نفقة زوج المعلمة على وظيفتِها

[ابوالوليد المسلم]

نفقة زوج المعلمة على وظيفتِها
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
مشكلتي أنَّ زوجتي الأولَى تطالبني بالعدل في كل شيء، علمًا بأني تزوجتها بعد تخرُّجها من الثانوية، وسجلتُ لها في كلية الدمام، وسكنتُ في الدمام؛ لأكون قريبًا منها، وأنا أداوم يوميًّا من الجبيل 80 كم لمدة 4 سنوات حتى تخرجتْ.

ثُمَّ تعينتْ مُعلمة في القنفذة عام 1419 هـ، وأنا في الجبيل لمدة سنة، ثم نقلتها إلى حفر الباطن؛ لأنه لا يوجد نقل إلى الجبيل، وكانت المسافة 400 كم، وصبرتُ على هذا الشتات، وأخذت 4 سنوات، ثم نقلتها إلى الموية تابعة للطائف، تبعد 500 كم من جدة.

ونقلت أنا إلى جدة لمُدَّة سنتين، ثم نقلتها إلى الليث تبعد 250 كم عن جدة لمدة سنتين، ثُم نقلتها إلى مكة، وهي الآن تداوم من مكة، ولَم آخذ منها ريالاً واحدًا، تقوم بمصاريفها الشخصيَّة، وذلك تقديرًا للعشرة ولأبنائي، ولأنَّها ابنة عمي.

ولكن هي من أول سنة تعيَّنَتْ فيها بدأتِ اتِّهاماتُها لي أمامَ الأهلِ والأقاربِ بأنِّي أخذتُ فلوسَها، وهي تكذبُ في ادِّعاءاتها، واتَّضح في الآخر أنَّها اختلاف في مسائل حسابية.

وعندما صارتْ تداوم من جدة كثرتِ المشكلات، حتى إذا جاءني ضيوف أجدها تَتَضَجَّر مِنْ كلٍّ شيء، حتى من عمل القهوة، وفي مرَّة من المرات حلفت أنَّها لن تصنع القهْوة!

طبعًا أدخلتُ أُناسًا للإصلاح بيننا، ولكن دون جدوى، وعند ذلك قررتُ أن أتزوَّج الثانية، ولَمَّا تزوَّجْتُ خرجتْ مشكلات العدْل، فدائمًا تشتكي، وتطالب بالعدل.

علمًا بأنَّني تعبتُ كثيرًا بسبب هذه الوظيفة، خسرتُ كثيرًا مِنْ صحَّتي، ومن مالي؛ بسبب تذاكر، ومصاريف، وسفر... وغيرها الكثير؛ حيث إنَّني لَم آخُذ ريالاً واحدًا مقابل هذا كله.

سؤالي: هل منَ العدْل أن أصرف على الزوجتَيْن مثل بعضهما؛ علمًا بأن التكاليف التي يقوم به أزواج المعلِّمات:
1 - مُتطلبات الوظيفة؛ من مكتبات، وما شابهها.

2 - تركها للبيت والأولاد والزوج في البيت.

3 - عند العودة من الدوام تكون مرهقة، ولا تستطيع عمل أي شيء.

4 - وبعد العشاء تحضير الدروس وترتيبها وغيرها.

5 - إجازتي السنوية لا أستطيع أخْذَها إلا إذا كانت متوافقة مع إجازتها، وغيرها الكثير.

وللعلم ما أقول هذا الشيء تضجُّرًا من هذا العمل، ولكني أطلب أن تقوم بمصاريفها الشخصيَّة الخاصة؛ من ملابس، وغيرها مثل قبل الزواج من الثانية؛ علمًا بأنَّ الزوجة الثانية غير موظفة.

أرجو إعطائي الحلَّ؛ لأنِّي لا أريد أن أظلم أحدًا، ولا أظلم نفسي؛ أرجو إرسال الحل في أسرع وقتٍ؛ لأن المشكلات في ازدياد.

الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
لقد عجبتُ من عظيم صبرك على ما لاقيته من صعاب، حتى أكملتْ زوجتك تعليمها، ثم الصبر على تنقُّلها من مدينة لأخرى، والظاهر أنك كنت مستأنسًا من هذا، وتشعر بالرضا، وهذا ما حملك تحمُّل كل هذه المشاق التي بلا شك تعود بالقصور الشديد عليك، وعلى البيت والأولاد.

فالظاهر أن هناك سببًا لَم تذكره في رسالتك، إلا أن يكون الحب والهوى، أو الرغبة في كون زوجتك مُعلِّمة، وهذا شيء لا تُلام عليه ما لَم تتعدَّ حدود الله، فسهولة الخُلُق، وكرم الشمائل، واللطف والتيسير في الخُلُق، مع حُسن العهْد والعشرة - مِن أعظم ما يُمْدَح به الزوج الصالح.

ولك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أسوةٌ حسنةٌ؛ حيث تمثلت فيه الأخلاق الزوجيَّة الإسلاميَّة بكمالها وجمالها، وتوازنها واستقامتها، مع ثباتها - كما أثنى الله عليه بقوله: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم : 4]، فله من الأخلاق الكاملة أكملُها وأجلُّها، وهو في كلِّ خصلة منها في الذروة العُلْيا، فكان - صلى الله عليه وسلم - سهلاً ليِّنًا، جابرًا لقلوب نسائه لا يحرمهُنَّ، وإذا أرادت إحداهنَّ أمرًا وافقهن عليه، وتابعهن فيه، إذا لَم يكن فيه محذور، وكان يعفو عن هفواتهنَّ؛ روى مسلمٌ عن جابر بن عبدالله، قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً سهلاً، إذا هَوِيت الشيء تابعها عليه.

أما تكفلُ زوجِ المعلمةِ بمتطلباتِ وظيفتِها، فمن باب التبرُّعِ فقطْ، وليس من باب الواجباتِ المحتَّمات، وإن كنَّا نوصيك بعدمِ قطعِ ما عودتَ زوجتكَ عليه، ما دام في طاقتك ومقدورِك، أما إن كان شاقًّا عليكَ، فلا تُكَلَّفُه، وراجع:"حكم أخذ الزوج راتب الزوجة".