العمل والعمال : حقوق وواجبات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4988 - عددالزوار : 2107517 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4567 - عددالزوار : 1385055 )           »          أبو الفتح ابن سيد الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 1506 )           »          ما أحلى سويعات قربك يا أمي!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          دور المسجد في الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          هل تشكو من عصبية زوجك أو ولدك أو جارك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          أصحاب الأخدود... عبر ودروس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 80 )           »          العُمَران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          إني أحبك أيها الفاروق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-03-2021, 11:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي العمل والعمال : حقوق وواجبات

العمل والعمال : حقوق وواجبات
الشيخ عبدالله بن محمد البصري





أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، شَأنُ العَمَلِ في حَيَاةِ الإِنسَانِ عَظِيمٌ، بِهِ يَنفَعُ نَفسَهُ وَأَهلَهُ وَوَلَدَهُ، وَيُوَسِّعُ رِزقَهُ وَيَعُفُّ عَنِ استِجدَاءِ غَيرِهِ، وَيُحَصِّلُ بِهِ مَصَالِحَ مُختَلِفَةً، وَيَدفَعُ عَن نَفسِهِ وَعَن مُجتَمَعِهِ مَفَاسِدَ مُؤَكَّدَةً أَو مُحتَمَلَةً. وَمَا انفَكَّ النَّاسُ مُنذُ أَن وُجِدُوا يَعمَلُونَ وَيَحتَرِفُونَ، وَمَا زَالُوا يَكدُّونُ وَيَكدَحُونَ، حَتَى لَقَد عَمِلَ أَفضَلُهُم وَأَزكَاهُم وَهُمُ الأَنبِيَاءُ، فَعَمِلَ آدَمُ في الزِّرَاعَةِ، وَكَانَ نُوحٌ نَجَّارًا، وَإِدرِيسُ خَيَّاطًا، وَدَاوُدُ حَدَّادًا، وَرَعَى مُوسَى الغَنَمَ عَشرَ سَنَوَاتٍ، وَعَمِلَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في رَعيِ الغَنَمِ وَمَارَسَ التِّجَارَةَ، وَلَيسَ مِنَ الدِّينِ تَركُ العَمَلِ وَلا نَبذُ الأَسبَابِ، وَلا تَعطِيلُ اليَدِ مِن صَنعَةٍ وَمِهنَةٍ، بِدَعوَى التَّفَرُّغِ لِلعِبَادَةِ، أَو بِزَعمِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، إِذْ لا بُدَّ لِكُلِّ امرِئٍ مِن عَمَلٍ وَلَو قَلَّ، فَهُوَ خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَسأَلَ النَّاسَ وَينثُرَ مَاءَ وَجهِهِ بَينَ أَيدِيهِم مُستَعطِيًا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "لأَن يَأخُذَ أَحَدُكُم أَحبُلَهُ، فَيَأتِيَ بِحُزمَةٍ مِن حَطَبٍ عَلَى ظَهرِهِ، فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللهُ بِهَا وَجهَهُ، خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَسأَلَ النَّاسَ أَعطَوهُ أَم مَنَعُوهُ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا خَيرًا مِن أَن يَأكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ - عَلَيهِ السَّلامُ - كَانَ يَأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وَعنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الكَسبِ أَفضَلُ ؟ قَالَ: "عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيعٍ مَبرُورٍ" رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَد بَلَغَ مِن عِنَايَةِ الإِسلامِ بِالعَمَلِ وَالحَثِّ عَلَيهِ وَمَدحِ أَهلِهِ، أَن عَدَّهُ نَوعًا مِنَ الجِهَادِ وَالعِبَادَةِ، مَا دَامَ المَرءُ فِيهِ عَلَى الفِطرَةِ، يَبحَثُ عَن رِزقِهِ وَرِزقِ أَبَوَيهِ وَبَنِيهِ، وَيُعِفُّ نَفسَهُ ويُخلِصُ لِرَبِّهِ وَيَتَّقِيهِ، فَعَن كَعبِ بنِ عُجرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ، فَرَأَى أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَو كَانَ هَذَا في سَبِيلِ اللهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِن كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِن كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى أَبَوَينِ شَيخَينِ كَبِيرَينِ فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِن كَانَ خَرَجَ يَسعَى عَلَى نَفسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ، وَإِن كَانَ خَرَجَ يَسعَى رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ في سَبِيلِ الشَّيطَانِ" رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ.

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّهُ لا بُدَّ مِنَ العَمَلِ وَلا مَنَاصَ عَنهُ، وَالمَرءُ إِمَّا أَن يَعمَلَ لِنَفسِهِ فَيَنفَعَهَا، وَإِمَّا أَن يَكُونَ أَجِيرًا عِندَ غَيرِهِ وَيَكتَسِبَ، وَالغَالِبُ في دُنيَا النَّاسِ أَنَّهُ لا بُدَّ أَن يَعمَلَ بَعضُهُم لِبَعضٍ وَيَخدِمَ بَعضُهُم بَعضًا، وَقَد وَرَدَت في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ آيَاتٌ كَرِيمَةٌ وَأَحَادِيثُ عَظِيمَةٌ، ذُكِرَت فِيهَا أَحكَامٌ تَضبِطُ العَمَلَ، وَتُبَيِّنُ حَقَّ صَاحِبِ العَمَلِ وَالعَامِلِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُمَا، وَهِيَ أَحكَامٌ جَلِيلَةٌ كَثِيرَةٌ، نَاقَشَهَا فُقَهَاءُ الإِسلامِ في أَبوَابِ المُعَامَلاتِ، وَأَصَّلُوا بِنَاءً عَلَيهَا كَثِيرًا مِنَ الأُصُولِ وَقَعَّدُوا كَثِيرًا مِنَ القَوَاعِدِ، وَفَرَّعُوا عَلَيهَا تَفرِيعَاتٍ وَذَكَرُوا مَسَائِلَ وَضَوَابِطَ، غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ مُهِمَّاتٍ، حَقِيقٌ بِالمُسلِمِينَ تَذَكُّرُهَا وَالوُقُوفُ عِندَهَا، لِيَحفَظُوا أَنفُسَهُم مِن أَن يَظلِمُوا أَو يُظلَمُوا، أَو يَعتَدُوا أَو يُعتَدَى عَلَيهِم، أَو يَأكَلُوا حَقَّ أَحَدٍ أَو يُؤكَلَ لَهُم حَقُّ.

فَمِن أَهَمِّ تِلكَ المُهِمَّاتِ أَنَّ مِمَّا يُحِبُّهُ اللهُ تَجوِيدَ العَمَلِ وَإِتقَانَهُ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُم عَمَلاً أَن يُتقِنَهُ" رَوَاهُ أَبُو يَعلَى وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَإِتقَانُ العَمَلِ هُوَ أَحَدُ رُكنَي نَجَاحِهِ، إِذ هُوَ جَانِبُ القُوَّةِ الَّتي تُكَوِّنُ مَعَ الأَمَانَةِ أَسَاسَيِ العَمَلِ النَّاجِحِ، قَالَ - تَعَالى - عَلَى لِسَانِ إِحدَى ابنَتَي شُعَيبٍ وَقَد سَقَى مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - لَهُمَا، فَرَأَت فِيهِ القُوَّةَ وَالأَمَانَةَ: "قَالَت يَا أَبَتِ استَأجِرْهُ إِنَّ خَيرَ مَنِ استَأجَرتَ القَوِيُّ الأَمِينُ".

وَهَكَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَلا حَقَّ لِغَيرِ مُختَصٍّ وَلا مُتَمَكِّنٍ مِن عَمَلٍ مَا، أَن يَبتَلِيَ النَّاسَ فَيُفسِدَ عَلَيهِم أَعمَالَهُم وَمُقَدَّرَاتِهِم وَيَأكُلَ أَموَالَهُم بِالبَاطِلِ، وَمَن كَانَ كَذَلِكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ وَظَلَمَ عِبَادَ اللهِ، وَعَرَّضَ نَفسَهُ لأَكلِ الحَرَامِ أَوِ الوُقُوعِ في المُشتَبَهِ، وَبِهَذَا وَمِثلِهِ تَقِلُّ البَرَكَةُ في الأَرزَاقِ، وَتَفسُدُ النُّفُوسُ وَتَختَلِفُ القُلُوبُ، وَتَكثُرُ المُشكِلاتُ وَتَحدُثُ القَضَايَا الشَّائِكَةُ. غَيرَ أَنَّ مِمَّا يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ في هَذَا المَقَامِ، وَهُوَ مِمَّا قَد يَفهَمُهُ أَصحَابُ العَمَلِ عَلَى غَيرِ وَجهِهِ، فَيَتَجَاوَزُونَ فِيهِ حُدُودَهُم وَيَظلِمُونَ العُمَّالَ، أَنَّ لِلعَامَلِ حَقًّا بِعَدَمِ تَكلِيفِهِ مَا يَشُقُّ عَلَيهِ وَلا يُطِيقُهُ، وَلا إِرهَاقِهِ بِمَا يَضُرُّ جَسدَهُ أَو صِحَّتَهُ، أَو يُعِيقُهُ عَنِ العَمَلِ وَيَجعَلُهُ عَاجِزًا عَنِ الكَسَبِ، قَالَ - تَعَالى -: "لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًا إِلاَّ وُسعَهَا" وَقَالَ حِكَايَةً عَن شُعَيبٍ - عَلَيهِ السَّلامُ - حِينَ أَرَادَ أَن يَعمَلَ لَهُ مُوسَى في مَالِهِ: " وَمَا أُرِيدُ أَن أَشُقَّ عَلَيكَ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِخوَانُكُم خَوَلُكُم - أَيْ خَدَمُكُم - جَعَلَهُمُ اللهُ تَحتَ أَيدِيكُم، فَمَن كَانَ أَخُوهُ تَحتَ يَدِهِ فَليُطعِمْهُ مِمَّا يَأكُلُ، وَليُلبِسْهُ مِمَّا يَلبَسُ، وَلا تُكَلِّفُوهُم مَا يَغلِبُهُم، فَإِن كَلَّفتُمُوهُم فَأَعِينُوهُم" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

وَمِنَ المُهِمَّاتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالعَمَلِ وَالعُمَّالِ: أَنَّهُ في مُقَابِلِ مُطَالَبَةِ العَامِلِ بِإِتقَانِ عَمَلِهِ قَدرَ مَا يَستَطِيعُ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ لِصَاحِبِ العَمَلِ أَن يَبخَسَهُ شَيئًا مِن حَقِّهِ، أَو يَغبِنَهُ في تَقدِيرِ أَجرَهُ الَّذِي يَستَحِقُّهُ جَزَاءَ عَمَلِهِ، قَالَ - تَعَالى -: "وَلا تَبخَسُوا النَّاسَ أَشيَاءَهُم وَلا تَعثَوا في الأَرضِ مُفسِدِينَ" وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَ اللهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصمُهُم يَومَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ استَأجَرَ أَجِيرًا فَاستَوفَى مِنهُ وَلَم يُعْطِهِ أَجرَهُ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَعطُوا الأَجِيرَ أَجرَهُ قَبلَ أَن يَجِفَّ عَرَقُهُ" رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

وَمِنَ المُهِمَّاتِ في مَجَالِ العَمَلِ وُالعُمَّالِ: وُجُوبُ الأَمَانَةِ في أَدَاءِ العَمَلِ، وَالحَذَرُ مِنَ الغِشِّ وَالخِيَانَةِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن غَشَّ فَلَيسَ مِنَّا " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "لا إِيمَانَ لِمَن لا أَمَانَةَ لَهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلى مَنِ ائتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَن خَانَكَ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

وَمِنَ المُهِمَّاتِ في مَوضُوعِ العَمَلِ وَالعُمَّالِ: مَا يَنبَغِي أَن يَكُونَ صَاحِبُ العَمَلِ عَلَيهِ مِنَ المُعَامَلَةِ بِالحُسنَى، وَحِفظِ كَرَامَةِ العَامِلِ أَيًّا كَانَ، وَالحِرصِ عَلَى مَا يُصلِحُ شَأنَهُ، وَذَلِكَ خُلُقٌ نَبَوِيٌّ كَرِيمٌ، فَرَّطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليَومَ وَتَنَاسَوهُ، قَالَت عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا -: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - شَيئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلا امرَأَةً وَلا خَادِمًا إِلاَّ أَن يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللهِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وقال أنس بن مالك خادم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن أَحسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرسَلَنِي يَومًا لِحَاجَةٍ، فَقُلتُ: وَاللهِ لا أَذهَبُ، وَفي نَفسِي أَن أَذهَبَ لِمَا أَمَرَني بِهِ نَبيُّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَخَرَجتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبيَانٍ وَهُم يَلعَبُونَ في السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ قَابِضٌ بِقَفَايَ مِن وَرَائِي، فَنَظَرتُ إِلَيهِ وَهُوَ يَضحَكُ، فَقَالَ: "يَا أُنَيسُ، اِذهَبْ حَيثُ أَمَرتُكَ" قُلتُ: نَعَم، أَنَا أَذهَبُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ أَنَسٌ: وَاللهِ لَقَد خَدَمتُهُ سَبعَ سِنِينَ أَو تِسعَ سِنِينَ، مَا عَلِمتُ قَالَ لِشَيءٍ صَنَعتُ لِمَ فَعَلتَ كَذَا وَكَذَا، وَلا لِشَيءٍ تَرَكتُ هَلاَّ فَعَلتَ كَذَا وَكَذَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنُحسِنْ إِلى بَعضِنَا، وَلْنَتَحَرَّ إِتقَانَ الأَعمَالِ وَتَنَاوُلَ المَالِ الحَلالِ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32].
♦ ♦ ♦

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمِن أَهَمِّ المُهِمَّاتِ في العَمَلِ، وُجُوبُ الوَفَاءِ بِالعُقُودِ بَينَ صَاحِبِ العَمَلِ وَالعَامِلِ، مَا دَامَت مُوَافِقَةً لِلشَّرِيعَةِ وَلا تُخَالِفُ الأَنظِمَةَ الرَّسْمِيَّةَ، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1] وَقَالَ - تَعَالى - في وَصفِ المُؤمِنِينَ: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8] [المعارج: 32] وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ أَنظِمَةِ العَمَلِ في بِلادِنَا قَد بُنِيَت عَلَى الدَّلِيلِ الشَّرعِيِّ، وَهَذَا مِن أَعظَمِ مَا يُوجِبُ العَمَلَ بِهَا، يُضَافُ إِلى ذَلِكَ أَنَّ العَمَلَ بِهَا وَعَدَمَ الخُرُوجِ عَنهَا يَدخُلُ في طَاعَةِ وَلِيِّ الأَمرِ الَّتي أُمِرنَا بِهَا جَمِيعًا، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59] وَإِنَّ مِمَّا يَتَجَاوَزُ النَّاسُ فِيهِ الأَنظِمَةَ، فَيَدخُلُونَ بِذَلِكَ في مُخَالَفَةِ وَلِيِّ الأَمرِ، وَيُعَرِّضُونَ أَنفُسَهُم لأَكلِ الحَرَامِ، أَوِ الوُقُوعِ في المُشتَبَهِ، بَيعَ التَّأشِيرَاتِ عَلَى العُمَّالِ، وَاستِقدَامَهًم وَتَسرِيحَهُم دُونَ تَكلِيفٍ بِعَمَلٍ، ثم مُطَالَبَتُهُم بِمَبلَغٍ شَهرِيٍّ أَو سَنَوِيٍّ يَأخُذُهُ الكَفِيلُ، وَمِنَ المُخَالَفَاتِ التَّسَتُّرُ عَلَى العُمَّالِ المُتَخَلِّفِينَ أَوِ المُخَالِفِينَ لِلأَنظِمَةِ، وَالتَّعَامُلُ مَعَهُم وَإِعَانَتِهِم عَلَى خَطَئِهِم.

فَلْيَتَّقِ اللهَ المُسلِمُونَ جَمِيعًا، فَإِنَّ الأَنظِمَةَ لم تُوضَعْ إِلاَّ لِتَنظِيمِ أُمُورِ العَمَلِ وَالعُمَّالِ وَحِفظِ الحُقُوقِ، وَالوَاجِبُ عَلَى الجَمِيعِ التَّعَاوُنُ فِيمَا يُحَقِّقُ المَصَالِحَ وَيَدرَأُ المَفَاسِدَ، وَالحَذَرُ مِنَ التَّحَايُلِ ومُخَالَفَةِ الأَنظِمَةِ لِمَا في ذَلِكَ مِنَ المَفَاسِدِ المُحَقَّقَةِ أَوِ المُحتَمَلَةِ، وَاللهُ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدِينَ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.00 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]