|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() كيف أتخلص من سرعة الغضب؟ أ. عائشة الحكمي السؤال في بعض الأحيان أكون عصبيَّ المزاج، وأغضب بسرعة، وأرفع صوتي، ونحوها من الأمور التي تحدث أثناء الغضب الشديد، خاصة عندما أُعاني من ضغوطات؛ بسبب الدراسة أو أي أمور أخرى، والسؤال هو: كيف أتخلَّص من سرعة الغضب؟ وكيف أتحكَّم في نفسي عندما أغضب، ولا أقوم بأمور أندم عليها فيما بعدُ؟ الجواب بسم الله المُلْهِم للصواب وهو المُستعان أيهُّا الأخ النَّبيل، قال ابن عرفة: "الغَضَبُ من المخلوقين شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم؛ ومنه محمودٌ، ومذموم، فالمذمومُ: ما كان في غير الحقِّ، والمحمودُ: ما كان في جانب الدِّين والحقِّ ". ولولا أن الغضب مقدورٌ على كفِّه وإطفائه، لَما وصَّانا الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - - بتجنُّبه؛ كما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أوْصِني، قال: ((لا تَغْضب))، فردَّد مرارًا، قال: ((لا تَغضب))؛ رواه البخاري، ولولا ما في النفس من هوى وكِبر، لَمَا ذهب مَن يسمع وصيَّة الحبيب محمد مذهبَ التعلُّل بالعجز والضغوط والوراثة، وإن كنتُ أُؤمِن أنَّ المقدرة على ضَبْط النفس بحاجة إلى عزيمة صادقة، ورياضة وتمرين، وثقة بعظيم الأجْر والمثوبة. الآداب الشرعيَّة لإسكات الغضب: 1- تغيير الهيئة؛ قال القاضي: "ويُستحَبُّ لِمَن غَضِب إن كان قائمًا جلَس، وإذا كان جالسًا اضطجَع"؛ مِصداقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا غَضِب أحدكم وهو قائم، فليَجْلس، فإن ذهَب عنه الغضب وإلاَّ فليَضطجِع))؛ رواه أحمد، وأبو داود. 2- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ فعن سليمان بن صُرَدٍ، قال: استبَّ رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعَل أحدهما تحمرُّ عيناه وتَنتفخ أوداجه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأعرف كلمة لو قالها، لذهَب عنه الذي يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم))؛ مُتفق عليه. 3- الوضوء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلِق من النار، وإنما تُطْفَأ النارُ بالماء، فإذا غَضِب أحدكم، فليَتوضَّأ))؛ رواه أبو داود؛ عن كتاب "الآداب الشرعية"؛ بتصرُّف. الإستراتيجيَّات النفسية لإدارة الغضب: أولاً: تغيير الحالات المتعوَّد عليها، وهذه الإستراتيجيَّة مبنيَّة على الأدب الشرعي الأوَّل؛ حيث يَنصح المختصون بتغيير الأحوال التي اعتادها الغضوب في نفس المكان الذي يتسعَّر فيه غضبُه، فعلى سبيل المثال: إن كنتَ تقضي معظم وقتك وأنت جالس في البيت، فالمتعيَّن هنا أن تتحرَّك قليلاً، وتمشي في الهواء الطَّلق، وإن كنت تُنفق معظم الوقت في الحركة والتنقُّل، فاستقطِع وقتًا للجلوس على كرسي الاسترخاء، وإن كنتَ تعيش في مكان يَضِجُّ بالضوضاء والأصوات العالية، فاستقْطِع بضع دقائق للهدوء والتأمُّل، وإن كنت تعيش ضَمْن بيئة هادئة، فجرِّب الاستماع إلى المِذْياع أو مشاهدة التلفاز، وهكذا. ثانيًا: التعرُّف على مثيرات الغضب، وهذه المثيرات تَختلف في درجة حرارتها من صفر إلى مائة، والمطلوب منك أيها الفاضل أن تدوِّنَ كلَّ الأسباب التي تَقدح زَنْد غضبِك، ثم تَقيس درجة حرارتها، فحتْمًا ستجد بعضًا من مثيرات الغضب تافهًا، ولا يَستحق التعبُّس والتغضُّب، وستجد في بعضها ما يمكن تغييره وما لا يُمكن تغييره، فإن أمْكَنك التدخُّل بتغيير بعض مثيرات الغضب أو إزالتها، فافْعَل، وإلاَّ فلتُسَلِّم للقدر ما حدَث؛ إذ لا يَحْسُن بك أن تُضَيِّع العمر غضبًا على أمور لَم يكن لك يدٌ فيها، ولا مُستطاع لك على تغييرها. ثالثًا: حِفظ الدقائق الأولى التي تلي الموقف المثير للغضب مباشرة دون استجابة، مع سَحْب أنفاس عميقة؛ للاحتفاظ بالهدوء والسكينة؛ فعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((عَلِّموا ويَسِّروا، ولا تُعَسِّروا، وإذا غَضِب أحدكم، فليَسْكت))؛ رواه أحمد، وإن كان ثَمَّة مجالٌ للابتعاد قليلاً والمشي في الهواء الطلق، فحَسَنٌ. رابعًا: حساب الرِّبح والخسارة: على الغضوب أن يَشغل تفكيره ساعة الغضب في حساب الخسائر والعواقب والآثار الناجمة عن الغصب، فالغضب نار ذات أُوارٍ، والنار لا تأتي على شيء إلا أحْرَقَته وأتْلَفته، ولا تصل إلى موضع إحساس إلاَّ أوْجَعته وآلَمَتْه، ولا تكاد تَنطفئ؛ حتى تُخَلِّف من ورائها دُخَانًا كثيفًا، يَخنُق ويُكَدِّر ويُسَوِّد. ثم لينظر في صافي الأرباح، وعظيم الأجور المُدَّخرة في مُدافعته الغضبَ، وما أعدَّه الله - عز وجل - لِمَن يَملِك نفسه عند الغضب، مما استفاضَت به الأدلة في الكتاب والسُّنة؛ كقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾} [الشورى: 40]. وما رواه أبو داود، والترمذي من حديث معاذ بن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن كظَمَ غيظًا وهو قادر على أن يُنفِذَه، دعاه الله - سبحانه وتعالى - على رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ حتى يُخَيِّره من الحور العين ما شاء)). وما أخرَجه الطبراني من حديث أبي الدرداء، قال: يا رسول الله، دُلَّني على عملٍ يدخلني الجنة، قال: ((لا تَغضب ولك الجنة))، ونحو ذلك. قال ابن المقفَّع في "الأدب الكبير": "احْتَرِس من سَوْرة الغضب، وسَوْرة الحَميَّة، وسَوْرة الحِقد، وسَوْرة الجهل، وأعْدِد لكلِّ شيء من ذلك عُدَّةً تُجاهده بها من الحِلم والتفكُّر والرَّويَّة، وذِكْر العاقبة، وطَلَبِ الفضيلة". خامسًا: التعامل مع الموقف برُوح الدعابة والفُكاهة والاستضحاك، وقد كان هذا شأنَ معاوية - رضي الله عنه - لِمَبلغ حِلمه وأَناته؛ أورَد ابن عبدالبر في "الاستيعاب" خبرًا يقول فيه: "ذُمَّ معاوية عند عمر يومًا، فقال عمر: "دعونا من ذَمِّ فتى قريش؛ مَن يضحك في الغضب، ولا يُنال ما عنده إلاَّ على الرضا، ولا يؤخَذ ما فوق رأسه إلاَّ من تحت قَدَميه". سادسًا: التنفيس الانفعالي الإيجابي والبنَّاء للغضب - من خلال الكتابة، ومحادثة صديق حكيم - لا يشجِّع على الانتقام أو رَدِّ الاعتبار؛ فقد أثبتَت الأبحاث ما للتفريغ الكتابي من فوائد في التنفيس الانفعالي، والتخفيف من آثار الغضب السلبيَّة، وكذلك ما للحديث مع الصديق الحميم من أثرٍ إيجابي، شريطة أن يكون هذا الحديث لمرَّة واحدة فقط؛ لاستنباط الحلول المُمكنة لمهيِّجات الغضب؛ فقد دلَّت بعض الدراسات الحديثة أن تَكرار فَتْح الملفات القديمة التي تُثير مشاعر الغضب، والنقاش حولها مرارًا وتَكرارًا، إنما يزيد الأمر سوءًا، ويرفع من هرمونات التوتُّر في الدم. سابعًا: عدم الالتفات إلى ما مضى؛ إذ من أكثر الأمور التي تَجعلنا في غضب مستمر: أننا نتعامل مع الحاضر بما جرى في الماضي من أحداث أليمة، وبإثارة ما وارَيناه في مدافن عقولنا من ذكريات سيِّئة، وقد أثبتَت الدراسات الحديثة أن اجترار الذكريات التي تُثير الغضب، وتَقليب القلب تذكُّرًا لآلامها، يتسبَّب في ارتفاع ضغط الدم، ويجعل سريعي الغضب أكثرَ الناس عُرضة للمخاطر الصحيَّة. ولمزيد من الفائدة أنصحك بمطالعة هذه الكتب المصنَّفة تحت إدارة الغضب: 1- كتاب: "إدارة الغضب"؛ تأليف: جيل لندنفيلد. 2- كتاب: "الغضب، تعامَلْ معه، استَشِف منه، لا تَدعه يَقتلك"؛ تأليف: د. ويليام جراي ديفور. 3- كتاب: "طرق مختصرة للاحتفاظ بهدوئك"؛ تأليف: جيل لندنفيلد. كما تجد على شبكة الألوكة زُمرة من المقالات والخُطَب النافعة التي تُعالج مَظِنة سؤالك، مثل: 1- قلوب مضطربة (1)؛ بقلم: أريج الطباع. 2- قلوب مضطربة (2)؛ بقلم: أريج الطباع. 3- من هدايات السُّنة النبوية: (لا تغضب)؛ بقلم: الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل. 4- لا تَغضب ولك الجنة؛ بقلم: الشيخ محمد جمعة الحلبوسي. ولو أنَّ الناس وثَقوا بما أدَّبَهم به النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ورَجوا ما عند الله - سبحانه وتعالى - من ثواب عظيم، لكفاهم، ولكانوا على خيرٍ، ولكنَّ أكثرَ الناس لا يعلمون، وأكثر الذين يعلمون لا يعملون. والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وهو بكلِّ شيء محيطٌ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |