الوحدة واليتم (قصة للأطفال) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 869 - عددالزوار : 119189 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4936 - عددالزوار : 2024234 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4511 - عددالزوار : 1301495 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40246 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 367100 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-06-2021, 02:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,245
الدولة : Egypt
افتراضي الوحدة واليتم (قصة للأطفال)

الوحدة واليتم (قصة للأطفال)


بدر الحسين






لم يكد يمُرُّ على قرع جرسِ الحصَّة الأولى أكثرُ من رُبع ساعةٍ حتى راحَت جُدران المَمَرِّ الضَّيِّقِ تُردِّدُ صَدى صوتِ أَحَد معلمي الصَّف الثاني الابتدائي، وهو يمسك بيدِ خالدٍ بِقوة، ويصرُخُ عليه بِحَنَق، وهو يثور ويَمُور، وبَدَأ يسحَبُ الطالب بشدَّة لِيرغمَهُ على الدُّخولِ إلى مكتبي، وخالدٌ يتمنَّع ويثبِّتُ رجليه في الأرض بكلِّ ما أوتي من قُوَّة، لقد نَجَحَ المعلم القوي بإرغام الطالب على الدخول إلى مكتبي وصَرَخَ المعلمُ بِغيظٍ: هذا طالب!! هذا مصيبة... أنا لم أعد أحتمل بقاءَه في الصف... إنّـَهُ يُخرِّب علينا الدرس.

حسناً يا أستاذ.. لا عليك.. هدِّئ من غَضبِك، أَدركِ الطلابَ، ها هُم تَبِعوك جميعهم. ولم أناقشْهُ في حينها كعادتي في امتصاصِ غَضَبِ الزُّمَلاء في مثل هذه المواقف.

وما إن مسحت ُ على رأسِ خالدٍ أسائلهُ عما أحدثَه من إزعاجٍ لمعلمه وزملائه في الحصَّة منذ الصَّباح الباكر حتى أمالَ برأسه الثَّائِر المُنهك وأودَعَـه بين يديَّ، عندئذٍ جلستُ على الكرسي، واضِعاً رأسَه المثقل بإشارات الاستفهام التي لا يجدُ لها حلاً وبِأُوارِ الجراح التي ألمَّت بفؤاده الغضِّ بين يَديَّ.

أحسستُ بِهِ حَمَلاً وديعاً، أو عُصفوراً اهتدى إلى العُشِّ بعد ضياعٍ طويل، نعم، لقد أحسَستُ في ذلك الوقت أَن خالداً أَلطفُ طِفلٍ عرَفته في حياتي، َوعندما انتهى من احتساءِ جُرعة الحنان التي اعتادَ أن يرشِفَها من راحتيَّ، جلسَ وقد عَلَت ملامحَهُ علاماتُ الخجَل والنَّدَم، ثم قال بضيقٍ مَشوب بالحزن: أنا آسفٌ يا أستاذ، لكنَّ جميعَ المعلمين لا يحبُّونني، كلُّهم يكرهونَني ما عداك... وحالَ البكاءُ بينه وبين الكلام، أكملَ حديثَهُ المتقطِّع قائلاً: "لم يشترِ لي عمي ألواناً كالتي عندَ ماهر مع أَنَّه وعَدني أن يشتريها لي، وأنَّه عندما يعودُ في ساعةٍ متأخِّرة من الليل سيُعطيها لأمي كي تضعَها في حقيبتي.

لقد فتَّشتُ الحقيبةَ أكثر من عشر مرات- وَكُلُّي أَملٌ في أَن أَجِدَ ضالَّتي لأُري زُملائي الألوان - لكِنِّي لم أعثر على شيءٍ!!.

لقد كَسَرَت قلبي هذه الكلماتُ البريئة الصَّادِقة، وأحسستُ أَنَّ هَدمَ قَلعَةٍ أَخَفُّ وطئاً من كَسر فؤاده. قَدَّمتُ له قطعةَ حلوى، وزيَّنتُ جبهتَه بالنجوم المتلألئة. وخرجَ خالدٌ مبتسماً. يحملُ بين يديه ورقةً كُتِبَ عليها "الأستاذ الفاضل تحية وبعد: لا مانع من دخول الطالب إلى الفصل، تمَّ اتخاذُ اللازم، للحديث بقيَّة في الفسحة الأولى".

جاءَ المعلمُ في الفُسحة الأولى، وقد باشرني بعبارات النَّدم على عدم استيعابه لخالدٍ قائلاً: والله إني لأستوعبهُ دائما لأنّه يتيم، لكنه اليومَ لم يكن طبيعيّاً، يفتحُ الحقيبة، وينثرُ ما فيها على الأرض، فأنبَّههُ، وقبل أن تستقرَّ حقيبتُه في الدُّرج لِمُدَّة ثانية يعاوِدُ فتحها، ويفتِّشها وَيُبعثِر ما فيها، والمُشكلة أنَّ جميع زُملائِه قد انشغلوا بِه، وانصَرَفوا عن الدرس بِسَببه.

أخبرتُ المعلمَ عن السبب فهدأت حالُه، وتَأَثَّرَ أَشدَّ التَّأَثُّر بمـا سمِعه منّي، والتمسَ لخالدٍ عذراً. وذكَّرتُ المعلم بفضل رعاية الأيتام والإحسانِ إليهم فضلاً عن الرِّسالة العظيمة التي نَحملها -نحن المعلمين- في تَربية النَّشءِ على الصَّبر والتحمُّل والتماس الأعذار للآخرين.

خالدٌ - ذلك الطفل المجروح واليتيم الصَّغير- مات أبوهَ قبل أن يذوقَ طعمَ قبلته ودفء أبوَّته. وأمُّه تزوجت بِرجُل يمنعُها من مشاهدته إلا في العيدين. هو يعيشُ عند جدتـه وحيداً.

لكنَّ خالداً لم يُقِرَّ بوفاة أبيهِ أَبداً فهو حَيٌّ في ذاكرته، وكثيراً ما يُحَدِّثُ زملاءَه عنه ويقول لهم:" أبي اشترى لي كذا، وأخذني إلى الحديقة في إجازة نهاية الأسبوع، وسافرتُ معه في الصيف إلى دولة كذا، أما أمُّهُ فمَيْتَةٌ في ذاكرته على الرغم من أنها لاتزال على قَيدِ الحياة. لقد وجدَ خالدٌ البديلَ في قَلبِ جدتـه الرَّؤوم.


وهكذا استمرت يوميَّات خالدٍ معي زُهاءَ ثلاث سنوات أناصره وأنافح عنه، وأَمسحُ على رأسه وكنتُ أَتَأَلَّم كثيراً لظروفه التي هي أَكبر بكثير من أن يتحمَّل مرارتَها طفلٌ مثلُ خالد. وفي العـام المنصرم كُنتُ قد اتصلتُ بالمدرسة التي نُقِلَ إليها، وحدثتُ المرشد الطلابي عن حالته، ففاجأني بأنَّ جدَّة خالدٍ توفِّيَت، وأنَّه يعيش الآن عند إحدى عمَّاته التي لا تنجب.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.55 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]