|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الشعر على ألسنة الحيوان محيي الدين صالح أدب الأطفال من منظور إسلامي (إبراهيم شعراوي نموذجًا) الشعر على ألسنة الحيوان إن ذِكْر الحيوانات والطُّيور والحشَرات في القرآن الكريم وفي أحاديثِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يقدِّم إلينا العِظَة، ويربِّينا على فعل الخير، يلفِتُ الأدباءَ والشُّعراء إلى هذا العالَم العجيب من مخلوقات الله التي قال عنها - سبحانه وتعالى -: ï´؟ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ï´¾ [الأنعام: 38]، ويشجِّعهم على ضرب المثَل من هذه المخلوقات، ولا سيَّما وهم يكتبون للأطفال. كما كانت لقصص الحيوان مكانة مشهودةٌ في الأدب العالَميِّ منذ أقدم العصور، وكان (إيسوب - 620/ 564 ق.م.) من أشهر الشخصيَّات التي نُسِبت إليها المئاتُ من قصص الحيوان، والتي جعلت هذه القصص تنقِذُ سيِّده من الخصوم، وقد نسبت إليه مئات الحكايات التي كانت موجودةً قبل عصره، بل قبل الحضارة اليونانيَّة التي منها "إيسوب". ومن قصص الحيوان في الأدب العربي: "كليلة ودمنة"، ويُنسَب نقْلُه عن الهنديَّة أو الفارسيَّة إلى "عبدالله بن المقفَّع" - القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي - ويقول الدكتور "عبدالحميد يونس": "وليس من الضروريِّ أن نشقَّ على أنفسنا في البحث عن الأصول اللُّغوية (لسم دبشليم)، أو (بيدبا)، وحَسْبنا أن نسجِّل أن هناك طرفَيْن: الأوَّل ملك يطلب المَوْعِظة، ويخشى التهوُّر، والثاني: فيلسوف يضرِبُ له الأمثال بحكايات الحيوان، وهذا يطابق تمامًا ما في "ألف ليلة وليلة" من الإلحاح على التعقُّل في السلوك، والامتناع عن الشَّطط والتهوُّر، بسرد القصص الذي استطاعت "شهر زاد" بوساطته أن تحمي بنات جنسِها من رعونة شهريار"؛ "معجم الفولكلور مكتبة لبنان 1983". كما نجد لقصص الحيوانات مكانًا في "حكايات أمي الأوزة" لـ"شارل بيرو" 1697، وفي بعض مؤلفات "كريستيان أندرسون" (1805 - 1875م). وحينما يأتي الشِّعر - وهو أرقى وأسمى أنواع البيان الإنسانيِّ - على ألسنة الحيوان، فإنَّ ذلك يعدُّ من الأعاجيب التي تثير خيال الطِّفل؛ لأنَّ الكلام الموزون محبَّب إلى قلوب الأطفال، حتَّى قبل أن يُدْرِكوا معانِيَه ومرامِيَه، وأيضًا قصص الحيوانات والمغامرات التي تُصاغ على ألسنتها تَجْذب انتباه الطِّفل وتأسر حواسَّه تمامًا، فيتابعها بشغفٍ وإعجاب شديدين، فإذا ما اندمجَتْ هذه المحبَّبات إلى قلب الطفل في بوتقةٍ واحدة - الكلام الموزون، وحكايات الحيوان - فإن ذلك يكون له وقْعٌ أقوى في وجدانيَّات الطِّفل، وأسرعُ إلى أذهانهم، وأكثرُ تأثيرًا في سلوكياتهم. وقد حمل الشاعر "كامل كيلاني" راية هذا اللون الأدبي الجميل بعد جيل "شوقي" و"إبراهيم" العرب ورفاقهم، واحتفظ "الكيلاني" بالراية عالية خفاقة حين صاغ كثيرًا من القصص التربوية على ألسنة الحيوان، من خلال القوافي المُحْكَمة، والأوزان الجذابة، وسار على هذا الدرب حينًا من الدهر، ثم سلَّم الراية لمن بعده من الأدباء الموهوبين، ومنهم الشاعر "إبراهيم شعراوي" الذي لم يتخلَّف قِيدَ أنملة عن رفاقه المبدعين، هذا إن لم يكن قد سبقهم إلى آفاق بعيدة في خيالات الأطفال، والنماذج في هذا المجال أكثر من الحصر، سـواء في إبداعات جيل الرواد - "شوقي"، و"إبراهيم العرب"، و"الكيلاني"، ورفاقهم - أو عند الأجيال التي جاءت من بعدهم. و"إبراهيم شعراوي" له مجموعةٌ كبيرة من هذه القصص الشعريَّة على ألسنة الحيوان، نختار منها قصَّة شعريةً واحدة كنَمُوذج، وهذه القصة أبطالُها عبارة عن "ثعلب، وسلحفاة"، وموضوعها من الخيال الهادف الذي يبثُّ معانِيَ كثيرةً في قلوب الأطفال، أهمُّها إظهار المصير المؤلِم الذي ينتظر كلَّ مخادعٍ كذَّاب، وفي المقابل أهمِّية البِرِّ بالآباء، وضرورة الاستفادة من خِبْراتهم في الحياة، وبين هذا وذاك كثيرٌ من العِبَر والعظات. هذه القصة وردت نثرًا بعنوان "أمي العزيزة" في كتاب "الطِّفل الذي رأى الدُّنيا كلها" أولاً، وهذا الكتاب كان "شعراوي" قد ألَّفه عندما كان يعمل في منطقة الخليج العربيِّ، وكان قد وضعَه للأطفال من سنِّ 5 - 8 سنوات، ثم بعد ذلك بسنواتٍ صاغ القصة نفسها شعرًا بعنوان "الثعلب والسلحفاة الحكيمة"، ولكن لمرحلةٍ عمريَّة أخرى من الأطفال؛ أيْ: فوق الثامنة، وهذه القصيدة لم تُطْبَع حتى الآن في إصدارة؛ حيث إنَّها من المخطوطات التي اطَّلعْتُ عليها في مكتبه. أمَّا أحداث هذه القصَّة "القصيدة" فهي عبارةٌ عن قصَّة محاولةٍ فاشلة من الثعلب الذي حاول أن يرِثَ ملك الغابة عندما مات الأسد، ولكنَّه اصطدم بمعلومات الحيوانات الأخرى عن خِزْيه من قبل، خاصَّة من الكبار الذين عاصروا بُؤْسَه وشقاءه حين كان يسرق الدَّجاج، ويخاف من الكِلاب، فيجوع الليالي الطويلة، فأوعز إلى شباب الحيوانات للتخلُّص من تلك الحيوانات التي تعرف ماضِيَه؛ وذلك حتَّى يتمكَّن من فرض سيطرتِه على الباقين، وتتوالى الأحداث، إلاَّ أنني سأُتابعها وأستعرِضُها من خلال نصِّ القصيدة، التي يبدؤها "شعراوي" قائلاً: - "وَلَدِي، يَا أَيُّهَا الثَّعْ ![]() لَبُ، قُلْ فِيمَ تُفَكِّرْ" ![]() - قَالَ: هَذَا أَسَدُ الغَا ![]() بَةِ، رَاعِيهَا الغَضَنْفَرْ ![]() سَيِّدُ الأُسْدِ، طَوَاهُ الْ ![]() مَوْتُ، وَالكُلُّ تَحَسَّرْ ![]() وَبَكَاهُ بَدَلَ الدَّمْ ![]() عِ دَمًا... فَالغَابُ يَخْسَرْ ![]() بِوَفَاةِ الأَسَدِ الْجَبْ ![]() بَارِ، ذِي الْمَجْدِ الْمُوَقَّرْ ![]() وَأَنَا يَا أُمِّ... فِي التَّا ![]() جِ وَفِي العَرْشِ أُفَكِّرْ ![]() وفي هذه الأبيات التي افتتح بها "شعراوي" قصيدته، نجد بدايةَ حوار بين الثعلب وأمِّه، وهُما بصدد حادثةٍ ألمَّت بالغابة، وهي موت الملِك، والثعلب لا يفكِّر في الأمر إلاَّ من زاوية واحدة هي رغبته في التَّاج، وهذه البداية تثير فضول الطِّفل بشكلٍ فكاهي ودرامي في الوقت نفسِه، فهو لا يتوقَّع ما يمكن أن يحدث لمخلوقٍ ضئيل في مثل هذه المواقف، فكيف يكون الثعلب وريثًا للأسد على عرش الغابة، وهذا الفضول عند الثَّعلب سيجعل الطِّفل يُتابع أحداث الحكاية باهتمامٍ؛ لما فيها من المفارقات العجيبة غير المتوقَّعة. وأمُّ الثعلب - التي عاصرت الحياة في الغابة لمدَّة طويلة أثناء ملك الأسد - لها رأي، كما أنَّ لها خبثًا ومكرًا متوارثَيْن: قَالَتِ الأُمُّ: "وَمَا تَفْ ![]() عَلُ فِي رَأْيِ الكُهُولِ؟" ![]() إِنَّهُمْ يَدْرُونَ عَنْ بُؤْ ![]() سِكَ فِي الأَمْسِ الذَّلِيلِ ![]() ولكن الثعلب لا يريد أن يَسْتسلم للواقع المرير؛ فهو له طموح لا تحدُّه حدود، ومن ثَمَّ فهو مستعدٌّ لِسَفك الدِّماء والإطاحة بكلِّ الثوابت في سبيل نَيْل ما يصبو إليه، ولو كان الثَّمن حياة جيل الآباء: فَكَّرَ الثَّعْلَبُ حَتَّى الْ ![]() فَجْرِ فِي الْخَطْبِ الْجَلِيلِ ![]() قَالَ: قَدْ كُنْتُ حَقِيرًا ![]() هَائِمًا بَيْنَ السُّهُولِ ![]() وَكِبَارُ السِّنِّ أَعْدَا ![]() ئِي، وَهُمْ أَهْلُ فُضُولِ ![]() وَهُمُ قَدْ عَرَفُونِي ![]() وَرَأَوْنِي فِي الْحُقُولِ ![]() يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |