|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() وأنا أسير مأمون أحمد زيدان "16" أسير خطواتي فوق خطوات غيري تسير ولدتُ يومًا هناك كنت أنا أناي وكانت أناي أنا يوم كان السحاب بين أنامل هارون الرشيد يوم "رجت الأرض رجًّا"، "وبُسَّت الجبال بسًّا"؛ لامرأةٍ صرخت بضعف ويأس وخوف: وا معتصماه! فكان "السيف أصدق إنباءً من الكتبِ" لا شجب، لا استنكار، لا قلق "في حدِّه الحدُّ بين الجِدِّ واللعبِ" على شوارع بغداد وُلدت وفي سُرَّ مَن رأى تربَّيت لي الآفاق والآماد كطير يتحول طيرًا لي البحار والمحيطات كحوت وقرش وأخطبوط كسمك يتحول سَمكًا لي الأرض ظاهرها وباطنها لي الشمس والنجوم والفضاء والقمر لي هوائي وأنفاسي لي شهيقي زفيري لي ذاتي لي أناي لي الأنا ولدتُ يومًا هناك بين سيفين مرصَّعين بالنور والنار سيفٍ لله مسلول وسيفٍ فرَّق بين باطل قاتل وحق مقتول بكري، عمري، عثماني، علوي أموي، معاوي، يزيدي، هشامي، ولدت يومًا هناك سلجوقي، أيوبي، عثماني، زنكي حمداني، أندلسي، بربري كطارق يطرق الطرقات يحرق السفن فيكون الموت والبحر صنوانِ لم أولد هناك كنت أنا أناي كنت أنا الأنا كنت المأمون وكان المأمون أنا كنت أزن العلم بالياقوت والفيروز والذهب في كفة ميزانٍ كتاب في الكفة الأخرى نوار نور وهدى يُقَطر الماء من ملحه يهديه للأكوان، للأُقْحوان، للصبر والصبَّار للمخلوقات، للأرض، والصخر والصحراء زُلال مُصفًّى من زلال لبن مخمَّر من حليب البلابل والعنادل من رحم غزالة ويمامة ونعامة من قلب تفاحة وإجَّاصةٍ وليمونة من فؤاد زهر اللوز والدِّراق والنَّبق من دموع عشبة فوق صخرة جرداء نرسيس ليس أسطورة نرسيس محض عجز وأكذوبة في الماء صورتي أنا كما أنا في المرآة صورتي أنا كما أنا في الظل صورتي أنا كما أنا في القيظ والصحراء فوق القمم، في الهضاب والسهول والسباسب صورتي أنا كما أنا مأمون كنت يومها مأمون الآن أنا مأمون ما زلت هنا أمأمون سأبقى كما كنت وكما أنا؟! "17" وأنا أسير عشٌّ في قلب شجرة فيه بيضتان مخروقتان، ممصوتان، مهجورتان ترقدان فوق سرير من قش مغزول كلسهما مثل كهف طائر حول العش يرفرف ينوح أم يغني؟! "18" في الطريق إلى اللاشيء اللاهدف، الفراغ، التلاشي كبخار متصاعد نادتني امرأةٌ مصقولة بالسحر والمساء: مُدَّ كفك! قالت: هنا جرح غائر عميق دموع يتامى، ثكالى عصير أسًى ولوعة وهنا في هذا الفج من هذا الخط تربص، تقوس، تردد، جثث محنطة، شوهها الرماد والرقاد قوافل في صحراء مفتوحة تفتح ذاتها على ذاتها وهنا في هذه الثنية بين صخور وكثبان ورمال وهم يغذَّى من وهم خيال لِطَيف وطيفٌ لخيال خيول مخنثة، بغال مجمدة سهام ورماح وسيوف أحناها الصدأ والغمد والنسيان وهنا، هنا.. تمامًا هنا وصمَتَتْ قلت: هنا، تمامًا هنا، مقبرة للصمت "19" وأنا أسير نادتني عشبة خفيفة، لطيفة همست: انزع ذاتك من ذاتك اخرُجْ منك كي تستطيع أن ترى في الأرض متسع لكل شيء للشيح والشهد للحنظل والطلح للموت والحياة للحق والباطل للمقتول والقاتل للعابد والعاهر للنجوم والكواكب والشموس والأقمار لانعكاس صورة السماء للبحار والجداول والغدران للصحارى والغابات والأدغال في الأرض متسع للشيء واللاأشياء للمجهول والمعلوم لطحلب وحَلزون وفيل قلت: في الأرض متسع للمتسع لكل شيء وشيء وشيء لكنها لا تتسع لدمعة لضحكة أو لرائحة وليد "20" قيل لي: والقول فيه وفيه قف هنا توقف عن المسير كي توقف الرؤى والغيلان والكوابيس كي تكون صخرة تحركها الرياح يحملها الجليد من مكان إلى مكان رؤية النسور والعقبان والصقور تجرح الجفن وتُجَمر العيون اختر بنفسك أن تكون شجرة قَيْقَب، سَرْو، سِنْديان أو متسلقة طفيلية شوكة أو صبار ازحَف كأفعى، كحرباء، كتنين وطارِد الغزلان والفراشات وانظر هناك هناك أنت تكون ذرَّة في ريح هوجاء وذرة في صحراء "21" قلت: سأسير لتهمس لي المآذن والمساجد والمحاريب تحت الهلال المطرز بالنحاس والضياء والوهج والقمر سأسير لأحمل التراب بساعدي وأتنشق الظل البعيد كي أقول للقيظ في الصحراء معي قطرات ندًى مخبأةٌ في الفؤاد المستطير وكي أفتح للشمس كوات في الغابات والأدغال والأكمات وكي أغزل من خيوط الشمس صورة أمي صورة أبي إخوتي وأخواتي وكي أحملها وأطير مثل شعاع من وهج متفجر حيث الوطن هناك ينتظر الوصول "22" سأسير وأسير أسير، وأسير بين ليمونتين وبرتقالتين شمسين وقمرين زيتونتين ولوزتين نَرجستين وجوريتين سأهمس همسًا يرج الكون من أقصاه إلى أقصاه على برق أتى يومًا ومضى على رعد زارنا يوم ميلادي حمل أنفاسي الأولى وذهب على أم هاشم قابلتي على بقعة أرض في مخيمي حملتني امتَصْصتها امتصَّتني سأسير لأحدِّث الخنافس والشرانق والشراغف لأحدِّث الأشجار والأنهار والأحجار عن كرم خلف كرم وخلف كرم عن مخيم طول كرم عن صخرة هناك اسمها اسمي واسمي اسمها شكلها شكلي شكلي شكلها كتوءمين وتوءمين "23" سأسير واقفًا واقفًا سأسير نحو قبرة في مقبرة لا توسد الظل والطل والندى ولأكون وطنًا لوطني وتربة خصبة لزيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء لو لم تمسسه نار!
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |