|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المخاضات التاريخية في ديوان (أذان الفجر) للشاعر: عمر بهاء الدين الأميري د. أمين سليمان الستيتي أملٌ تتماوج أشرعته في القلوب، أن يصبح الإسلام هاجسًا طَوْدًا، تدور في فلكه الحياة كلها، فهو محركها، ومسكنها، وبه تُقاس أمورها كلها، فما وافقه كان، فهكذا ساد الأوَّلون، وخُلِّد الشهداء، في الأولين والآخرين، وتحقق النصر في الدنيا والآخرة، وهذا هو المبتغى. والشاعر عمر بهاء الدين الأميري في ديوانه (أذان القرآن) يرسم لوحته بهذه الريشة، ويتنقل بين مشاهدها التي بلغت سبعًا وثلاثين قصيدةً، بعد المقدِّمة والتعريف بالديوان، على أوزان الخليل، من الرَّمَل، إلى الخفيف، والبسيط، والطويل، والمتقارب، وغيرها، مُنوِّعًا بذلك ألحانه، محافظًا على عمود الفكر الذي ما انفكَّ يحتضنه، ويفني أيامه في إعادة نهضته ورفعته. وقد ربط قصائده بأحداثٍ دَارت رحاها على الأمة عَبر أربعين سنة، في مخاضات متلاحقة، لعبت بالحاضر والمستقبل، ومدَّت الأذرع إلى الماضي لتمحوه، أو تشوِّهه! وجعل الفواصل بين قصائده لوحاتٍ إسلاميَّة، بدأها بلوحة التشهُّد، ثم تتالت المآذن والمساجد، واللوحات الخطيَّة لآيات وكلمات قرآنيَّة كريمة، في لوحات شملت كثيرًا من الدلالات التي ساعدت على رسم اللوحة الشعريَّة، التي أرادها الشاعر، في هذه الفترة من حياة الأمة. وقد جعل الفجر أول الديوان، تأكيدًا لحياة المسلم التي يبدؤها بالفجر، تحمله همته ونشاطه؛ ليبني في نهاره كلَّ ما ينفعه في حياته وآخرته، متسلِّحًا بطهارته، قاصدًا بعمله كله وجه الله - سبحانه وتعالى - لا يريد غير عِز الإسلام والمسلمين. ثم وقف مع الربيع وقفةً مرتجلة - كعادته - بين آثار قلعة (سمعان)، بقصيدة عنوانها (الله أكبر) التي ينتشر على صفحاتها صروح التاريخ، التي تحكي آثار الأمم السابقة، واعتبرها الشاعر عِظة للناس: إنها أعجوبة عنوانها (الله أكبر). إن للفجر في قلب الشاعر حَيِّزًا، فهو حين يصف الطبيعة لا يرى ذروة جمالها إلا في الفجر، فيقول: يَقْظَةُ الفَجْرِ أَيُّ سِرٍّ سَنِيٍّ ![]() فِي لُحَيْظَاتِكِ الْعِذَابِ السَّنِيَّهْ ![]() حيث يظهر الجمال في غُرَّة الصباح، فالطيور تعزف ألحانها، وتلقف رزقها، والهرّة تحبو نحوها، تشتهيها، والغصون تلمع بالندى، وتتزيَّن بالزَّهر، الذي يغري الفراشات، قرب شلال يجعل الأرض نشوى، ليظهر وراء ذلك كله إتقان الخلق - سبحانه -: خَلَقَ اللهُ لِلْبَرَايَا سَجَايَا ![]() وَبَرَى الْفَجْرَ لِلْجَمَالِ سَجِيَّهْ ![]() كان هذا في شمال العراق، في مِحراب طبيعته الخلاَّبة، وحين انتقل إلى جوار البيت العتيق، ظلَّ للفجر في أذنيه جَرس ودرس، حيث الأذان ينبِّه الغيان والنؤوم، حتى لا يضيع منه يومه: يَا أَذَانَ الدِّيكِ فِي الإِصْ ![]() بَاحِ مَا أَعْذَبَ جَرْسَكْ ![]() ويَسلُّ الشاعر نفسه من هذه الهمسات الخطابيَّة الوعظيَّة ليفتح عينيه على طبول مؤتمر (باندونج)، التي أحاطت المؤتمرين بأحلام وأحلام، فكتب رؤيته للموقف، واستعرض مصائب الأمة الإسلاميَّة، والعلاج الناجع لها، حيث لم يكن للمؤتمرين أساس عقدي يلتفُّون حوله، فيقول: وَأَعْضَلُ الدَّاءِ أَنِّي لاَ أَرَى لَكُمُ ![]() مِنْ كَعْبَةٍ حَوْلَهَا التَّطْوَافُ يَنْحَصِرُ ![]() بينما أعداء الإسلام والشرق كله جادُّون في تنفيذ مخططاتهم بوعيٍ مُتزايد تام، وأهل (باندونج) كلٌّ يُغنِّي على ليلاه، ويطرب لمادحيه بما ليس فيه، وإن كان بينهم ملتزم بدينه، فإنه لا يملك القرار، ويستمر الشاعر ينفث زفراته وآهاته، ليعلن في ختام قصيدته أنَّ الإسلام هو الحل بقول: مَنْ سَارَ وَفْقَ نَوَامِيسِ الإِلَهِ عَنَتْ ![]() لَهُ الْجِبَاهُ وَأَمْلَى حُكْمَهُ الْقَدَرُ ![]() واختار الشاعر قصيدة كتبها سنة 1966م، وألقاها في التلفزة المغربيَّة، في ذِكْرى ثورة الملك والشعب، وثبت قبلها لوحة خطبة لآية من القرآن الكريم يقول فيها - سبحانه وتعالى -: ï´؟ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ï´¾ [الزمر: 53]، وكانت أشعاره في هذه المناسبة مقطوعات إحداها على (طريقة الدوبيت)، بيَّن فيها أن جهاد الإنسان في الحياة بدأ منذ الصراع الأول بين آدم والشيطان، وختمها بقوله: إِنَّهَا مُعْجِزَةُ الصَّحْ ![]() رَاءِ وَاللهُ لَهُ فِي الْعُرْبِ آيَهْ ![]() تُنْبِتُ الأَمْجَادَ بِالإِسْ ![]() لاَمِ لِلدُّنْيَا هِدَايَهْ ![]() وفي المقطوعة الثانية (عبء الأمانة)، يؤكِّد أن الإسلام هو الحل، في قوله: مَنْ سَارَ فِيهِ عَلَى الْهُدَى الرْ ![]() رَحْمَنُ أوْلاَهُ الْقِيَادْ ![]() فَاجْمَعْ عَلَى اللهِ الْعِبَا ![]() دَ فَإِنَّهُ رَبُّ الْعِبَادْ ![]() وختمها بقوله: وَخُضِ الْوَغَى فَالنَّصْرُ وَعْ ![]() دُكَ والطُّغَاةُ إِلَى نَفَادْ ![]() وتأتي مقولة الفقهاء: "عادات الصالحين عبادة" ظاهرة في الشاعر، فما ينفكُّ يدعو لجعل الحياة إسلاميَّة، بكل جوانبها، ويتساءل في الموسم الثقافي لوزارة الشباب والرياضة، 1388هـ - 1968م عن سبب عدم بَدء المناسبات بالذِّكر الحكيم، فكل ما لا يبدأ باسم الله، فهو أبتر، فيقول مرتجلاً: لِمَ لاَ نَسْتَفْتِحُ الاحْتِفَالَ بِالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ![]() أَيُّهَا الْأَحْبَابُ وَالْقُرْآنُ خَيْرٌ لاَ يَحُورُ ![]() ويتلو قوله - تعالى -:ï´؟ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ï´¾ [العصر: 1 - 3]، ثم ينشد لهم من ديوانه (بنات المغرب) مفتتحًا بقصيدة (أمة واحدة) التي وضح فيها وحدة الأمة على دين الإسلام، وختمها بقوله: وَجَذْوَةُ الْقُرْآنِ فِي عَزْمِهَا ![]() تَصْهَرُ غَيْرَ الْعَرَبِ بِالْعَرَبِ ![]() يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |