الآن ماتت الدار أيضا يا أبا خالد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ابتسامة تدوم مدى الحياة: دليلك للعناية بالأسنان في كل مرحلة عمرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كم يحتاج الجسم من البروتين يوميًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أطعمة ممنوعة للمرضع: قللي منها لصحة طفلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          مكملات البروبيوتيك: كل ما تحتاج معرفته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          التخلص من التوتر: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أطعمة مفيدة لمرضى الربو: قائمة بأهمها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          كيفية التعامل مع الطفل العنيد: 9 نصائح ذكية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف يؤثر التدخين على لياقتك البدنية وأدائك الرياضي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن لقاح السعال الديكي للأطفال والبالغين! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          لمرضى السكري: 9 فواكه ذات مؤشر جلايسيمي منخفض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-07-2021, 02:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي الآن ماتت الدار أيضا يا أبا خالد

الآن ماتت الدار أيضا يا أبا خالد
مصطفى السيوطي



"لما ماتت امرأةُ أبي ربيعة الفقيهِ دفَنها، ونفض يديه، ثمَّ رجع إلى داره فحَوقَل واسترجَع، وبكت عيناه، ثمَّ قال يخاطبُ نفسه:
الآن ماتت الدار أيضًا يا أبا خالد!

قالها وقلبه متصدِّعٌ، ينزف وجعًا، وتهاوت روحُه إلى ما يرهقها، قال:
ماتت الدار.
وظلَّ وحيدًا بها يكابِد من الغربة والوحشة والفقدِ ما أقضَّ مضجعَه، وأوهن عيشه؛ لأنَّه عليمٌ بأنَّ سعادة البيوت وجمالها وطيبَ عيشها - لا يكون بجدرانها، ولا فاخر أثاثها، وعلوِّ طباقها؛ إنَّما يكون بتلك الروح التي تسكن أنت بها؛ ألم ترَ سبحانه يقول:﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ [الروم: 21]؟ ألا تَستشعر معنى السَّكَن؟ أن يرزقك الله برفيقةِ دربك، تكون لك الأهل والصحب والسند، فتسكن معها، وتعيش بها، وتأنس إليها، وتطمَئن لقربها، فإنْ أهمَّك من أمر الدنيا ما أعجزك، فلن تجد في دنيا النَّاس مَن تسكن إليه ويزيل عنك، ويطيِّب خاطرك ويسامرك بما تهدأ له - سوى رفيقة دربك.

ثمَّ إنَّك إن تدبَّرت هذا المعنى في قوله سبحانه: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]، لاستشعرتَ أنَّك عندما تأوي إلى بيتك إنَّما تأوي إلى الدفء والسُّكون وراحة البال، وصَفاء الذِّهن وطيب العيش، وحُسن العشرة مع تلك الرَّفيقة التي اختارها الله لك، ثم هنَّ لباسٌ لكم، ليعلم كلُّ واحدٍ منَّا هذا المعنى الرائق، وهو معنى الاحتواء؛ فهي تحتوي ألَمك وعجزك وما يقابلك من ضجرٍ في دنيا الناس، وتحتوي شعورَ قلبك وتفهم عنك ما تقوله وما لم تقله، وفيها من معاني البهجة ما تأنس إليه الصدور وتطرب له الرُّوح، ومن ذلك معنى الملاصقة؛ فقد شبَّهها الله سبحانه في قُربها منك بما ترتديه من ثيابٍ، فأنت تحتويها وتُحس معك بالأمن، لكن يا صاحبي في حقيقة الأمر هي الأميرة عليك من حيث تدري أو لا تدري.

كما قال نابِغةُ بني جعدة:
إذا ما الضَّجيعُ ثَنَى عِطفَها ♦♦♦ تداعَت فكانت عليه لِباسَا

هذا المعنى الذي ذكرتُ لك هو ما جعل أبا ربيعة الفقيه يبكي مَن رحَلَتْ؛ لأنَّها رحلت ورحلت معها تلك الصِّفةُ الجميلة التي عاش بها في وجودها، لقد رحلت تاركةً له الذكرى، ثم إنه كان قويًّا مفعمًا يقاسمها حياته، رحلت فخارت قواه، وكان قربُها هو أجلَّ المعاني، فذهبت وتلاشى المعنى، فصار ضعيفًا يلتمس الصَّبرَ، وأصبح الهم الذي كان يساوره فيما يلاقيه في دنيا النَّاس وتزحزحه هي بجميل مواساتها - أصبح الشعور به يتضاعف حتى أثقل كاهلَه، وكانت الأيام تمرُّ معها في أجمل منظرٍ بهيجٍ بحلوِها ومرِّها، كأجمل عطرٍ يتطيَّب به الجسد، ثم الآن ستمر ثقيلةً مرهقة؛ كالحنظل ليس لها ريحٌ وطعمُها مر.


ثم إنها رحلَتْ عنه وتركته لزمانٍ ما به سند أو متكأ؛ ألا ترى في مثل هذا الشبه الشيخ الذي عُمِّر طويلًا، حتى أصبح في زمانٍ غير زمانه، قد فقد كلَّ حبيبٍ وقريبٍ ورفيقٍ، ووجد نفسه بين أناسٍ لا يفقهون له قولًا، أو يسمعون له حديثًا، أو يستشعرون له معنى، قد ذهبت به الأيام والليالي مدارجَ لا يبصر فيها أحدًا يجعله عكازًا يتَّكئ عليه فيما بقي من أيامٍ له، فتجده يعيش في دنيا غير دنياه ما بها خلق، يعيش على ما يختلج في صدره من سابِق عهده، على ذكرى مبنيَّة على مكانٍ أو صورة ما زالت محفورة بقلبه وروحِه وعقله، أو يعيش على معنى أيًّا كان وصفه، لعلَّه يبقيه على قيد الحياة حتى يرحل.
فسلامٌ من الله عليكِ أيتها الروح الطيبة المواسية، رحمك الله وطيَّب ثراكِ، وأبدلك الله خير الدار.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.72 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.52%)]