|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() القبَلِيَّة وخطبتي أ. مروة يوسف عاشور السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عندي مشكلة وهي: أحببت شابًّا وأحبَّني، وهو الذي تعرَّف عليَّ، والحمد الله العلاقة بيننا لم تتعدَّ الحدود، وهو من قبيلةٍ وأنا من قبيلةٍ أخرى، ومشكلتي أنَّه يُرِيد خطبتي، ولكنَّه مُتردِّد من ردَّة فعل أهلي وأهله برفض أحدٍ منهم، وأنا راغبة فيه، أريد منكم حَلاًّ لمشكلتي وجُزِيتم خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. حيَّاكِ الله في شبكة (الألوكة)، وأهلاً بكِ ومرحبًا. علينا أنْ نعلم أولاً أنَّ أيَّ علاقة بين رجلٍ وامرأةٍ - مهما كان نوعُها - ففيها تَعدٍّ للحدود؛ لأنَّ الشَّرع منَع كلَّ هذه العلاقات وحدَّها بحدود، ولعلَّ سوء حال المجتمع وتفشِّي الرذائل حالَ دون فهْم هذا المعنى، وإدراك أنَّ هذا تجاوُزٌ لحدود الله، بل أصبَحَ التجاوُز في نظَر كثيرٍ منَّا اللِّقاءات، أو الكلام الفاحِش، أو أشد من ذلك، وأنَّ غيرَه من أحاديث عاديَّة جائزة ولا غُبار عليها! وكلُّ هذا لا يَجُوز شرعًا، ولا يُقرُّه الإسلام، إلاَّ أنْ تكون العلاقة لم تتطرَّق إلى الكلام أو إطلاق البصر، بل مجرَّد مشاعر داخليَّة حبيسة الأضلع، لا يعلَم بها إلاَّ الله؛ فالله - تعالى - أرحم من أنْ يُحاسِبنا على ما لا طاقةَ لنا به، على أنْ يُجاهِدها الإنسان ويَصرِف قلبه عنها، حتى يَقضِي الله أمره. عزيزتي: مشكلتك ليست مُستَحدَثة ولا خاصَّة بك، بل هي قديمة أزليَّة، وتتَّخذ صُوَرًا مختلفة في كثيرٍ من البِقاع والأزمان. ويا للعجب من هذه العقول التي تَأبَى إلاَّ أنْ تَتعامَل بهذه العنصريَّة المحتقرة، وتفرضها على أبنائها وبناتها فرضًا! وكم رأينا من زوج قبَلِيٍّ يُسِيء مُعامَلة زوجه ويحتَقِرها، بل قد يُطلِّقها بكلِّ سهولة! وكم رأينا من زوجٍ غير قبَلِيٍّ يحتَرِم زوجَه وأهلَها ويُقدِّرهم، ويُحسِن إليهم، ويُظهِر من كرم نفسه ونبل أخلاقه ما يَجعَل حياتَه الزوجيَّة هانئةً سعيدة، ويجعل زوجَه قريرةَ العين مرتاحة البال! والأولى أنْ نوجِّه حديثنا إلى أولِياء الأمور الذين - وإنْ اقتَنَعوا بأنَّ هذا لا يجوز شرعًا ولا يُقَرُّ عُرفًا - تَأبَى قلوبُهم إلاَّ أنْ تُطِيع وتَخشَى مَن حولهم: ماذا سيقول الناس لو علِمُوا أنَّه زوَّج ابنته من غير قبَلِيٍّ؟! ولا أدري إلى متى تظلُّ نظرة الناس أحبَّ إلينا من العدل، وأحبَّ إلينا من الاستجابة لشرع ربِّنا وهدي ديننا؟! قالها رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - واضحةً صريحةً؛ فقد ورَد في "صحيح البخاري" عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: كُنَّا في غَزاةٍ فكسَع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((ما بالُ دعوى الجاهليَّة؟!))، قالوا: يا رسول الله، كسَع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: ((دَعُوها فإنها مُنتِنة))؛ متفق عليه. فكم أتمنَّى أنْ نرى أمَّتنا الإسلاميَّة وقد تغيَّرت نظرتها، وتبدَّلت فكرتها؟ هذه زينب بنت جحش - رضي الله عنها - تزوَّجت من زيد بن حارثة وهي مَن هي! وعلى كلِّ حال، فلا يَعلَم الخير له ولك إلاَّ الله - تعالى - وإنْ أردتِ حسن التصرُّف فلا أرى أنْ يُبادِر الشابُّ بزيارتكم وعرْض رغبته في الزواج مُباشَرةً، وليَسبِق ذلك بعض التمهيدات منك؛ كأنْ تتحدَّثي إلى والدتكِ، أو مَن تَثِقين في رأيه من العائلة، فيمهِّد الطريق للوالد، أو مَن بيده أمرُ تزويجك، ويتحدَّث إليه بأسلوبٍ حسن، وبشكلٍ عامٍّ عن قبيلة الشاب ويَذكُرها بخير، وأنها معروفةٌ بصفات حسنة وطيِّبة تَشرَح صدره، وتعمل تهيئة نفسيَّة لديه بالقبول - إن شاء الله. وأبشِّرك بأنِّي أعرف أكثر من فتاةٍ كانت تَخشَى أنْ يمانع أهلُها هذا الأمرَ، لكن حُسن سمعة قبيلة الشاب حالَتْ دون الرفض القاطع، ويسَّر الله الزواج ولم تحدُث مشكلات - ولله الحمد - فليست كلُّ القبائل تتمسَّك بهذا الأمر، كما كان الحال في السابق، خاصَّة إنْ كانت قبيلته حسنة السمعة. وتذكَّري - أيَّتها الكريمة - أنَّ ما أصابك لم يكن ليُخطِئك، وأنَّ ما أخطأك لم يكن ليُصِيبك، وأحسِنِي الظنَّ بالله؛ فإنْ كنتِ ترَيْن في هذا الشابِّ الخيرَ والصَّلاح، فالله - الذي يعلَم من أمره ما لا تعلَمِين - يختار لعبده المؤمن الأصلَحَ والأنفع، متى ما أحسَنَ الظنَّ به، وصدَق في التوكُّل عليه؛ فقد جاء في الحديث أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحدٍ إلاَّ للمؤمن، إنْ أصابَتْه سرَّاء شكَر فكان خيرًا له، وإنْ أصابَتْه ضرَّاء صبَر فكان خيرًا له))؛ رواه مسلم. ونسأَلُ الله أنْ ييسِّر لك الخيرَ حيث كان، ويقرَّ عينك بزوجٍ صالح طيِّب تقي، يُحسِن معاملتك ولا يظلمك، ونسَعُد بالتواصُل معك في كلِّ وقت؛ فلا تتردَّدي في مراسلتنا.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |