مقومات حق الطفل في التعليم عند ابن خلدون - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ابتسامة تدوم مدى الحياة: دليلك للعناية بالأسنان في كل مرحلة عمرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          كم يحتاج الجسم من البروتين يوميًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أطعمة ممنوعة للمرضع: قللي منها لصحة طفلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مكملات البروبيوتيك: كل ما تحتاج معرفته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          التخلص من التوتر: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أطعمة مفيدة لمرضى الربو: قائمة بأهمها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كيفية التعامل مع الطفل العنيد: 9 نصائح ذكية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كيف يؤثر التدخين على لياقتك البدنية وأدائك الرياضي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن لقاح السعال الديكي للأطفال والبالغين! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          لمرضى السكري: 9 فواكه ذات مؤشر جلايسيمي منخفض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-03-2021, 04:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي مقومات حق الطفل في التعليم عند ابن خلدون

مقومات حق الطفل في التعليم عند ابن خلدون














الدكتورة / ليلى جمعي


جامعة وهران



الجزائر





مقدمة:


ركَّز ابن خلدون في مقدمته على مميزات الإنسان ككائن اجتماعي مدني مفكِّر، معتبرًا تلك الميزات الأساس الذي يستند إليه الاجتماع الإنساني، وفق ما يظهر في قوله: "إن الإنسان قد شاركه جميع الحيوانات في حيوانيته من الحس والحركة والغذاء، وإنما يتميَّز عنها بالفكر الذي يَهتدي به لتحصيل معاشه، والتعاون عليه بأبناء جنسه، والاجتماع المهيِّئ لذلك التعاون…."، ليُؤكِّد بعدها أنه: "عن هذا الفكر تنشأ العلوم وما قدمناه من الصنائع، ثم لأجل هذا الفكر وما جُبل عليه الإنسان يكون الفكر راغبًا في تحصيل ما ليس عنده مِن الإدراكات، فيَرجِع إلى ما سبقه بعلم أو زاد عليه بمعرفة أو إدراك"، وبالتالي: "يَجيء التعليم من هذا، فقد تبيَّن بذلك أن العلم والتعليم طبيعي في البشر".





إلا أنَّ كون العلم والتعليم طبيعيًّا في البشَر لا يمنع من أن نجاح العملية التعلُّمية مُرتبِط بكَفاءة المعلِّمين، وهذا ما جعل ابنَ خَلدون يُقرِّر أن التعليم "يُعتبَر مِن جُملة الصنائع"، و"لهذا كان السند في التعليم في كل علم أو صناعة يَفتقِرُ إلى مشاهير المُعلِّمين، مُعتبرًا عند كل أهل أفق وجيل".





وبما أنَّ التعليم صناعة كباقي الصِّناعات، فانتِشاره وفاعليتُه بالنِّسبة لابن خلدون مُرتبِط بتحضُّر المُجتمَع؛ حيث يقول في هذا الصدد: "إنَّ تعليم العلم - كما قدمناه - مِن جُملة الصنائع، وقد كنا قدَّمْنا أن الصنائع إنما تَكثُر في الأمصار، وعلى نسبة عمرانها في الكثرة والقلَّة والحضارة"، ويواصل في نفس الفكرة بقوله: "وإذا تقرَّر ذلك، فاعلم أن سنَد تعليم العِلْم لهذا العهد قد كاد أن ينقطِع عن أهل المَغرِب؛ باختلال عُمرانه، وتناقص الدول فيه، وما يَحدث عن ذلك من نقص الصنائع وفقدانها كما مرَّ".





انطلاقًا مِن هذه المعطيات، اهتم ابن خلدون برسم المقومات الأساسية لحق الطفل في التعليم كما جاءت بها الشريعة الإسلامية، وكما تقتضيها خصوصيته، ويُمكِن إجمال هذه المقوِّمات في ثلاث نقاط، هي: مراعاة قدراته، مُراعاة إنسانيته، وسعْي العملية التعلمية لرفع كفاءة المتعلِّم ومهاراته.








الفقرة الأولى - مُراعاة قدرات الطفل:


اشترط ابن خلدون لنَجاح العملية التعلمية ضرورة مُراعاة قدرات المتعلم، سواء كان طفلاً أو غيره، وهو ما أصبحَت تؤكِّد عليه النظريات التربوية الحديثة وعلم النفس.





تَقتضي مُراعاة قدرات الطفل عند ابن خلدون ما يلي:


أولاً: بدء التعليم من سنِّ التمييز.


ثانيًا: مُراعاة القدرات الخاصة بكل متعلِّم.


ثالثًا: التدرُّج في العملية التعلمية.


وسنُفصِّل كل جزئية من هذه الجزئيات على حدةٍ لتتضحَ الصورة أكثر.





أولاً - بدء التعليم من سن التمييز:


يبدأ تعليم الطفل عند ابن خلدون ابتداءً من سنِّ التمييز؛ لأن الطفل قبل هذه السن ليس مستعدًّا للتعلُّم الأكاديمي؛ حيث يقول في هذا الصدد: "قد بيَّنا أول هذه الفصول أن الإنسان من جنس الحيوانات، وأن الله تعالى ميَّزه عنها بالفِكْر الذي جعله يُوقع به أفعاله على انتظام؛ وهو العقل التمييزي، أو يَقتنص به العلم بالآراء والمصالح والمفاسد من أبناء جنسه؛ وهو التجريبي، أو أن يحصل به في تصوُّر الموجودات غائبًا وشاهدًا على ما هي عليه؛ وهو العقل النظري، وهذا الفِكر إنما يحصل له بعد اكتمال الحيوانية فيه، ويبدأ من التمييز"[1]، ثم يُضيف قائلاً: "فهو قبل التمييز خِلْوٌ مِن العلم بالجُملة"[2].





إذًا فحسَب ابن خلدون: لا يبدأ التعلم لدى الطفل إلا ابتداءً من سن التمييز، أما قبْل هذه السنِّ، فهو - كما عبَّر عنه -: خِلوٌ من العلم بالجُملة.





إلا أنَّ الأمر لم يعد على هذا النَّحو وفق العلوم الحديثة؛ حيث أصبح التعليم يبدأ في مراحل جد مبكرة، ابتداءً مِن مرحلة الاجتِنان، اعتمادًا على سمع الجنين، ثم يتدرَّج في مرحلة ما قبل سنوات المدرسة عن طريق عملية اللعب، إلا أنَّ التعليم الأكاديمي لا يَبدأ إلا بعد إكمال الطفل لسنِّ التمييز أو بلوغه ست سنوات على الأقلِّ.





يتَّفق العلم المعاصر مع ابن خلدون في أن تعليم الأطفال الكتابةَ والحساب وغيرها من المعارف لا يبدأ إلا فى السابعة من عمر الطفل وليس قبلها؛ حيث صرَّح البياجي في هذا الصدد بما يلي: "إنَّ الذاكرة مرتبطة بالحكي، والتفكير بالمناقشة، والاعتِقاد بالالتزام أو بالوعود، والفِكر كله مُرتبِط باللغة الخارجية (مع الغير) أو الداخلية (مع النفس)، ولكن هنا يتجسَّد الفارق الزمني، هل يعرف الطفل على الفور كيف يوصل فكرته كاملة ويَستوعِب وجهة نظر الغير؟ أو أن التدريب على إقامة علاقات اجتماعية أمرٌ ضروريٌّ للوصول إلى تعاونٍ حقيقيٍّ؟ إنَّ تحليل وظائف اللغة التلقائية عند الطفل يفيد في هذه المسألة؛ إذ من السهل ملاحظة كون الحوار بين الأطفال يبقى بدائيًّا ومرتبطًا بالفعل المادي نفسه؛ ذلك أن الأطفال إلى حدود سنِّ السابعة لا يَعرفون معنى المناقَشة فيما بينهم، بل يَكتفون بمُعاكسة آراء بعضهم البعض"[3].





وجاء في تحليل آخَر له: "إن السابعة - كمعدَّل للسن، والتي تصادف بداية الدراسة بكل معنى الكلمة - تشكِّل منعطفًا حاسمًا بالنسبة للنمو الذهني؛ ففي كل جانب من الجوانب المعقَّدة للحياة النفسية، سواء تعلق الأمر بالذكاء، أو الحياة الانفعالية، أو العلاقات الاجتماعية، أو النشاط الفردي المحض؛ فإننا نلاحظ ظهور أشكال جديدة من التنظيم تُتَمِّم البناءات التي بدأت خلال المراحل السابقة، وتضمَن له توازنًا أكثرَ استقرارًا مع تدشينها لسلسلة لا متناهية من البناءات الجديدة"[4].





لا يَكون الطفل مستعدًّا للدراسة قبل السابعة؛ لأنه قبْل هذه السنِّ لا يَستطيع وضع الأشياء معًا على أساس صفة مشتركة، وهو ما أصبحَتْ تؤكِّد عليه العلوم المتعلِّقة بالتنمية البشرية[5].





وهذا ما أكَّد عليه الرسول عليه الصلاة والسلام: ((علموا أولادكم الصلاة لسبع))، كما أشار إليه علي بن أبي طالبٍ: "لاعِبْه لسبع، وعلمه لسبع، وصاحبه لسبع، ثم اترُك حبلَه على الغارب".





إذًا لا يكون الطفل مستعدًّا للدراسة إلا ابتداءً من بلوغِه سنِّ التمييز الذي عادة ما يكون في السابعة من عمره، وهو ما أكَّد عليه ابن خلدون مراعاةً لقدرات الطفل وطاقاته.





ثانيًا - مراعاة القدرات الخاصة بكل متعلم:


لقد بيَّن ابنُ خَلدون أنَّ تعليم الأطفال يبدأ من سن التمييز، ليؤكِّد بعدها على أهمية تعليم الأطفال الذين بلغوا هذه السنَّ، وسبب ذلك هو أن "تعليم الصِّغَر أشد رسوخًا، وهو أصل لما بعده"[6]، من هنا كان تعليم الوِلدان القرآنَ شعيرةً مِن شعائر الدين في المجتمعات الإسلامية؛ لأنَّ السابق الأول للقُلوب يُعتبَر أساسًا للملَكات، وعلى حسب الأساس وأساليبه يكون حال ما يُبنى عليه[7].





إلا أنَّ وقوف ابن خلدون على واقع التعليم في العالم الإسلامي في ذلك العصر، لم يَمنعه من التأكيد على أن احترام قدرات المتعلِّم يُشكِّل أساسًا جوهريًّا للنجاح الفعلي للعمَلية التعلُّمية؛ حيث صرَّح أنَّ "تلقين العلوم للمتعلِّمين إنما يكون مفيدًا، إذا كان على التدريج، ويقرب له في شرحها على سبيل الإجمال، ويُراعى في ذلك قوةُ عقلِه واستعداده لقبول ما يورد عليه"، وهو ما أكَّد عليه في قولٍ آخَر: "هذا وجه التعليم المفيد، وهو - كما رأيتَ - إنما يَحصل في ثلاثة تكرارات، وقد يحصل للبعض في أقل من ذلك بحسب ما يُخلَق له ويتيسَّر عليه".





يعتمد نجاح التعليم - وَفْق ابن خلدون - على مراعاة القدرات الخاصة بكل مُتعلِّم، زيادة على أخذ الطبيعة الخاصة للمُتعلِّمين الصغار أثناء تصميم البرامج التعلمية الخاصَّة بهم.





هذا ما دفَعه ليَنقل إلينا بإعجاب ما ذهب إليه القاضي أبو بكر بن العربي الذي قدَّم تعليم العربيَّة والشِّعر على سائر العلوم؛ كما هو مذهَب أهل الأندلس، وحُجَّته في ذلك أن "الشِّعر ديوان العرب، ويَدعو إلى تقديمِه وتقديم العربية في التعليم ضرورة، ثمَّ يَنتقل منه إلى الحساب فيتمرَّن فيه حتى يرى القوانين، ثُمَّ يَنتقل إلى درس القرآن، فإنه يتيسَّر عليه بهذه المقدِّمة"[8].





ولقد عقَّب ابن خلدون على منهج ابن العربي بقوله: "وهو لعَمري مذهب حسنٌ، إلا أنَّ العوائد لا تُساعد عليه، وهي أملك بالأحوال"[9].





أكَّد ابن خلدون على سلامة مذهب وطريقة ابن العربي في التعليم، رغم أنها تَتنافى مع الطرُق المتَّبعة في عصره، والتي درَج المربُّون على تطبيقِها، والأخْذ بها؛ حيث يقول في هذا الصدد: "ووجْه ما اختصَّت به العوائد مِن تقديم دراسة القرآن؛ إيثارًا للتبرُّك والثواب، وخشية ما يعرض للولد في جنون الصِّبا مِن الآفات والقواطع عن العلم فيفوته القرآن؛ لأنه ما دام في الحجر مُنقادٌ للحكم، فإذا تجاوز البلوغ وانحلَّ مِن رِبقة القهر، فربما عصفت به رياح الشبيبة، فألقته بساحل البطالة، فيَغتنمون في زمان الحجر وربقة الحكم تحصيل القرآن له؛ لئلا يذهب خلوًا منه، ولو حصل اليَقين باستمراره في طلب العلم، وقبوله التعليم، لكان هذا المذهب الذي ذكره القاضي أولى ما أخذ به أهل المغرب والمشرق …"[10].





إذًا فسبب العدول عن طريقة ابن العربي إلى الطريقة التقليديَّة يَرجع إلى أمرين اثنين:


الرغبة في التبرُّك ونَيل الثواب مِن تعليم الصغار القرآن الكريم.


الخوف مِن مَشاكل المُراهَقة التي قد تَعصِف بالصغير فتدفعه لترك التعليم، دون أن يتعلم شيئًا من القرآن.





إذًا فهي مجرد أسباب عاطفية لم تكن الحُلول متيسرة لها عند كل من ابن العربي وابن خلدون؛ لذا عقَّب هذا الأخير على هذا التناقُض بين ما يجب وما هو سائد بقوله: "ولكن الله يَحكُم ما يشاء، لا معقِّب لحكمِه سُبحانه"[11].





ثالثًا - التدرُّج في العمليَّة التعليميَّة:


يُشكِّل التدرُّج في العمليَّة التعليمية أحد مقوِّمات نجاح هذه العملية من وجهة نظر ابن خلدون؛ حيث صرَّح في مقدَّمته بأن: "تَلقين العلوم إنما يكون مفيدًا، إذا كان على التدريج…"[12].





يمرُّ التعليم وفق ابن خلدون عبر مرحلتَين على نسَق ما كان جاريًا العمل به في عصره: تبدأ المرحلة الأولى من سنِّ التمْييز إلى البُلوغ، وتهدف إلى تحفيظ القرآن الكريم للمُتعلِّم؛ باعتباره - أي القرآنِ -: "أصْل التعليم الذي يَنبني عليه ما يحصل بعده من الملكات"[13]، وتأتي المرحلة الثانية بعد تجاوز المرحلة الأولى، ويكون ذلك عادةً بعد البلوغ؛ حيث يتلقَّى التلميذ فيها مختلف العلوم بهدف حصوله على الملَكة.





ولقد أكَّدت العلوم الحديثة ما ذهَب إليه ابن خَلدون؛ لأن "فكرة المراحل هي أكبر من مجرَّد تقدُّم تتابعي لارتقاء التفكير ونموِّه، إنها تتضمَّن تنميط الاستجابات خلال تتابع الفترات الزمنية، والذي يكون ضروريًّا لدعم كل قدرة"[14]؛ لأنَّ نموَّ قدرات الطفل يتمُّ تدريجيًّا وعبْر مراحل مختلفة، يَجب مرعاتها أثناء العمليَّة التعلميَّة.





كما يقرِّر ابن خَلدون أن التدرُّج ضروري للتعليم حتى ولو تعلق الأمر بالكِبار؛ حيث يقول: "وقد شهدْنا كثيرًا مِن المُعلِّمين لهذا العهد الذي أدركنا يَجهلون طرُق التَّعليم وإفاداته، ويُحضرون للمُتعلم في أول تعليمه المسائل المُقفلة من العلم، ويُطالبونه بإحضار ذهنه في حلِّها، ويَحسبون ذلك مرانًا على التعليم وصوابًا فيه، ويُكلِّفونه رعْي ذلك وتَحصيله، فيُخلِّطون عليه بما يُلْقون له من غايات الفنون في مبادئها، وقبل أن يستعدَّ لفَهمِها، فإنَّ قبول العلم والاستعدادت لفهمه تنشأ تدريجيًّا"[15]، ويؤكِّد على نفس الفكرة بقوله: "ويكون المتعلم أول الأمر عاجزًا عن الفهم بالجملة، إلا‍ في الأقلِّ، وعلى سبيل التقريب والإجمال، وبالأمثال الحسية، ثمَّ لا يزال الاستِعداد فيه يتدرَّج قليلاً قليلاً بمُخالَطة مسائل ذلك الفنِّ وتكرارها عليه…"[16].





إذًا يتوقَّف نجاح العملية التعلمية عند ابن خلدون على التدرج في تعليم المتعلم؛ حيث يجب أن يتم ذلك "شيئًا فشيئًا وقليلاً قليلاً، ويُلقى عليه أولاً مسائل من كل باب مِن الفنِّ، هي أصول ذلك الباب، ويقرب له في شرحها على سبيل الإجمال، ويُراعى في ذلك قوةُ عقله واستعداده لقبول ما يورد عليه"[17]، ويقترب ما ذهب إليه ابن خلدون مما يقرِّره علماء التربية في عصرنا، الذين يؤكدون على تدرج قدرات الطفل في النموِّ، وضرورة اقتران هذا الارتقاء بتدرُّج العمليَّة التعلمية وفق تلك القدرات؛ لأن "ارتقاء المراحل السبعة القائمة على أساس بيولوجي[18] أمر ثابت، ويتضمن تتابعًا عامًّا وشائعًا في كل الثقافات، وتكاملاً هرميًّا للمُستَويات مِن الأدنى إلى الأعلى، وتقويةً أو تدعيمًا تدرجيًّا للتكوين أو التشكيل الذي يوحِّد أساليب السلوك والمَفاهيم والمهارات، والنَّتيجة هي شبكة بنائية عريضة من القدرات المتداخِلة والمتشابكة تَظهر ليست مرة واحدة ولكن في غضون فترة محددة.."[19].





إذًا يتَّفق ابن خلدون مع ما ذهبتْ إليه علوم النفس والتربية حول ضرورة تدرُّج التعليم لضمان نجاح العملية التعليمية؛ لأنَّ ذلك ما تقتضيه الطبيعة الإنسانية المتميزة
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.46 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.50%)]