حرية المرأة المدعاة: حرية أم لعب بالنار تحول إلى حريق؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ما أفضل حمية للمصابات بسكر الحمل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          دليلك الشامل لأنواع السرطان! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          ما لا تعرفه عن أسباب العقم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          العصبية وصحة القلب: هل الغضب يدمّر صحتك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أعراض مرض الزهري: كل ما تحتاج معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أطعمة غنية بسكر الفركتوز: هل هي ضارة أم مفيدة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          7 نصائح ذكية حول كيفية الوقاية من داء القطط للحامل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أسباب وعوامل خطر الإصابة بسوء التغذية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          أطعمة تحتوي على الكربوهيدرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          إنقاص الوزن بعد الولادة: طرق آمنة وفعالة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-05-2021, 12:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,335
الدولة : Egypt
افتراضي حرية المرأة المدعاة: حرية أم لعب بالنار تحول إلى حريق؟

حرية المرأة المدعاة: حرية أم لعب بالنار تحول إلى حريق؟ (1)
د. زهرة وهيب خدرج





"الجزء الأول"


والدي رجل ثريٌّ ومتحرر، لم يسمح في يومٍ أن يكون للدين أثرٌ أو تأثير في حياته، أمي أيضًا امرأة سافرة، تعيش حياتها معه بالطول والعرض، حياتهما لهوٌ ودنيا محضة، كان همُّ أبي الأول والأخير أن نحصلَ أنا وأخي على شهادات ودرجات علمية، ويكونَ لنا مقامٌ وشهرة في المجتمع، على أن نبقى بَعيدَيْن عمن يمكنهم أن يلوثوا أفكارنا من أهل الدين والدُّعاة (كما يقول دائمًا)... لهذا بَذَل جهدَه طوال الوقت أن ينأى بي وبأخي عن كل مَن كان يسميهم الدراويش، حتى جَدتي (والدة أمي) لم يكن يسمح لنا بزيارتها إلا نادرًا؛ لأنها كانت تميل إلى الدين فضلاً عن أنها تصلي...

عشتُ أيامًا جميلة في أسرتي، يملؤها العطف والحُنُوُّ، رغم الشعور العميق بعدم الرضا الذي طغى عليَّ طَوال الوقت، والذي لا أدري له سببًا، فلم أكن أحب الحياة الصاخبة التي نعيشها... وكانت نفسي دائمًا ترنو للهدوء، ولشيء ما لم أكن أعرفه...

عندما أصبحتُ في الرابعة عشرة من عمري، بدأت أُحسُّ بتغيُّر كبير حدث في نفسي، ليس فقط عندما تفجَّر جسدي بمعالم الأنوثة ونَضارة الشباب، بل أيضًا باندفاعي نحوَ الجنس الآخر، والذي كان نتيجةً طبيعية للمرحلة العمرية التي أمرُّ بها، وحياة الانفتاح التي أعيشُها في أسرتي، وتَغلبُ عليها مفاهيمُ الحرية الشخصية وحقوق المرأة، ارتبطتُ بالعديد من الصداقات مع الشباب من زملاء المدرسة التي أدرس فيها، وبآخرين تعرفت عليهم في الفضاء الإلكتروني...

إلا أن جميعها كانت علاقات لم ترقَ إلى مستوًى أعلى من صداقة سطحية... إلى أن جاء اليوم الذي التقيتُ فيه ذاك الفتى... ففي مساء أحد الأيام حضر إلى بيتنا لزيارة أخي ليُراجِعا دروسهما معًا، وكنت أنا مَن فتح له الباب... سألني بأدب عن سمير وهو يُثبت نظراته في عيني، فرأيت عينين خضراوَيْن ناعستَيْن تشعَّان سحرًا وذكاءً... سألتُه عن اسمه فأجاب: أحمد... شعرت بشيء غريب تجاهه لم أشعر به تجاه أي شخص آخر من قبل... أدخلتُه إلى غرفة الاستقبال واستدعَيتُ سميرًا أخي... وانطلقت لشؤوني... نسيتُ هذا الشخص بعد ذلك اليوم... إلى أن التقيتُه مرة أخرى مصادفةً في نادي الخيل الذي أذهب إليه في الإجازات الطويلة... رأيتُه يمتطي حصانًا أبيض اللون، ويجري به في مضمار السباق... خفقَ قلبي بشدة عندما لمحتُه، وحلَّ بي شعور غريب، فإذا به يُتابعني بنظراته وأنا أركب حصاني أيضًا... اقترب مني... حيَّاني، وبجُرأة طلب مني أن نذهب معًا في نزهةٍ كلٌّ على حصانه... وافقتُ دون تردد... وانطلقنا معًا...

تحدثنا في أشياء كثيرة، وأخذَ رأيي في مواضيع شتى، كان ماهرًا في توجيه الأسئلة بشكل كان يدفعني إلى الإجابة بصدق لأفشي ما يدور في نفسي... ومنذ ذلك اليوم وجدتُ نفسي أَهيم حبًّا به، ولا أستطيع الاستغناء عنه أو العيش من دونه، وأخذت أتردَّدُ أكثر على نادي الخيل وأقضي فيه - بصُحبته - أوقاتًا طويلة دون أن أجد مَن يسألني عن السبب من أسرتي... ومرَّت تلك العُطلة الصيفية بسرعة، وعدتُ إلى المدرسة، واضطررْتُ إلى اختزال زياراتي للنادي بسبب كثرة الأعباء الدراسية، وضيقِ الوقت... ولكني أضحيتُ مشغولة الفكر والبال به جدًّا، ما أثَّر على قدرتي على التركيز وشتَّت أفكاري... وبقِيتُ أتواصل معه باستمرار عبر مواقع التواصل الاجتماعي... وقد وجدتُ أنني كلما تواصلتُ معه أكثر، زاد لهيبُ النار في قلبي، الذي لا يُطفئه إلا لقاؤه...

انخفض أدائي في المدرسة بازدياد تشتُّتي الدائم وشعوري بعدم الاستقرار؛ لأني لم أعلم تمامًا ماذا أريد منه... أخبرتُ أمي بأنني أحبه ولا أستطيع العيش بعيدًا عنه... ضحكت أمي وقالت: جميع البنات الصغار يقُلنَ مثل قولِك، ثم ما تلبث هذه التجرِبة وتمضي في سبيلها... لا ضيرَ أن تتعلَّمي منها، ولكن احرصي على نفسِك ودروسِك، لا تنجرِّي وراءه؛ فهذه التجرِبة رغم كونها الأولى لكِ، فإنها لن تكون الأخيرة... فلا تحصُري نفسَكِ مع أول شخص تقابلينه، وتربطي حياتكِ به... أنتِ لا زلتِ صغيرة، وفي الدنيا الكثيرُ من الأشياء التي ستسعدين بمعرفتها وتجرِبتها... كوني ذكية في التعرُّف إلى الدنيا والأشياء؛ بحيث لا تخسرين الكثير...

نصحتْني أمي باستضافته مع بقية أصدقائي لحضور حفل ميلادي؛ لأتعرف عليه أكثر وأقضي بعض الوقت الممتع بصحبته، دون أن أسمح لنفسي بالانجرار وراءه، وفعلًا تم الأمر... ولا أدري إن كانت تعلم بأنها - بذلك - تضع البنزين على النار.

ولكن حدث ما لم أكن أتوقع، فبدلًا من أقضي وقتًا جميلًا بوجوده إذا به يصبُّ اهتمامَه طَوال الحفل على إحدى صديقاتي، رغم أنها تقل عني جمالًا وذكاءً، إلا أنها تتفوق عليَّ بمهارتها في الحديث، فضلاً عن روحها المرحة التي تُلقي بظلالها على كل مكان تحلُّ به، حاولتُ جَذْب اهتمامِه وإعادته لي وحدي، إلا أنني لم أنجح، أجبرتني كبريائي أن أتظاهر بأن كل شيء يسير على ما يُرام، وأن أنهيَ الحفل في وقته المُخطَّط له...

وعندما همَّ بالخروج، همسَ في أذني بكلمات أشعلت مخاوفَ كثيرة في نفسي... وأثارت أسئلة لا حصر لها داخلي... وكان آخرها: أريد أن أراكِ في نادي الخيل غدًا الساعة السادسة مساءً... انتهى اليومُ بكل ما فيه، وانتظرتُ لقاء اليوم التالي على أحرَّ من الجمر... الذي بدأ في النادي وانتهى في شقَّة يملكها والد أحمد... لأعود بعدها إلى بيت أهلي أجرُّ ذيول الخيبة ورائي، وأبكي على شيء أدركت كم هو ثمين بعد فقداني له... بكيتُ ليلتها كثيرًا، وتمنيتُ لو أن أمي لم تلدني.

وتكررَت اللقاءاتُ المشؤومة، ولا أدري سببًا لموافقتي عليها، فلم يكن يجبرُني على شيء... أهي الغيرة من أن يتركني وحيدة ويذهب للصديقات الكثر اللواتي يُحِطنَ به ويتمنَّينَ لقاءه؟ لا أدري... ولكن ما أعلمه أن شعور الاحتقار لنفسي بات هو الغالب على مشاعري.

وذات يوم ذهبت إلى نادي الخيل مثقلة بهمومي، وسِرتُ وحدي على حصاني في طريق طويل، فإذا بي أشاهدُه من بعيد يركب حصانه وتركب خلفه صديقة له لم أرها من قبلُ، تتشبث به من الخلف، وتُطلق صيحاتٍ خائفة كلما ازدادت سرعة الحصان... مرَّ عليَّ وابتسمَ في وجهي بسمةً حملت في طيَّاتها الخبثَ والدهاء... وتابع طريقَه بشكل طبيعيٍّ جدًّا... استغربتُ من وقاحته الشديدة، وعدتُ أدراجي بكبرياء مجروحة، تطغى الهزيمةُ على كل المعاني الأخرى في ذاتي... أخذتُ أستعرض في ذاكرتي مُجريات لقاءاتي السابقة به، وكلامه لي، وأراجع نفسي وألومها، كيف سمحَتْ لي بالانجرار وراء تلك العلاقة؟ وما أحزنني أنني أرخصْتُ من نفسي أمامَه، فهان عليه أن يتركَني ويختارَ غيري بسهولة... ذهبتُ إلى أمي ودموعي تتقاطر من عيني... لُمتُها على موافقتها لي بأن أُتابع علاقتي مع هذا الفتى، ولماذا لم تخبرْني بخطأ ما أفعل؛ لأنني سأكون الخاسرةَ مهما كانت النتيجة...

ابتسمَتْ أمي وقالت: هذا الدرسُ الأول لكِ في تعلُّم الحرية الشخصية، تعلَّمتِ منه أن تختاري وحدكِ وتقرِّري ماذا تريدين، دون أيِّ تدخُّل خارجي...

انتهت عَلاقتي به... ولم أُنشئ أية عَلاقة مع غيره بعد ذلك، بل ثابرتُ على دروسي، وأصبحتُ أكثر نضجًا وخبرة في الحياة.

ومرت الأيام والسنوات عليَّ، أصبحت فيها معيدة للكيمياء العضوية في الجامعة، وبعث الله لي بزميلة ملتزمة دينيًّا، أثَّرت كثيرًا في نفسي، وعرَّفتني بدين الإسلام، وعلَّمتني الكثير من الأشياء عنه... وجدتُ نفسي متعطِّشة للدين وللقرب من الله، أبكي بين يديه على سجادة الصلاة في ركعاتي الليلية التي ثابرت عليها، ووجدت فيها سَلْوتي التي كنت أفتقدها... وكنت حاقدة على طريقة أمي في التفكير والتربيةِ تحت مسمى الحرية الشخصية، لقد كان على والديَّ توعيتي لأمور الحياة وصراعاتها القَذِرة؛ ليس لإخافتي، وإنما لحمايتي من الوقوع في الأخطاء القاتلة، وإلا فلن أتعلَّم إلا بعد خوض التجارب القاسية بنفسي، وساد عندي الاعتقاد أن والديَّ هما أولُ من استهان بحقوقي عندما فتحا لي الباب على مصراعيه، لأخوض التجارب الخطرة بنفسي، دون غطاء يقيني من السقوط... فالحرية ليست في أن تختار شيئًا لا تعرفه؛ وإنما أن تعرِف جميع الخيارات الموجودة أمامك، ومآلَ كلٍّ منها، وتختار بعد ذلك الأصلحَ والأفضل لك...

شعرت بأن الله عوَّض عليَّ بسنوات الضياع سنواتٍ من الهداية والطُّمأنينة بقربه... رغم أن والدِي عارضَ - بشدة - التزامي الدينيَّ ولباسي الشرعيَّ، وبذل ما بِوُسعه أن يَثنيَني عنه، لدرجة أنه هدَّدني بحرماني من ثروتِه، سألتُه حينها: أين الحرية الشخصية التي كنت تتحدَّثُ عنها دائمًا يا والدي؟ الحرية التي سمحَتْ لك بتركي لأن أقع فريسةً سهلة بين فكَّيْ ثعلب ماكر؟ أن أقعَ كانت حرية، أما أن أتوجَّهَ إلى خالقي فهذا انحراف وتطرف؟ هداكَ الله يا والدي، ماذا ستقول لربك عز وجل بعد أن تموتَ وتقف بين يديه؟ بمَ ستحتجُّ؟ أستقولُ له بأنك ضيَّعت الأمانة التي وضعها الله في عُنقك؟ اتقِ الله في نفسك وفيَّ يا والدي، واطلبْ منه المغفرةَ قبل فوات الأوان...

طردني والدي من بيته؛ لأن ما أصبحتُ عليه يتعارض مع مفاهيمِ حرية المرأة التي يؤمن بها... والتجأتُ إلى الله وذهبتُ لبيت صديقتي، ولم تكن متزوجة، ولأنَّ الله لا يخذلُ عبدَه الذي التجأَ له؛ تقدَّم أخوها بطلب الزواج مني، شرحتُ له جميعَ ظروفي السابقة، وتجاربي التي مررتُ بها، والهداية التي منَّ الله عليَّ بها...

فأجابني بأنه سيجعلُ من زواجه منِّي صدقةً يتصدق بها لله عندما يسترُ على فتاة مسلمة؛ عسى الله أن يمُنَّ عليه بالشفاء من سرطان الدم الذي ثبتَتْ إصابتُه به...

لم أتردَّد في القبول رغم مرضه الذي ربما لن يتمكَّنَ من الشفاء منه... وأنا أيضًا قلتُ له بأنني أَقبلُه زوجًا لوجه الله تعالى؛ عسى الله أن يغفرَ لي ما تقدَّم من ذنبي...

وأتممنا العَقد الشرعيَّ، وانتقل هو للمَشفَى للعلاج، ورافقتُه خُطوة بخُطوة في علاجه الطويل، وتنقُّلِه بين المستشفيات، كنتُ أشاهده يتألَّم بشدة ويَذْوِي أمام عيني، رغم ذلك لم يفتُرْ عن حمد الله وشكره ودعائه، كان دائمَ الاعتذار لي بأنه سبَّب لي الكثيرَ من العناء والتعب... أصبح هو كلَّ شيء لي في هذه الدنيا... كنتُ أستيقظ بعد منتصف الليل أصلِّي وأبكي وأدعو الله بإيمان ويقين بأن يمُنَّ عليه بالشفاء... ولِكَرَم الله علينا بدأ يتماثل للشفاء، وبدأت تعودُ صحتُه إليه بعد أن يَئِس الأطباء من شفائه، ولكنَّ الله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين... واستجاب الله لي وله... ليس هذا فقط، بل أنعم علينا بالذريَّة الصالحة بعد سنوات عِدة من الزواج...

وعُدتُ لبيت عائلتي، فوجدتُ أبي مصابًا بشلل أقعدَه عن الحركة وربطَ لسانَه، قبَّلتُ يدَه ويدَ أمي، ودعوتُ لهما بالهداية، وعرَّفتُهما على زوجي وأطفالي، وحدَّثتُهما بما أنعمَ الله به عليَّ، سُرَّت أمي لعودتي، وتلألأَتْ ابتسامةُ سرورٍ على وجه أبي... أما أخي، فقد سارَ على درب أبي في المعاصي والبُعد عن الله... فرفضَ لقائي... ولم أنقطع عنهم، بل بذلتُ جهدي للتأثير في نفوسهم، ولكني وجدتُ المثلَ القائل: "مَن شبَّ على شيء شاب عليه" ينطبق عليهم، إلا أنني لم أيئس ولم أتوقف عن جهدي معهم...

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-05-2021, 12:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,335
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حرية المرأة المدعاة: حرية أم لعب بالنار تحول إلى حريق؟

حرية المرأة المدعاة (2)

















طعنة في الرجولة ومشاعر أخرى



د. زهرة وهيب خدرج










نشأتُ في أسرة كبيرة وفقيرة، ترتيبي الثالث فيها، أبي كان في معظم وقته عاطلًا عن العمل، ورغم ذلك يبذِّر كل قرش يتمكن منه على التدخين "والنارجيلة"، والسهر مع الشلَّة، أما أمي، فهي غير متعلِّمة، وهمُّها الأول والأخير هو الحصول على المال.







استطاعت أختي الكبرى أن تحصل على دبلوم تجارة، وأن تعمل في مؤسَّسة غير حكومية، وأصبحت تخرج للعمل من الصباح المبكِّر ولا تعود إلا بعد حلول الظلام، وكثيرًا ما كانت تعود إلى البيت برفقتها بعض النساء أو الرجال الأجانب الذين لا يتحدَّثون العربية، كانت تُحضرهم معها لتناول الطعام والمبيت في بيتِنا.







أختي الثانية عملت بائعةً في محلٍّ تجاري، وأصبح حالها حال أختي الكبرى في الخروج والتأخر في العودة، بالإضافة إلى اهتمامها المبالغ فيه بوضع أدوات الزينة والألوان ومساحيق التجميل قبل الخروج من البيت.







أما أختي الصغرى، فكانت كثيرة الخروج من البيت لزيارة صديقاتها وبنات الجيران، وعندما تكون في البيت لا يُفارق الهاتف المحمول يديها واهتمامها، أداؤها في المدرسة متدنٍّ، وتُردِّد باستمرار أنها "لن تُكمل تعليمها؛ لأنها تريد أن تعمل مثل أختيها، بل تريد أن تتزوَّج وتبقى مرتاحة في البيت".







ولي أخوان صغيران أيضًا، تلبِّي أمي كل طلباتهما مهما كانت، دون أي اعتراض، وإذا تأخَّرتْ قليلًا في الاستجابة لأي من طلباتهما، يأخذان بالبكاء والصراخ وإلقاء كل ما تصل أيديهما إليه أرضًا وتحطيم ما يستطيعان!







كنت أعترض على سلوكيات إخوتي، إناثًا وذكورًا، فكانت والدتي تقف لي بالمرصاد قائلة: هم أحرار، اتركْهُم وشأنهم، أنت مسؤول فقط عن نفسك، لا تتدخل فيما لا يَعنيك!







طبعًا مصاريف البيت كلها، إضافة إلى مصروف أبي، وأقساطي الجامعيَّة - تقوم بها أختاي بالكامل، أنهيت دراستي الجامعية في علم الاجتماع، وانطلقت في رحلة بحث مُضنٍ عن العمل دون أن أوفَّق، اقترحت أختي الكبرى أن أتقدم بطلب للعمل في المؤسسة التي تعمل فيها، وفعلًا ذهبتُ، واصطحبَتْني للمسؤول الأجنبي، وقدَّمتني له، وأخبرته بأنني طالب عمل، وجَّه لي بعض الأسئلة، وطلب مني أن أترك طلب العمل وشهاداتي لدى رئيس قسم الموارد البشرية، وتمَّ قبولي في وظيفة باحث ميداني لدراسة مشاكل المرأة والعنف ضدها.







أخذتُ أذهب للتجمُّعات التي تغلب فيها النساء؛ كأماكن العمل، والجمعيات... إلخ، وأقوم بتعبئة الاستبانات بالمعلومات التي آخذُها منهنَّ، وكان كلٌّ من تلك الاستبانات تركِّز على إحدى قضايا المرأة ومشاكلها، ثم أعيدها للمؤسَّسة؛ ليقوم بتحليل البيانات وعمل الاختبارات الإحصائية عليها طاقمٌ من الأشخاص غيري.







أحببت عمَلي، وأخذت أستمتع به جدًّا، وخاصة أنه أتاح لي الاطلاع على كثير من القضايا التي تتعلَّق بالمرأة، كانت المرأة في أكثرها ضحية عنف لفظي وجسدي، وجنسي!







أما أسرتي، فقد قَلَّتْ صداماتي معها كثيرًا... إلى أن أعادتها للواجهة مرة أخرى حادثة غيَّرت مجرى حياتي بالكامل... ذات مرة شاهدت أختي الكبرى جالسة إلى جانب المسؤول الأجنبي في مكتبه على أريكة، وكان يضع إحدى يديه على كتفها ويده الأخرى تعبث بأزرار قميصها، وهما غارقان في الضحك، شاهدت ذلك من خلال زجاج باب غرفة المسؤول عندما تصادف مروري من أمامه لسؤال السكرتيرة عن أمر يخصُّ العمل، انسحبت بهدوء من المكان رغم رغبتي في التقيؤ وشعوري بأن دماغي يغلي داخل رأسي.







وأخذت أصبِّر نفسي حتى تعود أختي للبيت، وعند عودتها أخذتها إلى غرفتي، ودون مقدمات سألتها عن الوضع المُخجل الذي رأيتها فيه بأم عيني... لم تُنكر أو تدافع عن نفسها، بل كان جوابها: لا تسألني مرة أخرى عن ذلك، رجاءً لا تتدخل فيما لا يعنيك؛ أنا حرَّة أفعل ما يتناسب مع مصلحتي!







قلت لها وأنا مصرٌّ على سَماع مبرراتها: كيف لي ألا أتدخل؟ أنت أختي، وما يَجري معك يُهمُّني ويَعنيني، هل صحيح ما رأيتُ؟ وهل هناك مبرر لديك؟







أخذت تصرخ بي وتقول: لماذا لم تَسألني هذا السؤال قبل عدة سنوات قبل أن تدخل الجامعة؟ لماذا لم تسألني مِن أين لي أقساطك ومصاريفك ومصاريف والدك ومصاريف الأسرة كلها؟ ولماذا لم تسأل نفسك كيف حصلت على عمل بسرعة فائقة بعد تخرُّجك؟ لا تعتقد أنه بسبب كفاءتك التي لا مثيل لها! أعلمتَ الآن فقط أنك أصبحت رجلًا لتأتي وتُحاسبني، ولتُصبح سلوكياتي هي عنوان شرفك وشرف أسرتك؟







وطبعًا والدتي كعادتها وقفت إلى جانب أختي تؤازِرُها وتطلب مني عدم التدخل، وأخذ باقي إخوتي يهزؤون بي ويقولون فيما بينهم بأنني فقط أريد استعراض رجولتي عليهم، ووصل الحال بأختي الصغيرة أن قالت لي: أتمنَّى أن أعيش وأراك كيف ستُعامل بنت الحلال، أنا متأكدة من أنك ستترك لها الحبل على الغارب ولن تستطيع فرض رأيك عليها كما تفعل معنا نحن!







وما أصعب دموع الرجال حين تَنساب نتيجة لشعورهم بالذلِّ! أذلَّني سلوك أختي وكلامها، فلم أكن لأقبل أن تبيع نفسها لتُنقذ العائلة الكبيرة من الفقر الذي كانت تغرق فيه، لم أكن لأقبل أن أحصل على شهادة يكون جسد أختي ثمنًا لها، كانت أمي تُخفي عني ما يدور حولي، جعلتني أمي كالأبله أو "كالأطرش في الزفة" كما يقولون، الجميع يدري كل شيء وأنا الغافل الوحيد بينهم، فعندما أتكلم وأعترض يصرخْنَ فيَّ ويطلبن مني الصمت والبقاء كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال؛ لتُغيِّب نفسها عما يَجري حولها، رغم وجودها في وسط الحدث!







أخواتي لا يقدِّرْن حجم محبتي لهنَّ، وغيرتي عليهنَّ، رغم أنني أصغر منهنَّ سنًّا، هنَّ لا يعلمْنَ أنني لا أطيق أن يكون لأيٍّ منهنَّ ثمَن، ليست المسألة كون الثمن رخيصًا أو مرتفعًا؛ كأن يكون فتاتًا من المال، أو فرصة عمل جديدة لأحد أفراد الأسرة، أو غير ذلك، ولكن المسألة أن يكون هناك ثمن للمرأة، فكيف عندما تكون هذه المرأة أختي التي أحبُّها وأغار عليها؟







طلبت من أختي ترك العمل في هذه المؤسَّسة، إلا أنها رفضت وبشدَّة، سألتها: ما الذي يجبرك على هذا العمل الذي تَبيعين نفسك بمقتضاه، مهما كانت الأعذار التي تعطيها لنفسك لا يوجد هناك مبرر لاستمرارك فيه.



أجابتني: بعد أن فقدتُ نفسي في ذلك المكان، تُريدني أن أتركه دون أن أستردَّ ولو بعض الثمن؟!



قلت: ما هو الثمن في رأيك؟ مهما كانت المكاسب التي ستَحصُلين عليها ستبقين الخاسرة باستمرارك في تلك الطريق، أنا سأتكفل بجميع احتياجاتك، واحتياجات الأسرة، فقط اتركي ذلك العمل، واطوي هذه الصفحة، وابدئي من جديد.







رفضت أختي عَرضي كما رفضتْه أمي؛ لأن ذلك العمل كان مربحًا لكلتيهما، حتى وإن كان ما تدفعه أختي في سبيله أغلى بكثير، أما أبي، فلا رأي له في الموضوع، فقط هو يريد المال دون أن يعبأ بالطريقة التي يأتي بها.







اضطررتُ أن أصمت وأنأى بنفسي ليس فقط عن البيت والعمل؛ وإنما عن البلاد التي يقيمون فيها، تلازمني عقدة نقص الرجولة أينما حللتُ وارتحلتُ، أعاني الغربة والكثير من المشاعر السلبية الأخرى.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.02 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]