|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالقدر مبارك بن حمد الحامد الشريف الإيمان بالقدَرِ خيرِه وشرِّه من أصول الإيمان، فالله سبحانه قدَّر قدرًا وهدى الخلائق إليه، كما قال سبحانه: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقدرُ الله السابق هو كما قال ابن كثير: "عِلمُه الأشياءَ قبل كونها، وكتابتُه لها قبل برئها"[1]. وقد ردَّ ابن كثير على القدَريَّة نُفاةِ العِلمِ السابقِ، فقال عند تفسير الآية: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ﴾ [الحديد: 22]: "يُخبِر تعالى عن قدَرِه السابق في خلقه قبل أن يبرأ البريَّةَ فقال: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ﴾؛ أي: من قبل أن نخلُق الخليقة ونبرأ النَّسمة.... وهذه الآية الكريمة من أدلِّ دليل على القدَريَّة نفاةِ العِلمِ السابق، قبَّحهم الله، قال الإمام أحمد:.... عن عبدالله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قدَّر الله المقادير قبل أن يخلُق السمواتِ والأرض بخمسين ألف سنة))"[2]. فمنهج ابن كثير رحمه الله في الدعوة إلى الإيمان بالقدَر هو أنه يقرِّر رحمه الله عِلمَ الله الأشياءَ، وكتابتَها قبل كونها، وأنه سبحانه قدَّرها قبل وجودها[3]، "وهو تعالى العالِمُ بما كان، وما يكون، ومالم يكن لو كان كيف يكون، فيعلم الشيء قبل كونه ومع كونه على ما هو عليه، لا إله إلا هو، ولا ربَّ سواه"[4]. فهو رحمه الله استخدم المنهج العقليَّ في وجوب الإيمان بالقضاء والقدر، والرد على نُفاتِه، ثم نبَّهَ رحمه الله أنه "لا يُغني حذَرٌ مِن قدر، وأن لا ملجأ من الله إلا إليه"[5]. فهو بهذا المنهج العاطفيِّ يُبيِّن رحمه الله من خلاله أن للإيمان بالقدر ثمراتٍ تعود على المسلم، لا سيما الدعاة إلى الله، الذين تَعرِض لهم في طريق دعوتهم عقباتٌ وصعوبات، وما يلاقونه من فتن وابتلاءات، "فمن أصابتْه مصيبةٌ فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله وقدره، هدى الله قلبَه، وعوَّضه عما فاته من الدنيا هدًى في قلبه ويقينًا صادقًا، وقد يُخلِفُ الله عليه ما كان أخذ منه أو خيرًا منه، وعن ابن عباس: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾؛ يعني يَهدِ قلبَه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن لِيُخطِئَه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبَه"[6]. [1] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 316. [2] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 371. والحديث: أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما وسلم رقم (2653)، والترمذي، كتاب القدر، باب إعظام أمر الإيمان بالقدر رقم (2156). [3] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 372 عند تفسير الآية: ﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ﴾ [الحديد: 23]. [4] المرجع نفسه 2/ 422 عند تفسير الآية: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 16]. [5] المرجع نفسه 1/ 370 عند تفسير الآية: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾ [البقرة: 243]. [6] المرجع نفسه 4/ 442 عند تفسير الآية: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن: 11].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |