مذهب زيني زاده النحوي ومواقفه النحوية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4617 - عددالزوار : 1469221 )           »          (وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من أعظم ما يُفسد العلاقة بين زوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من فوائد غضِّ البصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من وسائل استشعار النعم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من أروع الآثار: حوار هرقل مع أبي سفيان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كلام نفيس لابن القيم في الجواب عن سبب تسلط الكفار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وقفات ثلاث بعد توقف القصف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          احذر مقاربة الفتنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          صفات المنافقين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله
التسجيل التعليمـــات التقويم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-05-2021, 03:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,470
الدولة : Egypt
افتراضي مذهب زيني زاده النحوي ومواقفه النحوية

مذهب زيني زاده النحوي ومواقفه النحوية
أ. رضا جمال






مذهبه النحوي:
لم يلتزم زيني زاده مذهبًا نحويًّا معينًا، وإن كان في الغالب يميل إلى البصريِّين، ويظهر أنَّه حاول أن يترسَّم خُطا المتقدِّمين من النحاة مِن قبل ابن الحاجب صاحب الكافية، وبعض النُّحاة المتأخرين، كابن الحاجب نفسه، ومَن بعده خصوصًا الرَّضي وابن هشام؛ لأنَّه كثيرًا ما يعتمد على ترجيحاتهم وتقريراتهم، وللرضي من ذلك النصيب الأكبر، كما يظهر من كثرة نقولاته عنه، واعتماده على شرح الرضي على الكافية كمصدر أوَّل له، وإحالته عليه في غالب المسائل والترجيحات.

مواقفه النحويَّة:
تعامَل زيني زاده بشخصية مستقلَّة مع النُّحاة المتقدِّمين والمتأخِّرين على السواء، ولم يتعصَّب لأحد على أحد، وفيما يلي توضيحُ مواقفه من نُحاة المدرستين (البصرة والكوفة)، ومن ابن الحاجب - مصنِّف الكافية (المتن الذي أعربه) - ومن شُرَّاح متن الكافية، ومن النُّحاة الذين نقل عنهم، واعتمد عليهم في إعرابه:
أولًا: موقفه من البصريِّين والكوفيِّين:
سبَق أنَّ زيني زاده لم يتعصب لمدرسة بعينها - وإن كان يَميل في الغالب إلى البصريِّين؛ إذ أكثر ترجيحاته هي ترجيحات البصريِّين - ولكنَّه يقف كأنه حَكَم بين الفريقين، فيحكي الآراء، ويبيِّن وجه الخلاف، وقد يرجِّح بعضها على الآخَر، وقد يأتي بتحقيق آخَر:
فمن ترجيحه لآراء البصريِّين قوله: "وجه الاختلاف بين الفريقين أنَّ الألف عند البصريَّة ليس مِن نفْس الكلمة، وإنَّما هو زائدة جِيءَ به لبَيان الفَتحةِ؛ لأنَّه لولا الألفُ لسقَط الفتحُ للوقفِ، فيلتبس بأن الحرفيَّة المصدريَّة، وعند الكوفيَّة: الألف مِن نفس الكلمة، والأوَّل هو الراجحُ على ما في الرضي"[1].

وقوله: "؛ هذا عندَ البصريِّين، وعند الكوفيِّين انتصاب المضارع بحتى لا بأن مُقدَّرة، ومذهب البصريين أرجح؛ لأنه يلزم عندهم الإضمار، وهو مجاز، ويلزم على مذهب الكوفيين الاشتراك، والمجاز أولى - كما في الأشباه والنظائر للسيوطي في النحو"[2].

وقوله: "واعلمْ أنَّ مبنى الخلاف بين البصريِّين والكوفيِّين في بناء (هو) على الفتْح، أو على الضمِّ: أنَّ الواو عندَ البصريِّين مِن نفْس الكلمة، وعند الكوفيِّين أنَّه ليس منها، بل هو للإشباع كالألف في قوله فكيف إنَّنا، والصوابُ القولُ الأوَّل؛ لأنَّ حرفَ الإشباع لا يتحرَّك، وأيضًا لا يثبُت إلا لضرورةٍ كما في الرضي[*]"[3].

ومن ترجيحه لآراء الكوفيِّين: قوله: "فإنَّ تعلق الجار به وإنْ منَعَه الجمهورُ من البصريِّين إلَّا أنَّ المختار عند المتأخِّرين قول الفارسي والرّماني وابن السراج منهم، وقولُ الكوفيِّين، مِن جواز التعلُّقِ؛ ألا يُرى تجويز المحقِّقين ذلك في شُروح المفتاح، عليهم رحمة الله الفتَّاح؟!"[4].

ومن تحقيقه للخلاف بينهما، وتحقيقه للمسألة:
قوله: "... وهو معه جملة فعليَّة كما هو مُختار البصريِّين، أو مركَّب كما هو مُختار الكوفيِّين،... وجه الاختِلاف بين الفريقين أنَّ المتعلِّق المحذوف في الظرفِ المستقَرِّ الواقع خبرًا للمبتدأ المحذوف، أو صفة، أو حالًا للفعل على اختيار البَصريَّة؛ لكون الفِعل أصلًا في العمل، والاسم على اختيارِ الكوفيَّة؛ لكون الإفراد أصلًا في هذه المذكورات، لكنَّ ابنَ هشام قال في مغني اللبيب: كِلا القولين على إطلاقه ليس بصحيح، بل يُقدَّر المتعلِّق في هذه المذكورات على ما اقتضاه المقام مِن الفعل - ماضيًا أو مُضارعًا - أو مِن الاسم، ثم إنَّ اعتبارَ الضَّمير في الظرف المستقرِّ الواقع خبرًا، أو حالًا، أو صفة، قولُ طائفةٍ من النُّحاة، واختاره الرَّضي ومَن تبعه، وذهَب السِّيرافي إلى أنَّ الخبَر نفس الظَّرف؛ لأنَّ الضمير حُذف مع المتعلِّق المحذوف، وقيل: الخبر في الحقيقة المتعلِّق المحذوف، وصحَّحه ابن هشام في التوضيح، وفي شرْحه لخالد الأزهريِّ: المصحِّح لذلك تَضمُّنه معنَى (صادِقًا) على المبتدأ. فظهَر ممَّا ذكرنا أنَّ جملةَ بسم الله تحتمل الفِعليَّة والاسميَّة، والأُولى قولُ الكوفيَّة، والثاني قولُ البصريَّة، والمشهور في التفاسير والأعاريب القول الأوَّل كما في مغني اللبيب..." [5].

وأحيانًا يذكُر الردَّ على البصريِّين والردَّ على الكوفيِّين، ويجيب عن الردود دون ترجيح:
يقول: "...بدل البعض من الكلِّ عند البصريِّين، ومعطوف على الواو عند الكوفيِّين؛ لأنَّ إلَّا عندهم في هذه الصورة بمنزلة لا العاطفة في أنَّ ما بعدها مخالفٌ لما قبلها، لكن ذاك منفيٌّ بعدَ إيجاب، وهذا موجَب بعد منفي، ورُدَّ قول البصريِّين بأنَّه لا بدَّ في بدل البعض من ضمير يعود إلى المبدَل منه لفظًا أو تقديرًا، كما في ضربت زيدًا رأسَه، ولا ضمير ها هنا، وبأنه مخالف للمبدل منه في النفي والإيجاب كما في مغنى اللبيب. وأُجيب عنه بأنَّ شرط الضمير للربط إلى المبدل منه، فإذا وُجِد الربط بدون الضمير، حصل الغرض كما هنا؛ لأنَّ إلَّا وما بعدها من تمام الكلام الأول، وإلا لإخراج الثاني مِن الأول، فعُلِم أنَّه بعضه فحصَل الربطُ بذلك، ولم يحتجْ إلى الضمير، وبأنَّه لا مانعَ مِن التخالف مع الحرفِ المقتضي لذلك، كما جاز في الصِّفة، نحو: مررت برجل لا ظريف ولا كريم كما في الرضي والدماميني. ورُدَّ أيضًا قول الكوفيِّين بقولهم: ما قام إلَّا زيد، وليس شيء مِن أحرف العطف يلي العوامل، وأُجيب بأنَّه ليس تاليَها في التقدير؛ إذ الأصلُ: ما قام أحد إلا زيد كما في مغني اللبيب"[6].

وأحيانًا يكتفي زيني زاده بحِكاية الخِلاف دون ترجيح أو تفصيل، محيلًا على ما مرّ:
يقول: "وليس قوله: (يُبنى على ما يُرفع) به جزاءَ هذا الشرط؛ لعدم جواز تقدُّم الجزاء على الشَّرط عند البصريِّين، خلافًا للكوفيِّين في جواز تقديم الجزاء على الشَّرط، كما مرَّ"[7].

ويقول: "ولا يجوز كون خمسة فاعلَ الظرف المستقر عند البصريِّين؛ لعدم وجود شرْط عملِه في الفاعل الظَّاهر، خلافًا للكوفيِّين والأخفش؛ فإنَّهم جوَّزوا إعماله في الفاعل الظاهر بلا وجودِ الشَّرط، كما مرَّ مرارًا"[8].

ثانيًا: موقف زيني زاده من مصنِّف الكافية (ابن الحاجب):
يمكن توضيح موقف زيني زاده من ابن الحاجب مصنِّف الكافية، في الآتي:
1- الموافقة والمتابعة: وهو الموقف السَّائد له؛ إذ يُكثِر من الثناء عليه، ويعدُّه من المحقِّقين من النُّحاة، ويعتني بآرائه، ويقدم اختياراته، كما يعدُّ متْنَ الكافية الحاجبيَّة "مِن أحْسنِ ما صُنِّف في علم الإعراب"، ويذكُر عن نفْسه أنه كان "مشتغلًا في عُنفوان شبابه بحِفظِ هذا المتن، ثم بعد الشباب وإلى شيخوخته كان مشتغلًا بتعليمِه"[9].

ومن المواطن التي تُظهر إعجاب زيني زاده بالمصنِّف: قوله:
"ولله درُّ المصنِّف حيث أشار إلى الحدود في ضِمن الدليل، ثم نبَّه بقوله: وقدْ عُلِم، ثمَّ صرَّح فيما بعد بناءً على اختلاف مراتب الطَّبائع"[10].

وغالب الأوجه الإعرابية التي يختارها زيني زاده، إنما يختارها بناءً على أنها الموافقة لكلام المصنِّف واختياره، وعلى هذا مشى في معظم كتابه، مع نصه على أن هذا مذهب المصنِّف، أو اختياره، أو نحو ذلك؛ من ذلك قوله: "(ليدلَّ) اللام متعلِّق باختلف، ويدلُّ مضارِع منصوب بأنْ مُقدَّرة، فاعله فيه راجع إلى ما، وهو الموافِق لكلامِ المصنِّف..." [11].

ومن مواضع اعتنائه بآراء ابن الحاجب، وتقديمه لاختياراته:
قوله: "اللام حرف تعريف، مبنيٌّ على السُّكون لا محلَّ له، وإنَّما زِيدَتْ عليه همزةُ الوصل لتعذُّر الابتداء بالساكِن؛ هذا عند سيبويه، واختاره المصنِّف حيث قال: ومن خَواصِّه دُخولُ اللام..." [12].

ثم ذكر زيني زاده بقية الأقوال بعد ذلك ناسبًا كل قول إلى قائله. وظاهر من صنيعه تقديمُه واختياره لرأي سيبويه وابن الحاجب؛ إذ ذكره أول الآراء، وهذه عادته في حكاية الآراء.

بل يقدِّم زيني زاده قولَ ابن الحاجب، ويختاره في الإعراب، حتى وإن كان خلاف رأي سيبويه؛ يقول:
"(نَصبًا) منصوب، عطف على رفعًا، مِن قَبيل عطف الشَّيئينِ على معمولَي عاملين مختلفين بتقدُّم المجرور كما: زيد في الدارِ والحجرةِ عمرٌو، فإنَّه يجوز عندَ المصنِّف كما يجيءُ، وإنْ لم يجوزه سيبويه..." [13]. ومواضع ذلك كثيرة في إعرابه للكافية.

ويقول: "والجملة مرفوعةُ المحلِّ، أو لا محلَّ لها عطفٌ على جملة أُسند، أو منصوبة المحلِّ، حال من أحد الأمرين بتقدير قد عند البصريِّين، وإليه ذهب المصنِّف، كما سيجيءُ، خِلافًا لسيبويه؛ فإنَّ قد عنده لازمٌ فيه لفظًا، وخِلافًا للكوفيِّين؛ فإنَّ قد عندهم غير لازم لفظًا ولا تقديرًا؛ قال أبو حيَّان: وهو الصَّحيح، ورجَّحه السيد السند في شرح المفتاح*"[14].

وحتى في المواقف التي يختار فيها خلاف رأي المصنف يوضح ذلك، معلِّلًا سبب ذلك، وكأنه يعتذر عن مخالفته لمذهب المصنف؛ يقول: "وعبَّر عنه [أي: مفعول ما لم يُسم فاعلُه] القاضي البيضاوي في اللب، وصاحِب الامتحان في الإظهار بـ"نائب الفاعل"، وهذا أقصرُ منهما وأشهرُ فيما بين المحصِّلين؛ ولهذا عُبِّر[15] به كثيرًا في هذا المعرَب، وإنْ كان خِلافَ مذهب المصنف"[16].

2- الدفاع عنه: يدافع زيني زادهْ عن ابن الحاجب، ويجيب عن بعضِ اعتراضات شرَّاح الكافية على ابن الحاجب، وأكثر ما يَصنع ذلك مع المولى العصام؛ من ذلك قوله:
"ثم أورَد [أي: العصام] على المصنِّف بأنَّ في كلامِه حذفَ المعطوف، مع إبقاء حرْف العطف، وهو غير جائزٍ كما في مغني اللبيب. وأُجيب عنه بأنَّ عدمَ الجواز مقيَّد بحذف المعطوف بلا إبقاء المتعلق له، وهنا أبقَى المتعلق، وهو لا"[17].

وأحيانًا يَدفَع عن كلام المصنف ما يتوهم أنه خطأ؛ حيث يقول: "وفي عبارة المصنِّف وإن كان تتابع الإضافة إلَّا أنَّه غيرُ مخلٍّ بالفَصاحَة؛ لورودِه في القُرآن كقولِه تعالى: ﴿ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ[18]" [19].

وأحيانًا ينقُل زيني زاده جوابَ بعض النحاة على الاعتراض على ابن الحاجب، مستحسنًا إيَّاه، من ذلك قوله: "... خِلافًا لابن الحاجب، ذكره في شرْح المُفصَّل كما في مغني اللبيب، وأجاب عن هذا الردِّ الدمامينيُّ في شرحه: بأنَّه لم يَستند في ردِّ كلام ابن الحاجب شيخ المحقِّقين إلى نقلٍ يُعتمد عليه". ثم علق زيني زاده في الحاشية على هذا النقل بقوله: "فلا يُصغَى إلى هذا الرد"[20].

ويقول: "ورُدَّ قول المصنِّف بأنَّ الموصوف لا بدَّ من أن يكون ملفوظًا في عمل اسم الفاعل، ولا يجوز كونه مُقدرًا، لنفْي اشتراط الاعتماد؛ إذ ما مِن اسمِ فاعلٍ إلَّا له موصوف لفظًا أو تقديرًا، كما في الامتحان وغيره، وأجاب عنه شهاب الدين في حاشية أنوار التنزيل، حيث قال: هذا ليس بشيءٍ، وقد صرَّح النُّحاةُ بالموصوفِ المقدَّر كما قال في الألفيَّة...." [21].

وأحيانًا ينفي ما يُتوهَّم خطأً من قول المصنِّف، من ذلك قوله: "ويجوز كونه ظرفًا لمعنى المفاجأة المفهوم من إذا، وهو عامل لا يظهر قد استُغني عن إظهاره؛ لقوَّة ما فيه مِن الدَّلالة عليه، أي: خرجتُ ففاجأت زمانَ وقوف السَّبُع، كما ذهب إليه المصنِّف في الشَّرح، ففاجأت منزَّل منزلةَ اللازم؛ فلا يلزم كون "إذا" مفعولًا به لفاجأتُ كما تُوهِّم مِن قول المصنِّف في الشرح: إنَّ التقدير فاجأت وقتَ وقوف السَّبُع، فاعترض عليه بأنَّ إذا لازم الظرفيَّة..." [22].

وقوله: "والجملة الفعليَّة لا محل لها استئناف؛ لبيان الحُكم بعد تمام الحدِّ، كذا في الرضي وارتضاه الشارحون بعدُ؛ فلا وجهَ لقول مَن قال: إنَّ هذه الجملة صفة لتابع، أو حال من المستكنِّ في مقصود، أو تابع؛ لأنَّه يلزم حينئذٍ كون قوله: يتوسَّط... إلى آخره، داخلًا في التعريف، وليس كذلك، وما هذا إلَّا حمل كلام المصنف على ما هو بريء منه؛ كيف وقد قال المصنِّف في شرْح هذا: شرط بعدَ تمام الحد؟![*]"[23].

2- المعارضة أو الاستدراك عليه: عارض زيني زاده ابن الحاجب في بعض المواضِع النادرة، ومعظمها تكون مجرد اعتراضات من باب اختيار الأولى أو الأشهر، من ذلك قوله: "مفعول ما لم يسم فاعله لوضع، هذا عبارة المتقدِّمين، وعليه المصنِّف، كما سيجيء، وعبارة ابن مالك في الألفيةِ، والشَّذورِ[24]: نائبٌ عن الفاعل، وهو أَوْلى من عِبارتهم؛ لوجهين: أحدهما: أنَّ النائب عن الفاعل قد يكون مفعولًا وغير مفعول. والثاني: أنَّ المنصوب في نحو أُعطي زيد درهمًا يصدُق عليه أنَّه مفعول ما لم يُسمَّ فاعله، وليس مُرادًا كما ذكره ابن هشام في شرح الشذور، وعبارة القاضي في اللُّب: "نائب الفاعل"، وهو أخصر منهما، وعليه صاحب الإظهار...". فهو يذكر رأي ابن الحاجب وينصُّ على أن الأولى غيره، وإن كان نص بعدَ ذلك على "أنَّ هذه التعبيراتِ اصطلاحاتٌ منهم، ولا مشاحَّة فيه"[25].

وقوله - عن تسمية مرفوع الفِعل الناقص بأنه فاعل وليس اسمًا له -: "... فاعلُه - كما هو عِبارةُ سيبويه، وإليه ذهب المصنِّف، ومِن ثَمَّةَ لم يَذكرِ المصنِّف مرفوعَ كان من المرفوعات على حِدَةٍ؛ لدخولِه في الفاعِل - أو اسمُه - كما هو المشهور. وفي شرح التسهيل لمصنِّفه: الشائِع في عُرف النحويِّين التعبيرُ عن مرفوع الفِعل الناقص بالاسمِ، وعن منصوبه بالخبَر، وعبَّر سيبويه عنهما بالفاعِل والمفعول، فأيَّ التعبيرين استَعمل النحويُّ أصابَ، لكن الاستعمال الأشهر أوْلى. انتهى"[26].

وسبَق قريبًا كلام زيني زاده في سبب تعبيره عنه بنائب الفاعل؛ لكونه الأقصر والأشهر وإن كان خلاف رأي المصنِّف.

وفي موطنٍ اعترض زيني زاده على المصنف، بأنه لا وجه له فيما اعترض به على المتقدمين؛ حيث يقول: "ثم إنَّ قول المتقدِّمين في هذين المثالين الأخيرين: إنَّهما مبنيَّان على الضمِّ، من إطلاق الحركة البنائيَّة على الحرْف البِنائي مجازٌ؛ فلا وجه لردِّ المصنِّف إطلاقَهم، كما في الرَّضي"[27].

ثالثًا: موقف زيني زاده من شُرَّاح الكافية:
تعامل زيني زاده مع النُّحاة بشخصية مستقلَّة، ووقف موقفًا وسطًا، فإنَّه وإنْ كان ينقُل عن كثير من النحاة إلا أنه لم يقتصر على النَّقل فقط، بل ينتقي من هذه الآراء ما يراه أصوب ويؤيِّده، ويعترض على ما يراه خطأً؛ ويبرهن على ذلك، فلم يقِف من النحاة الذين نقل عنهم موقفًا واحدًا، فبينما يصف طائفة منهم بالمحقِّقين، يصِف آخرين بالغفلة والجهل، وحتى الذين يصفهم بالمحقِّقين، يعترض على بعض آرائهم أحيانًا إذا رآه غير موافق للصواب؛ فلم يتعصب لأحد، ولم يهضم أحدًا حقه. كما سبق ذلك في تفصيل موقفه من البصريين والكوفيِّين. وفيما يلي بيان موقفه من شراح الكاية وبعض النحاة الذين ينقل عنهم.

اعتمد زيني زاده على عِدَّة شروح للكافية، كشرح المصنِّف نفسه وسبَق بيان موقفه منه، وشرح الرضي، وشرح الجامي المسمى بالفوائد الضيائية، وشرح العصام، وشرح الهندي، وتفصيل مواقفه منهم كما يلي:
1- موقفه من الرضي:
اعتَمَد زيني زاده على شرح الرضي، بل كان اعتمادُه الأكبر عليه؛ إذ نقَل عنه حوالي (215) مرة، محيلًا على تفصيلاتِه، ومعتمدًا على تقريراتِه، ومستدلًّا بردوده وتعقُّباتِه.

ومن ذلك قوله: "ودليل الطرفين مذكورٌ في شرح الرضي على التفصيل، فراجع إليه إن كنت من أصحاب التحصيل"[28].

وقوله: "... مَن وقع في الاشتباه فيما ذكرنا في هذه المسألة، فليراجع إلى شرح الرضي على الكافية"[29].

وقوله: "والأوَّل هو الرَّاجحُ على ما في الرضي"[30].

وقوله: "ورُدَّ بأنَّه خلاف الأصلِ أيضًا؛ فلا يُصار إلى الأمرِ الخفي، إذا أمكن العملُ بالأمرِ الجليّ، كما في الرضيّ"[31]. وهكذا...

ولم يكَد يَخرُج زيني زاده عن تقريرات الرَّضي، ولم يتعقَّبه إلَّا نادرًا جدًّا، ومِن ذلك ردُّه على الرضي في إعراب قوله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[32]، حيث قال: "وقال الرَّضي من المعتزلة في هذا المقام: لا فرق مِن حيث المعنى بيْن النَّصب والرفع، ولا بين كون خَلَقْنا خبَرًا، أو صفة، بناءً على مذهبِه الباطل، وليس بشيءٍ؛ لأنَّ الفرق مِثل الصُّبح ظاهر"[33].



يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 135.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 133.38 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]