فراق الأصدقاء

[ابوالوليد المسلم]

فراق الأصدقاء
أ. شروق الجبوري




السؤال

♦ ملخص السؤال:
فتاة كانتْ متفوقةً في دراستها، وكان لديها صديقة مِن أقرب الناس إليها، وقد بدأ مستواها الدراسي بالانحدار، كما أنها افترقت عن صديقتها التي أظهرت عدم مبالاة بها بعد صداقة سنين طويلة.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة جامعية متفوقة ولله الحمدُ، أعيش مع عائلتي حياةً سعيدةً وهانئةً مِن جميع الجهات، لكن مشكلتي أني بدأتُ أكره الدراسة بعد أن كنتُ أحبُّها، ونزل مستواي، حتى إن جميع مَن يعرفني صُدِم مما وصلتُ إليه؛ فقد كنتُ الأولى فكيف ينزل مستواي إلى هذا الحد؟!


حاولتُ أن أستعيدَ مستواي الدراسي وأتفوق، وبالفعل بدأتُ، لكن ما حطَّمني وأحبَطني وآلَمَني هو فراقي عن ابنة عمي، فهي صديقةُ العمر التي عشتُ معها 13 عامًا، كنا معًا جسدينِ مختلفينِ ورُوحًا واحدة!


للأسف افترقنا، وكنا نتعاهَد على ألا نفترقَ، لكن آلَمتني لامبالاتها التي ظهَرَتْ منها وعدم تأثُّرها بفراقنا، بينما أنا لَم أَعُدْ قادرةً على النوم.


الآن فقدتُ الرغبةَ في كلِّ شيء، وحاولتُ النهوض من تلك الكبوة، لكن فشلتُ مرات ومرات، وما يُضايقني أكثر تقليدها لي؛ في كلامي، ولبسي، وتعاملاتي، حتى إنها سحبتْ مني صديقاتي.


أرجو أن تنصحوني بما يمكنني فعله حتى لا يضيع مستقبلي بارك الله فيكم

الجواب

ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يُسعدنا أن نُرحب بك في شبكة الألوكة، سائلين المولى القدير أن يُسددنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.


كما أَوَدُّ أنْ أُحييك على تفوقك الدراسي، بل واستئناسك وسعادتك به، ولوم نفسك عند التقصير في واجباتك والتزاماتك، وهي سماتٌ إيجابية أتمنَّى منك الحفاظ عليها، وتعزيزها في نفسك مهما واجهتِ مِن صعوباتٍ أو تحدياتٍ اجتماعية أو غيرها.


عزيزتي، مِن سياق رسالتك أستشف أن لديكِ شعورًا لا تحبذين الإفصاح عنه بشكل مباشر، بأن ابنة عمك ينتابها شعورُ الغيرة منك، خاصة أنك قد أشرتِ إلى إصرارها على مضايقتك في سحب صديقاتك عنكِ، وتركك بمفردك، وكثرة تقليدها لشخصيتك وأسلوب تعاملك مع الآخرين.


فإن تأكَّدتْ وجهة نظرك، ولم يكن هناك أيُّ لبس أو خطأ في التفسير مِن قِبَلكِ لتصرفاتها، فأنصحك أن تنظري للموضوع بمنظار آخر بعيدًا عن الحزن والإحباط، فالأولى أن تُفَكِّري بأن لديكِ مِن النعم والمزايا التي جعلتْ أقرب رفيقة لكِ تشعُر بالغيرة منك، وهو ما يجب أن يدفعكِ لمزيدٍ مِن التمسك والاستئناس بتلك النِّعَم.


ومن ناحيةٍ أخرى، فإن اكتشافك لأمر ابنة عمك وما تُكنُّه مِن مشاعر وأفكار تجاهك في هذا الوقت، هو أمرٌ في غاية الإيجابية لكِ، فالسيئ في الأمر أنك تواصلين التعامُل مع أشخاصٍ يُظهرون غير ما يُخفون لكِ، بينما أنتِ تأتمنينهم على أسرارك، وتُطلعينهم على تفاصيل حياتكِ.


والأهم مِن ذلك كله هو اتخاذك مِن هذا الموقف درسًا لحياتك المستقبلية، وفي تعامُلاتك الشخصية القادمة، وخلاصة هذا الدرس تَكْمُن في أسلوب منْحِ ثقتك للأشخاص مِن حولك، وكيفية اختيارك لهم، وكيف يمكن أن تخرجي بأقل الخسائر عند اكتشافك ما يسوءك فيهم.


اعلمي يا عزيزتي أنَّ مِثْل هذه المواقف تُمَثِّل أفضل مدرسة تُسهم في نُضج الإنسان ووعيه، وفي تقليل إحباطاته، إذا ما استثمر نتائجها باعتبارها تجارب عملية خاضها بنفسه.


وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يُصلح الحال بينك وبين مُحبيكِ، وأن يوفقك لما فيه الخير لك في الدارين، وينفع بك.


وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة