|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() نريد الزواج وأبوه يرفض، فكيف نقنعه؟ أ. مروة يوسف عاشور السؤال السَّلام عليْكم ورحْمة الله وبركاته. أريد حلاًّ لمشكِلَتي والرَّجاء مساعدتي بحلّ. أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عامًا، وأحببت ابنَ خالتي وعمره 24 عامًا ولنا سنتان، ونريد الزَّواج، ولكِن والده عارضَ زواجَنا وبشدَّة، وحصلتْ مشاكل كثيرة بين العائلتَين بسببِنا، ولَم نستطع ترْك بعضِنا، والسَّبب أنَّ عمَّ الَّذي أُحبُّه تقدَّم لخِطْبتي قبْل 4 سنوات ورفضتُه، والسَّبب الآخَر أنَّني أكبر منْه. ماذا نفعَل مع أبيه؟ كيف نُقْنِعه بأنَّنا نُريد الزَّواج؟ والآن خالتِي قاطعتْنا ولَم تُكَلِّمْنا بسبب المشاكل، وحصلَ كلامٌ منهم يُسيء بشرَفي وأخلاقي ليبعدوا ابنهم عنِّي، وهُو يعلم كذبَهم. أرجوكم ساعدوني؛ إنَّني لا أُطيق فراقَه، ولا أُريد أن أتزوَّج غيره. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أعدتُ قراءة رسالتِك أكثر من مرَّة, حتَّى تبيَّن لي صعوبة الوضْع, واستشعرْتُ حجْم المعاناة الَّتي تُعانينَها, لكنِّي بحثتُ عن دور والديْكِ أنتِ، فلم أقِف من ذلك على شيء, فلستُ أدْري حقيقة موقفِهم من كل ذلك؛ إذ إنَّ رأيَهم من الأهمّيَّة بمكان, فالشَّاب - وإن أخطأ - لكِن يبقى زواجُه صحيحًا حتَّى لو عارض أهله, في حين لا تستطيع الفتاة الزَّواج إلاَّ بولي. اعلمي أنَّه ليس كلُّ ما نتمنَّاه أو نظنُّه صحيحًا لا بدَّ أن يكون كذلك, دعينا نفكِّر في الأمر من كافَّة جوانبه, ولنضع في الحسبان أنَّ العاطفة وإن عظمت قيمتُها وعلا شأنُها في أنفُسِنا؛ لكنَّها ليستْ كلَّ شيء في حياتنا, ولا نَستطيع أن نعتمِد عليْها كلَّ الاعتِماد، ضاربين بكلِّ ما يعترض طريقها, أو يُحاول كبح جماحِها عُرْضَ الحائط؛ فنحن ومَن نُحبُّ لا نعيش وحْدَنا في هذا العالم! عزيزتي: ماذا يعني الزَّواج بالنسبة لك؟ دعيني أوضِّح لك نقطةً غاية في الأهمّيَّة, فالكثير منَّا يهتمُّ كلَّ الاهتمام بمَن يصطفيه شريكًا لحياته, ويحرص كلَّ الحرص على أن يكون موافقًا لما تتمنَّاه نفسه ويرضاه قلبه, في حين يغفل عن بقيَّة الجوانب التي يعتمد عليها كل زَواج, ولا تكاد تقلُّ أهمية عن شريكه, ومن ذلك أهل الشَّريك؛ إذ ليس الزَّواج ارتباطًا بين شخصَين فقط, بل هو ارتِباط بين عائلتَين، بما فيهِما من أعمام وعمَّات، وأخوال وخالات، وأجداد وجدَّات, ولا يقف الأمر على الشَّريك فقط. وتخيَّلي الوضْع لو تزوَّج كلُّ واحد بمن يشاء, ونتج عن زواجِه مقاطعة تامَّة بين عائلته وعائلة شريكه! سينشأُ الأبناء بلا أقرِباء, فالصِّلة بين والدهم وأهل والدتهم, وربَّما أهله أيضًا، قد تنقطع تمامًا, وكذلك الصِّلة بين والدتهم وأهل والدهم, وربَّما أهلها أيضًا، ستنقطع, فكيف سيكون الوضْع لو حدث ذلك؟! وبمَ ستنفع المحبَّة حينئذ؟! هذه العلاقة - على قوَّتها - لم تلقَ قبولاً من عائلة الرجُل, ولعلَّ أهلَك يوافقونهم الرَّأي, أو على الأقلِّ لا يحبون خوض المشكلات والتعرُّض لقطع الرحم, كما حدث من خالتِك الَّتي أيَّدت رأي زوجها, وأبتْ إلاَّ قطْع الصلات, والتَّشنيع عليْك والنيل منك قبل أن يحدث شيء, فماذا ستفعل لو تمَّ الزَّواج؟! العاطفة لن تستطيع المقاومة إلى النهاية, ولن تصمد في وجه هذا الطوفان, ولن يلبث زوجُك بعد مدَّة - الله أعلم بها - إلاَّ أن يتبيَّن له أنَّه قد جانب الصَّواب عندما تحدَّى كلَّ هؤلاء, ولعلَّه يستشعر النَّدم ويحاول التواصُل مع أهله من جديد, وسيتهاوى جِدار المحبَّة لبِنة لبنةً أمام كل هذه الأحداث. قد تكون الصَّراحة مؤلِمة في كثيرٍ من الأحيان, لكن لا مفرَّ من مواجهتِها, ولو حاولنا إرجاء المواجهة، فلن تلبثَ إلاَّ أن ترْغِمنا على المواجهة بعد وقت تكون فيه المواجهة أقْوى، ونكون فيه نحن أضعفَ، وتكون قلوبُنا أوهن! نعم، أخطأ الوالدان وظلَموا ابنهم بحرمانِه ممَّن يحبُّها وتحبه, وكم من أبناء وقعوا ضحيَّة هذا التحكُّم المقيت! وكم دفعوا الثَّمن، سواء قبِلوا التحدِّي وأصرُّوا على الزَّواج أم حكَّموا العقل واستسلموا لقضاء الله! لكنَّهم - بلا شكٍّ - وقعوا تحت ظلمِ تحكُّم الأهل, والله - تعالى - قد حرَّم الظلم؛ فقد ورد في الحديث القدسي: ((يا عبادي، إنِّي حرَّمتُ الظلم على نفْسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تظالموا...))؛ رواه مسلم. لكن ما حيلة الضَّعيف إن لم يملك تغْيير الواقع؟ ما أنصحك به: أوَّلاً: أن تعمِّقي صلتَك بالله أكثر، وأن تُكْثِري من القراءة حول القضاء والقدر؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف, وفي كلٍّ خير, احرص على ما ينفعُك، واستعن بالله ولا تعجِز, فإن غلبك أمر، فقل: قدر الله وما شاء فعل...))؛ رواه ابن ماجه بهذا اللَّفظ، وصححه الألباني. قد حاولتِ, وحاولَ، ولكن غلبكما الأمر, فلا تَملكان إلا: "قدَّر الله وما شاء فعل". ثانيًا: الأخذ بالأسْباب لا يمانع الإيمان بالقضاء والقدر، بل هو محض الإيمان بهما؛ إذ إنَّ التَّواكل ليس من الإيمان بالقدَر في شيء, قال الدكتور مصطفى ديب البغا في تعليقه على صحيح البخاري: "ولا يكون التوكُّل شرعيًّا إلاَّ إذا أخذ بالأسْباب المادِّيَّة المألوفة، وإلاَّ فهو تواكل". وفي الحقيقة فإنَّ هذه الخطوات يصعُب أن يفعلها غيرُ ابنِ خالتك, فهو أوْلى النَّاس بذلك؛ إذ يصعب على والدتِك أو والدك مناقشة أهلِه بعد أن تطوَّر الوضع إلى ما هو عليه الآن, وقد يَزيد ذلك من إصرارهم على القطيعة, فإنَّ ابنهم أعلم بِهم وبما قد ينفع معهم, ولعلَّ ممَّا يستطيع فعله - بإذن الله: كثرة البِرِّ بهما دون الخوض في أمر هذا الزَّواج، أو كثرة سؤالهما عن سبب الرَّفض، وأنَّه لا مبرر له, وتقْديم العون لهما، وحسن الطاعة, فإنَّ لهما عليه حقَّ الطَّاعة، ولا يتغيَّر بتغيُّر الحال، أو إصرارهما على منْعِه من الزَّواج بمن يريد. إن استطاع أن يتحدَّث إلى عمِّه؛ ليتبين إن كان في نفسه شيءٌ أم أنَّه قد نسي الأمر ولا يعارض هذا الزَّواج, فقد يكون لهذا تأثيرٌ طيِّب على تقبُّلهم, ومن الواضح أنَّ خوف والده من ردَّة فعل أخيه هي السَّبب الرَّئيس في رفضهم, وليس الفارق العمري. عليْه ألا يناقشهم بحدَّة أو يكثر من مجادلتهم, ولكن بالرفق واللين, ولا ينفع غيرُه في مثل هذه المواقف الحرِجة, وليتحدَّث إليهم بما يُلين قلوبَهم ويرقِّقها, فالوالدان وإن قسَوا, تبقى في قلوبهم محبَّة وشفقة ورحمة بفلذات أكبادهم, ولعلَّهم إن تبيَّن لهم صدق رغبتِه وحسن خُلقه معهم, رغم معارضتِهم، فلعلَّهم أن يلينوا - بإذن الله. يَحسن ألاَّ يفتح باب النقاش إلاَّ بعد مدَّة من السكون, وإعطائهم الفرصة ليفكِّروا على رويَّة مع أنفُسِهم, وكلَّما بعُد الإنسان عن المشكلة وأعْطى نفسَه الفرصة الكافية للتَّفكير فيها, كان أحرى أن يتقبَّل وجهة نظر الطَّرف الآخر، أو يقتنع بها, في حين يصعب عليه ذلك إن حاول أثناء ثوران المشكِلة وتفاقُمِها. ثالثًا: حذَّر الله من قطيعة الرَّحِم، وتوعَّد فاعلَها أشدَّ العقوبة؛ فقد ورد في "صحيح مسلم" أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يدخل الجنَّة قاطع))؛ يعني: قاطع رحم. فمهما حدث، يجب ألا تستجيبوا لخالتك, وألاَّ تقابلوا قطيعتَها إلاَّ بالوصل, ولتكن المبادرة من والدتِك, ولا تستحي من وصل مَن قاطعها, فإنَّ في ذلك من الخير لها ما لا تعلَمُه, وقد ورد في صحيح مسلم أنَّ رجُلاً قال: يا رسول الله، إنَّ لي قرابةً أصلُهم ويقطعوني, وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عليْهِم ويجهلون عليَّ, فقال: ((لئنْ كنت كما قلتَ فكأنَّما تسفُّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك)), فتحدَّثي إلى والدتك بهذا الشَّأن، واطلبي منها أن تصِلَهم، سواء تمَّ الزَّواج أم لم يتمَّ. رابعًا: في جميع الحالات عليْك ألاَّ تتواصلي معه؛ فهو أجنبي عنْك كغيره تمامًا من الرِّجال, ولا يجب أن تستمرَّ العلاقة في هاتف أو غيرِه من أنواع التَّواصُل, ولا يوجد مسوِّغ شرْعي للحديث بينكما؛ فالله - تعالى - يقول: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53], فعليك بقطْع العلاقة معه على الفور, وإن عصى قلبك، فجاهديه، واحتسبي أجْرَ الصَّبر عند مَن لا تضيع عنده مثقال حبَّة خردل من خير أو شرّ. خامسًا: أنصحك بالعناية بنفسِك وصحَّتِك، والاهتمام بها كل الاهتمام, ففِي مثل هذه الظروف القاسية قد تغفل الفتاةُ أمرَ صحَّتها كثيرًا، والتي تعد أعظم نعَم الله علينا - بعد الإسلام - فلا تُبالغي في الحزن والقلق بشأن أمرٍ لا تعْلمين خيريَّته, وتذكَّري - عزيزتي - أنَّ الحالة النفسيَّة لها أكبر التأثير على أجسادنا, فالعقل والجسم يعملان جنبًا إلى جنب، وأيُّ رسالة من العقل يتمُّ نقلها على الفور إلى سائر أعضاء الجسد، والتَّعامل معها بصورة إيجابية أو سلبية؛ ورد في الحديث: ((إذا اشتكى منْه عضوٌ، تداعى له سائر الجسَد بالسَّهر والحمَّى))؛ رواه مسلم, فلا ترسلي إلى جهازِك العصبيِّ إلاَّ ما يعود عليك بالنَّفع. سادسًا: ردِّدي الأذكار الشَّرعيَّة في أوقاتِها، وحافظي عليها دائمًا، وردِّدي دعاء الاستِخارة كثيرًا بيقين وإيمان: ((واقدُر لي الخير حيثُ كان ثمَّ رضِّني به)), وذِكر الله بوجه عام من أقوى وأحسن طرُق العلاج النفسي، وممَّا يُدخل على القلب السَّكينة والطمأنينة؛ يقول الله - تعالى -: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]. وفَّقك الله، ويسَّر أمرك، ورزقَك خيرًا مما تتمنَّين, ونسعَد بالتَّواصُل معك في كلِّ وقت, فلا تتردَّدي في مراسلتنا.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |