
22-05-2021, 01:59 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,720
الدولة :
|
|
وراء كل عظيم امرأة
وراء كل عظيم امرأة
عادل عبدالله أحمد محمد الفقيه
مقولة واضحةٌ وضوحَ البدر في كبد السماء، ساطعةٌ سطوع الشمس وقت الضحى، وعبارة متداولة عبر الدهور والعصور، تُقرأُ مرارًا وتَكْرارًا، فكلٌّ يفهمها حسب وعيه وتفكيره.
ألفاظُها تحوم حول معنيَيْنِ واضحين؛ فهي سيفٌ ذو حدَّيْنِ.
يتصور البعض أنها: حمامة خارجة عن سِربها؛ فيحوم عليها الصقرُ حول الحمى، أو غزالةٌ شاردة عن قطيعها، فسرعانَ ما ينقضُّ عليها ذئب أو أسد!
فلخروجها عن طورِها تجعل من كل رجل طويل النِّجاد، رفيعِ العماد، كثيرِ الرماد، صاحبِ المكانة العالية، والرتبة المرموقة - رجلًا منحني الجبين، مكسورَ الظهر، ملوي الذراع، تحطُّ من شرفه ومكانته، تجعل من اسمه عارًا، ومن عزِّه ذلًّا.
وتجعله صغيرًا بين قومه، حقيرًا بين عشيرته، دنيئًا بين أصحابه وإخوانه!
إذا مرَّ بين الناس حسبهم يتناجَون عنه، وإذا جلس معهم ظنَّهم يخوضون في سيرته وعِرضه، فتراه يفرُّ من الناس فرارَ المذعور من الأسد!
ما إن يصافح صديقًا أو يصاحب عزيزًا إلا ويُرى له وجهٌ مسودٌّ، وقلبٌ مكظوم، ذليل الخُطى، يتوارى من الناس لسوء ما رُمي به.
يخاطب نفسه: ماذا أصنع؟ وبماذا أقوم؟ متمنِّيًا ضلال الجاهليةِ وحكمها؛ حتى يذرها قاعًا صفصفًا لا يجد منها أثرًا ولا خزيًا.
يحلم أن يرميَها بين الجنادل والتراب، فهناك مكانها ومستقرُّها، فلقد أَنْسَتْه حميَّته وغيرته ﴿ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 9]!
أصبح يكره كلَّ فتاة تلوح أمامه، ولو كانت أمَّه أو ابنته.
ينظر إليهنَّ وكأنهن وصمةُ عار في جبين التاريخ؛ فاسمُها عيب، وحديثها عارٌ، وتعليمها جريمة، وخروجُها مذلَّة!
(وهذا هو الحد الأول).
أما الحد الثاني، فيراها الزوجة الصالحة، والأخت الناصحة؛ فهي سحاب ممطرة تُنبِتُ الكَلَأَ؛ فتصبح الأرض المقفرةُ جنةً خضراء، منها تفيضُ الأنهار، وتُثمر الأشجار.
بل هي شمس ساطعة تحصل الأشجار على خضرتها، ويقوى عودُها، وتفتَّح أزهارها.
هي نسمةُ هواء فواحة، والعصفورة غداة رواحة، هي المسكن المريح، والمركب الهَنِي، هي الراحة عند التعب، والمستقر عند النصَب.
يَخالُها البعض: الأمان عند الخوف، والماء عند الظمأ؛ فهي مَن ذكرها ربُّها ولم يفرِّق بينها وبين الرجل في الدِّين ﴿ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ﴾ [آل عمران: 195].
ويظنها البعض: المجاهِدة الشجاعة، والمحامية المحنَّكة، والمعلِّمة المثابرة، هي أم المجاهد، وأخت البطل، وبنت المناضل ...
ذِكرُها شرف، واسمها فخر، فالعيبُ ليس في أنوثتها؛ فلقد شرَّفته في عملها، وحنَّكته بعفَّتها، وزيَّنته بتُقاها.
فلا التأنيثُ لاسمِ الشمس عيبٌ ♦♦♦ ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ
بها ترتفع الهامات وتعلو، ويزدادُ الشرف ويسمو، ويذهب الظلام ويجلو.
أنجبَتِ الرجال الأشاوس، والبطلَ المنافس، بل الأطباء، والمهندسين، والمعلمين، والصنَّاع، والتجَّار.
يكفيها شرفًا أنها لم ترتدَّ يومًا عن الإسلام عبر العصور والدهور، ثابتة صابرة متمسكة بدينها؛ فلا يزعزعها سيفٌ، ولا يسقطها زيف؛ (لهذا يستحق كلُّ عظيم أن يكون وراءه امرأة).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|