|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() زوجي يشرب الخمر سرًّا أ. مروة يوسف عاشور السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا فتاة أبلغ من العُمر الثلاثين، تزوَّجتُ بشخص مطلِّق مرَّتين، ولديه أبناء من زوجتيه السابقتَين، وعمره في الخمسين، وارتبطتُ به بسبب خُلُقه ودِينه، وهذا بعد السؤال عنه، ورضيتُ أن أعيش مع أبنائِه، وأكونَ لهم أمًّا؛ لأنَّهم ما زالوا في سنِّ الطفولة، وبعدَ مرور شهرين اكتشفتُ أنَّه يشرب الخمر في الخفاء، وأهله ملتزمون، وهو لا يعلم أنِّي أعرف بموضوع الخمر، وأنا لم أخبره أنِّي أعرف، ولكنَّه حينما يشرب يصير كلامه كثيرًا وانتقاديًّا، ولا بدَّ من أن تَحدُث بينا مشكلة ويغضب، وأنا لا أرضى أن ينام وهو غضبان عليَّ، أخاف مِن لعنة الملائكة، وصار يَغار على أطفاله منِّي؛ لأنَّهم صاروا يُحبُّونني، ويقولون لي: (ماما)، وصارت علاقتنا كلُّها مشاكل، ومع هذا لم أخبر أهلي؛ لأنَّ علاقتَه بأهلي ممتازة، وأهله طيِّبون معي، وخاصَّة أمَّه، لكنَّه دائمًا يراني بنظرة الإنسانة الناقصة، وأنه مُتفضِّل عليَّ بزواجي، وأني عنيدة. ماذا أفعل؟ كيف أتعاملُ مع شخْص في الخمسين؟ وكيف أجعله يَترُك الخمر؟ ساعدوني، جزاكم الله الجنة. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. حيَّاك الله أختي الكريمة، وصبَّرك الله على مُصابك، وأعانك على فعْل الخيرات. أشكر لك - بداية - حِرصَك الشديد على أطفال زوْجك، وأُهنِّئُك تهنئةً قلبيَّة حارَّة أنْ تيسَّر لك كسبُ محبِّتهم وقلوبهم من خلال معاملتك لهم بهذا اللُّطف، وذلك الحنان الذي مَلكتِ به قلوبَهم، واستطعتِ كسبَ تلك الكلمة الرائعة التي أعدُّها دليلاً قويًّا على إخلاصك، وطِيبتك التي ستكون سببًا - بإذن الله - في تأثيرك على هذا الزَّوج، وهدايته إلى طريق الحق. من كلامك يظهر لي أنَّ زوجَكِ يحافظ على الصلاة، فأقلُّ ما يكون لِمَن تصفينه بالخُلق والدِّين المحافظة على الصلاة، فإن كان كذلك، فاستعيني بالله، وتوكَّلي عليه، وتذكَّري قول الله - عزَّ وجلَّ -: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]. فإن كان محافظًا عليها، فلعلَّه بالنُّصْح الحَسَن اللِّين يستجيب - إن شاء الله تعالى - والرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((كلُّ أُمتي مُعافى إلاَّ المجاهرين، وإنَّ من المجاهرة أن يعمل الرَّجلُ باللَّيل عملاً، ثم يُصبح وقد سَتَره الله عليه، فيقول: يا فلانُ عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد باتَ يَسْتره ربُّه، ويُصبح يَكشِفُ سِترَ الله عنه))؛ متفق عليه. فالمقصود أنَّ مثله يُرجى نفعُه، وصلاح حاله، ما دام أنَّه لم يصلْ إلى حدِّ المجاهرة بتلك المصيبة، وصحَّ أيضًا أنَّ رجلاً كان على عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُكثِر شُرْب الخمر، وقد أُتيَ به يومًا، فأمر بِجلْده، فقال رجل من القوم: اللهمَّ الْعَنْه، ما أكثرَ ما يُؤتَى به! فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَلْعنوه، فوالله - ما علمت - إنَّه يُحبُّ الله ورسوله))؛ أي: إنَّه يحب الله ورسوله، فلا يُشترط فسادُ شارب الخمر فسادًا تامًّا، وإن كانت كبيرة إلاَّ أنَّ باب التوبة مفتوح، فسلي اللهَ العونَ على هداية زوجك، ودعوته إلى الخير والرَّشاد. وإليكِ بعضَ الوقفات التي قد تفتح لك آفاقًا للعلاج، وتُعين على حلِّ المشكلة، وانقشاع ضبابها - بإذن الله -: أولاً: يقول الله - عزَّ وجلَّ -: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، وصحَّ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((ومَن يَتصبَّرْ يُصبِّرْه الله، وما أُعطِي أحدٌ عطاءً خيرًا ولا أوسعَ من الصَّبر))؛ رواه البخاري. وصحَّ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّه قال: "رجعنا من العام المُقبل، فما اجتمع منَّا اثنان على الشَّجرة التي بايعْنا تحتها، قال الراوي: فسألتُ نافعًا: على أيِّ شيء بايعهم؟ على الموت؟ قال: لا، بل على الصَّبر". فالصبرُ – أُخيتي - أوَّلُ الطريق إلى النجاح، وهو السِّلاح الذي عليك التَّمسُّك به، والاعتصام به، فلا شكَّ أنَّ ابتلاءً كهذا يحتاج لوقت وصبر منك ومِن زوجك، حتَّى يُشفى من هذا الداء - بإذن الله - وقد يتسرَّب اليأسُ إلى قلبك، وتنتابك بعضُ الوساوس، فادفعيها وقاوميها بسلاح الصَّبر المتين، وثِقِي أنَّ الله لن يُضيِّعك - ما دمتِ اعتصمتِ واستعنت به، وتوكَّلتِ عليه. ثانيًا: لابدَّ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن تطلَّب الأمرُ مناقشتَه ومصارحته، فلا مفرَّ مِن مواجهته ونُصحِه، وتبصيره بخطورة ما هو عليه - أنا أفترض الآن أنَّك متأكِّدة ممَّا أخبرتِ، وأنَّ الأمر ليس مجرَّد شُبَهٍ وظنون - فالمناقشة بحِكمة وهدوء هي أوَّل السُّبل للوصول إلى الحل، وأَشْعريه أيضًا أنَّك ستكونين له نِعمَ المُعينة، وأنَّك ستكتمين السِّرَّ، ولا يمكن أن تفضحيه أمامَ أهله، أو أبنائه، وأنَّك لستِ إلاَّ مُحبَّة مشفقة، وليستشعر ذلك منك جديًّا، وأريه صِدقَ رغبتك في مساعدته، وأنَّك ستتحملينه مهما تكنِ العواقب، فالهدف الأوَّل هو إصلاحُه، وسعادته في الدنيا والآخرة. ثالثًا: عند انتقادِه لك وإشعارك بالنقص، لا تبادليه التُّهم، ولا تَرُدِّي الصاع صاعين؛ بل استمرِّي على ما أنتِ عليه مِن حسن خُلق، ولا يَنمْ إلاَّ راضيًا عنك، وتسلَّحي وقتَها بالحِكمة والصبر، والْزمِي الصمتَ حالَ رفْع صوته، خاصَّة إن كان تحت تأثير المُسكِر، فهو لا يعي أغلبَ ما يقول، وبعدَها وبعدَ أن يهدأ، اذهبي إليه بتودُّد، وحاوريه بمحبَّة قائلةً له: أرأيتَ كيف تتصرَّف مع من تُحبُّ بسبب هذا الشَّراب الخبيث؟ وأسمعيه كلامًا طيِّبًا رقيقًا، واستغلِّي الموقف في تبيين خطورة الخمر، ومَدَى أثرها على صحته وخُلقه، وهزِّ صورته أمامَ أبنائه - إن هم علموا بالأمر - فتَكْرار تلك النصائح في وقتِها المناسب قد يُليِّن قلبَه - بإذن الله. رابعًا: قد يكون هذا الزَّوج - وخاصَّة في هذا العمر - يُعاني من بعضِ الضُّغوط النفسيَّة، فالطلاق وإن كان مؤلِمًا للمرأة، فهو للرَّجل ليس بهيِّن، وقد أخبرتِ أنَّه طَلَّق مرَّتين، وكما تعلمين: الرجل في عمر الخمسين تمرُّ به بعضُ الظروف النفسيَّة، ومشاكل ما بعد منتصف العمر، والتي مِن أهمِّ أعراضها: • تصيُّد عيوب الآخرين، وخاصَّة الأهل. • الأرق مع فُقدان الشهية. • التصرُّف كالأطفال في بعض المواقف، والرغبة في إثبات الذات. • الانطواء أحيانًا، أو الرغبة في مجالسة بعض الناس دون البعض. • حاجته للحنان والعاطفة الجيَّاشة، وهذا يعني أنَّ عليك عبئًا كبيرًا الآن، فإغراقه بالحنان والعطف وسيلةٌ مهمَّة؛ لكسْبِ ثقته ومحبته، ومِن ثَمَّ إقناعه وسهولة التأثير عليه. حاولي التزيُّن له والتعطُّر، ومعاملته أفضلَ المعاملة، وعدم إشعاره أو تذكيره بعُمره، أو التحدُّث عن صِغَر سِنِّك بالنسبة له، فهذا يجرحه كثيرًا، ويُدخِل على نفسه من الهمِّ والغم ما لا تعلمين؛ بل حاولي إقناعَه أنَّه ما زال مطلوبًا، وأنَّه لا يبدو بالنسبة لك كبيرًا، وأنَّه يبدو أقلَّ من عمره كثيرًا، وقد عَدَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذلك من الكَذِب المباح؛ أي: لا مانعَ من امتداح زوجك بما تشائين، فهذا مما يُعزِّز الثقة بنفسه، ويُعينه على مواجهة الحياة بشكل أفضل. خامسًا: حاولي شغلَ وقته بما يحبُّ، وحاولي رَبطَه برفقة صالحة تُكثِرون الزياراتِ إليهم، ويُكثِرون المجيءَ إليكم، إن كان زوجُكِ من مستخدمي (الإنترنت)، فعرِّفيه على بعض المواقع الإسلاميَّة النافعة، وقدِّميها له، واجعليه يشترك فيها، مُبيِّنةً له مدى الفائدة المتحقِّقة من هذا التفاعُل الحَسَن، وإن لم يكن، فحاولي أن تجعليه يمارس رِياضةً، ولو كانت خفيفة، كرِياضة المشي، فهي من أجمل الرِّياضات في مثل هذا العمر، ولا يَخفَى عليك فوائدُ المشي النفسيَّة والجسديَّة، فلا مانعَ من أن تطلبي منه أن يُمارِسَها معك، فتشجعيه عليها، وتَسْتمتعانِ معًا بقضاء وقت طيِّب في الهواء الطَّلْق. سادسًا: إيَّاك أن تُذكِّريه بذنبه وقتَ الشِّجار أو الخصومة؛ بل غُضِّي الطرف نهائيًّا عن ذلك، ولا تُشعريه بالنقص مهما بَدَر منه من أمور تُغضبك، وتُثير في نفسك الغضب، فكلٌّ منَّا له ذنبه، والله - تعالى - أعلمُ بأفضلنا عنده، فلا تُلمِّحي له، ولا تُشيري إلى فِعْله على سبيل التهكُّم، أو السُّخرية، فذلك سيكون أسرعَ طرقِ الهدم لِمَا تفعلين. سابعًا: أدخلي على حياتكما بعضَ أوقات المَرَح من اللهو واللعب المُباح، ولا مانعَ من أن تشترك كلُّ العائلة في مِثل هذا، كأن تُنظِّمي لهم بعضَ الألْعاب التي تتكوَّن من فريقين، ويتسابق كلُّ فريق على أمرٍ ما، فمِثل هذه الألعاب تُقرِّب بين نفوس العائلة، وتفجِّر الطاقاتِ الكامنةَ، وتضفي على البيت جوًّا رائعًا من المرح والسَّعادة، وقد كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُسابِق عائشة، وهو في مثل هذا العمر. ثامنًا: احرصي على اقتناء الكتبِ النافعة التي يَسهُل قراءتُها، وبعض المطويات الدعويَّة التي تَرينَ فيها النفع والفائدة، واتركيها في البيت في كلِّ مكان؛ لتبقَى سهلةَ المنال للجميع، وتخيَّري منها ما يتحدَّث عن الخمر، أو الكبائر بوجه عام، وما يتحدَّث عن الجنة والنار، وما أعدَّه الله لعباده الصابرين، وأثر الطاعة وأثر المعصية، ككتب ابن القَيِّم، وبعض الدعاة المعاصرين؛ كالشيخ نبيل العوضي، والشيخ الدكتور محمد المختار الشنقيطي، والشيخ الدكتور محمد العريفي، وغيرهم من العلماء والدُّعاة الذين مَنَّ الله عليهم ووهبَهَم أسلوبًا طيِّبًا في الدعوة إلى الله. تاسعًا: الدعاء من أقوى وأنجع السُّبل لعلاج ما يستعصي علينا من مشكلات، وبه يُزيل الله كرباتٍ لم تكن لِتُزال، ولكن الله - تعالى - لا يُعجِزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وكان عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: "إنِّي لا أحمل همَّ الإجابة، ولكن أحمل همَّ الدُّعاء، فإذا أُلهِمتُ الدعاء فإن الإجابة معه"؛ وذلك لثِقته - رضي الله عنه - في الله، وفي إجابة الدعاء، فلا تَيأسي من الدعاء، واعلمي أنَّ الفرج فيه، وأنَّك تَدعِين سميعًا مجيبًا قديرًا، والله - تعالى - يقول: {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءٍَ} [النمل: 62]، وعليك بتحرِّي أوقات الإجابة، والتحلِّي بآداب الدعاء، وبالنِّسبة لشروط الدعاء، فتجدينها في هذه الفتوى على موقعنا: - "أسباب عدم إجابة الدعاء". وتَفضَّلي أيضًا بالاطلاع على هذه الفتوى؛ لمعرفة أوقات الاستجابة: - "آداب الدعاء بين الأذان والإقامة". وفَّقكِ الله لكلِّ خير وفلاح، ورَبَط على قلبك، وأَصْلَح لك زوجَك، وطهَّر قلبَه من كلِّ شائبة، وجَعَله لك قُرَّة عين في الدنيا والآخرة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |