|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل أرجع له؟ الشيخ د. علي ونيس السؤال السلام عليكم،، أنا سيدة مُطَلَّقة منذ خمس سنوات؛ سبب طلاقي مشاكل وانحرافات عند زوجي الذي كان يُطْلِق لحيته ويحافظ على الصَّلاة؛ لكنَّه كان يُؤذِي الخادمات، ويتحَرَّش بهنَّ جِنسيًّا، ثمَّ اكْتشَفْتُ بعد الطَّلاق أنه تَحَرَّشَ بابنَتِنا جنسيًّا. أشكُّ أنَّه مريض نفسي، طَلَّقَني وهو يبكي لا يريد الطَّلاق، والآن يقوم بعض أهل الخير بالوَسَاطة بيننا، ويُؤَكِّدُونَ أنَّه قد تغَيَّرَ كثيرًا؛ لكنّي لا أثق في ذلك، وأنا في ذات الوقت بِحاجة لزوْج؛ لكني لا أريد الزَّواج برجُل آخَر، فقد يُؤَثِّرُ ذلك على نفسيَّة أولادي الأربعة، هل أطلب منه أن يُعالَج نفسيًّا أولاً ثُمَّ إنْ تَأَكَّدْتُ أنَّه شُفِيَ وعاد إلى رشده أعود له، أو أصبر على العزوبيَّة وأستعين على نفسي وحاجتي بالصوم؛ لأنّي يستحيل أن أتَزَوَّجَ برجل آخر حفاظًا على أبنائي. أَوَدُّ أن أقولَ كلمة حق، فقد كنتُ مُقصِّرَة معه فيما يَتَعَلَّق بالمعاشرة، وهو كان شديد الشَّهوة. بَصِّروني بَصَّرَكم الله.. وشكرًا. الجواب الحمدُ لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وبعد.. مرحبًا بك أختي الكريمة، وأهلًا وسهلًا بك في موقع الألوكة، نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يُفَرِّجَ هَمَّك ويُنَفِّس كربك، ويجعل لكِ مِن أمركِ يُسْرا. العَلاَقة بين الزَّوجين مَوَدَّة ورحمة، يأنس فيها كلُّ واحد منهما بالآخر، ويسكن إليه، كما قال تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189]. لذا أمَرَ الله - عَزَّ وجَلَّ - الذَّكَر والأنثى عند اختيار الزوج أن يَختار كلُّ واحد منهما صاحبَ الدِّين؛ لأنَّ ذلكَ أدعى لحصول المقصود منَ الزَّوَاج والمرجوّ منه، وأحاطَ الله - سبحانه وتعالى - الحياةَ الزَّوجيَّةَ بِمجموعة مِن سياجات الأمان التي تَحفظ هذه الحياة مِن أنْ تُزَلْزلَها رياح الخلافات أو عواصف الأهواء والرَّغبات الشَّخصيَّة؛ فبَيَّنَ لكلٍّ منَ الزَّوجَيْنِ ما له من حقوق وما عليه من واجبات، وأرشَدَ إلى الخُطُوات الواجب اتِّباعُها إذا آل الأمر إلى الخلاف والشِّقاق، فقال سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]. وقال: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 34، 35]. ولمعرفة الحقوق المتبادَلة بيْن الزَّوجَيْن راجعي استشارة "زوجتي لا تهتم بي لانشغالها بأهلها". وكلُّ ذلك يُبَيِّن لنا بجلاء ووضوح حرص الشريعة على بناء الأسرة بناءً متينًا مِن أول تأسيسها وحتى نِهايتها كيف شاء الله، ولا يتخلَّف ما وعد الله به منَ السكن والمَوَدَّة والرحمة إلاَّ إذا قَصَّر المكلَّفون في الأخذ بأسبابها المُؤَدية إليها. ومن خلال ما طَرَحتِ في استشارتكِ تَبَيَّنَ لنا الآتي: أوَّلاً: أنَّكِ قد قَصَّرت في حقّ زوجِك فيما يَجب عليْكِ نَحوه، من حُسن العشرة والطاعة له في الفراش ونحوه، ولا شَكَّ في أنَّ هذا الأمر منَ المُحَرَّمَات التي تُوجِب سخط الله، وتُؤَدِّي بالزَّوج في الغالب إلى النفرة والبُعد؛ بل وتُؤَدِّي أحيانًا إلى ما ذكرتِ مِن فِعْلِه إن قلَّت خشيته لله تعالى، أو كان ضعيف النَّفس شديد الميل للنساء؛ ولذا قال النبيُّ - صَلَّى الله عليه وسَلَّم -: ((إذا دعا الرَّجل امرأته إلى فراشه فَأَبَت فبات غضبان عليها لعنتْها الملائكة حتى تصبح))؛ متفق عليه. وما ذلك إلاَّ لأنَّ الزَّوج إذا طَلَب زوجته للفراش فقد طلب منها أن تعفَّه عن الحرام، وتعاونه على كبح جماح شهوته وإطفاء جذوتها. ولذا كان له على إفراغِها مع زوجته أجر - إن حسنت نيته - إذ قال - صَلَّى الله عليه وسَلَّم -: ((وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: ((أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فيهَا وِزْرٌ، فكَذَلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ))؛ رواه مسلم. وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسَلَّم - رَأَى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ - أي تدلك - مَنِيئَةً لَهَا (الجلد أول ما يوضع فى الدباغ)، فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فقال: ((إِنَّ المَرْأَةَ تُقْبِلُ في صُورَةِ شَيْطَانٍ وتُدْبِرُ في صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ ما في نَفْسِهِ)). والحمدُ لله أنَّكِ قد علِمتِ بمدى تقصيركِ في هذه الجهة مع علمكِ بشِدّة حاجته إليه، وهذا ما يُنبئُ بأنَّ ذلكَ قد يكون سببًا رئيسًا للمشكلة التي أَلَمَّتْ به والأخطاء التي وقع فيها، وإن كُنَّا لا نعذُرُه بِهذا، إلاَّ أنَّنا نُنَبّهكِ على خَطئكِ الذي يجب عليكِ التَّوبة إلى الله منه، وذلك بالإقلاع عنه والنَّدَم على ما فاتَ منه، والعزم على عدم العودة إليه أبدًا. كما نُنَبِّه الزَّوجَ على وجوب التّوبة منَ الانحراف الذي وقَعَ فيه معَ الخادمات ومع بناته من باب أولى. ثانيًا: تقصيركِ - أيَّتها الأخت - في هذا الجانب ليسَ هو السبب الوحيد فيما نظن، إذ لا مانع مِن أن يكونَ الزَّوج بحاجة إلى شيء منَ العلاج النفسي الذي لا يشترط أن يباشرَه فيه الطبيب وحده؛ بل قد يكون العلاج عن طريقك ومن جهتكِ أيضًا، وهو يسير - إنْ كَتَبَ الله بينكما العِشْرة مَرَّةً أخرى. وذلكَ بأن تَتَفَكَّري فيما يحتاج إليه وما يملأ عليه حياته، ويسد فراغه، وتباشري إصلاح ما فَسَد واستدراك ما مضى، وأنتِ أدرى بما يصلح زوجك منَّا، فأهل مكة أدرى بشعابها. ثالثًا: لَعَلَّك قد بدا لكِ من خلال ما ذكرنا أنَّنا نرجّح لكِ العودة إلى زوجكِ إذا غلب على ظَنّكِ أنه سينتهي عَمَّا وقعَ فيه من أخطاء ومعاصٍ، ويُؤَيِّد ترجيحنا للعودة إليه: - أنَّه في الأصل مُلتزم بالشَّرع في الظَّاهر، ولا شكَّ أنَّ مثلَ هذا سيكون أقرب إلى الهداية منه إلى الضَّلال. - أنَّك أدركتِ بعض ما قد يكون سببًا فيما حصل له وستقومين بعلاجه. - أنَّ بينك وبينه صلة لا يسهل قطعها وهم الأبناء الأربعة الذين لا بُدَّ منَ التَّفكير فيهم، وأخذ الإجراءات التي تضمن لهم تربية واعدة بمستقبل مشرق منير. رابعًا: تذكري دائمًا أنَّ الفَرَج مع الصبر، وأنَّ مع العسر يسرًا، وأنَّ أولى الناس منكِ بذلكَ هو الزوج، ولن يُضيعَ الله أجركِ، أو يُخيّب سعيكِ؛ بل حقكِ عند الله محفوظ، وسعيكِ لديه مذخور، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120]. وقال: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]. فاحتَسبي عند الله تنفيذَ ما نصحناكِ به ودعوْناك إليه، واستعيني في اتِّخاذ هذا القرار بمَن هو قريب منكما؛ لأنه أعلم منَّا ببعض بواطن ما بينكما، وإنما أشرنا عليكِ بما أشَرنا بناءً على ظاهر الأمر. وينبغي عند العودة أن تَحتاطي لابنتك التي تحرش بها وكذا لأخواتها، وذلك بإلزامهن بالتستّر أمامه، والحرص على عدم خلوته بهن حتى يستقر في نفسك أنه قد عدل عن هذا السلوك الخاطئ، وأقلع عن هذه المعصية التي تأباها الفطر السليمة. وكذا الاحتياط منه في جانب الخادمات أيضًا، فأنت مؤتمنةٌ عليهنَّ، واعددي الواحدةَ منهنَّ كبنتٍ من بناتك، أو أختٍ من أخواتك تُحافظين عليها وتذبّين عنها، والله تعالى سيحفَظُك ويَحفَظُ لك بناتك ما دامتْ نِيَّتُك في هذا الأمر خالصة، قال تعالى: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا} [الأنفال: 70]. وليكنِ احتياطُك فيما ذكرنا دون أن يُحِسَّ منك بذلك لئلاَّ يتأذَّى أو يضجر، فخيرُ أمرٍ بِمعروفٍ ونَهْيٍ عن مُنْكَرٍ ما كان في سكون. وإن استطعت أن تَستغني عن الخادمة ابتغاء وجه الله تعالى وصيانةً لزوْجِك من الوقوع في هذا المنكر؛ لكان خيرًا لك وأعظمَ ثوابًا عند الله، وسيُعينُك الله على أمر بيتك وعيالك. دعواتُنا لكما بالتَّوفيق والسَّداد والرَّشاد، إنَّه خيرُ مسؤول وأكرم مأمول، سبحانه وتعالى وَجَلَّ وَعَلا، والله أعلم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |