جامع البيان في فضل وفقه الأذان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كيفية إزالة الصور من النسخ الاحتياطى فى صور جوجل دون حذفها من الجهاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          تحديث كبير لتليجرام يتيح دمج هاتفك بجهاز التليفزيون.. أعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          طريقة تشغيل ChatGPT بلمسة واحدة على ايفون 16.. خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حماية اللاب توب من السرقة.. 8 خطوات أساسية لتأمين جهازك وبياناتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          إزاى ترجع اللاب توب المسروق أو الضائع.. خطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تحديث جديد لواتساب .. إنشاء أيقونات المجموعات بالذكاء الاصطناعى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          لمستخدمى واتساب.. كيف تحمى بياناتك عند تغيير موبايلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 562 - عددالزوار : 24047 )           »          إيركتين Erectin (اخر مشاركة : homeremedie - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 5408 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-06-2021, 02:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,700
الدولة : Egypt
افتراضي جامع البيان في فضل وفقه الأذان

جامع البيان في فضل وفقه الأذان


جامع البيان في فضل وفقه الأذان :
إنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ ،فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ ، فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران: 102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [النساء: 1].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد :

كيفية بدء الأذان :
عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: « لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاقُوسِ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ فِي الْجَمْعِ لِلصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى، قَالَ: تَقُولُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: تَقُولُ: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: " إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ قَالَ: فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ، قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي أُرِيَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» " .(1)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَوَاتِ، وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ».(2)

فضل الأذان والمؤذنون :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ لَهُ: «إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنُّ وَلا إِنْسٌ وَلا شَيْءٌ إِلا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».(3)
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَسْتَحِبُّونَ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ مَا أَمْكَنَهُ مَا لَمْ يُجْهِدْهُ، لِيُكَثِّرَ شُهَدَاءَهُ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، لِيَكُونَ أَبْعَدَ لِذَهَابِ صَوْتِهِ، فَإِنَّ بِلالاً كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ بَيْتُهَا أَطْوَلُ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ إِذَا أَرَادَ أَدَاءَ فَرْضِ الْوَقْتِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ.
(4)

بَابُ الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ الْمَرْءُ وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ وَلَا وَاحِدٌ طَلَبًا لِفَضِيلَةِ الْأَذَانِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ سُئِلَ عَنِ الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ: لِمَنْ يُؤَذِّنُ؟ فَتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يُؤَذَّنُ إِلَّا لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ جَمَاعَةً، وَالْأَذَانُ وَإِنْ كَانَ الْأَعَمُّ أَنَّهُ يُؤَذَّنَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فَقَدْ يُؤَذَّنُ أَيْضًا طَلَبًا لِفَضِيلَةِ الْأَذَانِ، أَلَا تَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ وَابْنَ عَمِّهِ إِذَا كَانَا فِي السَّفَرِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَإِمَامَةِ أَكْبَرِهِمَا أَصْغَرَهُمَا، وَلَا جَمَاعَةَ مَعَهُمْ تَجْتَمِعُ لِأَذَانِهِمَا وَإِقَامَتِهِمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ: إِذَا كُنْتَ فِي الْبَوَادِي فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ» فَالْمُؤَذِّنُ فِي الْبَوَادِي وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ إِذَا أَذَّنَ طَلَبًا لِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ كَانَ خَيْرًا وَأَحْسَنَ وَأَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُصَلِّي بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. وَكَذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ. وَالْمُؤَذِّنُ فِي الْبَوَادِي وَالْأَسْفَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ، كَانَتْ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ لِأَذَانِهِ بِالصَّلَاةِ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّ مُؤَذِّنًا فِي مَدِينَةٍ وَلَا فِي قَرْيَةٍ دُونَ مُؤَذِّنٍ فِي سَفَرٍ وَبَادِيَةٍ، وَلَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ إِلَيْهِ لِلصَّلَاةِ جَمَاعَةً دُونَ مُؤَذِّنٍ لِصَلَاةٍ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا

وعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أعناقًا يَوْم الْقِيَامَةِ» . (5)

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَكَانَ يَسْتَمِعُ الْأَذَانَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى الْفِطْرَةِ" ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ" فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ رَاعِي مِعْزًى.(6)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِذَا كَانَ الْمَرْءُ يَطْمَعُ بِالشَّهَادَةِ بِالتَّوْحِيدِ لِلَّهِ فِي الْأَذَانِ وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يُخَلِّصَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ بِالشَّهَادَةِ بِاللَّهِ بِالتَّوْحِيدِ فِي أَذَانِهِ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَتَسَارَعَ إِلَى هَذِهِ الْفَضِيلَةِ طَمَعًا فِي أَنْ يُخَلِّصَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ، خَلَا فِي مَنْزِلِهِ أَوْ فِي بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ طَلَبًا لِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ، وَقَدْ خَرَّجْتُ أَبْوَابَ الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي نَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمْرُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا بِالْأَذَانِ لِلصُّبْحِ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَتِلْكَ الْأَخْبَارُ أَيْضًا خِلَافُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنْ لَا يُؤَذَّنَ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِهَا، وَإِنَّمَا يُقَامُ لَهَا بِغَيْرِ أَذَانٍ .(7)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ " (8)

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً، وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً" .(9)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ ، وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» .(10)


وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ يَخَافُ مِنِّي، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ " (11)

استجابة الدعاء حين الأذان :
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ: عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ الصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».(12)
وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ».(13)

الدعاء مستجاب بين الأذان والإقامة:
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، فَادْعُوا " .(14)
وفي رواية : «الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مُسْتَجَابٌ فَادْعُوا». (15)

دعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأئمة والمؤذنين :
عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ ".(16)


وجوب الأذان والإقامة في كل قرية بها ثلاث
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ لَا يُؤَذَّنُ وَلَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الذِّئْبَ يَأْكُلُ الْقَاصِيَةَ ".(17)

إدبار الشيطان لسماع الأذان :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى " (18)

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ذَهَبَ حَتَّى يَكُونَ مَكَانَ الرَّوْحَاءِ" قَالَ سُلَيْمَانُ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّوْحَاءِ فَقَالَ: "هِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ مِيلًا " .(19)

وعَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى بَنِي حَارِثَةَ، قَالَ: وَمَعِي غُلَامٌ لَنَا - أَوْ صَاحِبٌ لَنَا - فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ حَائِطٍ بِاسْمِهِ قَالَ: وَأَشْرَفَ الَّذِي مَعِي عَلَى الْحَائِطِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي فَقَالَ: لَوْ شَعَرْتُ أَنَّكَ تَلْقَ هَذَا لَمْ أُرْسِلْكَ، وَلَكِنْ إِذَا سَمِعْتَ صَوْتًا فَنَادِ بِالصَّلَاةِ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَلَّى وَلَهُ حُصَاصٌ " (20)

والأذان له فوائد:
منها: أنه إعلام بوقت الصلاة أو فعلها.
ومن هذا الوجه هو إخبار بالوقت أو الفعل. ولهذا كان المؤذن مؤتمنًا.
ومنها: أنه إعلام للغائبين عن المسجد؛ فلهذا شرع فيه رفع الصوت، وسمي نداءً؛ فإن النداء هو الصوت الرفيع.
ولهذا المعنى قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الله بن زيد: " قم فألقه على بلال؛ فإنه أندي صوتاً منك".
ومنها: أنه دعاء إلى الصلاة؛ فإنه معنى قوله: " حي على الصلاة، حي على الفلاح".
وقد قيل: إن قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: 33] الآية: نزلت في المؤذنين، روي عن طائفة من الصحابة.
وقيل في قوله تعالى: {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43] : إنها الصلوات الخمس حين ينادي بها.
ومنها: أنه إعلان بشرائع الإسلام من التوحيد والتكبير والتهليل والشهادة بالوحدانية والرسالة.(21)

وعن عائشة في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: 33] قالت: هم المؤذنون.(22)

بيان الترديد بمثل ما يقول المؤذن وبيان فضله :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ» , ..."(23)

وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ " (24)

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ بِلَالٌ يُنَادِي، فَلَمَّا سَكَتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا يَقِينًا دَخَلَ الْجَنَّةَ".(25)

عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَتَشَهَّدُ، قَالَ: "وَأَنَا، وَأَنَا" , ..."(26)

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ" , ..."(27)

(ثم سلوا) أمر من سأل (الوسيلة) هي ما يتقرب به إلى الكبير، يقال: توسلت أي تقربت، وتطلق على المنزلة العلية، قاله الحافظ. والمتعين المصير إلى ما في هذا الحديث من تفسيرها (فإنها) أي الوسيلة (منزلة في الجنة) من منازلها وهي أعلاها على الإطلاق (لا تنبغي) أي لا تليق ولا تصلح ولا تحصل ولا تتيسر تلك المنزلة (وأرجو) قال المناوي: ذكره على منهج الترجي تأدبًا وتشريعًا. وقال القرطبي: قال ذلك قبل أن يوحى إليه أنه صاحبها، ثم أخبر بذلك، ومع ذلك فلا بد من الدعاء بها، فإن الله يزيد بكثرة دعاء أمته رفعة كما زاده بصلاتهم ، ثم يرجع ذلك إليهم بنيل الأجور ووجوب شفاعته - صلى الله عليه وسلم -. (أكون أنا هو) من وضع الضمير المرفوع موضع المنصوب على أن "أنا" تأكيد أو فصل، ويحتمل أن يكون" أنا" مبتدأ خيره "هو" والجملة خبر "أكون" والله أعلم،. (حلت عليه الشفاعة) وفي حديث جابر الآتي حلت له، قال الحافظ: واللام بمعنى علي أي استحقت ووجبت، أو نزلت عليه، ولا يجوز أن تكون من الحل؛ لأنها لم تكن قبل ذلك محرمة. ثم المراد شفاعة مخصوصة. (28)

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ ".(29)

قَوْلُهُ: (رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ) بِفَتْحِ الدَّالِ، وَالْمُرَادُ بِهَا دَعْوَةُ التَّوْحِيدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد: 14] وَقِيلَ لِدَعْوَةِ التَّوْحِيدِ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا تَغْيِيرٌ، وَلَا تَبْدِيلٌ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: وُصِفَتْ بِالتَّامَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَتَمَّ الْقَوْلِ، وَهُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
قَوْلُهُ: (وَالْفَضِيلَةَ) أَيْ الْمَرْتَبَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْوَسِيلَةِ .
قَوْلُهُ: (مَقَامًا مَحْمُودًا) أَيْ يُحْمَدُ الْقَائِمُ فِيهِ، وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يَجْلِبُ الْحَمْدَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ، وَنَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ: ابْعَثْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَقِمْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا أَوْ ضُمِّنَ ابْعَثْهُ مَعْنَى أَقِمْهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، وَمَعْنَى ابْعَثْهُ أَعْطِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْ ابْعَثْهُ ذَا مَقَامٍ مَحْمُودٍ، وَالتَّنْكِيرُ لِلتَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ، كَمَا قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهُ قَالَ مَقَامًا أَيَّ مَقَامٍ مَحْمُودٍ بِكُلِّ لِسَانٍ. وَقَدْ رُوِيَ بِالتَّعْرِيفِ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَابْنِ حِبَّانَ وَالطَّحَاوِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ثُبُوتَهُ مُعَرَّفًا كَالنَّوَوِيِّ
قَوْلُهُ: (الَّذِي وَعَدْته) أَرَادَ بِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] وَذَلِكَ لِأَنَّ عَسَى فِي كَلَامِ اللَّهِ لِلْوُقُوعِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالْمَوْصُولُ إمَّا بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَلَيْسَ صِفَةً لِلنَّكِرَةِ .
قَوْلُهُ: (شَفَاعَتِي) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَعْلَ ذَلِكَ ثَوَابًا لِقَائِلِ ذَلِكَ، مَعَ مَا ثَبَتَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِلْمُذْنِبِينَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَفَاعَاتٍ أُخَرَ كَإِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَكَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فَيُعْطَى كُلُّ أَحَدٍ مَا يُنَاسِبُهُ، وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ قَالَهُ مُخْلِصًا مُسْتَحْضِرًا إجْلَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مَنْ قَصَدَ ذَلِكَ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ تَحَكُّمٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، وَلَوْ كَانَ لِإِخْرَاجِ الْغَافِلِ اللَّاهِي لَكَانَ أَشْبَهَ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ حَالُ رَجَاءِ الْإِجَابَةِ. . . .(30)
وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ ".(31)

إجابة الدعاء بعد ترديد الأذان :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ" .(32)

الأذان والإقامة عن الصلاة الأولى والإقامة للثانية :
ففي حديث جابر الطويل عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة بعد الخطبة ، ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا،...".(33)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ» قَالَ: «ذَكَرُوا أَنْ يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَّلاَةِ بِشَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ، فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا، أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ».(34)

وهذا يدل على أن الأذان تأخر عن أول قدوم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة حتى كثر الناس وانتشروا في المدينة ومن حولها، واحتاجوا حينئذ إلى تعليم وقت الصلاة بشيء يعرفونه معرفة تامة.
وقوله في هذه الرواية: " فذكروا اليهود والنصارى" - يعني: أنهم كرهوا النار والناقوس؛ لمشابهة اليهود والنصارى في أفعالهم.
ولا يعرف ذكر " النار" إلا في هذه الرواية، وإنما في أكثر الأحاديث ذكر الناقوس والبوق، وفي بعضها ذكر راية تنصب ليراها الناس.(35)
عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، قَالَ: فَخَرَجَ بِلَالٌ بِوَضُوئِهِ، فَمِنْ نَائِلٍ وَنَاضِحٍ، قَالَ: «فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ»، قَالَ: «فَتَوَضَّأَ» وَأَذَّنَ بِلَالٌ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا - يَقُولُ: يَمِينًا وَشِمَالًا - يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. قَالَ: «ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ وَالْكَلْبُ، لَا يُمْنَعُ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ».(36)
وفي رواية :" : رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ، وَأَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ،..." الحديث(37)


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 116.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 114.46 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]