التفاؤل زهرة وردية (قصة رمزية) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4939 - عددالزوار : 2029837 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4514 - عددالزوار : 1306110 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1009 - عددالزوار : 123355 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 77594 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 62 - عددالزوار : 49028 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 61501 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42899 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 19-05-2021, 03:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة : Egypt
افتراضي التفاؤل زهرة وردية (قصة رمزية)

التفاؤل زهرة وردية (قصة رمزية)
ربيع شملال بن حسين







في حديقة صغيرة بجانب حانوت بائع الزهور، أطلت زهرتان جميلتان؛ إحداهما صفراء ذهبية، والأخرى وردية تسرُّ النَّاظرين، ونشأتْ بينهما علاقة حميميَّة قلَّ أن يَحظى بها اثنان في عالمنا، وكان مِن غريب شأنهما أنهما كلَّما نمَتَا وازداد جمالُهما بروزًا، ازدادت معه تلك العلاقة التي تربطهما متانةً وتصلُّبًا.

ولم تكونا مُختلفتَين في شيء، إلا في شيء واحد؛ هو كون الزهرة الصفراء تَميل إلى التشاؤم، وعلى عكسها كانت الوردة الوردية مشبعةً بحُسن الظنِّ والتفاؤل، ولكن لم يكن ذلك لِيؤثِّرَ على علاقتهما، أو يُفسد لودِّهما قضيَّة.

وفي صبيحة يومٍ مُشمِس، استيقظت الوردة الصفراء باكرًا على غير عادتها، وأيقظت صديقتَها، فسألتها الوردة الورديَّة وهي تتثاءب:
هل يستحِقُّ الأمر حقًّا أن نُضحِّي بمُتعة النَّوم اللذيذة؟

فأظهرت الصفراء استعجالًا وهي تُخبرها أنَّ الأمر أهمُّ من ذلك بكثير، وأعلمتْها أنَّها رأت صاحب الحديقة يُشير إليهما فيما كان يُحدِّث البُستاني، وسمعتْه يَستشيره في قطفهما، وكان البستانيُّ يَرسم برأسه علامة الإيجاب.

ثمَّ بكتْ وقالت:
أظنُّ أن هذا اليوم - يا حبيبتي - سيَشهد آخر لحظاتنا في هذه الحياة الدنيا.

فابتسمت الوردة الورديَّة ابتسامةً عريضة، وأرسلت لزميلتها قُبلةً مع النسيم، ثمَّ قالت:
بشَّرك الله بالخير؛ فكلُّ نبتة في هذه الحديقة تتمنَّى هذا اليوم وتَنتظره، وتسميه "يوم العطاء"، وتُشبِّهه بيوم زفاف حوريات البشَر، هذا أجمل يوم في حياتِنا، فابتَسمي وافرحي وامرَحي؛ لأنَّنا خُلقْنا لإدخال السرور والبهجة على الناس، وستكون أحسن فرصة لذلك عندما نُحمَل في باقة، أو نُوضَع في إناء على طاولة.

كانت الوردة الصفراء مُشمئزَّة مِن تفاؤل زميلتها المبالَغ فيه، ولم تُطِق إخفاء دمعها ولا خوفها، فقالت بصوت محروق بنارِ الحسرة:
أمَّا أنا، فمُصابة بالرهاب مِن رؤية المقص في يد البستانيِّ، ولن أُطيق آلام القص حتمًا، وأفكِّر في خطة، لو توافقينني؟!

في هذه المرة كانت الوردة الورديَّة تنظر إليها نظرة ريبة؛ لأنها أحست - بحدسها الذي لا يكذب - أن صاحبَتها مُقدمة على أمر مُستقبَح، فقاطعتها معاتِبة:
أفهم قصدَك جيدًا، وأَشَمُّ مِن كلامك رائحة الجدِّ، فلا تكوني حمقاء.

ثم اعتذرت وقالت:
إنَّ أفكارك تُخيفني وتُقلِقني.

ومِن غير داعٍ ضحكت الوردة الصفراء ضحكةً عابثة ماجِنة، تَردَّدَ صداها في كل الأرجاء، ثم قالت بنغمة قائد مُنهزم:
أيتها الصديقة الصادِقة، لقد عرفتِ عنَّي كلَّ شيء، إلا شيئًا واحدًا لم تَستطيعي إدراكه، ولا أنا أخبرتُك به؛ ذلك أني إذا عزمتُ على أمر فإني أَعُدُّ الكلام حوله تثبيطًا؛ لذلك لن أنتظر تردُّدك، سأرحل عن هذه الدنيا، فإن رأيتِ أن تلحقي بي فافعَلي؛ فإنَّ ذلك يسعدني.

وعبثًا أرادت الوردة الوردية إقناعها بالعدول عن فكرتها، والتريُّث حتى ترى ما سيَصير إليه رأي البُستاني؛ لأن الوردة الصفراء كانت قد سارعت إلى الاهتزاز الشديد الذي تسبَّب في كسر ساقها ثم ذُبولها.



هنا انتهت قصة الوردة الصفراء، أما الوردة الوردية، فقد كانت لها قصةُ حياةٍ ثانية أطول وأجمل.

جاء البستاني ذلك الصباح ليُعاين الورود والأزهار، فوقع اختياره على الوردة الوردية كما أشار عليه صاحبُه، فرفق في معالجتِها، وأحسن جنْيَها، فلم تحسَّ إلا بألم وخزة خفيفة، ثم ذهب بها إلى الدكان وعرَضها للبيع.

وهناك بدأت قصة حياتها الجديدة؛ فقد مرَّ - بعد لحظات مِن عرضها - شخصٌ أنيقٌ على المحل، جذبه جمالُ الوردة الأخاذ، فدفع فيها مبلغًا مُهمًّا، وحمَلها هدية لزوجته الغضبى، فلما رأتها الزوجة سُحرت عينُها وسُرق قلبُها، وتسلَّل عبقُ الوردة المنعشُ إلى أعماقها، فبلَّل إحساسَها، وأثار منها مكامن الذكريات الوردية الجميلة التي عاشتها مع زوجها، فعاودها الحنين والحبُّ القديمان، ولم تَشعر حتى ارتمت بين أحضانه وأعلنت أمامه أنها غفرت ونسيَتْ، ووعدته كما وعدها باستئناف حياة جديدة.

حفظ الزوجان لتلك الوردة الورديَّة الجميلة فضْلَها؛ لأنَّها كانت سببًا في استصلاح خيوط المودَّة بينهما، واعتبراها جزءًا مهمًّا مِن تاريخهما العاطفي، فتوجَّها بها إلى مركز التحنيط والتوثيق، وعالجاها بمواد كيماوية جعلتها تُحافظ على شكلها وبريقها سنين طويلة.

ثمَّ وضعاها في حامل زجاجي مرصَّع بالجواهر، وزيَّنا بها خزانةً في غرفة نومِهما.

ولم يقنع الزوج بهذا، فجاء إليَّ - ولي به معرفة قديمة - وطلب منِّي أن أوثِّق أحداث القصة في نص يُتلى، فكتبتُ ما قرأتَ، وقلت في الختام: ذلك فضل الله يؤتيه مَن امتلك نفسًا متفائلة تشع بالحب والحياة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.55 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.60%)]