وصايا لقمان التربوية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 294 - عددالزوار : 17436 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5109 - عددالزوار : 2375728 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4696 - عددالزوار : 1676173 )           »          الانفصال النفــسـي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          الْمَسْجِدُ الأَقْصَى أَوَّلُ قِبْلَة لِلْمُسْلِمِيْنَ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 506 )           »          منافع ستة للتذكير بالله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 27777 )           »          نصائح عن دور الأسرة في حماية أبنائها من المخدرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          اسم الله (الشافي) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          تمويل المشروعات الخيرية: البحث عن محسنين نوعيين..! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-07-2021, 02:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,010
الدولة : Egypt
افتراضي وصايا لقمان التربوية

وصايا لقمان التربوية


محمد سلامة الغنيمي





قال ابن كثير: اختلف السلفُ في لقمان عليه السلام: هل كان نبيًّا، أو عبدًا صالحًا من غير نبوة؟ على قولين، الأكثرون على الثاني؛ (تفسير القرآن العظيم (6/ 333)، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [لقمان: 12]، والذي أجمع عليه العلماء أنه كان حكيمًا بحكمة الله، موصوفًا بالحكمة، وهي الإصابة في الأمور؛ فهي تقتضي العلمَ النافع والعمل بهذا العلم.

وقد بدأ الله - تبارك وتعالى - بالتعريف بلقمان، ووصَفه بالحكمة والصلاح قبل الخوض في وصاياه لابنه؛ لإشعار القارئ بأهمية هذه الوصايا اللقمانية، فصاحبها ذو حكمة بالغة، وعقل بالغ راجح؛ ولذلك ذكَرَها الله في كتابه؛ ليَعمل بها المسلمون حتى تقوم الساعة، فليسَت مِن قبيل السرد، حاشا لله ذلك.

وقد استعمل لقمان في هذا الموقف التربوي أسلوبَ الوعظ، وهو أسلوب يتمثَّل في التذكير بوجوه الخير، والزجر المُقترِن بالتخويف من وجوهِ الشَّرِّ بأسلوب رقيق تَغمره الرحمة، يَشعُر معه الموعوظ بخوف الواعظ عليه، وإشفاقه عليه، رحمة به، فتلمس الموعظة شغاف قلبه، وتَستقرُّ في وجدانه؛ لذلك يعدُّ هذا الأسلوب الذي استخدمه ذلك الرجل الموصوف مِن قِبَل الله بالحِكمة - من أفضل وأحكم الأساليب التي تستخدم في التوجيه والإرشاد قديمًا وحديثًا؛ لأن الإنسان - وخاصة الصغير - إذا أحسَّ حرص مَن يُرشده عليه، وإشفاقه به، تمسك بمَواعظه وتوجيهاته بحيث تُصبح اتجاهًا مِن اتجاهاته وعادة من عاداته.

وهذه الوصايا عبارة عن تسْع مواعظ جمعْنَ في طياتها جميع مظاهر التربية، كما أن كل موعظة فيها أصل من الأصول التربوية التي يجب أن يَكتسبها الأولاد، وإذا أخل المربي بواحدة منها ولم يَكتسِبها الصبي اختلَّ ميزان التربية عند الصبي، وبان تأثيرها عليه، بحيث يُلاحَظ عليه هذا النقص، فانتبه أيها المربي إلى هذه الوصايا، واحرص عليها أشدَّ الحرص؛ فالمولى - تبارك وتعالى - لم يُهيِّئ لها سورة من سور القرآن، ولم يقدِّم لقائلها سُدًى، فانتبه وتيقَّظ.

الوصية الأولى:
قال تعالى عن لقمان: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13] هي الأولى؛ فهي الأَولى والأهمُّ في أولويات المربي الراشد العاقل، فهي الغاية التي لها خُلق الإنسان، وهي وظيفته الأساسية؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، والذي يَنشأ على عبادة غير الله فقد خسرَ دنياه وآخرته، وقضى عمره في همٍّ وغمٍّ وضيق وتعاسة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125].

لذلك أكَّد لقمان وصيته بعدَّة مؤكدات؛ ليشعر ابنه بأهميتها وخطورتها؛ منها قوله: ﴿ يَا بُنَيَّ ﴾ استرقاقًا واستعطافًا له؛ لجَذب انتباهِه لما سيُلقى عليه، فضلاً عن تقديم النهي وتصدُّره للوصية، وفصل أداته، فضلاً عن استخدام أداة التوكيد ﴿ إِنَّ ﴾، فضلاً عن اللام في قوله: ﴿ لَظُلْم ﴾، فضلاً عن إيراده سبب النهي وعلته، فضلاً عن تعظيم النهي وتهويله، وكان ذلك كله لما يعلمه ذلك الرجل الثاقب النظر من خطورة الشِّرك.

الوصية الثاني:
قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14]، وقرَن لقمان بين هذه الوصية وبين عبادة الله وعدم الشرك به، وكثيرًا ما يَقرن الله - سبحانه وتعالى - بين عبادته وحده وبين برِّ الوالدَين؛ كقوله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، وجاء هذا الاقتران لبيان سموِّ منزلة الوالدَين.

وبعد أن أوصى لقمان بالوالدَين يخصُّ أمَّه ببيان ما تُكابده وتعانيه من المشاق والمتاعب في أثناء الحمل؛ بحيث يتزايد ضَعفُها يومًا بعد يوم، وبعد الولادة لا يَزول، ويتجلى هذا العناء وتلك المشقة بأن تدخل بولدها في فترة الحضانة عامَين كاملين أيضًا من العناء والتعب النفسي والبدني، وقد لَخَّص لقمان هاتَين المرحلتين برغم ما يُعانيه الأب والأم من التعب والمشقة لأجل ولدهما حتى الموت؛ لأنهما يصل فيهما العناء والمشقة بالألم أقصى ما يكون، ويكون الولد فيهما أضعف ما يكون، يَخصُّهما بالذكر لاستعطاف الولد واسترقاقه ومخاطبة إحساسه ومشاعره، فيكون مع ذلك الوعظ أبلغ وأجدى لدى الصبي.

ويُؤخذ من هذا الأسلوب ضرورة الأخذ به في مخاطبة الشباب؛ لما يُحدثه هذا الأسلوب لديهم من نتائج مُثمرة، فالشاب - وخاصة المراهق - تؤثر فيه الانفعالات أكثر مِن الأوامر، حتى ولو كانت مصحوبة بالدليل والحجَّة، فمِن الأفضل مخاطبة قلبه لا عقله.

ويُستفاد من قوله تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14]، أنَّ شكْر الوالدَين المُنعمين اللذين جعلهما الله سببًا في الحياة والوجود يأتي بعد شُكر مَن سبَّب الأسباب، وهذا يُشعِر بترتيب الواجبات والحقوق.

فلُقمان في هذه الوصية يدعو ولدَه إلى أهمية الترابُط والتماسُك الاجتماعي، ويحثُّه على الصِّلات الاجتماعية، بالإشارة إلى أهمها وأولاها، وهو برُّ الوالدَين.

كما بيَّن له فضلهما ليحثَّه ويَدفعه إلى أهمية الاعتراف بالجَميل وردِّه، ويُبعده عن الجحود والنكران الذي يؤدِّي إلى البُغض والكراهية، اللذين يؤديان إلى العزلة والانقطاع عن الناس، وهذا ضد طبيعة الإنسان.

وبعد أن قرن لقمان بين طاعة الله وطاعة الوالدَين وبِرِّهما، بيَّن له حدود هذه الطاعة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15]، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق مهما علا قدرُ هذا المخلوق، ولو كان أبًا أو أمًّا، فبيَّن له في الآية آداب معاملة الأبوَين الكافرين، فالإسلام لا يمنع من مصاحبتهما، والإحسان إليهما، والقيام عليهما، وطاعتهما طالما لن تَخرج عن طاعة الله.

وفي هذا تأكيد لما ينبغي أن يكون عليه المربي في توجيهاته وإرشاداته مِن الدقَّة والوضوح وعدم التعميم، بل ميدان التربية يَقتضي التفصيل والإيضاح، وخاصة إذا كان المقصود مَن هم في مرحلة المُراهَقة والرشد.

وتختتم هذه الوصية بمن يَنبغي مصاحبتهم ومُعاشرتهم واتباعهم بقوله تعالى: ﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ [لقمان: 15]؛ أي: المستحقين الاتباع هم الذين يَخصُّون الله بالعبادة، ويُخلِصون له في الطاعات وعمل الصالحات؛ لأن هؤلاء لا يأمرون إلا بمعروف، ولا يَنهون إلا عن مُنكَر، ففي اتباعهم الفوز بالدارَين، وهذا هو هدف التربية القرآنية.

ويعزي لقمان بهذا التوجيه إلى خطورة الصداقة والاتباع بالنسبة لهذه المرحلة العمرية من حياة الأولاد؛ فالمراهق بخروجه من مرحلة الطفولة وما فيها من اتباع واعتماد شبه كلي على المربِّين إلى مرحلة الرشد والانخراط في الأعمال والاعتماد على النفس، فهو يُحاول التحرُّر من القيود التي يفرضها عليه الكبار، فيَنخرِط في جماعة الرفاق، فيتبع ما تُمليه عليه الجماعة مِن قيَم ومعايير للحُكم على السلوك.

ومِن هنا يجب على المربِّين أن يَغرسوا ويبثُّوا في أذهان وقلوب أولادهم معايير الحكم على الأصدقاء واختيارهم؛ حتى لا ينخرطوا في جماعة فاسدة، فيَحصدوا ما زرع المربُّون من أسس ومبادئ تربوية.

الوصية الثالثة:
﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16]، بعد أن خاطب لقمان وجدان ابنه في الوصية السابقة، يَستكمِل هذا الخطاب في هذه الوصية، فيَبعث في نفسه الوازع على مراقبة حدود الله، والوقوف عند زواجره والتزام أوامره، بغضِّ النظر عن وجود الرقابة الخارجية من أفراد وقوانين وسلطات، وغير ذلك، ومن الثابت عمليًّا أنه لا نجاح لأي نظام رقابي لا يَرعى تَنمية رقابة الذات، فمع وجود القوانين واللوائح تَحدث الجرائم، منها ما يُكشف ويفتضح أمرها، ومنها ما تظل مستورة لا يعلم بها إلا الله، ناهيك عن جرائم العمل من تكاسل ورشوة وغيره، فلكل فرد خلوات وانفرادات مع نفسه، يستطيع من خلالها خرق الحدود والقوانين، بحيث لا يَردعه إلا استحضار رقابة الله له.

ويجب أن يثبَّتَ هذا الوازعُ منذ الطفولة، ويُهتمَّ بتنمية وتوضيح معانيه، والتصريح به في سن المراهَقة، ذاك الطور الوجداني، وهذا ما فعَلَه ذاك الرجل الحكيم لقمان.

الوصية الرابعة:
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ ﴾ [لقمان: 17]:
يوجِّه لقمان ابنه في هذه الوصية إلى أداء العبادات، وعمل الطاعات، واختصَّ الصلاة دون سائر العبادات؛ لأن الصلاة هي العبادة الجامعة لكل أنواع العبادات والطاعات من صوم وحج وإحسان وغيره؛ فالمصلي يقصد بيتًا من بيوت الله ليؤدي فيه الصلاة، كما يمتنع عن الطعام والشراب أثناءها، وما يفعله من حركات يُزكِّي بها عن نفسه، فضلاً عن أهميتها؛ حيث لم يفرضها الله على الأرض كغيرها من العبادات، وإنما فرضت في السماء بلا واسطة بين الله وبين المصطفى صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن كونها العبادة التي لا عذر في تركها، فضلاً عن كونها أكثر العبادات أداءً؛ فهي تُقام في شريعة الإسلام خمس مرات في اليوم والليلة باستثناء النوافل؛ لذا اختصَّها لقمان بالذِّكر.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.71 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]