|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من يحكم عليه بالبخل أ. عائشة الحكمي السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في البداية أود شكركم على الموقع الرائع، أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عامًا، خُطِبت إلى شاب تقدَّم لي بواسطة أحد معارفنا المقرَّبين، علمًا بأنَّهم قد أثنوا عليه وعلى عائلته كثيرًا، تَمَّت الخِطبة، وبعد 3 أشهر تَمَّ عقدُ النكاح، وبالطبع كان هناك حدود للتعامُل معه في فترة الخطوبة، أما بعد عقد النكاح، فقد كان التعامُل بحرية أكبر، فاكتشفت بعضَ الأشياء التي أحس أنَّها عيوب، في البداية أريد أن أوضح أنَّني لست طامِعَة في شيء، فأنا لا أريد الهدايا مطلقًا، وإنَّما أخشى أن يكون خاطبي الذي أصبح زوجي بخيلاً. سأوضح كلَّ شيء بالتفصيل، واعذروني للإطالة. في البداية وتحديدًا في يوم (قراءة الفاتحة) - كما يُسمونه في مصر - أحضروا العديد من المشروبات والحلوى، ومن الواضح أنَّها كانت نوعًا جيدًا، حتى إنَّني اعتقدت أنَّهم كرماء جدًّا، بعد هذا اليوم خرجت معه مَرَّتين في وجود أهله وأهلي، بالطبع اشتروا لي عباءة، وفي يوم شراء (الشبكة) اشتروا لي شبكة مَقبولة، وكانوا يريدون شراء خاتم أيضًا، وعندما رفضت أمي، رفضوا هم أيضًا، وأحضروها إلى هنا. كان في بداية الأمر يتَّضِح لي أنَّهم في غاية الكرم، كما أريد أن أقول: إنَّ أقاربي أكدوا لنا أنَّهم كرماء، ولكن حدث موقفٌ أكَّد لديَّ بُخلَ خاطبي، فقد كان يُكلمني على هاتف المنزل، وبعد دقائق قليلة أنهى المكالمة، وقال لي: إنَّ الفاتورة ستكون غالية جدًّا. تكرَّر الموقفُ نفسه مرة أخرى، ثُم بعد عقد النِّكاح وجدته يتكلَّم في أمر النقود والمصاريف كثيرًا، ودائمُ الحساب للمصاريف، حتى أمام أهلي؛ مما أحرجني كثيرًا، وأصبحنا نخرج وحْدنا بعد العقد أيضًا، ففي أول مرة اشترى عشاء لنا ولأهلي في المنزل (أمي وأخي)، ولكن فوجئت به يقول: إنَّه صرف الكثير اليومَ، وقال لي على المبلغ بالتحديد. من الواضح أنَّ خاطبي صريحٌ، ثم خرجنا بعد ذلك عِدَّة مَرَّات، ولَم نتناول العَشاء، بل تناولناه عندما عُدنا للمنزل، وقد اكتفى بشراء حلوى لي، وقد نبهتني أمي بأنه من المفروض أن نأكل خارجَ المنزل، وأريد أن أقول أيضًا: إنَّه عندما تَم عقد النكاح سألته: هل سنخرج معًا أو لا؟ فرَدَّ: بالطبع، ولكن قال لي: المصاريف ستكون كثيرة أيضًا. في إحدى المرَّات طلب مني أن نتحدث على الهاتف الجوَّال، وعندما سألته عن السبب، قال لي: إنَّه أوفر من ناحية المصاريف، فرفضت، فأصبح يُكلمني على هاتف المنزل مرَّات قليلة، وكان يُغلق الخط بأي حُجة، ثُمَّ قطع المكالمات على هاتف المنزل، وأصبح يكلمني على الجوَّال، ولكن المكالمة لا تتعدى دقيقتين على الأكثر، فيطلبني وهو في عمله، ويغلق بحجة العمل كثيرًا جدًّا، يطلبني وبعد دقائق معدودة ينتهي رصيده، وأتَّصل أنا ويُطيل عليَّ، فأصبحت المكالمات تقريبًا كلها هكذا، لا أدري أهي مقصودة أم لا؟ أصبح يتكلم معي عن النُّقود والأسعار كثيرًا، ومن كلامه فهمت أنَّه يوفر، وأصبح كلامه عنها بصفة دائمة، أمَّا عن الهدايا، فلم يُحضِر لي هدية شخصية إلاَّ مرة واحدة، وكانت بمناسبة، وكانت أيضًا مقبولة، أمَّا عن حضوره للمنزل، فعلى الرغم من أنَّه يأتي مرتين في الأسبوع إلاَّ أنَّه لم يحضر معه شيئًا إلاَّ مرتين فقط منذ بداية ارتباطنا، فأصبح لي الآن 4 أشهر وأنا نصف مَخطوبة؛ مما جعلني أفكر في أمر البُخل وهو المكالمات، فهو لا يكلمني سوى دقيقة أو دقيقتين في اليوم فقط، وأيضًا أصبحت عندما أقول له: أريد أن أخرج معك خارجَ المنزل، فيقول لي: المصاريف، على الرغم من أنَّنا لا نصرف كثيرًا في خُروجنا، فنصرف قليلاً جدًّا، فالأمر يقتصر على المواصلات والحلوى فقط، فهُم حالتهم المادية حسنة إلى حد ما،فإنْ كانوا فقراء، كنت عذرته، وإنَّما الحالة المادية حسنة. هل هو بخيل أو لا؟ فأنا لا أستطيع أن أقرر، فبعض مواقفه يدُلُّ على أنه بَخيل، وبعضها يدُل على أنَّه كريم، وإن كان حريصًا، هل الحرص صفة حسنة أو سيئة؟ آسفة على الإطالة. الجواب أختي العزيزة، وفقكِ الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إنَّ مِن أقبح صفات الرجل أنْ يوصف بالبُخل. أَرَى النَّاسَ خِلاَّنَ الْجَوَادِ وَلاَ أَرَى ![]() بَخِيلاً لَهُ فِي الْعَالَمِينَ خَلِيلُ ![]() وَإِنِّي رَأَيْتُ الْبُخْلَ يُزْرِي بِأَهْلِهِ ![]() فَأَكْرَمْتُ نَفْسِي أَنْ يُقَالَ بَخِيلُ ![]() لقد جاءت الشريعة الإسلامية مُتمِّمة لمكارم الأخلاق، والفضائل العربية الأصيلة، كالكرم، والجود، والإيثار، وشنعت على البُخل والبخلاء، وحذَّرت منهم ومن عواقب بُخلهم في الدُّنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الكهف: 22]. وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الجواد الكريم يتعوَّذ من خمس: إحداها البُخل، وينهى عنه في كثيرٍ من المواضع؛ فعن عبداللَّه بن عمرو قال: "خطب رسولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - فقال: ((إياكم والشُّحَّ، فإِنَّما هلك من كان قبلكم بالشُّحِّ: أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا))؛ رواه أبو داود، وعن عائشة أنَّها ذكرت عِدَّة مساكين؛ قال أبو داود: وقال غيره: أو عدة من صدقة، فقال لها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: ((أعطي ولا تُحْصِي، فيُحْصَى عليك))؛ رواه أبو داود. وكفى بالبخيل شرًّا دعاء الملائكة عليه مع إشراقة كلِّ صباح؛ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما مِن يوم يُصبح العباد فيه، إلاَّ ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسكًا تلفًا))؛ متفق عليه. فحري بكل مسلم أن يستعيذ بالله من البُخل، وحري بمن يَجد في نفسه البُخل أن يدعوَ الله أن يشفيه من هذا المرض العصي، فالبُخل مرض نفسي واجتماعي وتربوي لا يُرجى بُرؤه، و((أي داء أدوى من البخل؟!))، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم. يقول ابن الجوزي في "صيد الخاطر": "لا ينكر أن الطباع تُحب المال؛ لأنه سبب بقاء الأبدان، لكنه يزيد حبه في بعض القلوب، حتى يصيرَ محبوبًا لذاته، لا للتوصُّل به إلى المقاصد، فترى البخيل يَحمل على نفسه العجائب، ويَمنعها اللذات، وتصير لذاته في جمع المال، وهذه جِبِلَّة في خلقٍ كثير، وليس العجب أن تكونَ في الجُهَّال". كيف نعرف الرجل البخيل؟ أولاً: لا يوصف رجلٌ بالبخل إلاَّ وهو ذو مال، فقد ذكر الجاحظ في كتابه "البخلاء" أنَّه قد قيل لبخيل: قد رضيت بأنْ يقال: عبدالله بخيل؟ قال: لا أعدمني اللهُ هذا الاسم، قلت: كيف؟ قال: لا يقال: فلان بَخيل، إلا وهو ذو مال، فسَلِّم إليَّ المال، وادعني بأي اسم شئت! وأنتِ تُؤكِّدين على أن حالة زوجك المادية جيدة: "فهم حالتهم المادية حَسَنة إلى حدٍّ ما، فإن كانوا فقراء، كنت عذرته، وإنَّما الحالة المادية حسنة". ثانيًا: قلتِ كلمة مُهِمة في وصف زوجك، أجدها من العلامات الفَارقة؛ لتمييز الرجل البخيل عن غيره، وهي في قولك: "من الواضح أنَّ خاطبي صريح"، نعم، الرجل البخيل رجل واقعي وصريح جدًّا. ثالثًا: يأخذ أكثر مما يُعطي، ويأخذ أكثر من حقِّه: قال أبو حنيفة: "لا أرى أن أُعَدِّلَ بَخيلاً؛ لأن البخل يحمله على الاستقصاء، فيأخذ فوق حقه؛ خيفةً من أن يُغْبَنَ، فمن كان هكذا لا يكون مأمونَ الأمانة"، وأنتِ تقولين: "كثيرًا جدًّا يطلبني، وبعد دقائق معدودة ينتهي رصيده، وأتصل أنا ويُطيل عليَّ". رابعًا: قال قائلون: "البخيل هو الذي يستصعب العطيَّة"، وأنتِ تقولين: "أمَّا عن الهدايا، فلم يُحضر لي هدية شخصية إلا مرة واحدة، وكانت بمناسبة". خامسًا: الرجل البخيل لا يبخل على نفسه، وإنَّما يبخل على أهله ومَن حوله، أمَّا الرجلُ الشحيح، فهو الذي يبخل على نفسه، وعلى كلِّ مَن حوله، نسأل الله السَّلامة والعافية من كليهما. بالنسبة لزوجك، فيَجب أنْ تُفرِّقي هنا بينه وبين أهله في الطباع، ومن الواضح أنَّ أهله - وبشهادتك وشهادة الجيران - لُطفاء وكرماء، ويعرفون "الأصول" كما يقال، أمَّا زوجك - ومن وصفك - فيبدو أنَّه بحق رجل بخيل، وفرق شاسع - يا إيمان - بين أن يكون الرجلُ بخيلاً شحيحًا، وبين أن يكون حريصًا ذكيًّا اقتصاديًّا يسير وفق منهج الله الوَسطي؛ ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، أليس كذلك؟ نصيحتي لكِ: أولاً: استخيري الله مرة ثانية وثالثة، وتذكري أنَّكِ ما زلتِ صغيرة وفي العمر مُتَّسع، ولإِنْ كان زوجك يتصرَّف على هذا النحو المُزعج في هذه المرحلة الجميلة، التي يُقدِّم فيها الزوجان أجملَ وأفضل ما لديهما، فكيف بحاله بعد الزواج؟! إن كان هكذا قبل أن يكون هناك أيُّ مصاريف حقيقية أو مطالب بيتيَّة، وقبل أن يسمع مطالب الأولاد وصراخهم، فكيف سيتصرف بعد الزَّواج؟! أرى الأمر يستحق منكِ التفكير مليًّا. ثانيًا: أخبري والدتكِ بكل ما أخبرتني به الآن، واطلبي منها أنْ تتفق مع والدكِ أو أخيكِ أو أي رجل عدل من أهلك على السؤال عن زوجك مجددًا، وتوسيع دائرة المسؤولين بحيث تشمل: الأقارب، والأصدقاء، وزملاء العمل والجيران وجماعة المسجد وغيرهم، والتركيز على السؤال عنه شخصيًّا، وليس عن أهله فحسب، وعن سلوكياته ومدى التزامه الدِّيني، وطريقة تعامُله مع الآخرين، وعن حقيقة بُخله بلا حياء، فهذه حياتك، وهذا الرجل سيكون والدَ أبنائك وقدوتهم، ومِفتاح سعادتك ملك يديه، فلا تتعجلي بفتح الباب المقفل طواعية قبل أن تتأكدي من أنَّ المِفتاح الذي معه هو المفتاح المناسب لبوابة سعادتك. ثالثًا: البخيل ماديًّا بخيل عاطفيًّا؛ هذه قاعدة، ولإنِ احتملتِ المرأة بُخل الرجل ماديًّا، فلن تحتمل بخله عاطفيًّا، وهذه النقطة لا يُمكن معرفتها إلا من خلالك أنت، أنت وحدَك من يَعرف إن كان زوجك بخيلاً عاطفيًّا أم سخيًّا بعواطفه، وتعلمين ما الذي يُوافق شخصيتك ويشبعك نفسيًّا وعاطفيًّا وماديًّا، فضعي هذه النقطة في عين الاعتبار. رابعًا: إذا انتهت رغبتك عند الاستمرار معه، وإتمام الزواج رَغْمَ بُخله الظاهر، فالنصيحة التي أُهديها إيَّاك هي من هدي النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة، قالت: "دخلت هند بنت عتبة - امرأة أبي سفيان - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجل شحيح، لا يُعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بَنِيَّ، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل عليَّ في ذلك من جُناح؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خذي من ماله بالمعروف، ما يكفيك ويكفي بنيك))". ختامًا: قالت أم البنين أخت عمر بن عبدالعزيز: "أفٍّ للبخيل، لو كان البُخل قميصًا ما لَبِسْتُهُ، ولو كان طريقًا ما سلكتُهُ". دُمتِ بألف خير، ولا تنسيني من صالح دعائكِ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |