|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() وفي ذلك يقول الشاعر "إبراهيم شعراوي": "بَحْر المتدارك من بحور الشِّعر المحبَّبة إلى الأطفال؛ فكثيرٌ من أغانيهم في لَهْوهم وألعابهم على هذا البحر؛ في الفُصْحى والعامِّية، وهو بحرٌ زاده "الأخفش"، وتدارك به على "الخليل بن أحمد"، وهذا البحر يأخذ حيزًا كبيرًا من أوزان الشعر الشعبي المصري". ويضيف في نفس البحث قائلاً: "وبحر المتدارك بتكراره التفعيلة البسيطة "فعلن" له قدرةٌ عالية على الصَّخب والضجيج، إنه يتكلَّم، ويضحك، ويبكي، ويصرخ، معبِّرًا عن انفعالات بلا همس، وهو مملوء بالحيويَّة، وهذا ما جعله أنسب البحور لألعاب الأطفال في كثيرٍ من العاميَّات العربية، وفي آداب الأطفال بكثيرٍ من الشِّعر الأوربي والأمريكي". وفي نهاية البحث المنشور في مجلَّة الفنون الشعبية عدد يناير 1996، الصادر عن الهيئة المصريَّة العامة للكتاب يقول "شعراوي": "وحركة هذا البحر "المتدارك" تجعل الأغاني المُحتوية على تفعيلتها المتجانسة التي تتكرَّر بدون تداخل تفعيلات أخرى، متحرِّكة تتَّصل بالطبيعة، وما فيها من بشَر، وحيوان، وطير، ومخترعات". وفي الشِّعر الوطني الذي يبثُّ حبَّ الأوطان ويثبت الانتِماء نجد قولَ الشاعر: الوَحْدَةُ إِيمَانُ العَرَبِ ذِكْرَى جَدٍّ وَتُرَاثُ أَبِ وَشِعَارُ أَخٍ، وَوَصَاةُ نَبِي ولم يكن استخدام هذا البحر حكرًا على ذوق وادي النِّيل فقط، بل إنَّ هذا البحر الراقصَ نجد فيه إبداعاتٍ كثيرةً في مختلف أنحاء البلاد العربيَّة، فالشاعر السوري "سليمان العبيسي" الرائد أيضًا في مجال الكتابة لأدب الطفل، له باع طويل في ذلك، ففي قصيدة لتحفيظ الحروف العربيَّة يقول: أَلِفٌ بَاءٌ تَاءٌ ثَاءُ هَيَّا نَقْرَأْ يَا هَيْفَاءُ أَلِفٌ أَبَتِي بَاءٌ بَلَدِي كما يقول في قصيدة عن الأب: (بَابَا بَابَا) يَوْمُكَ طَابَا دُمْتَ رَبِيعًا دُمْتَ شَبَابَا لِي وَلِأَجْلِ الوَطَنِ الغَالِي يَعْمَلُ (بَابَا) دُونَ مَلاَلِ كما نجد الشاعر المغربي "علي الصقلي" يصوغ أجمل قصائده للأطفال على هذا البحر أيضًا: نَجْوَى يَا أَجْمَلَ مِنْ وَرْدِ فِي صَحْنِ الدَّارِ وَفِي الْمَهْدِ واستخدام الشعراء الصوفيِّين لهذا البحر كثيرًا في قصائدهم، دليلٌ على أنه قويُّ التأثير، وسريع الوصول إلى أعماق المتلقِّين، ومن نَماذجهم الشَّهيرة في ذلك قصيدة: اشْتَدِّي أَزْمَةُ تَنْفَرِجِي قَدْ آذَنَ لَيْلُكِ بِالبَلَجِ إذًا أدباء الطفل استفادوا من صياغة قصائدهم في هذا البحر، ونجحوا من خلاله في الوصول إلى وجدانيَّات الطِّفل من أقصر الطُّرق، هذا بالإضافة إلى ما صاغوه في بقيَّة بحور الشعر المعروفة. وبعد هذه الجولة المفتوحة في ربوع الشَّواهد الدالَّة على صلة بحور الشِّعر بالوجدانيَّات؛ نعود إلى القضايا الإيمانيَّة التي أثارها "شعراوي" من خلال القوافي، سواء في هذا البحر أم في غيره، ونتوقَّف عند قصائده عن الرُّموز الدِّينية التي تناولَها "شعراوي". فالقدوة تعدُّ من المؤثِّرات القويَّة على وجدانيَّات الطِّفل، لدرجة أنَّ بعض المُحلِّلين يَعتبرون أنَّ الطفل كالمِرْآة، تنعكس عليه سلوكيَّاتُ أسرته؛ فهو يتأثَّر بما يراه حوله من الشخصيَّات المحبَّبة إلى قلبه، فيُحاكي أو يقلِّد من يحبُّه في كلِّ شيء، فإذا استطاع من يكتب أدب الطفل أن يجذب انتباهه، ويحبِّبَ إلى قلبه بعضَ الرموز والشخصيَّات الإسلامية التي لها مكانةٌ وتاريخ وبطولات، فإن الطِّفل خلال هذه العاطفة التي تولَّدَت داخله تجاه هذا البطل، سيُحاول أن يعرف كلَّ شيء عنه، فيتشرَّب الصِّفات النبيلة التي اتَّصف بها، وهذه وسيلة ناجحة في تربية الأطفال على الأخلاق الحميدة، ولذلك فإنَّ المَدارس الأوليَّة في كلِّ البلاد تدرِّس للأطفال نبذةً عن الشخصيات التي تعتبرها تلك البلادُ قدوةً صالحة للأجيال المتعاقبة. وأدَبُ الطفل بما له مِن رونق جذَّاب، وتأثيرٍ بليغ في الأطفال، لم يتجاهَلْ هذه الجزئيَّة؛ فقد أبْدَع الأدباء كثيرًا من القصائد التي تتحدَّث عن الرُّموز والأبطال. و"شعراوي" سار على هذا الدَّرب بتوجُّهه الإسلامي المعهود، فكتب للطِّفل المسلم عن الأنبياء والمرسلين، وصحابةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما كتَب عن الصحابيَّة الجليلة أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهم أجمعين - وقد اتخذ "شعراوي" وسيلةَ (الإلغاز) على سبيل الأحاجي؛ حتَّى يشعر الطِّفل بأنه يشارك في صنع المعلومة، وهذه الوسيلة تساعد على سرعة حفظ القصيدة، خاصة إذا كانت قصيرة. ومن النَّماذج الدالَّة على ذلك، ما كتبه عن الخليفة الأمويُّ "عمر بن عبدالعزيز"، الذي تنازل عن مباهج الدنيا وزينتها، وسار على نهج جدِّه ابن الخطَّاب - رضي الله عنه - فأصبح علَمًا بارزًا من أعلام التاريخ الإسلاميِّ، يقول عنه "شعراوي": كَانَ لَمْسُ الحَرِيرِ يُدْمِي بَنَانَهْ ![]() ثُمَّ لَمَّا بَدَا بِأَعْلَى مَكَانَهْ ![]() تَرَكَ القَصْرَ وَالزَّخَارِفَ وَالثَّوْ ![]() بَ الحَرِيرِيَّ قَالَ هَذِي أَمَانَهْ ![]() أَنْتَ لِابْنِ الخَطَّابِ بَعْثٌ جَدِيدٌ ![]() لَمْ تُبَدِّدْ أَمْوَالَنَا فِي الخَزَانَهْ ![]() وكذلك له قصيدة مُلْغِزة في شخصيَّة صوفيَّة معروفة، هو الإمام البوصيري - رحمه الله - وقال عنه: سَوْفَ يَبْقَى ذِكْرُهُ فِي الخَالِدِينْ وَلَهُ مَجْدٌ وَأَذْكَارٌ وَدِينْ وَلَهُ هَمْزِيَّةٌ فِي المُصْطَفَى وَلَهُ البُرْدَةُ تَزْهُو، وَكَفَى وهكذا نجد أنَّ القضايا الإيمانية المبثوثةَ في شعر "إبراهيم شعراوي" تتَناثر شواهِدُها في كلِّ إبداعاته الشعريَّة والنَّثرية على حدٍّ سواء، وإيمانه يرسمه ويحدِّده، ويُطْلِقه في مجالاتٍ لا حصر لها، وكلُّ تلك المجالات تسمو به وبِنا، وتفيض بالخَيْر على الحاضر والمستقبَل للناس جميعًا. فإيمانه يملؤه بالفرحة والابتهاج مع كلِّ مسجد يرتفع: عَمِّرُوا فِي كُلِّ أَرْضٍ مَسْجِدَا ومع كلِّ منبر يرفع راية الحقِّ والسلام، ويُعلي رايات الإسلام، وفي تحيَّتِه لرابطة الأدب الإسلاميِّ العالميَّة عند افتتاحها لمقرِّ الرابطة في القاهرة، أبدع "شعراوي" قصيدةً تحمل رؤيته الإيمانيَّة التي تفاعلَتْ مع الحدث بما يستحقُّ من وجدانيَّات، فقال في هذه القصيدة التي نُشِرت في العدد 41 من مجلة "الأدب الإسلامي" الصادر في يونيه 2004 م: يَا وَطَنَ الإِسْلاَمِ سَلاَمًا ![]() يَا رِيًّا لِلقَلْبِ الظَّامِي ![]() يَا جَنَّةَ عُمْرِي بِرِيَاضٍ ![]() تَتَبَاهَى بِالنَّهْرِ النَّامِي ![]() وإيمانه دعوةٌ إلى العمل الصَّالح، والمشاركة في بناء إيجابيَّات الحياة: (نَحْنُ أَمْنٌ وَحَنَانٌ ![]() وَمَنَارَاتُ الْهُدَى) ![]() (سَيَظَلُّ شِعَارِي أَنْ أَسْعَى ![]() دَوْمًا نَحْوَ حَيَاةٍ أَفْضَلْ) ![]() وإيمانه رحمةٌ على البشر، وعلى الحيوانات والطيور، وعلى الزَّرع والشجر، كما في قصيدة حماية الأشجار - من كتاب حكايات أسد عجوز -: وَمَوْطِنِي يَقُولُ: يَا مُزَارِعِي إِنَّكَ - فِي كَفَّيَّ - كَالأَصَابِعِ فَلْتَحْفَظُوا يَا فِتْيَتِي أَشْجَارِي مَصُونَةً مِنْ عَبَثِ الأَشْرَارِ وإيمانه إيمانُ نشاطٍ وعمل: فَلْتُسْرِعُوا إِلَى العَمَلْ وَكُلِّ عِلْمٍ مُبْتَكَرْ لِكَيْ نُحَقِّقَ الأَمَلْ عِنْدَ الصَّبَاحِ الْمُنْتَظَرْ وهو يكرم العمل والعاملين، فكلُّ صانع وكلُّ صاحب حِرْفة يدوية مهما كانت صغيرةً أو بسيطة، يخدم الجماعة، ويحقِّق قوله تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا ﴾ [التوبة: 105]، وهو جدير بالاحترام، وفي أوبريت "الوسام" من إصدارات الهيئة المصريَّة العامة للكتاب 1987، يستمدُّ "شعراوي" تشبيهاتِه للوطن من العمل في الغزل أو النَّسج، أو المناشط الأخرى من مفردات العمل، فيقول: "يا مغزل أشعاري - يا ناسج أقداري - يا جهدي في صحوي"... وهكذا. وهو لا ينظر إلى ثياب الحَدَّاد ولا إلى الدُّخَان الذي يملأ مصنَعه، بل يجعله يُفاخر بعمله، ويتحدَّث عن دوره في الدِّفاع عن الوطن مثله مثل الجنديِّ في ميدان القتال: أَنَا الْحَدَّادُ يَا بَلَدِي وَهَذَا السَّيْفُ مِنْ صُنْعِي وَمِدْفَعُهُ نِتَاجُ يَدِي وَإِنِّي صَانِعُ الدِّرْعِ وفي نفس الأوبريت، يتجوَّل بنا "شعراوي" بين أصحاب الحِرَف، وكما تحدَّث عن دور الحدَّاد الذي نجد في المدن، ودور الجنديِّ الذي يسهر للذَّود عن وطنه، ويقضي معظم أوقاته في الصحاري، فإنه يغوص بنا في أعماق الرِّيف، وكأنه لا يريد أن يهمل أيَّ جزء من جغرافية الوطن الداخليَّة، ويعرض علينا رؤيته للدَّور الذي يقوم به الزَّارع في البناء الاقتصادي للأوطان، فيقول: الزارع: (لَوْلاَ كَفَّيَّ وَأَسْمِدَتِي، وَبُذُورِي الأطفال: .... عِشْنَا فِي الفَقْرِ) وأيضًا وفي نفس الأوبريت، يُظهر "شعراوي" الدَّور الذي يقوم به (النجَّار) في المجتمع: مَنْ يَذْكُرُ يَا قَوْمِ الْمِحْرَاثَ؟ وَيَذْكُرُ أَبْوَابَ الدَّارِ؟ وَأَنَا النَّجَّارُ بِأَخْشَابِي مَنْ يَنْسَى فَضْلَ النَّجَّارِ؟ و"شعراوي" من خلال قضاياه الإيمانيَّةِ التي يَطْرحها على موائد الأطفال يدعو إلى العِلْم، ويُبارك التحصيل؛ لذلك نجده مع افتتاح معهدٍ أو مدرسة يحسُّ بأنَّ شموس الهدى تتزايد لِتَملأ الكون نورًا: مُعَلِّمِي يُعْطِي بِغَيْرِ مَطْلَبِ سِرَّ الْهُدَى الْمُحَجَّبِ كما أنه يَكْره الظُّلم والتعصُّب، والاحتقار والاستبداد، ويحذِّر الصِّغار من كلِّ هذه الصفات السيِّئة. وحبُّ الوطن والدِّفاع عنه صورةٌ للإيمان الحق: فَاحْتَفِظْ بِالأَرْضِ فِي أَطْهَرِ حَالَهْ وَتَعَلَّمْ كَيْفَ لاَ تفقِدُ وَادِينَا جَهَالَهْ مَعْبَدِي أَرْضِي، فَصُنْ جَنَّاتِنَا كَالْمَعْبَدِ وَتَعَوَّدْ أَنْ تَشَمَّ العِطْرَ فِي روضِ الغَدِ وهو حين يتحدَّث عن الأنبياء، يقف طويلاً عند العطاء المادِّي، فيقول لسيِّدنا إدريس - عليه السَّلام -: أَنْتَ كَمْ عَلَّمْتَهُمْ فَنَّ الْحِسَابْ مِثْلَمَا عَلَّمْتَهُمْ صُنْعَ الثِّيَابْ يَا نَبِيًّا فِي دُرُوبِ الْمَجْدِ قَدْ أَفْنَى الشَّبَابْ وَمَضَى فِي سَاحَةِ الْخَيْرِ وَبَيْنَ الكُتْبِ شَابْ وهو يدعو إلى الإحسان إلى الوالِدَيْن؛ تثبيتًا للتوجُّه الإسلامي الذي اختاره منهاجًا لخطِّه الأدبيِّ وهو يصوغ إبداعاته للطِّفل، فيقول: الكَوْنُ بِغَيْرِكِ يَا أُمِّي لاَ لَوْنَ لَهُ، لاَ عِطْرَ لَهُ، وَبِلاَ طَعْمٍ، وَبِلاَ مَعْنَى مَاذَا يَبْقَى لِلكَوْنِ إِذَا فَقَدَ الْمَعْنَى؟ وفي جولاته الأُسَريَّة والاجتماعيَّة، لا ينسى "شعراوي" (الجدَّة) التي صاغت من قَبْلُ وجدانياتِه ومشاعرَه الفيَّاضة، من خلال حكاياتها الجميلة، ثم هي الصَّدر الحنون، والأم الرَّؤوم التي يَفْزَع إليها الصِّغار من عقاب الوالدين، فيقول: جَدَّتِي، عِنْدِي هَدِيَّهْ طَوْقُ عِطْرٍ وَوُرُودْ وَمَعِي الحَلْوَى الطَّرِيَّهْ لَكِ، يَا صَفْوَ الوُجُودْ وهو يضغط على الكلمات والجُمَل التي يَجْمل بالطِّفل أن يحفظها ويردِّدها؛ مثل: (إنا أعطيناك الكوثر)، و(قل هو الله أحد)، و(صلَّى الله عليه وسلَّم)، عندما يضعها في سياق القصائد على سبيل الاقتِباس، وهو يُبْدِع اختراعَ الأساليب الجذَّابة عندما يتحدَّث إلى الأطفال، مِمَّا يُنقذه من تكرار النُّصح الرَّتيب المُمِلِّ، والمواعظ الباردة، ومن تلك الأساليب تصوُّر الشاعرِ أن الحيوانات والطيور المفيدة للإنسان، قد اجتمعَتْ وشاركت في كتابة "رسالة جماعيَّة" إلى الإنسان، تُطالِبُه فيها بالاهتمام بها ورعايتها، والاعتراف بما تقدِّمه له من خيرٍ لا تطلب منه ثمنًا لها إلاَّ المعاملة الحسنة التي تليق بِدَورهم في الحياة. وهذا غيضٌ من فيض، يُغْنِي عن المزيد من التفاصيل، أو الاستِرسال في استدعاء الشَّواهد الكثيرة من بين إبداعات "شعراوي"؛ للاستدلال على التوجُّه الإسلامي عنده، أو التأكيد على انتهاجه نَهْجَ القضايا الإيمانيَّة، وهو يبدع لفلذات الأكباد.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |