ما زالت ترمقني في بعض الأحيان بنظراتها التي تُوحِي بأنها ما زالت متمسِّكة بي. أنا محتار - وأريد ردًّا عاجلاً - بين مصارحتها بعدم الرغبة في الزواج منها وبين الارتباط بها لأنها أحبَّتني، فالزواج من شخصٍ يحبُّك أفضل من الزواج من شخص تحبُّه كما يقولون. أرجو منكم النصيحة في أقرب وقت ممكن، وبارك الله فيكم. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الأخ الفاضل، حيَّاك الله في شبكة (الألوكة)، ومرحبًا بك وبكلِّ سائل ومستشير. قد يكون الزواج من فتاةٍ تحبُّك أفضل من الزواج من فتاة تحبُّها ولا تحبُّك، لكن ثِقْ أنَّ الزواج متى ما بُنِي على الشفقة وحدَها قلَّ أنْ يُكتَب له النجاح! وليس من السهل أنْ يُحقِّق السعادة الحقيقيَّة؛ إذ يَبقَى الطرَف المحبوب غير المُحبِّ في سعيٍ دَؤُوب للبحث عمَّن يستَثِير بواطنَ المحبَّة الخفيَّة في نفسه، ويظلُّ يبحث عمَّن يشغل عقله ويستَحوِذ على تفكيره، مَن يشعر بالانجذاب الحقيقي نحوه، مَن يحنُّ إليه إذا غاب عنه، ويفتقده متى ما رحل وابتعد، ولن تجدَ من تلك المشاعر شيئًا فيمَن تزوَّجتها فقط لأنها تحبُّك! قد يسعَد الرجل - والمرأة كذلك - بشُعور الرغبة فيه برهةً من الزمن، وقد يُشعره ذلك بالفخر والاعتِزاز النفسي، وقد يملأُ نفسه سعادةً إذا ما علم أنَّ هناك مَن ينبض قلبه بحبِّه، وتهفو إليه نفسه، وقد كانت هذه من أقوى أسباب الفتنة التي عصَمَ الله منها نبيَّه يوسف - عليه السلام - أنْ أعلنت امرأة العزيز رغبتَها فيه. ولكنْ علينا أنْ نكون في قمَّة الصراحة مع أنفُسنا. هل يَكفِيك أنْ تعلم أنها تحبُّك لتسعد في حياتك معها؟ هل تقنَع بحبها وإنْ لم تشعُر بذرَّةٍ من الرغبة في مجاورتها؟ ألا ترى أنَّ معرفتها بعدَ الزواج بتلك المشاعر منك نحوها - ومن العسير أنْ تخفيها مَدَى العمر - أكبر جرحٍ لمشاعرها؟ ألا توافقني أنَّ الجرح قبلَ الزواج أهوَنُ كثيرًا وأكثر رحمةً منه بعد الزواج؟ إذ قد تتألَّم الفتاةُ حقبةً من الدهر ثم لن تلبَث أنْ تنسى كما ينسى كلُّ البشر، وتتبخَّر ماء أحزانها وتتكثَّف على جدران بيتٍ جديد تُؤسِّسه مع مَن يُناسِبها من الرجال. لا أقول ذلك إلا لجملتين وردتا في رسالتك أوحتا إليَّ بعدم تقبُّلك لها نهائيًّا؛ إذ تقول: "بصراحة.. لستُ معجبًا بها"، و"نفسي لا تميلُ إليها". فإنْ كانت واحدةً من أقوى أسس نجاح الزواج (الميل)، أو (الإعجاب)، غير متوفِّرة لديك، فعلامَ نرجو نجاحَ ما لا تتَّضِح معالم نجاحِه؟! ورد عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال للمغيرة بن شُعبة عندما خطَب امرأة: ((انظُر إليها؛ فإنَّه أحرى أنْ يُؤدَم بينكما))؛ صحَّحه الألباني. قال أبو بكر الأنباري في "الزاهر": "تقول العرب: أَدَمَ الله بينهما يأدِم وآدم يؤدم؛ أي: جمع بينهما على محبَّة ورضًا من كلِّ واحد بصاحبه". اهـ. نعم؛ كلُّ واحد منهما بصاحبه، وليس واحدًا دون الآخَر! فالأولى لك أنْ تطلب مَن تميلُ إليها وتميلُ إليك في آنٍ، فإنْ عجزت أنْ تجد مَن ترغب بها، فلعلَّ تلك الفتاة خيرٌ من غيرها على كلِّ حال. نصيحة أخيرة: إنْ قرَّرتَ وعزمتَ على الزواج منها، فعليك أنْ تُعطِي نفسَك الفرصة الكافية لتقبُّلها قبلَ إتمام الزواج، ولتكنْ مدَّة الخطبة لتختبر فيها مشاعرَك، وتُبحِر داخل نفسك عن مقومات تنمية الرغبة فيها، فإنَّ من أكبر الظُّلم لها أنْ تُتِمَّ الزواج وأنت تشعُر بهذا النُّفور الذي بدا واضحًا عليك وأنت تتحدَّث عنها، وتترُكها تُعانِي سُبُلَ الوصول إلى قلبك دُونما نتيجة. ولعلَّك لم تطَّلِع على الاستشارات التي يُعانِي أصحابها النُّفور من زوجٍ طيِّب القلب حسن الدِّين والخلق، لكن انعِدام المحبَّة قد أحالَ الزواج إلى سلسلةٍ من عَذابات الضمير، فأرجو ألا تُعرِّضها لهذه المعاناة إنْ كنت حقًّا تشعُر بالشفقة نحوها. هذا رأيي فيما استشرتَنا فيه، وقد يُصِيب الحق وقد يُجانِبه، والخير لا يعلمه إلا خالقُنا - عزَّ وجلَّ - فلا تغفُل أمرَ الاستخارة قبل الإقدام على خطوة الارتباط بها أو بغيرها، فسُبحان الذي يعلم من أنفُسِنا ما لا نعلم؛ ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، وسُبحان الذي يُقدِّر للإنسان الخير ويُيسِّره له من حيث لا يدري. وفَّقك الله وكلَّ شباب المسلمين لما فيه الخير والصلاح.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |