|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التصدع الأسري .. كيف نواجهه؟ سلوى قدورة كم تَبدو الحياةُ بشعةً وقاسية وهي تتدافع حولَنا بأحداثها المرهِقة، ومواقِفها الشَّرسة، فلا نجد اليدَ الحانية التي تُخفِّف الثقيل، وتهوِّن الأسى، حينها نغدو كالجُزر المنفصِلة، فَقَدَ سُكَّانها الاتصالَ عبرَ قوارب النجاة، هكذا هي الحياة الزوجيَّة حين يُداهمها التصدُّع الأُسري، فيتهدَّد قاربَ الزوجيَّة الانقلابُ والتهشُّم وسطَ أنواء الحياة. وغالبًا ما يكون الجفافُ العاطفيُّ والقلق النفسيُّ بدايةً لخطر التصدُّع الأسري، فنجد الأسرةَ في مجمل أحوالها تشكو الجفافَ العاطفي، فالزوجة لا تهتمُّ بالإنصات لزوجها القَلِق، أو الذي يتعرَّض لأزمةٍ ما من أزمات الحياة، فلا تقدِّم له دعمًا نفسيًّا كافيًا يُعينه على تخطِّي تلك الأزمة، والزوج يُبادلها نفسَ اللامبالاة، فيكتفي بتوفير احتياجات الأسرة الماليَّة، ثم يظنُّ أنَّ ذلك هو كلُّ المطلوب منه. لقد حَرَص الإسلامُ على إبقاء العَلاقة الزوجيَّة الأسريَّة دافئةً متجدِّدةَ الحيويَّة، فعَّالة إيجابيَّة تدعم كلَّ أفرادها وهم يُواجهون أعباءَ الحياة، فرِقَّةُ القلْب ورحمتُه هي وسيلةُ التلاحم التي تربط أفرادَ الأسرة والمجتمع معًا. ويدعو الرسول صلى الله عليه وسلم لإشاعة الكلمة الطيِّبة، وتعويد اللِّسان عليها؛ فيقول عليه السلام: ((اتَّقوا النارَ ولو بشِقِّ تَمْرة، فمَن لم يَجِدْ فبكلمة طيِّبة))، ويُلاحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعابيرَ الوجه فيَحثُّ على إثبات الطلاقة والبِشر على وجوه المؤمنين، فيقول: ((لا تَحْقِرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أنْ تلقى أخاكَ بوجه طَلْق)). وبذا يَدفعُ الإسلامُ الزوجَ المسلم إلى إظهار مشاعر العطف والاهتمام والإيثار لأفراد المجتمع، وزوجتُه أحرى بذلك، فكلمةٌ طيِّبة، ولَمْسة حانية، وهمْسة رقيقة، ودعوة بالخير والصَّلاح في الدنيا والآخرة - تبثُّ الكثيرَ من الدعم النفسيِّ والعاطفي المطلوب. وحين تتناسَق جهودُ الزوجَين لتحقيق أهدافها، فإنَّ هذا كفيل بتجنُّب التصدُّع الأسري؛ لأنَّه سيولِّد المحبَّة اللاَّزمة لدفْعِ القارب الأُسريِّ إلى الأمام؛ يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّته))، وهذه المسؤولية الضخمة الخطيرة تشغل الحياةَ، وتشغل الفِكر عن التفاهات التي تخلق الشُّعور بالملل وعدم الرِّضا، وتدفع إلى الضَّجر والسخط الذي هو بدايةٌ أخرى للتصدُّع الخطير. يقول العالِم النفساني دانيل كايغان: "إنَّ الزواج مثلُ رِحلة في قارب، فإنْ لم يُنسِّقِ الزوجانِ جهودَهما، فإنَّهما يهيمان في دوائر، وقد ينقلبان فيتأخَّران عن بلوغ غياتهما المنشودة، أمَّا إذا تعاوَنَ الزوجانِ في تحقيق أهدافهما، فلن يتمتَّعَا فقط ببلوغ مقصدهما، بل سيتمتعان بالرِّحلة كذلك". إنَّ الزواج رحلةُ حياة، والحياة ليستْ سرورًا خالصًا وحسب؛ بل إنَّها تَحمِل إلى جانب ورودها أشواكَ الطريق، وتعثُّراتِ الخُطى، وتشابك العَلاقات الاجتماعيَّة بما تحمله مِن مفاجآت قد تكون قاسية؛ لذا على الزَّوج والزوجة أن يمتلكَا الإرادةَ القويَّة التي تكفل لهما تخطِّي تلك الصُّعوبات. إنَّ الإرادةَ الكامنة لازمةٌ "للقفْز فوقَ الصُّعوبات الماليَّة والاجتماعيَّة، وكذا المشاحنات الصغيرة اليوميَّة، إنَّ الإرادة وحدَها هي التي تجعل مِن تنشئةِ الأولاد في جوٍّ منزلي مُفْعَم بالحبِّ والمودة - هدفًا أسمى في الحياة، وبذا يكتسب الأولادُ الميولَ والاتِّجاهات والعواطفَ السليمة، في حين أنَّ جوَّ المنزل المليء بالمشاحنات، والصِّراعات المختلفة، واضطراب العَلاقات - لا يُنتج إلاَّ أبناءً مضطربي السُّلوك، يتميَّزون بعدم الثبات، وسوء التكيُّف مع المجتمع". فلتكنِ الزوجةُ إذًا قويَّةً بما يكفي لطرْح المشاحنات الصغيرة والانتقادات الهامشية إلى هاوية النِّسيان، ولتكنْ سريعةَ الرِّضا، سهلةَ التكيُّف مع كلِّ التطورات المحيطة، ولتنتقل من المشاعر الغاضبة الحانقة بكلِّ سُهولة ويُسْرٍ إلى المشاعر الهادئة المطمئنَّة، وليكنِ استرضاءُ الزوج لها سببًا كافيًا لإهمال المشاحنات التافهة؛ لأنَّ هذا يؤثِّر في مدى المحبَّة وعُمْقها بين الزوجين. وأخيرًا: فإنَّ القرآن الكريم يرفعُ من آفاق التطلُّعات الإنسانيَّة لتُتجاوز الدنيا، وتُنال الآخرة، ويؤكِّد القرآن الكريم في النفس البشريَّة شعورَ "التقوى"، وهذا يُوفِّر صيانةَ النفس البشرية عن كلِّ ما يضرُّ وما يؤذي، ويُبعِدها عن كلِّ ما يَحُول بين الإنسان والغايات النبيلة التي بها كمالُ رُوحِه وجسمه، فالتقوى هي التي تجعل الزَّوج يَعدِل في تعامُلِه مع زوجته؛ لقوله - تعالى -: ﴿ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8]. المستقبل - العدد 145- جمادى الأولى 1424 هـ، يوليو 2003م.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |