|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سلبيات السمر بعد العشاء بكر البعداني بعدَ أن اطلعنا على شيء من أقوال علماء اللغة العربيَّة؛ لمعرفة أصل معناها، أقول: فكيف لا يكون السمر - بعد هذا - آفةً وقد أفسد على الناس أديانهم، ونفوسَهم وعقولهم، وأنسابهم وأموالهم؟! وخلَّف لهم من بعد ذلك عاهةً، وأي عاهة! فإنه قد أتى على الكليات والضروريات جميعها، هدمًا وحرقًا، فأهلكها وأهلكَهم فصار حيُّهم ميتًا، وهَذرُهم صمتًا، وأتت أمواجه عليهم فصارت قاعًا صفصفًا، لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا. فهو إذًا عند النظر - فكيف عند التأمل والتحقيق - آفةٌ وداء أصاب الناس - ولا يزال يصيبهم - في مقتل، بل إن ضرره أعظم؛ فآفته أسرع إلى إهلاك صاحبها في غالب الأمر سرعةَ هلاك النار لمن لابسَها ودنا منها، فآهٍ ثم آه! كم أزاغ وكم أمال! ويعلم الله عز وجل كم هم الذين اكتوَوا بهذه النار! إن السَّمر عدوٌّ مذموم بكل لسان، محارَب بكل سِنان، مستجلب للإهانة والخذلان، وأسيره مستحق للإذلال في كل زمان، مرفوضٌ بكل مكان، مقبَّح عند كل صاحب جَنان، وهو من حيث هو شُؤم[1] على صاحبه، مستحوِذ عليه ملازمٌ له؛ لأن عمله هذا يستلزمه، وإن خفي عليه ذلك، وهو إلى ذلك مُسيء له ومَعيب في الوقت نفسه، وغير محمود. ناهيك بأن رياحَه عاصفة، وآثاره عاتية، تدَع الديار بَلاقع، وتذَر النفوس سَلاقع، وتأتي على السنون والأبدان وهنَّ لَسن برَواجع، فتَعصف بالعمر عصفًا، وتذهب باسمه، وتُعفي رَسْمه! إنه حقًّا - والحق أقول - مسلَك مُظلم، لا جَدوى منه ولا هُدى، منهِك للأجسام، ومهلك للأبدان. فهو بالجملة: خَصْلة ذميمة، وصفة قبيحة، وفعلة خَسيسة، ليست بالحميدة، تتَنافى مع الطباع الصحيحة، والفطر السليمة، وهو فتنة عظيمة، ومصائبه كثيرة، بل ربما جلبَت ضررًا، وألحقت بصاحبه مرَضًا في دينه ودنياه، ومعاشه ومعاده، فالحكمة والمصلحة - والأمر كذلك - تقتضي ولا بد منْعَه، وبالتالي ترْكَه، وبذلك جاءت الشريعة الغراء، والحنيفيَّة السمحاء. وقفة يقضي منها العجب: ولذلك يعدُّ صاحبه - حتى في أعراف الناس - قبيح الشيمة مذموم الفعال، وهذا كله فيما إذا كان السمر معدودًا في جنس ما هو مباحٌ في غير هذا الوقت، ويَستوي فِعله وتركُه، فكيف بالله عليكم والكثير والكثير منه - ولا سيما في أيامنا هذه - هو على القيل والقال، والغيبة والنَّميمة، وإضاعة الأوقات، وصنوف المحرَّمات؟! فبالله قولوا لي: بأي وصف يوصَف؟! وهذا وإن كان من العجب؛ لأنه جرَّه على نفسه، إلا أن الأعجب منه أنه كلما نصح كان أحسنُهم حالاً مع الناصح مَن يُعرض ولسان حاله - وإن شئتَ قل: مَقاله -: هي روحي، فكيف أترك روحي؟! بل الأعجب من هذا وذاك أنهم يسمونه بغير اسمه - تحريفًا وتضليلاً - يقولون: ظُرفًا، وصاحبه ظَريف! وهو - لو كانوا يعقلون - الصَّلف بعينه، وصاحبه أصلف، وقديمًا قيل: آفة الظُّرف الصَّلَف، وإنه ليزداد عجبك أننا بِتْنا في عصر تنظر فيه المجتمعات لمن لا يَسمُر بعد العشاء شَزرًا، ويعيبون عليه فعله، ويَنبِزونه بألقابٍ لا تدري من هو الأحقُّ بها! وهذا أحد الأمثلة المتكاثرة على أننا صِرنا في أزمنةٍ مَوازينُ الناس فيها مقلوبة، وأفهامهم منكوسة، والله المستعان. [1] وبالطبع ليس المقصود الشؤمَ الذي نفاه الشرع، وإنما أردنا الشؤم الذي يثبته الشرع والعقل، فتنبه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |