|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مترددة في قبول الخاطب أ. مروة يوسف عاشور السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة أبلغ من العمر 21 سنة، تقدَّم لي شابٌّ من عائلة معروفة، والجميع يشهَد له بالخُلُق والعلم، هو موظَّف، ويحمِل مؤهلاً جامعيًّا بل تخصُّصه كتخصُّصي أيضًا. حملَتْنِي مواصفاته على المُوافَقة المبدئيَّة، بغَضِّ النظر عن شكله، علمًا بأنَّه عادي ومقبول، بعد رؤيتي له تردَّدت كثيرًا، ثم استَخرت ووافَقت، ولكنَّني ما زلت أعيش صِراعَ التردُّد بين الرفض والمُوافَقة، فيومًا أشعرُ بسعادة بالغة، ويومًا أفكِّر بحيرةٍ من جديد، أتعبت نفسي وأهلي في اتِّخاذ القَرار، أخشى إن رفضت ألاَّ يأتي مَن هو بمثل مواصفاته، وأخشى إن قبلت أكون أرغَمت نفسي بسبب تردُّدها، علمًا بأنَّني في السنة الأخيرة من الدراسة، وبات الموضوع يُقلِقني أكثر من اللازم، وأنا في وقت الاختبارات. أفيدوني، جزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لم تبيِّني - حفظك الله - سبب تردُّدك! أهو التغيُّر النفسي الذي يَصحَب أيام الاختبارات عادةً، أم أنَّك كنت تحلمين ببعض الصفات الخاصَّة بك في فارس أحلامك، والتي لم تتحقَّق بعضها أو كلها في هذا الشاب؟ أم أنها الحيرة المصاحبة لاتِّخاذ كلِّ قرار مصيري كالزواج؟ أم أنك تستَكثِرين على نفسك السعادة وتخشين حصول النعمة؟ في الحقيقة لا أفضِّل اتِّخاذ قرار مهمٍّ أثناء الاختِبارات؛ فكيف إن كان القَرار من أعظم القرارت الحياتيَّة؟! لا بُدَّ أن تمنَحِي نفسَك وأهلَك وخاطبك بعضَ الوقت لتفكِّري في جوٍّ هادئ بعيد عن كلِّ توتُّر نفسي وشدٍّ عصبي، كما يكون الحال خلال مدَّة الاختبارات. ثم بعدَ ذلك انظُرِي إلى صِفات خاطبك نظرةَ تفحُّص، واعرضيها على الكتاب والسنَّة؛ ورد في الحديث: ((إذا خطَب إليكم مَن ترضَوْن دينَه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))؛ رواه الترمذي. الخاطب محمود خُلقًا وعِلمًا، فماذا عن الدين؟ هل يحافظ على الصلاة؟ هل يبتَعِد عن المحرَّمات؟ هل يبرُّ والديه ويُحسِن إليهما؟ جاء رجلٌ إلى الحسن البصري فقال له: يا أبا سعيد، إنَّ عندي بنتًا كثر خُطَّابها، فمَن ترى أزوِّجها؟ قال: يا ابن أخي، زوِّجها التقي؛ فإنَّه إنْ أحبَّها أكرَمَها، وإن أبغَضَها لم يَظلِمها. فاجعَلِي التقوى المعيار الأوَّل، ثم انظري بعدَها إلى العلم والنسب والكفاءة من الناحية الاجتماعيَّة والماديَّة وغيرها ممَّا تحبِّين. وهذه بعض الصِّفات التي ينبَغِي توفُّرها في الخاطب، فانظُرِي مدى توفُّرها فيه وأَعِيدي التفكير على رويَّة: Islamqa.com أنصحك - بعدَ ذلك - بالنظر في المجتمع حولك، تقولين: "أخشى إنْ رفضت ألا يأتي مَن هو بمثل مواصفاته"، فإن كانت مثل هذه الصفات الحسنة قليلةً في مجتمعك فهذه النقطة تُحسَب له لا عليه؛ أي: تقومين بوضعها في مكان الإيجابيَّات، أو دواعي القبول، أو ما يُناسِبك من المسمَّيات. أيضًا من الأهميَّة بمكان أن تتحرَّوْا بشكلٍ أكبر عن عائلته، وتتعامَلِي مع بعض أهله كالوالدة أو الأخوات، وتستَمِعي إليهن، وتنظري في أخلاقهن، وتستَمِعي لأحاديثهن؛ لأنَّ زواجك من هذا الرجل - أو غيره - ليس مجرَّد ارتباط بينكما فقط، بل هو ارتباطٌ بين عائلتك وعائلته، وهؤلاء النسوة ستَكُون منهنَّ جدَّة أبنائك وعمَّاتهم، فعليك أن تفكِّري في مَدَى تَناسُب الشخصيَّات جميعًا، على ألاَّ تجعَلِي الأمرَ موقوفًا على ذلك، وإنما يَكفِي أن تعلَمِي عن دينهم وأخلاقهم ما يجعَل قلبك مطمئنًّا ونفسك راضية. نأتي لنقطة مهمَّة أودُّ لفت انتباهك الكريم إليها وهي قولك: "ولكنَّني ما زلت أعيش صِراعَ التردُّد بين الرفض والمُوافَقة، فيومًا أشعرُ بسعادة بالغة، ويومًا أفكِّر بحيرةٍ من جديد". لا أظنُّ إلاَّ أنَّ غالبيَّة الفتيات يَشعُرن بمثل ما تَشعُرين به الآن، وعلى وجه الخصوص صغيرات السن، فالسعادة بالزواج أمر فطري، كما أنَّ الحيرة والخوف من المجهول من طَبائِع النفس البشريَّة، هذه حياة جديدة أنت مُقبِلة عليها، وعالَمٌ لا تَعرِفين عنه إلا أمورًا نظريَّة، فيَبقَى بالنسبة لك قدرٌ من القلق والترقُّب لن يزول إلا بولوج هذا العالَم السعيد - بإذن الله. وقد أحسَنتْ تلك الأم التعبيرَ حين قالت لابنتها في وصيَّتها الشهيرة: "أي بنيَّة، إنَّك فارقتِ الجوَّ الذي منه خرجتِ، وخلَّفت العش الذي فيه درجتِ، إلى وكرٍ لم تعرِفيه، وقرينٍ لم تألَفِيه، فأصبح بملكه عليكِ رقيبًا ومليكًا، فكوني له أمةً يكن لكِ عبدًا..."، إلى نهاية وصيَّتها الذهبيَّة التي أتمنَّى أن تقرَأها كلُّ مقبلةٍ على الزواج بقلبها قبل أن تُعانِي من المشكلات التي تُعانِي منه أغلب الفتيات بعد زواجهنَّ، وما يَرِدُ إلينا من استشارات خيرُ شاهدٍ على هذا. وعليك - أُخيَّتي - بالتوكُّل على الله، وتفويض الأمر كلِّه إليه، فقد علَّمنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كلماتٍ من ذهب نقولهنَّ قُبَيْلَ النوم لتبقى عقيدة راسخة في قلوبنا؛ عن البراء بن عازب - رضِي الله عنْه - قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أتيتَ مضجعك فتوضَّأ وضوءَك للصلاة، ثم اضطجِع على شقِّك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمتُ نفسي إليك، ووجَّهت وجهي إليك، وفوَّضت أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك؛ رغبةً ورهبة إليك، لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك...))؛ متفق عليه. وقال الله - عزَّ وجلَّ - على لسان موسى مُخاطِبًا قومَه: ﴿ يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84]. وقال - تعالى -: ﴿ وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الشورى: 36]. فلا مانعَ أن تتردَّد الفتاة وتُطِيل التفكير في قرار الزواج، لكن أن تتركه - أعني: التردُّد - يُضَيِّع عليها فرصةً طيِّبة ويسلبها نعمةً تتمنَّاها الكثيرات، فلا يجدر بالعاقلة أن تفعل هذا، ولا أن تترك نفسَها أسيرة الحيرة والخوف من المجهول، فثِقِي أنَّ الله - تعالى - سيَختار لك الأفضل، وأحسِني الظنَّ بالله، واحمدي الله أن عجَّل لك رزقك وأكرمك وفضَّلك على كثيرٍ من الفتيات، ودَعِي عنكِ الحيرةَ، ولا تنسي أثَرَ الدُّعاء على النفس الحائرة والقلب المضطرب، وصلِّي صلاةَ الاستِخارة مستعينةً بالله. وفَّقكِ الله، ويَسَّر لكِ الخير حيث كان.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |