|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مشاريع إصلاح التعليم الجوهرية بالمغرب: رؤية تقويمية ناظمة أمين أمكاح يعدُّ التعليم الأيقونة الأساسية واللَّبِنة القوية لبناء أيِّ مجتمعٍ ناهض يسعى للسَّير في طريق التطور والتقدُّم؛ فهو المضغة المجتمعيَّة الكامنة في كلِّ ميدانٍ إصلاحي، وإصلاحُ هذا القطاع ضرورة أساسيَّة؛ لكونه من أهمِّ القضايا الساخنة المطروحة في المغرب، ولما له من أهمية بالغة في النهوض بالأفراد والمجتمعات؛ باعتباره مجالاً قاعديًّا يهمُّ جميعَ مكونات المجتمع، فلا يكون الإصلاح فيه معزولاً عن الواقع، ولا ينجح إلاَّ في علاقته بإصلاحات أخرى، فمن خلال مشاريع إصلاح التعليم بالمغرب نستطيع أن نَخرج برؤية تقويمية ناظِمة انطلاقًا مما قدَّمَته شخصيات إصلاحية مغربية محورية، انتبهَت إلى أن التعليم هو القنطرة الأساسية والوحيدة لتحقيق التنمية الفعلية والمستدامة، وأن كل إصلاحٍ لا بدَّ أن يستند إلى التعليم، وبالتالي ضرورة تبنِّي رؤية واضحة وشامِلة بخصوص هذه القضية، بعد التطرُّق إلى أهمِّ الإصلاحات السابقة التي عَرفتها المنظومةُ التعليمية المغربية بالخصوص منذ الاستقلال، إضافة إلى أهمِّ الوثائق الإصلاحية التي اعتُمدَت في الإصلاح التعليمي، وهذا كلُّه من أجل تكوين صورة واضحة ومتكاملة للرُّقي والازدهار بهذه المنظومة، بالحرص على مسايرة التقدُّم والتطوُّر الحضاري، الذي يتطلب في الأساس الرجوع إلى التاريخ لدراسة مشاريع إصلاح التَّعليم التي حدثَت وقدِّمَت في السَّابق، ومعرفة العراقيل التي وقفَت في وَجْه هذه الإصلاحات. من هنا تنبع تساؤلات جوهريَّة تتمثَّل في: ما هي الإشكالات الأساسية للأزمة التي حدَّدَتها هذه المشاريع الإصلاحية للتعليم في المغرب، في ظلِّ مَظاهر الأزمة التي عاشَتها؟ وأين تتجلَّى الأفكار والحلول المقترَحة لتجاوز تلك الإشكالات والخروج منها؟ وأيُّ آليَّات وأدوات اعتُمدت في هذه الإصلاحات؟ وما هي أهمُّ العراقيل التي واجهَتْها هذه المشاريع؟ وكيف تمَّ مقاومتها؟ وبعيدًا عن الأحلام، ما منظوري الشخصي لصياغة مشروعِ إصلاحٍ متكامِل مبنيٍّ على نموذج جديد قابل للتطبيق؟ شهدَت المنظومة التعليمة المغربية مجموعةً من محطَّات الإصلاح، سنحاول تقويمَها للخروج برؤية ناظِمة واضحة المعالم، وسنبدأ بالحديث عن مشروع إصلاح التعليم المؤسَّساتي، من خلال تناول أَبْرز الإصلاحات التي عرفَتْها مؤسسةُ القرويِّين كنموذج، ولا بدَّ من توضيح كون تَحوُّل جامع القرويين إلى جامعة كان لاعتبار أنَّ مصطلح الجامعة جديد على الثقافة الإسلامية. نجد المبادرةَ والسهر على الإصلاح من مختلف الزوايا حاضرًا مع معظم الملوك الذين عاشوا في فترة وجود هذا الصَّرح العلمي، أمَّا فيما يتعلَّق ببرنامج التعليم به، ففيه تقاطعات ومفارقات؛ نظرًا للاختلاف القائم من ناحية التأسيس وبداية التدريس، وكذلك لتنوُّع المعطيات التاريخية. فجامع القرويِّين عَرف مدًّا وجَزْرًا، ونهضته تكمن في بَدء إصلاح مناهج التعليم فيه، من هنا يتبين أنه: 1- لا يمكن وضع استراتيجية للتقدم دون الانكباب على المشروع الإصلاحي الذي جاء به المصلحون الحاملون لمشاريع الإصلاح المتعلقة بهذا الصرح العتيد. 2- التعليم بالقرويين لم يعد بالشكل الموسوعي والمعرفي الذي كان عليه مع الأجيال السابقة. إن الواقع وتحديات العصر يستلزم من هذه المؤسسة الجوهرية السعي إلى استيعاب مقتضيات العصر المتطورة وذلك من خلال: 1- الحرص الشديد على ضرورة تجديد المناهج الدراسية. 2- الدعوة إلى إنشاء وإضافة كليات أخرى كما هو الشأن في الأزهر، وذلك وفق رؤية استشرافية متكاملة. سنعرج بالحديث إلى جزء مهم جدا يتعلق بالشخصيات الإصلاحية المحورية في هذه المشاريع وسنبدأ في الأول مع الزعيم الوطني الرائد علال الفاسي الذي كانت له جهود مهمة لإصلاح الحقل التعليمي التربوي من خلال رؤيته الإصلاحية المتمثلة في: • توحيد لغة التعليم وتعريبه. • تحميل وشحن المواد التعلمية بالمعلومات القيمية والأخلاقية. • محو الطبقية والتمييز بتوحيد المناهج التعليمية وتحديثها وتقسيم مراحل التعليم مع الاستفادة من المناهج الغربية. • إجبارية التعليم ومجانيته. • ضرورة إيجاد تعليم مهني مفتوح على جميع أبناء الشعب. • محاربة الأمية بكونها مسؤولية الدولة والمجتمع. من هنا ينبع إشكال مهم يتجلى في الكيفية التي يمكن من خلالها تكييف مشروع علال الفاسي مع واقعنا المعاصر. سنتناول الآن شخصية أخرى تتمثل في المفكر الإصلاحي محمد عابد الجابري من خلال مؤلفه "أضواء على مشكل التعليم بالمغرب" باعتباره أول مؤلف تحدث حول إشكالات التعليم بالمغرب سنة 1973، ولكونه درس جوانب الاختلال في المنظومة التعليمية آنذاك، وقدم مقاربة مبكرة لمعضلة التعليم بالمغرب أو "المشكل المزمن". في ما يخص نظرته الإصلاحية للتعليم فقد ركز على أربعة مبادئ أساسية وهي: 1- التعميم 2- التوحيد 3- التعريب 4- المغربة كما أنه أعطى حلولا لتفادي الوقوع في المشاكل المعضلة لقطاع التعليم والتي تتمثل في: ♦ التركيز على التعليم بمختلف مراحله وشعبه. ♦ الإدارة بمختلف مرافقها وفروعها. ♦ لغة الحديث والخطاب في البيت والشارع والمدرسة. ♦ الفكر وقوالبه، والثقافة وأطرها. أغلب ما جاء به عابد الجابري لم يتحقق وظل حبيس الورق ومن بينها مسألة توحيد المناهج. إن أغلب هذه الأفكار لم تخرج للممارسة العملية نظرا لمجموعة من الإكراهات التي كانت تحكم تلك الظرفية الزمنية؛ كانتشار الجهل والخرفات والأمية ومعاناة الشعب المغربي من الجمود الفكري، وكذلك لتوغل المستعمر في المنطقة ومحاولته للسيطرة على المؤسسات الدينية وتهميشها. هنا يكمن إشكال مهم، يتجلَّى في: ما مدى إمكانيَّة أَجْرَأة وتنزيل هذه الأفكار التي جاء بها هؤلاء المصلحون على أرض الواقع، بعيدًا عن التنظير؟ ما نستنتجه من هذه المشاريع الإصلاحية السَّالفة أنها مشتركة في مجموعة من المرتكزات والمنطلقات المتمثلة في: استقراء وضعيَّة التعليم من خلال الواقع المَعيش. أهمية ومكانة التراث والتاريخ في الإصلاح. مركزيَّة الهُوية والمرجعية الإسلامية في تبنِّي هذه المشاريع. وهذا كله كان نتيجة لمجموعة من الدوافع المشتركة التي كانت محفِّزة لقيام هذه المبادرات الإصلاحية، ومن تلك الأسباب: • الاستعمار ومحاولته السَّيطرة على هذا القطاع الحسَّاس، وتهميش كل ما يرتبط بالدِّين. • التخلُّف والجمود نتيجة الأزمة الفِكرية الحاصلة. • ظهور مفاهيم غربيَّة دخيلة، وكذا محاولة خلق تشوُّهات على مفاهيمنا الإسلامية. • تقديس القديم والخوف من الجديد؛ أي: عدم مواكبَة التقدُّم والتطور. أمَّا فيما يتعلق بمشاريع إصلاح التعليم الجوهرية من الاستقلال إلى صدور الميثاق الوطني 1956- 2000، فمراحل الإصلاح في هذه الفترة توزَّعَت إلى (5) مراحل على مدى أربعين سنة، وميَّزَتها كثرةُ المناظرات والانتفاضات والتحوُّلات السياسية، ومِن بين ما سعَت إليه اللِّجان التي تحمَّلَت مسؤولية الإصلاح: سعيها لتنزيل المبادِئ الأربعة للإصلاح: تعميم التعليم، توحيد التعليم، مغربة التعليم (الأطر)، وتعريب التعليم. هناك عوامل متنوعة كان لها الأَثَر الكبير في تغيُّر مجرى وسيرورة العمليَّة الإصلاحية لهذا القطاع الحسَّاس، من بينها العامل الديموغرافي، الذي يرتبط بمبدأ تعميم التعليم، فنسبة النمو الديموغرافي المرتفعة صعَّبَت على المصلِحين تنزيلَ هذا المبدأ، وكذلك العامل الاقتصادي الذي يقتضي تخصيص ميزانية كبيرة في تنزيل هذه المبادئ الكبيرة، بالإضافة إلى العامِل السياسي المرتبط بكثرةِ الأَزمات السياسية المتلاحقة. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |