اليوم المنتظر (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52047 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45837 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64228 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155272 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-06-2021, 02:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي اليوم المنتظر (قصة)

اليوم المنتظر (قصة)
عمر السنوي الخالدي




اليوم المنتظَر [1]




عثمان، هل حصَّلتَ والدك على الهاتف؟
لا يا أمي، إنَّ الرقم خارج نطاق التغطية!

آه يا ولدي! ماذا سنفعل الآن؟ أختك تأخَّرت في عودتها.
أمي! لقد أخبرتكِ أنني ذهبتُ إلى مدرستها وكان الجميع قد خرج، فلعلَّها أخذها الحديث والوقت مع إحدى صديقاتها؛ فلننتظر قليلًا.

كانت المدرسةُ لا تبعُد عن المنزل سوى خطوات معدودة، والطالبات لم يكُنْ لديهنَّ في ذلك الحين هواتفُ خلوية رغم أنهنَّ في الثانوية، لم يكن قد مرَّ على إنشاء الشبكات الخلوية في بغداد الكثير عَقِب الاحتلال!

أمي، أمي، ها هو أبي قد عاد.

قامت الأم مسرعةً وهي تقول في نفسها:
ليتك بشَّرتَني بعودة أختك.
ما بكِ يا امرأة؟ لماذا وجهك شاحب مخطوف اللون؟!
أدرِكْني يا أبا عثمان! ابنتك.
ما بها؟!
لَم تَرجع حتى الآن، وأنت تعرف ظروف البلد!
رمى الأبُ حقيبته.. بل إنها سقطَت من يده دون شعور!
خرَج مسرعًا إلى المدرسة.
لم يوافِق الحارسُ على إدخاله، وأكَّد له أن لا أحد..

أصرَّ عليه، فدخَلا يبحثان معًا في كل زاوية.. القلوب تغلي، والأعصاب أنهَكَها تعَبُ التوَتُّر، فما عادت الأرجُل تحمل الأجساد، ولا الأيدي تمسك بالأشياء، ولا اللسان ينطق بالحروف.

والعقول مضطربة؛ أنُعلِن عن الحدَث الجلَل؟! أم نَصمت خشية أن يكون قد حدَثَ ما حدَث، وأوصَلَنا إلى هذه الحال؟!
عاد الأب منذِرًا أهله بأن لا يَسألوا عنها الجيرانَ والمعارف، ولا يُخبروا أحدًا عمَّا يجري؛ حتى يُحاول هو إيجادها بطريقة أو بأخرى!

أمَّا الأم فما بين بكاءٍ ودعاء، ولَومٍ للنفس، وعويلٍ وثبور...
قارَبَت الشمس على المغيب، واللحظات كانت تمشي كالـ... بلْ لم تكن تمشي!!
والأب يسعى ويترقَّب، ويكاد فؤاده الفارغ يطيش.
صار يدعو أن يجدها وإن جثَّة هامدة من أن يجدها في الوضع الذي يخشاه، ويخشَوْنه!

إن كانت مخطوفة، لماذا لم يتَّصل الخاطف؟! (يحدِّثُ نفْسَه).
عاد ليطلَّ على المنزل؛ علَّها عادت أو أنَّ أحدًا سمعَ عنها خبرًا... لا شيء مما توقَّع!

لما رأته امرأتُه في الحال الذي وصل إليها نادَتْه - رغم كل ما هي فيه -:
يا أبا عثمان، اجلس، وبُلَّ ريقك بقطرةِ ماء؛ ماذا بأيدينا أن نفعَل أكثر؟! حتى الشرطة لا يَصِلها أحد؛ فقد صارت البلد (حاميها حراميها)!

قالت الأم هذه الكلمات ولا تدري كيف خرجَت مِن فيها، ودموعُها مطَرٌ منهمر!
كانت هذه الكلمات على مسمع الأب - ما بين الوعي واللاوعي - كالخبَر المحبط.
ألقى مقعدته على الكرسي، وعينه غاشية لا تكاد تميِّز الأشياء والألوان.
إنْ هو إلا جلوسٌ كجلوس العاجزين، وإذا بالباب يُفتح..

إنها "حفصة"! والشكل يوحي بالحدَث، والعيون مُحمَرَّة، والوجه شاحب وفيه أثَر أصابع! والدموع التي كانت قد سالت: ها هي يابسة على الخدَّين، والجسم يرتجف بما عليه من ثيابٍ قد زال هندامها، وتمزَّق بعض أطرفها!!
بعد ذهولٍ قامت الأم تركض نحوها، فضَمَّتها، وأخذتها إلى الغرفة، وأغلقت الباب!

أرادت البنت أن تتحدَّث وتعبِّر عمَّا جرى، ولكن قاطعَتها الأم:
ليس الآن يا بُنيَّتي، وقد بان ما حدَث!
هُم، يا أمي، هُم..

وانفجرَت بالبكاء... ثم واصلَت:
ما أرادوا إلا إهانتي، أعطيتهم رقم هاتف أبي لعله يُغريهم بمالٍ أو يُخلِّصني منهم بشكل أو بآخر.. ولكنهم ما أرادوا سوى شيء واحد.. لقد انتهيتُ يا أمي!

مرَّت بضعة أيام جحيميَّة، والكوابيس لا تفارق أحدًا منهم سوى حفصةَ التي لم يَغمض لها جفن؛ فقد كانت كوابيسها يقظة.. بل أعظم من ذلك!
أما الأب الذي لم يُفِق من الصدمة فقد بدأت خيوط التفكير تنعقد - شيئًا ما - لديه، وهو يقول:
التهجير! أهذه هي الرسالة التي أرادوا إيصالها؟! لَيتَهُم قتَلونا جميعًا دونَ أن يَفعلوا هذا؛ فليس بعد العِرْض خسارة.

وبعد مأساة طويلةٍ شديدةٍ في التهيُّؤ للارتحال؛ استطاعوا مُغادرة المنطقة، والتحوُّل إلى أخرى كما شاءت التقسيمات الطائفية والسياسية.

مضَت على الفاجعة سنوات وما زالت حبيسةَ الأنفُس، لم يَعْلم بها أيُّ أحد من خارج العائلة، ولا أقرب الناس!
جاء اليوم الذي كانوا يتَحاشَون مجرَّد التفكير فيه:
جاء "أحمد" مع عائلته لطلَب يد حفصة للزواج..

انفجر البركان الموعود.. وعادت الآلام، وتفتَّقَت الجروح.. وصارت حالهم كحال (بلَّاع الموسى)؛ إن ابتَلَعها جُرِح، وإن أخرَجَها فُضِح!
صاروا بين نارين: نار السكوت خشية الفضيحة، ونار الإفصاح خشية الغش.

هل يمكن أن نجري لها عملية (ترقيع) يا أبا عثمان؟ أرجوكَ اسْأل مفتيًا لا يَعرفنا.
اتَّقي اللهَ يا امرأة!

وكانت حفصة تتنصَّت خفيةً، فقالت في نفسها:
أيَّ ترقيع هذا الذي يتحدثون عنه؟! ترقيع الأثر على الجسد، أم ترقيع الأثر على النفس، أم ترقيع النفس الممزَّقة ذاتِها؟!

رغم الردِّ الذي رَدَّ به الأبُ على الأم، فإنَّ الفكرة عَلِقَتْ في رأسه!
خرَج إلى بعض المناطق مستغلًّا وقت إحدى الصلوات، فدخل أحد المساجد وصلَّى جماعة، وبعد انقضاء الصلاة إذا بالإمام يلتفت بوجهه على المصلِّين فيعِظُهم موعظة قصيرة عن (الأمل والرجاء في الله جلَّ علاه)، فلامَسَت كلماتُه قلبَ أبي عثمان، كما رأى في الشيخِ مِن حُسن السَّمْت ونورِ الوجْه ما رأى، فكان دافعًا لرجلٍ حائرٍ مثلِه أن يلتجئ إليه ويستنصحَه في أمرهم.

فما كاد يخلو المسجد حتى اتَّجه الأبُ نحو الشيخ يطلب منه حديثًا على انفرادٍ تام، فرحَّب به بابتسامةٍ تهَبُ القلْبَ راحة.

فلما قصَّ عليه الأمر، قال:
لا تقلق؛ فالحل سهل بإذن الله.
وكيف ذلك يا شيخ!
يا أبا...
أبو عثمان.
يا أبا عثمان بارك الله فيك، لولا أنَّك توسَّمتَ بي خيرًا - وهذا مِن فضل الله - لما جئتَ إليَّ لتُخبرني بمثل هذه الحكاية! فلمَّا كنتَ ممن أعطاك الله البصَر النافذ إلى البصيرة، فاستخدِمْ ذلك في هذا الأمر الذي حيَّرَك.

أفصِح يا شيخ، وأخبرني ماذا تقصد؟
ما عليك إلا أن تنظُر في حال الرجل الذي جاء لخِطبة ابنتك، إن كان ممن يُلمَس في وجهه وسيرته الخيرُ والصلاح، فأخبِره بالحقيقة على وجهِها، وستَجده مُقدِّرًا متفهِّمًا متعاطفًا إن شاء الله، وإن لم يكن على مثل هذا الحال، فما عليك سوى أن تعتذر له عن الموافقة على ارتباطه بابنتك بأيِّ عذرٍ تراه مناسبًا، فلا تُحرِج نفسك وأهلك، ولا تجعل ابنتَك في يد مَن هذا حاله.

فانصرف الأبُ منشرِحَ الصدر، متفائلًا بالخير..


[1] جاءت فكرة هذه القصة بعد سماعي لسؤال أحد الأشخاص وهو يستفتي شيخًا؛ يريد منه حلًّا لمصيبته يوم أن تقدَّم شخص لخِطبة ابنته.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.16 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]