علاقة المرأة بالرجل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 511 - عددالزوار : 22627 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 78 - عددالزوار : 72951 )           »          حكم الإيثار بالقربات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          إفراد شهر رجب بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حب المال وجمعه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الزكاة والمجتمع المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          حسر الإنسان عن رأسه ليصيبه المطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          قضاء أيام رمضان في الشتاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          مسألة في النذر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الغسل يجزئ عن الوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21-05-2021, 02:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,584
الدولة : Egypt
افتراضي علاقة المرأة بالرجل

علاقة المرأة بالرجل


د. شيرين لبيب خورشيد









الحمدُ للهِ ربِّ العالمين حمدًا يوافي نعمَهُ ويكافئُ مزيدَه وكفى بها نعمةً أن جعلنا من أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أفضل قدوة وأسوة للأزواج أجمعين وعلى آله وصحبه أجمعين.



الحمدُ لله الذي قدّر فهدى، وخلق من كل شيءٍ زوجين، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [1]، ومن هذينِ الزوجينِ خلق الذكرَ والأنثى. قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ[2]، فقولُه تعالى: ﴿ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [يس: 36]، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[3].



خلق الله - عزّ وجلّ - الإنسان - بجنسيه - لغاية واحدة أساسية ألا وهي تطبيق منهج الله تعالى في الأرض. وجعل الله تعالى آدم - عليه السلام - خليفة، ينفذ شرع الله - عزَّ وجلّ - وأحكامه، ليبلو (يمتحن) الناس أيهم أحسن عملا.



وذلك لا يكون إلا بعمارة هذا الكوكب التي تستلزم أناساً كُثُر، فلا يكفي الواحد أو الإثنان، لذا كان خلق الأنثى، ليتم بينها وبين الذكر الرباط المقدس الوثيق الذي جعله الله - عزّ وجلّ - وسيلة لإنجاب الذرية التي ستعمر هذه الأرض.



وقد جعل الله - عزّ وجلّ - المرأة آية من آيات الله تعالى في خلقه، ونعمة من نعمه العظمى التي أنعم الله بها على الرجل، كما جعلها من أجمل متاع الحياة الدنيا، مع ذلك نجد المرأة والرجل في يومنا هذا أبعد ما يكونان عن تقدير ومعرفة نعمة الله عليهما؛ خلق الله عزوجل الذكر والأنثى من نفسٍ واحدة، فقد خلق آدمَ بادِئ ذي بَدْءٍ من أديمِ الأرض ثم خلق من هذه النفس زوجَه حواء. قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [4]، خلق آدمَ في أحسنِ تقويمٍ ليستخلفَه في الأرض وليعمرَ هذه الأرضَ. وإن ما يميز هذا المخلوق عن باقي المخلوقات أنه أعطاه بعض الصفات التي يستطيع بها أن يعمر الأرض ويكون فيها خليفة يحفظ النعم ويعترف بفضل الله، ومن هذه الصفات: العلم والقدرة والإرادة، كما ميّزه عن غيره بالحرية والمسؤولية وجعل له خطاب الحساب والتكليف في دار الإبتلاء[5].قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ[6]



ذلك أنّ الله - عزّ وجلّ - قد خلق آدم - عليه السلام - ليكون خليفة في الأرض على وجه الإبتلاء؛ فيحيا مستَخْلَفاً فيها: يتقلّب بين قدرة الله وحكمته، وفضله ورحمته، وعدله وقوته. فالغاية من خلق الإنسان تتمثل في عبادته لله من خلال أفعاله في الأرض والتزامه بمراد الله الشرعي، أي فيما استأمنه الله فيه واسترعاه، وخوّله وابتلاه. [7] بعدما خلق الله آدم، ونفخ فيه من روحه، أمر الملائكة أن يسجدوا له. فنفذوا الأمر، وسجدوا. قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ[8].



وكان سجود الملائكة لآدم سجود تكريم وتحية لتشريفه عليهم بالعلم الذي علّمه الله إياه، فهو ليس سجود عبادة لآدم، ولكنه سجود طاعة لله المعبود وحده. ولقد سجد الملائكة كلّهم أجمعون لآدم، أما إبليسُ فقد رفض السجود، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ[9].



وعندما قال الله لإبليس: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ[10] أجاب إبليس قائلاً: ﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ[11]، قال تعالى: ﴿ قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [ص: 75، 76] [12].



وجواب إبليس (أنا خير منه) يدلّ على التكبّر والاستعلاء والغرور، والأنانيّة والافتخار، والاعتداد بالنفس، وكلّها صفات مهلكة، من خلالها يتمكّن إبليس من إغواء وإضلال ذريّة آدم، وعندما يرى إبليس الإنسان المؤمن يعبد الله ويسجد له، يندم على رفضه السجود لآدم، ندم عجز وحسرة لأن رفضه سبّب له طرد الله له من الجنة، وغضبه عليه ووعد له بعذاب النار. وأصرّ إبليس على عصيانه وكفره وتمرّده، وتعهّد لله أن يقوم بإغواء بني آدم وذريته (لأنهم السبب في إخراجه من الجنّة) ووعد أن يبذل أقصى جهده في سبيل إبعاد ذريّة آدم عن صراط الله المستقيم، وأخذهم إلى طريق الكفر والعصيان. قال تعالى: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17] [13]، وقال أيضاً: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ[14].



هذا هو سرّ عداوة إبليس لآدم وذرّيتّه، وهذا هو العهد الذي قطعه إبليس على نفسه أمام ربه الله تعالى: ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا * قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا[15]، يقول إبليس لربه: أرأيت آدم، هذا الذي كرّمته وفضّلته عليّ، ولعنتني بسببه، سلِّطني على ذريّتّه، ومكّني منهم حتى أريك ماذا سأفعل بهم: لأغوينّهم، وأضلّنهم، وأحتنكنّهم، وأسيطرّن عليهم. ومعنى لأحتنكنّ ذرّيته: لأسيطرّن عليهم، والكلمة مأخوذة من " الحنك" وحنك الدابة هو الذي يوضع فيه لجامها ومقودها لتقاد به.فكأن إبليس يعتبر جنوده وأتباعه من ذرّية آدم، من البهائم والدواب، يضع في حَنَكِ كلٍّ منهم خطاماً وَرسَنا، يقوده به، وذاك المسكين يسير خلفه مستسلماً منقاداً ذليلاً، كما تسير الدابة خلف صاحبها.

وقد سلّط الله إبليس على ذرّية آدم، ومكّنه منهم وجعل له مجالاً لإغوائهم والوسوسة لهم، وذلك ابتلاءً وامتحاناً لهم.



قال تعالى: ﴿ وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [16]ولكن الشيطان أزلّهما وذاقا الشجرة المحرَّمة قال تعالى: ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ[17]، فالاثنانِ في درجةٍ واحدة من التكليف والمسؤولية، وبما أن إبليس توعَّد آدمِ وحواء، وسوس لهما ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا [18].



فكانت هذه بدايةَ تدريبِ آدَم عليه السلام لتحمُّلِ مَهَمَّةِ الخلافةِ في الأرض، فكان الهبوطُ مِنَ الجنةِ، وعداوةُ الشيطانِ المستمرة، ومحاولاتُه اغواءَ نسلِهما. قال تعالى: ﴿ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ[19]، وكان العري من أول عقاب إلهي للبشر.



هذه بدايةُ الغريزةِ وبدايةُ علاقة الرجلِ بالمرأة. الغريزة خُلِقَت بخَلْق حواء، فجعل الله حواءَ آيةً من آياته، ومن أجملِ مُتَعِ الحياةِ الدنيا، ونعمةً عظيمةً أنعم الله بهاعلى الرجل بَدءًا من آدمَ عليه السلام، ثمَّ للذكور من ذريته، ولكي يتِمَّ هذا؛ خلق الله عز وجل في الإنسان مجموعةً من الغرائز والدوافعِ النفسية مزوَّدا بما خَلَقَ فيه من صفاتٍ وخصائصَ، تهيء له بسلطانِها ما يضمَنُ بقاءه. ثمّ منحه العقلَ ليميزَ به الخبيثَ من الطَّيِّب، وكان من تمامِ نعمةِ الله أن سلَّحه بالإرادةِ لتضبِط له هذه الغرائزَ المندفعةَ إلى الإشباعِ، والتي يعجزُ العقل منفرداً عن كبحِ جماحِها. فكان من هذه الغرائزِ البحثُ عن الطعامِ لإشباع بطنه، ليبقى حياً، والغريزةُ الجنسيةُ التي بالاستجابة لها يبقى هذا التناسل. فبين هذه الغريزةِ والعقلِ معركةٌ دائمة. تباشر الإرادةُ سلطتَها فتنجحُ أو تفشَل، لأنها غريزةٌ قويةٌ ذاتُ حدَّينِ. حيث إنها تفتش عن متنفس تؤدي فيه دورَها وتُشبِعُ نهمَا. من هنا لا بدّ لنا من التعرُّف عليها، وكيف يمكن للإنسان ردعُها وإيصالُها إلى طريقِ الصواب.



فكان لا بد من هذه البداية للتعرُّفِ على عنوان بحثنا، والذي هو الشُّغْلُ الشاغلُ لجميع الناس، أهالي ومربين وعلماءِ نفس إلخ... وكيفيةِ توفيرِ الجوِّ الصِحيِّ المناسِبْ لتهذيبِ العلاقة بينهما طبقا لنواميسِ الوجودِ وقوانينه الفِطرية بِما لا يتنافى مع الشرع والأعراف.



علاقةُ الفتاةِ بالشابّ في ضوءِ الشرعِ والواقِع:

وقبل عرض البحث نتعرف على معاني هذا العنوان لِنَصِلَ إلى النتيجة المرجوَّة منها بإذن الله، وبتوفيق من الله عز وجل لما يحبُّه ويرضاه.



يتضمنُ بحثنا النقاطَ التالية:

1- التمهيد: تحدْثنا فيه عن أصلِ خلْقِ الإنسانِ وما منحهُ الله عز وجل إياه من صفاتٍ وخصائص ومقومات لاستمرار هذه الذرية.

2- مفهومَ عنوان البحث.

3- فطرةَ كلٍ منهما.

4- هل يتركان لتنفيذ رغباتهما بدون مراقبة؟

5- مَنْ هو الرقيب: الأهلُ - المدرسةُ - المجتمعُ - الإعلامُ... ودور كل واحد منهم.

6- أثر الإعلام علينا واستجابتِنا للغزو الإعلامي الخارجي ولا سيما بعد انتشار الانترنت.

7- هل يترك الإنسانُ عبداً لأهوائه؟

8- واقعُنا اليوم.

9- إثباتَ هذا الواقع بالإحضائيات.

10- الضوابطَ الشرعية.



تعريف العنوان:

إنّ كلمة علاقة تعني لغة: الصداقة؛ الخصومة؛ المنيّة؛ ما يتبلّغُ به من العيش، ما تعلّق بالإنسان من مالٍ وزوجٍ وولد؛ الصلة والارتباط؛ الحب. وجمعها:علائق.



الفتاة: مؤنث الفتى = الأمة، وهي تُطلق على الفتية من النساء، وقد تعني النّعمة من الله على عبادِه[20].

الشباب: من حيث المعنى اللغوي، فإن الشباب تعني الفتاءَ والحداثة. وكلمةُ شابٍّ تعني في أصلها اللغوي النماءَ والقوة. ولتحديدِ مرحلة الشباب فهي تتبينُ في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ[21].



وفي حديث عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رُفع القلمُ عن ثلاثة: عن النائمِ حتى يستيقظ، وعن الصبيِّ حتى يشُبَّ، وعن المعتوهِ حتى يعقِل"[22].



فمرحلة الشباب إذن تبدأ بالبلوغ. وهو ما يسمى عندنا بالمراهقة، أما كلمة شَرَعَ: فمعناها أوضحَ وبيّنَ وسنَّ، والشريعة، ما سنّ اللهُ من الدين وأمر به... وسائرِ أعمالٍ البِرّ.



أما الشريعة في اصطلاح العلماء فهي كل ما شرعه الله تعالى لعباده من أحكام العبادات والمعاملات والأخلاق.

وأما الواقع فمعناها الحال، الحقيقة التي نعيشها اليوم.

إذاً فمفهوم عنوان محاضرتنا هو: حقيقة الحال في علاقة الفتاة بالشاب وكيفية ربطها بالشرع.

وبمعنى آخر كيف يمكن أن نعود بالعلاقة بين الشابِّ والفتاةِ لتظلَّ ملائمةُ لواقع الشرع.



ولكي نحددَ العلاقةَ بين الشابِّ والفتاةِ بطريقةٍ سليمةٍ علينا أن نعرِفُ فطرةَ كلٍّ منهما:

فطرةَ الفتاةِ:

كلُّ إنسانٍ يولَدُ بمقومات خاصةٍ به من مشاعرَ وأحاسيسَ، ولكنْ لا بدَّ أن ترتبطَ هذه المقوماتُ التي قد تكون فطرية أو مكتسبة بمقومات سائر أفراد المجتمع ليتمَّ التناسُقُ والتفاهُم. والفتياتُ - بشكل عام - يَتَمّيزْنَ بقوةِ العاطفةِ التي تتغلبُ على العقل، وتؤدي إلى التسرُّعِ باتخاذِ المواقفِ المتضادّة، وسرعة التأثُّرِ العاطفيّ سواءً بالحب أو الكراهية. فهي تتقلَّبُ مِزاجياً بسرعةٍ خارقةٍ لأنّها تحبُّ التنويع ولديها رغبةٌ دائمةٌ للتجديدِ في رؤيةِ أشياءٍ جديدةٍ مختلفةٍ وسماعِها وتجربتِها، وهذا ليس عيباً يمكن تقويمه أو التخلصُ منه، وهكذا طبيعة المرأة فهي عاطفية، عطوفة على أولادها، ليّنة مطواع لزوجها، تعطف على كل من يسألها العطف، وهي أقوى عاطفة من الرجل.



إن جميع هذه الصفات وغيرها من الصفات الحسنة هي جزء لا يتجزأ من طبيعة المرأة وفطرتها وهي الأصل المرأة، لجميع أفراد الأسرة.لأنه من أساسِ خلقتها. فهي خلقت كما قلنا من ضلع وهناك يخبر عن خَلق المرأة من الضلع، وليس في ذلك آي تعيير أو ذم أو قدح في كون هذه الأنواع من الخَلق خُلقت من هذه المواد... وكثير من الناس بما فيهم النساء يفهمون خلق المرأة من الضلع على غير المراد، ويقصدون من ذكره تعيير المرأة وذمها ويصفونها بأنها ضلع أعوج ويذكرون في ذلك بعض الكلمات الشنيعة الضالة.. مع أن خَلقها من ضلع أعوج هو من بديع صنع الله، لأنها ستتعاملُ معَ الروحِ، مع الإنسان. وكلمةُ "أعوج" تعني الميل والحنّوَ والعطف والحدب. ومن وظائف هذا الضلع حماية الأعضاء وحفظُها والتضحيةُ لأجلها بتلقي الصّدمات والضَّرَباتِ بالنيابةِ عنها، وهذه صفاتٌ حسنة - كما نرى في حق المرأة -، فالمجتمعُ بحاجةٍ ماسّة لمن يستطيعُ الحبَّ والتضحيةَ بشكلٍ دائمٍ متفانٍ.



ولكنَّ بعضَ النساءِ قد يعتقدْنَ أنّ هذه العاطفةَ نقصٌ يقلِّلُ من شأنهنّ فيحاوِلْنَ مقاومتَها أو القضاءَ عليها بإظهارِ القوةِ بما لها من مميزّات خاصةٍ تجعلُها مِحورَ اهتمامِ الرجل. و﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [23].



ولو لم تُخلق المرأة من الضلع لما تحقّق المراد من خلقها، فالضلع الأعوج له وظائف ومزايا وصفات وفوائد متعدّدة لا تتحقّق فيما لو كان مستقيماً، أرأيت أضلاع قفصك الصدري كيف تكون معوجة لتصون وتحمي أجهزتك الداخلية: القلب، الرئتان، الكبد، وأعضاء الجهاز الهضميه وغيرها؟... وهل لو كانت هذه الأضلاع مستقيمة تستطيع القيام بهذه الوظائف المهمة للحفاظ على الحياة؟



وقس على ذلك خلق المرأة من الضلع ليكون لها الميزات والصفات نفسها للقيام بوظائف الرعاية والعناية، والعطف والحنان ليس للأبناء فحسب، بل وللزوج أيضاً ولكل من تتعامل معهم... أرأيت ماذا تفعل بيدك عندما تحمل طفلاً صغيراً وتضمه إلى صدرك؟ إنك تُعوجها عليه كالضلع لتحفظه وتحميه من السقوط، ولو مددت يدك مستقيمة لوقع الطفل على الأرض وأصيب وربما يموت... وزد على ذلك أن اعوجاج يدك وانعطافها عليه يحمل معاني العطف والحنان، والرأفة والشفقة...



فمن وظائف الضلع الأعوج: حماية الأعضاء، وحفظها، والتضحية لأجلها بتلقي الصدمات والضربات بالنيابة عنها، وهكذا هي المرأة مع الأعضاء المسؤولة عنهم.

أما صفة العوج التي في الضلع فلها في اللغة معانٍ متعددة اتصفت المرأة أيضاً بها.



فمن معاني العوج: الحِنْوُ، ومحنية، والانحناء، وحَنى يده حِناية أي لواها وأظهر عطفه، وحناه حنواً، وحنّاه أي عطف فانحنى، وتَحَنّى انعطف، حَنِيّ وحنايا وحَنَت على أولادها حُنُوّاً أي عطفت كأحْنَت، ومنه الحنان.



فطرةُ الشاب: أما الشابُّ فقد خلقه الله من ترابِ الأرض، لأنه سيتعامَلُ معها وسيكلَّفُ بالقيام بالأعمالِ الشاقّةِ وتلك التي تتطلَّب مجهودًا جسمانياً. لهذا فقد وهبه الله القدرةَ العقليةَ أكثرَ من القدرةِ العاطفيةِ حتى يتمكَّن من انجاز المتطلّباتِ بشكلٍ أفضل، ولهذا فهو بحاجةٍ دائمةٍ لمن يرعاه عاطفيا ويبذلُ له الحبَّ والحنان، ولكنه بفطرتِه عفيفٌ لا ينظرُ إلى ما ليس له إلا إذا تعرض لفتنٍ نسائيةٍ قويةٍ تجعلهُ يصبو إليهنّ كما حدَث مع النبيِّ يوسفَ عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ[24] وهذه هي الفطرة السليمة، فإذا وُجِدَ في بيئةٍ عفيفةٍ نشأَ عفيفاً، وإلاّ سلك مسلَكَ الشيطانِ والغواية.



بعد التعرُّفِ إلى فطرةِ الفتاةِ العاطفيةِ المنجرفةِ ضمن حدود معينة وفطرةِ الشابِ المتماسكِ وعدم تفكيرِه عاطفيا بدون محرّضٍ، فهل نرى من الطبيعيّ أن يتركا بدون رقيب؟

ولكنْ من يكون هذا الرقيب؟ الأهل - المدرسة - أم المجتمع - أم وسائل الإعلام؟



دور الأهل: نرى ابتعادَ الأهلِ بشكلٍ كليٍّ تقريبا عن الاهتمام بشؤونِ أبنائهِم التربوية وتنشئتهم العاطفية واكتفائهم بالأمور المعيشية فقط من أكْل وشُرب وملبس، وكأن الإنسان ما خُلِق إلا ليأكل ويشرب كالأنعام، ولا يساعدونهم في التخلُّصِ منها. فمشاعرُ الأولادِ تجاهَ أهلِهم هي مزيجٌ من مشاعرِ الحبِّ والتقدير، والإحترام، الحيرةِ والغضبِ والخوفِ وحتى بعضِ الكراهيةِ والنفورِ، كلُّها تتضاربُ نتيجةً لأسلوبِ التربيةِ المتَّبَعةِ من قِبَلِ الأهلِ: هل هو أسلوبٌ تربويٌ هادم. أم هو مُنفَتِح، وهل يسودُه الحوار أو الأمرُ والنهي. مع أنَّ الأهل أو الأسرةَ هي الدِّرعُ الحصينةُ لجميعِ أفرادِها.



أما دور المدرسة: فقد كان قديماً يشمَلُ التربيةَ والتعليمَ، ولكنه تقلَّص تدريجياً بعزلِ التربيةِ عن التعليمَ، واستمرَّ في التقلُّص تدريجياً بعزلِ التربيةِ عن التعليمَ، واستمرَّ في التقلُّص حتى صار يُخشى على الأجيالِ القادمةِ أن توصمَ بالأمِّيَّةِ المُقَنَّعَةِ، والجهل بتراث الآباء والأجداد لأنها تكاد تصبح ببَّغاواتٍ لما تُلَقَّنُ من معارفِ الآخرين (أمثلة).



أما دور المجتمع: وهنا الطامة الكبرى، إذ لم يعد لفضيلة الأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر من وجود. فلم يعدُ أحدٌ يهتمُّ لما يفعلُه الآخرون وكأنهم لا علاقةَ له بهم، بعدَ أن كان الإنسانُ يخاف على أبناءِ وطنِهِ ومجتمعِه الكبيرِ والصغيرِ وكأنهم أبناؤه وإخوانه. بل على العكس كثيرًا ما نرى هذا المجتمعَ يهاجِمُ من يحاولُ إرشادَ غيرِه إلى التصرفاتِ السليمة. ويحاوِل تنفيرَ الناسِ منه بتشكيكهم به وذلك لجرفهم في تيَّار الفساد.



أما وسائلُ الإعلامِ: فحدِّث عنها ولا حرج. ولستُ هنا بصدد الحديثِ المُوَسَّعِ عن مفاسِدِ الإعلامِ، فقد وجدنا أنَّ الفطرةَ السليمةَ تنفُرُ من انكشافِ سوآتها الجسديةِ والنفسية، وتحرصُ على سترِها ومواراتها. والذين يحاولون تعريةَ الجسمِ من اللَّباس، وتعريةِ النفْسِ مِنَ التقوى، ومن الحياءِ من الله ومن الناس. يطلقون ألسنتَهم وأقلامَهم والأجهزةَ الإعلاميةَ كلَّها لتأصيلِ هذه المحاولةِ - في شتّى الصُّوَرِ والأساليب الشيطانية الخبيثة. والواضحُ أنّ أمَّتَنا العربية والإسلامية تعاملَتْ معَ وَسائِل الإعلامِ تعاملاً سلبيا حتى بات أعلبها بيد أعداء الإسلام، وأصبحت وسائلُ الإعلام ومضامينُها في عصرِنا الحاضرِ من أخطرِ الأسلحةِ الفتَّاكة.



بعد التعرُّفِ على دورِ كلٍ من الأهلِ والمدرسةِ والمجتمعِ والإعلامِ في وقتنا الحالي. نستنتجُ أنه لا يوجدُ اليوم رقيبٌ مؤهَّلٌ لهؤلاء الفِتْيَةِ، وفوق ذلك كلِّه نجدُ تأثُّرَنا واستجابتنا للغزوِ الإعلاميّ الغربي الخارجي، وابتعادّنا عن عاداتِنا وتقاليدِنا التي ورِثها آباؤنا عن أجدادِهم، واحتقارَنا لها من حيثُ لا ندري واعتقادَنا أنها تافهةٌ ورجعية.



فإن عدنا إلى دور كل واحدٍ نجدُ اهتمامَ الغربِ بإفسادِ الأسرةِ وتغييبها عن الدَّورِ التربويّ الذي أمرها الله تعالى به وإبعادِها عن الفطرةِ السليمةِ والأهدافِ التي من أجلِها خُلِق الإنسان، كما تحدثنا في بداية البحث. فها هو الإعلامُ الخارجيُّ يغزو العقولَ التي فَرَغَت من المحتوى الصحيحِ وصارتْ مستعدةً لقَبولِ كلِّ ما يأتيها من الغربِ في جميع مجالاتِ الحياة وأصبح همُّ الإنسانِ الوحيدُ الترفَ واللهوَ والبحثَ عن أنواعِ التسليةِ وانتقاءَ أسماءٍ جديدةٍ لها. هذا الإعلامُ الذي نتحدثُ عنه هو خارجيّ غريبٌ عن بيئتِنا، وما يتحدث عنه مجتمعه قد لا ينفعُنا، فعاداتُنا وتقاليدُنا وأخلاقُنا ودينُنا، إسلاميًا كان أو غيرَ إسلامي.



جميعُها ترفضُ ما نراه من قتلٍ للمروءةِ والأخلاقِ والْمُثُلِ العليا وإطفاءِ جُذوةِ الإيمانِِ والعقيدةِ من نفوسِ أبنائنا، ونسُوا أن هذه الدنيا لا تعدِلُ عِندَ الله جناحَ بعوضة. وهذا ليس هو الهدف، هدفي من هذا البحث فقط فقط يكفي أن أُذَكِّرَ بقول اللهِ تعالى: ﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى[25]، ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا [26]، ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ[27].

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 148.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 146.58 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.16%)]