|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الإسلام والتربية مدى الحياة(1) شريف دويدار تمهيد: في بداية الحياة البشريَّة لم يكُن النَّاس في حاجةٍ إلى مدارس ليعلِّموا فيها أبناءَهم؛ لأنَّ الحياة كانت سهلة، وليس فيها شيء من التعقيد، وكانت الأجيال تتعلَّم عن طريق الممارسة العمليَّة، ثمَّ بدأتِ الحياة تتَّسع وتتنوَّع مطالبُها، وأصبح لا بدَّ من تَخصيص أماكن للتَّعليم، ومعلِّمين يقومون بتعليم الأطفال ما يحتاجون إليْه في حياتِهم الحاضرة والمستقبلة، وكان هذا التعْليم كافيًا لحاجات الفرْد، كما كان كافيًا لحاجات المجتمع في الوقت نفسه. وتقدَّم العلم، وتنوعت الحاجات المطلوبة، وازدادت سنوات الدِّراسة، وبدأت الدراسات العليا تنتشر؛ لتتمم هذه الجوانب، ثم توسَّعَت وتنوعت، ولا تزال تتوسع وتتنوع إلى ما لا نهاية. ولكنَّ التعليم المحدد - مع ذلك - لم يَعُدْ كافيًا في العصر الحديث؛ ذلك لأنَّ المطبعة الحديثة أخذت تَمُدُّنا بالكتب المتنوعة السَّريعة الطبع، السهلة الانتشار، كما تَمُدُّنا بالصحف والمجلات التي لا حَصْر لها، ثم تطورت وسائلُ التقنية الحديثة المتمثلة في المِذْياع والتلفاز، والمسجلات والحاسبات، والعقول الإلكترونيَّة وغيرها، وقد أصبح العالم كأنَّه جزيرة صغيرة، وقد أدَّى هذا إلى سلسلة من التغيُّرات السياسية والاجتماعيَّة، والثقافية والتِّقْنِيَّة والعلمية، وأصبح العالم كلُّه كأنه جزيرة صغيرة، ما يُعرف في جهة منه يُعرف في بقية جهاته في نفس الوقت. ومن هنا؛ فإنَّ كلَّ مجتمع غدا يَحتاج إلى نظام تعليمي؛ لإبقاء التوازن بينه وبين الإنسان الذي يمثله، والمجتمع يتغير شكله ويقفز أحيانًا قفزاتٍ واسعةً، طبقًا لظروفه الخاصة، وتَمشِّيًا مع غيره من المجتمعات. كما أنَّ التصنيع الحديث والتطوُّر السريع فيه يَحتاج إلى هذا النوع من التعليم، حتَّى يُمكن أن يستفيد المجتمع من هذا التصنيع الفائدةَ المَرْجُوَّة، ثُم إنَّ الإنتاج الزراعي يحتاج إلى مضاعفة قُدراته الإنتاجية، بحيث تشمل الناحية الرأسية في زيادة غلاَّت الفدان بالوسائل المختلفة، كما تشمل الناحية الأفقية في زيادة الرُّقعة الزراعية، باستصلاح أكبر قَدْر من الأراضي الصالحة للزراعة. وإلى جانب هذا كُلِّه الزيادة الهائلة في السُّكان والأيديولوجيَّات المتصارعة، وتلوث الماء والهواء، وغير ذلك من العوامل الكثيرة، التي تحث آثارها في المجتمع وفي كُلِّ المجتمعات. كلُّ هذا أصبح يتطلب أن يستمر تعليم الفرد طوال حياته، وأن يتنوع؛ ليكون شاملاً حتَّى يغطي كلَّ ظروف المجتمع، وأن يكون متاحًا لكل فرد بوسيلة أو بأخرى حتَّى يمكن للفرد أن يؤدي واجبه، وللمجتمع أن ينهضَ وأن يستمر تقدمه. وفي ضوء هذا التطور التِّقْنِيِّ السريع - والحكم الآلي في الصِّناعة - كان لا بُدَّ من إعادة النَّظر في النُّظم التربوية، سواء أكان ذلك في المحتوى أم في الطرق أم في الاتجاه العام، وأصبح من أهمِّ وظائف المدرسة الحديثة أنْ تُعلِّم الطالب كيف يستطيع استخراج المعلومات من العقل الإلكتروني الذي يتميَّز بالسرعة والدِّقة، وبذلك يوفر له الوقت والجهد. وقد أدرك المعنيون بالتربية أنَّ التعليم المحدد الذي ينتهي بانتهاء سِنِين الدراسة لا يفي بحاجات المجتمع المتطور؛ لأنه يجعل الإنسان عاجزًا عن مُسايرة التغيُّرات السريعة التي تحدث، وقد وجد أنه لا بُدَّ من أن يحل محله تعليم يستمر مدى الحياة، وهذا يحتاج إلى إيجاد التناسق الرأسي بين النِّظام المدرسي ومؤسسات تعليم الكبار، وكذلك ينبغي أن ينظر التعليم نظرة شاملة لمشكلات الحياة في واقعها الملموس، وأنْ يستهدف تزويد الدَّارسين بالاتجاهات والقُدرات التي تعينهم على حل المشكلات، التي تظهر في المجتمع، وهذا ما يعرف بالتكامل الأفقي للتعليم، وعبارة التربية والتعليم مدى الحياة تشير إلى خُطَّة شاملة هادفة إلى إعادة مَنهج التربية، وتطوير الجهد التربوي الكامل خارج التربية... يتبع ..
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الإسلام والتربية مدى الحياة(2) شريف دويدار أسس التربية مدى الحياة: التربية مدى الحياة تقوم على أسس تكييف المناهج الدراسية، في مُختلف مراحل التعليم، بحيث تُكوِّن الطالب التكوين الملائم، وتزوده بالمهارات والقدرات التي تساعده على أنْ يكون مُعلِّمَ نفسه بعد الحياة المدرسية، وبحيث تجعله باحثًا عن الثقافة والتعليم بما يتلاءم والعصر الذي يعيش فيه، والبيئة التي يحيا فيها؛ حتَّى لا يُمسي متخلِّفًا، والعالم حوله ينبض بالتقدُّم الحضاري والرُّقي التِّقني الذي يتميز به عصرُ انتشار العلم والتقنية، وهى تُراعي طبيعته، وتتمشى معها في نطاق قُدراتها، وتُحاول أنْ تدفع الفرد إلى تحقيق ذاته وتنمية طاقاته إلى أقصى درجة مُمكنة، ثم إنَّها تهدف إلى نُمُو الفرد بصورة مُستمرة، فهي عمليَّة يتطور فيها الفرد؛ ليكونَ صالحًا للعمل في مجتمعه طوال حياته، وهي تَمتدُّ حيثما يكون نشاط الفرد وميدان عمله، كما أنَّها تشمل مختلف مواقف حياته في العمل وفي الأسرة، وفي المجتمع الخاص والمجتمع العام على السواء، وإلى جانب هذا فإنها تترك الباب مفتوحًا أمام المتعلم للاستفادة من كُلِّ الوسائل التربوية، التي تُتاحُ له في أي وقت وفي أي مكان. وهى تدعو إلى الملاحظة المستمرة، والتأمُّل الواعي، واتِّباع الأسلوب العلمي في كُلِّ عمل يقوم به الإنسان، وإذا كان على إنسان الغد أن يتعامَلَ مع أكبر سرعة من التغيُّر، الذي يعيشه إنسان الحاضر، فإنَّ هدف التعليم الرئيس لا بُدَّ أنْ يَحرص على إنْماء قُدرة الإنسان على معالجة المشكلات الجديدة والتغلُّب عليها، وقدرته على سرعة الحركة، وعلى الاقتصاد في الجهد المبذول؛ للتغلب على المعدل السريع للتغير، وأنْ يتعلَّم الإنسان كيف يُمكنه القيام بعمل افتراضات احتمالية تتكرر في المستقبل. ولأهمية التربية مدى الحياة في نُمو الفرد، وفي تقدم المجتمع، فإنَّ العملية التربوية تعتبر مسؤوليَّة المجتمع كله بكل طاقاته، بكل أجهزته، بكل أفراده، وإلى جانب ذلك فإنَّها تعتبر كُلَّ فرد معلمًا ومتعلمًا في نفس الوقت، وهذا جديد على التربية الحديثة، وإن كان ليس بجديد على التربية الإسلاميَّة، كما أنَّها تؤكد العلاقة بين التعليم والعمل. وهي إلى جانب ذلك تُعَوِّل على أهمية البحوث العلمية، التي تعمق فَهْم جوانب التربية، وفَهْم الظواهر السياسية والاجتماعيَّة والاقتصادية والثقافية، التي تساعد على إحداث التغيُّر والتحوُّل المطلوب في النظم التعليمية. ولكي يَتِمَّ هذا بالطريق الأمثل، فإنَّه يتطلب رسوخ الباعث الدَّائم المتجدد للدِّراسة لأفراد المجتمع، بحيث يكونُ لديهم دوافعُ قويَّة مُتجددة مُستمرة، حتَّى يُقبلوا على التعليم ما دامت الحياة. وهذا يتطلب تحقيق التَّكامُل بين التعليم المدرسي، وتعليم الكبار في مفهوم واحد، وتحقيق تكامُل التعليم المُتصل بكُلِّ جوانب الحياة الهامة، وتعميم هذا اللَّون من التعليم الذي يُحقق التكامُل بين جميع قطاعات المجتمع، وإعادة تحديد دَوْر كُلٍّ من التعليم المدرسي وغير المدرسي، حتَّى يلاحق ذلك رَكْب التطورات السريعة، التي يتحتَّم على أفراد المجتمع اللِّحاق بها، وكيفيَّة استخدام نتائج التقنية، التي تُحاول المجتمعات جاهدة في الأخذ بها. ومع التربية المُستمرة يتغير مفهوم النَّجاح والرسوب؛ لأنَّ الشخص الذي قد يرسب في فترة مُعينة أو في مرحلة مُعيَّنة من مراحل عُمره - سوف تتاح له فرص أخرى للنَّجاح بقية عمره، ولن يستسلم لليأس، فالهدف الرئيس: هو زيادة الفُرَص التي يختبر الفرد فيها قُدراتِه وإمكانيَّاته، وهى كثيرة ومُتنوعة، وتَمتد معه بامتداد حياته، وذلك يقتضي مواصلته للتعليم مدى الحياة. يتبع..
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() الإسلام والتربية مدى الحياة(3) شريف دويدار للتربية مدى الحياة بُعدان: بُعْدٌ رأسي: ويتمثَّل في امتداد التربية، بحيث تشمل حاجاتِ الإنسان طوال حياته. وبعد أفقي: ويتمثل في امتدادِ شمولها، بحيث تشمل مَجالات النَّشاط الإنساني، من القيام بالأدوار الخاصة بالفرد، إلى الأدوار الاجتماعيَّة والمهنية المختلفة، إلى جانب طريقة شغل أوقات الفراغ فيما يعود على الفرد وعلى المجتمع بالفائدة المَرْجُوَّة. وهى تَهتمُّ بشخصية الفرد من النَّواحي الجسمية والعقلية، والنفسية والعاطفية وغيرها، كما أنَّها تقوم على أساس نظرة شاملة، يتكامَلُ فيها النَّشاط التعليمي في ارتباطه بنمو الشخصية، وتتكامل فيها التَّربية مع الثَّقافة، والتعليم المدرسي مع التعليم غير المدرسي، والتعليم المهني مع التعليم العام وهكذا؛ ولذلك فإنه ينبغي أنْ تُحدد عناصر الثقافة وطريقة الحياة بجوانبها المادية. كما أنَّ التربية مدى الحياة تقوم على أساس النَّظرية العضوية التفاعليَّة بين العقل والشخصية والمعرفة، وتؤكد الدَّوْر الوظيفيَّ لهذه المعرفة في تنمية روح البحث والرَّغبة المستمرة في التعليم، وتنمية الفكر التقدمي الواعي، والقدرة على الابتكار والإبداع. لذلك كان لا بُدَّ من إرساء دعائم التعليم الطَّويل المدى، بِحيثُ يستطيع أفراد المجتمع النهوض بالأعباء المتعددة المطلوبة؛ للإسهام في التخطيط الاجتماعي المتنوع من ناحية، ولتأمين المزايا الأولى، وتحقيقها للفرد والجماعة من ناحية أخرى. فالمجتمع مسؤول عن توفير الخدمات التي يحتاج إليها الناس، مثل: الغذاء، والصحة، والمأوى؛ وذلك لجميع أفراد المجتمع من كُلِّ سن، ومن كُلِّ طبقة، ولا بُدَّ للمجتمع من تحقيق هذه الأشياء أثناء حياتهم. من هنا فإنَّ التعليم الذي يستمر مدى الحياة ينبغي أنْ يُعملَ فيه على تقنين التطوير والتحديث تقنينًا علميًّا، بحيث يَتَضمَّن تغيير بنية التعليم، وبذلك يشترك الوالدان وأفراد الأسرة ومؤسسات المجتمع بشكل أو بآخر في تَحمُّل بعض مسؤوليَّات التعليم، وفي المناهج الدِّراسية يُمكن أن ندرس المواد التي تفيد التلميذ، والتي تُحقق التوازن بين جوانب الفرد من ناحية، وإلى التنويع الذي يَحفظ للمجتمع ملامِحَه وللثقافة عموميتها من ناحية أخرى؛ يقول العالم الأمريكي "هربرت جريجورى": "لن يكونَ رجل الغد الأمي هو الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة، ولكن الذي لم يتعلم كيف يتعلم". والإنسان مكمل لنظام شامل، بل إنَّه يستطيع من خلاله أنْ يؤثر في تطوره، وأن يتحكَّم في سيرته بما يتَّخذه من قرارات، وبما يقوم عليه من تنفيذ لهذه القرارات. ولَمَّا كان لكل فرد في المجتمع الحقُّ في الإسهام في اتِّخاذ هذه القرارات؛ لأنَّها تتصل به وبحاجاته، فلا بُدَّ أن ينالَ كل فرد حظًّا من المعرفة التي تُمكنه من ممارسة هذا الحق، والطريقة السليمة التي تجعله يحصل على حقوقه، وفي الوقت نفسه تجعله يؤدي ما عليه من واجبات حتَّى ينهض المجتمع نهوضًا سليمًا. والذين فاتَهم قطار التعليم لهم الحقُّ في أن يلحقوا به عن طريق تعليم الكِبار، والتعليم المنظم الذي يُمكِّنُهم من اكتساب المهارات والقيم، التي تجعلهم يستطيعون معالجة قضايا العالم المتغير، والتعبير عن مشكلاتهم الخاصة في إطار أهداف المجتمع. يتبع..
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |