ابني وتمزيق البنطال؟

[ابوالوليد المسلم]

ابني وتمزيق البنطال؟


أ. أسماء حما



السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا وزوجي وأطفالي نعيش في دولة خليجية، أكبرهم عُمره ست سنوات، وهو ذكيٌّ ومتفوِّق في دراسته.
المشكلة أنه من سنة تقريبًا لاحَظْتُ أنه يُمَزِّق بنطاله، فظننتُ وقتها أنه يفعل ذلك؛ لأننا في هذا الوقت أرَدْنا شراءَ ملابسَ جديدة؛ استعدادًا للإجازة السنويَّة التي نذهب فيها إلى بلدنا، ظننتُ أنه يفعل ذلك؛ ليَلبس جديدًا، فتحدَّثتُ إليه كثيرًا، وحاوَلت أن أعرفَ منه السببَ، ولكن كان ذلك دون جَدوى على الإطلاق.
مرَّ تقريبًا ستة أشهر أو أكثر والأمور طبيعيَّة، ومنذ أسبوعين عادَ مرة ثانية ومزَّق بنطالاً جديدًا، مع العلم أنه هو مَن اختارَه، فجلَستُ وتحدَّثتُ إليه، وكلما سألتُه عن السبب، يقول لي: لا أعرف لماذا مزَّقتُه؟! ويبكي، ويعود ويقول كلامًا غير منطقيٍّ، فتعامَلت معه يومَها بحنانٍ، دون أيِّ عقابٍ أو انفعالٍ، واليوم تفاجَأْتُ بأنه مزَّق بنطالاً آخر.
الشيء الذي يُحيِّرني ويكاد يذهب بعقلي، أنه في كل مرَّة يكون نفس التمزيق، وفى نفس المكان.
أنا لا أعرف ما هو السبب، ولا أعرف كيف أتعامَل مع هذا الموضوع؛ فهو ابني الكبير، وأنا دائمًا أُشعره أنه الكبير، وأجْعَله يُراعي أُخته الصغيرة، فأجِده مسرورًا بهذه المسؤوليَّة.
فهل من الممكن أن أكون قد بالَغْتُ في هذا؟ أو أن يكون هذا هو السبب؟ أنا خائفة من أن يكون هناك شيء يُضايقه، وهو يُعبِّر عنه بهذا التصرُّف، وهل الموضوع يَحتاج إلى مُختص نفسي، أو لا يحتاج؟

لا أعرف كيف أتعامَل معه؟! أفيدوني وجَزاكم الله خيرًا.


الجواب
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله.
حيَّاك الله في موقعنا الألوكة، نشكر لك هذا الاختيار.

تصرُّفات ابنك التي أورَدتها لها احتمالان:
الاحتمال الأول: أنها نابعة من غَيْرته من أُخته الصغيرة التي استَحْوذت على اهتمامكم، وشَغَلت جلَّ وقتكم؛ مما جعَله يشعر بالإهمال، خاصَّة أنَّ الفرق الزمني بين الطفل الكبير والطفلة الصغيرة فرقٌ واضح؛ ففي السابق كان يَحظى بكلِّ الاهتمام والعناية، واليوم أصبَحت تُشاركه أُخته، فهو - وإن أبْدَى محبَّة ظاهرة لها - رُبَّما كان يَغلي من الداخل، والغَيرة إحدى المشاعر الإنسانية الطبعيَّة عند الطفل؛ فالقليل منها يُشكِّل له دافعًا نحو التطور والمنافسة، لكن الكثير منها يُفسد الحياة.
يلاحظ أنَّ الطفل في أوَّلحياته يَسترعي في العادة انتباه الجميع، ويشعر بأن كلَّ شيءٍ له، وكل انتباه موجَّه نحوه، لكنهذه العناية الكبيرة قد تتوقَّف عنه فجأة، أو بالتدريج كلما كَبِر، وقد تَنتقل إلى المولود الجديد،أو إلى شخصٍ آخر في الأسرة.
هذا التغيير قد يترتَّب عليه الميل إلى الانتقام، أو الشروع في سلوكيَّات تُثمر جَذْبَ العناية والانتباه إليه مرة أخرى؛ كالبكاء، أو التبوُّل اللاإرادي، أو التمارُض، أو تمزيق ملابسه كما حَصَل مع ابنك … إلخ.
من هنا عليك مراقبة رِدَّة فِعْلك أثناء قيامه بهذا التصرُّف، وعدم الانفعال وإظهار الغَيظ والغضب؛ فهذا ما يريده بسلوكه، أن يكونَ محطَّ أنظاركم، ويَجلب اهتمامكم.
أخْبِريه أنَّ التالفَ لن يُستبدل بآخر، وهكذا سيبقى من غير ملابس صالحة للخروج.
الاحتمال الثاني: رغبته في استخدام المقص والقص، اسْأَليه إن كان يحبُّ القصَّ، ويجد فيه مُتعةً، رُبَّما تكون رغبته في اللعب بالمقص ومُتعته في قصِّ القماش، هي السببَ في سلوكه.

ضَعِي في غُرفته بعض الأقمشة، أو شيئًا من ملابسه القديمة، أو بنطاله الصغير، ودَعِيه يُمارس رغبته في القص، فإن كان هذا بدافع الرغبة في القص، فسيَكُف عن قصِّ بنطاله الجديد الذي يَستخدمه.
وهكذا يتعلَّم أنَّ هناك أدوات نَستخدمها إذا أرَدْنا ممارسة هواية معينة، وليس بإتلاف ما نَملِك،
أمَّا إذا استمرَّ في سلوكه، فلا بأس من استشارة طبيبٍ نفسي.


أسألُ الله لك السدادَ وهدوءَ البال، وصلاح الأحوال.