أمنيات كثيرة وأفكار مشتتة

[ابوالوليد المسلم]

أمنيات كثيرة وأفكار مشتتة


أ. زينب مصطفى






السؤال



♦ ملخص السؤال:

فتاة في الثانوية لها أمنيات كثيرة تريد تحقيقها، لكن ضياع الوقت وغيرتها من زميلاتها يجعلها مشتتة ويضيع آمالها، وتسأل عن كيفية تطوير نفسها؟



♦ تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبةٌ متفوقةٌ في دراستي، ولا أعرف المستحيل، الكلُّ مِن حولي يغار مني؛ حتى إن بعض زميلاتي تَغَيَّرْنَ عندما حصلتُ على مجموعٍ أعلى منهنَّ!




كنتُ لا أتقيد بأحدٍ، لكن إحدى زميلاتي دخلتْ تخصصاً مميزاً، وبدأتْ أمي تقارن بيني وبينها، فأخذتني الغيرة، وبدأتُ أُقَلِّدها في تصرفاتها، وكلامها، ومواقفها، حتى سيطرتْ عليَّ، ووصل بي الحال إلى أني أقول لنفسي: لو كانتْ مكاني ماذا كانتْ ستفعل؟ وأتخيل فعلها وأنفذه!




أنا لا أريد أن أكون مقيدة بها إلى هذا الحد، أريد أن أكون نفسي، لا أريد أن أتأثر بها؛ لأن لي شخصيتي وتفكيري.




بدأتُ أُغَيِّر مِن نفسي، فقمتُ بعَمَل جدولٍ لحياتي ومذاكرتي، لكن أعود وألغيه وأقول في نفسي: أنا أقوى مِن ذلك.




أُعاتب نفسي كثيرًا على ما أفعله، خاصة ضياع أوقاتي بسبب الفيس بوك، أو ترك الصلاة أو المذاكرة...!




أريد أن أحصل على مجموع عالٍ في الثانوية وأدخل كلية الإعلام، وأكون قوية الشخصية بالمعنى الحقيقي، أريد أن أكون متفوقة وواثقة من نفسي، والحمد لله لا أكلِّم الشباب مثل صديقاتي عبر الفيس بوك أو في الواقع؛ لأن الحياة ليستْ كلها هكذا، بل هناك ما هو أهم!




اشتركتُ في جمعيات خيرية لتقديم المساعدات، لكن أهلي وخاصة أمي رفضوا اشتراكي فيها لأنها تضيع الوقت، وأنا أحوج إليه للمذاكرة.




ينتابني في الفترة الأخيرة كسل شديد، ورغبة في النوم وعدم الاستيقاظ.



أرجو أن تساعدوني لأكون أفضل تنظيمًا



وشكرًا لكم على تعاوُنكم معي


الجواب



ابنتي وأختي الحبيبة، أنا فخورٌ جدًّا بك وبِنُمُوِّ عقلك ورغبتك في التغيير للأفضل، وفي التفوق، ومحاولتك لتعلم الصواب؛ ولذلك فأنا أثق بأنك ستستفيدين مما أكتبه لك مِن نصائحَ؛ لأنَّ هناك بعضَ الأخطاء هي التي تشعرك بهذا الصراع الداخلي، فإن عالجتِها فستفتخرين بنفسك كثيرًا:

• لا بد أن تُحَدِّدي هدفك بوضوحٍ، وتكتبيه على ورقةٍ أمامك دائمًا؛ مثلاً: رغبتك في التفوق يجب أن تكونَ عامةً ليستْ مرتبطة بالأول الثانوي أو الثالث الثانوي؛ هذا لأنك تُحبين التفوُّق، ولديك إمكانياتٌ متميزة فيه، فإن قرَّرْتِ واستعنتِ بالله فسترين النتيجة التي ستُسعدك.



• لا بد أن تثقي أن توفيقك ومعونتك بيد الله سبحانه وتعالى، وليس بقدرتك الشخصية فقط؛ لأنه هو الذي يمنحك القدرة على الإنجاز، فاطلبي منه العونَ، واشكريه دائمًا على أنْ مَنَحَكِ هذا العقل الرائع الذي يستطيع الفهم؛ فقد قال تعالى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7].



• تذكَّري دائمًا أن الإنسان كلما كان محبًّا للخير لِمَنْ حوله أحبه الناس، ووفقه الله أكثر، فلا تنتظري أن تكوني المتفوقة وحدك، بل تمنَّيْ للجميع الخير، وأشعري نفسك بأنك تتمنين أن يتفوَّق كل مَن هم حولك مثلك تمامًا، وتذكَّري دائمًا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يُؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يُحب لنفسه))، فابحثي بين زميلات فصلك عمن تحتاج أن تشرحي لها أو توضحي لها شيئًا لا تفهمه، ولْتَسْعَيْ بينهنَّ بالمساعدة، فهذا يكبر لك قلبك، ويجعلك تحبين الجميع، ويجعل الجميع يحبك، وسيوفقك الله؛ فاللهُ في عون العبدِ ما دام العبدُ في عون أخيه.



• لا بد أن تُمارسي يوميًّا - ولو لساعةٍ واحدة - نوعًا من التفكير والتأمل، فهو يُنَمِّيك كثيرًا، ففكِّري في خالق الكون، وكم هو يُعطينا بلا مقابل! واحمديه على كل النِّعَم، وفكِّري في أهدافك ورغباتك، فكِّري أنه بإمكانك أن تحققي كل شيء ترغبين فيه بعون الله تعالى.



• لتعلمي أن الإنسان ينظُر له الآخرون كمِثْل نظرته هو لنفسه، فإنْ حمدتِ الله تعالى كل يوم على النعم التي تملؤك مِن جمالٍ وعقلٍ وعائلة ونحوه، فلن يؤثرَ فيك الكلام السلبي، ولن يهمك مقارنتك بغيرك لأنك تعلمين جيدًا نِعَم الله الكثيرة التي مَنَحَك إياها، ووقتها ستذكرين بها مَن حولك، وسيتعلَّمون أن الحياة ليسن بمن هو أعلى مستوًى من غيره، وإنما بمن يشعر بِنِعَم الله عليه ويَحْمدُه عليها فتزيد وتتضاعف.



• ثقي دائمًا بأنَّ كل إنسان ينال مِن الدنيا على قدْرِ ثقته بالله، وعلى قدْر اجتهاده؛ فقد قال تعالى في الحديث القدسي: ((أنا عند حُسن ظن عبدي بي))، وكل إنسان مميز بشيءٍ عن الآخر، فلا مجال أبدًا للمقارنة بين الأشخاص.



• حافظي على صلواتك ودعائك وتعلُّقك بالله وقراءة القرآن، فهي سِرُّ كل نجاح، واشْكُريهم على خوفهم عليك، وحبهم لك، فهم إن كانوا يثقون بك فلا يثقون في غيرك، واعلمي أن هذه المساعدات الخيرية من الممكن تأجيلها لاحقًا، وفي إمكانك أن تُساعدي أخواتك وصديقاتك كما ذكرتُ لك، فسُبُل الخير ليستْ محصورة، فابحثي عما تستطيعين فعله.




• ثقي أن معظم ما يُضايقك سيذهب بعون الله، وأن عدم رغبتك في الاستيقاظ هو لعدم كتابتك لهدفك، ورغبتك في التنافُس تتعبك، فاقرئي تلك النصائح، ونفِّذيها جيدًا، حينها ستشعرين بأنك تقومين بكل نشاط وحيوية، وأن آخر شيء تُفكرين فيه هو تصفح الفيس بوك؛ لأنه لا وقت له في حياتك وستستخدمينه ربما فقط كمكافأة حين تنتهين من كل أعمالك اليومية المهمة.



وفقك الله وسدَّدك، ونشكر لك ثقتك بنا



وننتظر منك أن تخبرينا بالجديد بعد اتباعك لتلك النقاط المهمة