|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() على أعتاب رمضان عبدالرحمن المراكبي ها هو شهر رمضان يَطرق الأبوابَ، فهل سيكون استقبالنا له هذا العام كسائر الأعوام الماضية، ويكون حالنا بعده كحالِنا بعد انقضائه في الأعوام الماضية، أم سنستقبله هذا العام استقبالاً مختلفًا، ونودِّعه توديعًا مختلفًا؟ قبل أن تجيب عن هذا السؤال، تعالوا بنا نتعرَّف عن المقصَد من بلوغ رمضان، هل هو السعي إلى تحصيل الكثير مِن الحسنات والدَّرجات خلال الشهر، أم أن المقصَد منه الاستمرار على الصالحات؟ رسولنا صلى الله عليه وسلم يجيبنا عن ذلك فيقول: ((أَحبُّ الأعمالِ إلى الله أدوَمُها وإن قلَّ))، فالله سبحانه وتعالى يحبُّ منَّا الاستمرار على الطاعة، لا أن نعبده في شهرٍ واحد في العام ونعصيه طوال العام، فنكون كتلك المرأة التي تغزِل الثوبَ ثمَّ تقوم بنقضه بعد أن تنتهي منه! تأمَّل معي هذا المشهد المتكرِّر: بمجرَّد إعلان رؤية هلال رمضان تزدحِم المساجد بالمصلِّين في صلاة العشاء والتراويح...، ومع مرور الأيام يتساقط هذا، ويتكاسل ذاك، حتى تأتي العَشْر الأواخر فيحرصون على المساجد مرَّة أخرى! فما السبب؟ وما الذي جعل هؤلاء يتكاسلون في منتصَف الطريق؟ ثمَّ يستيقظون في العشر الأواخر بحثًا عن ليلة القدر؟ ثمَّ تكون الكارثة الكبرى يوم العيد حيث يتهافَت كثير من هؤلاء الشباب على المعصية، ونظرةٌ على شوارع وسط القاهرة يومَ العيد والطوابير الطويلة أمام محلات بيع الخمور وأمام السينيمات - تجعلك تُصاب بالصدمة! وتزداد الدهشة! هل هؤلاء الذين كانوا يملؤون المساجد ليلةَ السابع والعشرين من رمضان، وظلوا في المسجد منذ غروبِ الشمس وحتى شروق شمس اليوم السابع والعشرين؟! إذا سألتَ: لماذا انتكس هؤلاء؟ فاعلم أنَّ السبب أنَّهم أقدموا على رمضان بدون استعداد، أقبلوا على الطاعة بقوة فتركوها بقوة، لم يتدرَّجوا في الطاعة ويُعوِّدوا أنفسهم عليها، فابدأ في رمضان بما تقدر عليه، وتدرَّج في الطاعات خطوة خطوة، وتذكَّر قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((إن المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى)). والمُنبَت: هو الشخص الذي ركب ناقةً وحملها على السَّير بسرعةٍ إلى أن وقعت ميتةً؛ فلم يحافظ على ناقته، ولم يبلغ مراده! فلا تكن من السابقين في رمضان الغافلين بعد رمضان، اجعل همَّتك عالية ولكن على قدر استطاعتك، واعلم أنَّ الهمَّة تعلو بصحبة أصحاب الهِمَم العالية، وأنَّها تضعف بصحبَة أصحاب الهِمَم الدنيئة، فاحرص على صحبة الأخيار حتى يعينوك على الطاعة في رمضان وبعد رمضان. اللياقة الإيمانية.. شاب في ريعان الشباب يتساءل: كيف سنصوم رمضان في هذا الحرِّ الشديد؟! وشيخ تجاوز السبعين من عمره يُكثر من الصيام طوال العام، فتراه يصوم الاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كلِّ شهر، وستة أيام من شوال، و... و. فما السبب؟ وما الفارق بينهما؟ مع أنَّ الأصل أنَّ الشابَّ يستطيع التحمُّل أكثر من الشيخ الكبير! لا تعجب؛ فالشابُّ الذي لم يعوِّد نفسَه على الصيام لا بدَّ أن يكون هذا حاله، والشيخ الذي عوَّد نفسه على الصيام أصبح يتلذَّذ بالصيام؛ فلم يكتفِ بصوم رمضان، بل أكثَرَ من صوم التطوع. وإني أتساءل: إذا كان أهل اللَّعب يتعاملون مع لعبهم بجدٍّ، فلماذا نتعامل نحن مع أمور الجِدِّ بلعب؟! إذا كان لاعب الكرة يحرص على التدريب في مواعيد محدَّدة، ويقوم بعمليَّات الإحماء والتسخين قبل لعب المباراة، فلماذا تنتظر من رمضان إلى رمضان دون أن تُدرِّب نفسك على الصيام والقيام وقراءة القرآن؟ راجع نفسك، وعوِّدها على الطاعات؛ حتى لا تتفلَّت مع مرور أول أيام رمضان. واعلم أنَّ بلوغ رمضان فضلٌ من الله، ولكن الغاية ليست في أن تُدرك رمضان؛ ولكن الغاية أن تغتنِم رمضان وتَخرُج منه وقد أَعتق الله رقبتَك من النار، تخرج منه وقد فتحتَ صفحةً جديدة مع الله لا تُطوى حتى تبلغ أجلك وأنت سائرٌ على الطريق الصحيح الذي يُرضي عنك ربَّ العالمين. فرقٌ بين من يغنَم عمره وبين من يضيعه؛ فغدًا يقول الأول: ﴿ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 19]. بينما يقول الآخر: ﴿ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 25، 26]. فماذا ستقول غدًا؟ أسأل الله عزَّ وجل أن نكون من السعداء في الدنيا والآخرة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |