|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الهزيمة والقوة (قصة) محمد حسن جباري دارت به الأرضُ وهو يرى تِلالًا من جثث جنوده تجلِّل سطح المعركة، وبِساطًا قانيًا من دمائهم المتجلِّطة تصبغ ترابها الثائر. قدَماه الواهنتان لم تَعودا قادرتين على حمل جسده المتهالك، بيديه المرتعشتين كان يغطي وجهًا ذاهلَ القسمات.. ♦ كيف يمكن أن يحدث هذا؟! ♦ لا بد أن هناك خطأً ما! ♦ ♦ ♦ راح ينتف شعره، يضرب رأسه بعنف على بعض الصخور الناتئة، يصرخ كالثكلى... فلا يسمع سوى رَجْع صوته، تُردِّده أسرابُ الغربان، التي تهيئ نفسها لوجبة فاخرة من جيف جنوده. لا تزال مشاهد المعركة الدامية تتَكالب على ذهنه الكليل، فتَعصف بالبقية الباقية من وبيص عقله وفكره. لا يزال يذكر ضحكته المجلجلةَ وهو ينظر إلى أشباح هؤلاء الهَزْلى؛ بأَسْمالِهم المُرَعْبَلة، وعمائمهم الرثَّة، ونِصالهم الكليلة التي يَزعمونها سيوفًا! جلجلةُ ضحكته تزداد عُتوًّا حين يحوِّل نظره إلى الجانب الآخر، فيُعشي بصرَه بريقُ السيوف المصلَتة، ويَملأ ناظرَيه عددُ جنوده الذين سالت بهم الوهاد والشِّعاب. ♦ أهذه هي نتيجة خمسة أشهر من الإعداد؟! حفنة من الهراء! على العموم لا تحتاجون إلى أكثرَ من رشقات من البصاق! (مخاطبًا جنوده). غلالة من الغبار أثارتها سنابكُ الخيل المستوفزة، صلصلة السيوف وهي تودِّع أغمادها، همهمة، ودمدمة، وزلزلة... وبدأ الزحف. النصال الكليلة تحصد الرؤوس بشَرَه! الرماح الصدئة تفجر الأوردة، وتقطع الشرايين، العيون الواهنة تصلبت أحداقها؛ صارت ترسل وميضًا كالجمر يخترق قلوب الأسود! الأشباح الهزيلة يَضيق عن شدة بأسها الفضاء! تضاعفَت أعدادهم! تعملقَت أجسادهم! طالت سيوفهم.. أنت الأرض تحت سنابك خيلهم.. أشرعت السماء ذِراعيها لاحتضانهم! أفردت عصافيرُ الوهم أجنحتها، مغادِرة أبراج أحلامه المغرورة، تكشَّفَت سُحب الخيالات عن شمس الحقيقة الساطعة.. وجفَّ بصاقه في حلقه!! ها هي جموعه الغفيرة من هُرائه الذي كان يملأ عينيه تلوذ بالفرار، رؤوس قادَتِه تتدحرج على الأرض، فتدوسها حوافرُ الخيل، وتدوس معها غروره المنفوخ. دمعة ساخنة تتحدر على وجنته الشاحبة، وهو يسمع صلصلة الأصفاد التي تكبِّل يديه.. ♦ كيف يمكن أن يحدث هذا!.. ♦ ♦ ♦ في غمرة الحيرة التي تقتات على دماغه، وعلى مقربة منه أبصَر نملة تعالج حبَّة قمح تفوقها حجمًا لترفعها.. تفشل، تعاود الكَرَّة.. ثم تفشل، فتعاود الكرَّة.. وفي الأخير تنجح! رفَع جسده الثقيل، تأمل قامته الفارعة، صاح بأعلى صوته: ♦ أنا حبة قمح!!!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |