
30-06-2021, 02:13 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,307
الدولة :
|
|
مغتربة عن أهلي
مغتربة عن أهلي
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال
♦ الملخص:
سيدة سافرتْ مع زوجها إلى دولةٍ أوروبيةٍ، وهي في اشتياقٍ لأهلِها، ولا تستطيع البُعد عنهم، مما جعلها تبكي باستمرار على فراقهم، وتسأل: كيف أوازن بين حبي لأهلي وحبي لزوجي وأنا في الغربة بلا تأثير على زوجي؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة متزوِّجة منذ سنة، والحمدُ لله أُحِبُّ زوجي كثيرًا وأحترمُه، لكن المشكلة في طبيعة عمَله التي جعلتْه يُسافر إلى الدول الأوروبية ويأخذني معه، مما يجعلني أعيش في وَحْدةٍ في تلك البلاد، وأحنّ كثيرًا إلى أهلي، وعندما أتذكّرهم أجهش في البُكاء.
أريد نصائح منكم تجعلني أوازن بين أموري، وأبتعد عن الاكتئاب، ولا أَحْزن وأُحْزن زوجي بكثرة بكائي.
لا أعرف كيف أستمتع بحياتي الجديدة مع زوجي، وأتجاهل غُربتي وحنيني إلى أهلي؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أيتها العزيزة، تقول الخنساء:
يُذَكِّرُنِي طُلُوعُ الشَّمْسِ صَخْرًا
وَأَذْكُرُهُ لِكُلِّ غُرُوبِ شَمْسِ
وَلَوْلاَ كَثْرَةُ البَاكِينَ حَوْلِي
عَلَى إِخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي
هكذا حالُ الإنسان يكون أقدرَ على الصبر إذا ما رأى مَن هُم في مِثْل حاله أو أشد، ولْتَعْلَمي أيضًا أنه مِن غير الطبيعي أن تعتادَ الفتاةُ حالاً جديدةً وقرينًا غريبًا في بلد غريب بهذه السرعة، لكن الإنسان الإيجابي يُفَكِّر في طرُقٍ تفتح له مِن المجالات ما يُعينه على تخطِّي العقَبات، ومِن السُّبُل ما يُحَقِّق له التوازُن في حياته، ومن الأعمال ما يُنسيه ما يُكَدِّر هَمَّه ويُعينه على أَمْرِه.
ماذا تفعلين لتخطِّي هذه المرحلة والتمتُّع بحياة طيبةٍ بإذن الله؟
• أولاً: النفس إن لَم نشغلْها بالحقِّ شَغَلَتْنا بالباطل، ومن الباطل كل ما يَعوق الحياة، ويدخل الحزن والكدر على النفس، فمِن الطبيعيِّ أن تستشعرَ الفتاةُ التي تقضي يومها بين جدران المنزل لا أنيس ولا ونيس لها إلا نفسها قدرًا أكبر مِن الحزن لكلِّ عارضٍ في حياتها، في حين لا تشعر مَن تشغل نفسها بما ينفع إلا بقدرٍ يسيرٍ مِن ذلك.
ومِن أساليب شغل النفس: الاشتراك في مراكز تعليم اللغة مثلاً، أو المواظَبة على بعض الأعمال النافعة برُفْقَةِ صُحبة طيبة، أو تعلم مهارات جديدة والالتزام بها بشكلٍ يومي، وبإمكانكِ البحث عن أفكارٍ أخرى تشغل يومكِ بما يُحَقِّق لكِ ولبيتكِ ولأهلكِ الخير.
• ثانيًا: الإنسانُ اجتماعيٌّ بطَبْعِه يُحبُّ التواصُل مع غيره، ومِن خير عباد الله الذين يَألفون ويُؤلفون، فتعرَّفي على جيرانكِ ولو لم يكونوا مِن نفس بلدتكِ، وتواصلي معهم في حُدُود معقولةٍ؛ لِتَكْتَسِبي خبرةً أكبر في الحياة، ولتشغلي وقتكِ بما ينفع.
• ثالثًا: لم يَعُدْ في التواصُل مع الأهل مشكلة بعد تعدُّد وسائل المحادثات بالصوت والصورة، وإن لَم تُحقِّق الشعور الكامل بالتواصل، إلاَّ أنها بالفعل تُخَفِّف كثيرًا مِن لوعة الفراق، وتهوِّن من شدة الاشتياق، فلا تحرمي نفسكِ وأهلكِ ذلك الخير، ولْيَكُنْ في وقت غياب زوجكِ؛ لئلاَّ يجد في نفسه ضيقًا.
• رابعًا: مِن أكثر ما يُعين الإنسان على تخطِّي أحزانِه، وتجاوُز آلامه، واستشعار قيمته في الحياة، وتوسيع مداركه، وتفتيح ذهنه لكلِّ خير - القراءةُ، وحياةُ الاغتراب فرصةٌ طيبة لتحصيل القراءة النافعة، فقُومي بجولةٍ لانتقاء الكُتُب التي تستهويكِ، وتوَسَّعي فيها قدر الاستطاعة.
• خامسًا: حاولي أن تُغَيِّري كل فكرة سلبية تطرأ على ذهنكِ إلى إيجابيةٍ، فلو تصورتِ والديكِ وغلب الشجن عليكِ، تَخَيَّلي نفسكِ وقد انطوت الأيامُ، واجتمعتِ بهم على خيرٍ، وقومي بتجهيز أي مِن لَوازم السفر اليسيرة وقتها لتستشعري قُرب الأيام.
• سادسًا: إن لم يكن ثَمَّة مانعٌ ماديٌّ فقد يُخفف سفركِ مرتين في العام أو أكثر من شِدة الحنين، ورؤيتهم قبل الوقت المحدد تدخل على النفس البهجة، وتمنحكِ شعورًا طيبًا بالرضا عن حياتكِ.
• سابعًا: لا شيء يُغني عن رؤية الأحباب، ولا أحد يقوم مقام الأهل، لكن التقرُّب إلى زوجكِ نفسيًّا يَجْعل بينكما مشتركات، ويُقلل من آثار الأحزان، فاعملي على ذلك، واسعي لتكوين سُبُل تواصُل وتفاعُل بينكما.
مع خالص تمنياتي القلبية لكِ بحياة زوجية سعيدة هانئة
والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|