ما تصح نسبته إلى المجتهدين من الأقوال بالقياس - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         السخرية في سورة ( المنافقون) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          الأخلاق في حياتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 46 )           »          وقفة تربوية مع التقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          فتح مكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 1791 )           »          فتنة المسلمين في الغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          معركة مرج الصفر شرقي شقحب بحوران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أبو مسلم الخراساني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 36 )           »          ابن العديم .. مؤرخ يعشق حلب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-02-2021, 04:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي ما تصح نسبته إلى المجتهدين من الأقوال بالقياس

ما تصح نسبته إلى المجتهدين من الأقوال بالقياس(2-2)
فضل ربي ممتاز زادة


المبحث الثاني :نسبة قولين للمجتهد في مسألة واحدة:
إن مما يتصل بموضوع ما تصح نسبته إلى المجتهد من أقوال نسبة قولين للمجتهد في مسألة واحدة؛ وذلك فيما لو وجد للمجتهد قولان في مسألة واحدة فأيهما تصح نسبته إليه وما هي الحالات التي يسوغ أن يقع فيها من المجتهد ذلك؟
تكاد تتفق كلمة الأصوليين على أنه لا يجوز أن يكون لمجتهد في مسألة قولان متناقضان في وقت واحد بالنسبة إلى شخص واحد لأن دليلهما إن تعادلا من كل وجه ولم يمكن الجمع ولا الترجيح وجب التوقف.
وإن أمكن الجمع بينهما وجب عليه المصير إلى الصورة الجامعة بينهما.
وإن ترجح أحدهما على الآخر تعين عليه الأخذ به[1].
وبهذا يعلم امتناع أن يكون له قولان متناقضان في وقت واحد باعتبار شخص واحد[2]..
وأما في وقتين فيجوز أن يكون له قولان لجواز تغير الاجتهاد الأول وظهور ما هو أولى بالأخذ مما كان قد أخذ به أولاً[3] .
ولكن ما الحكم في نسبة القولين أو أحدهما إلى المجتهد عند تعذر الجمع بينهما إذا لم يكن هناك ما يدل على اختيار المجتهد لواحد منهما؟.
للإجابة على هذا السؤال اختلف الأصوليون ومحل خلافهم في ذلك له حالتان:
الأولى : أن ينقل عن المجتهد في المسألة قولان مختلفان في وقتين مختلفين ويعرف المتقدم منهما.
الثانية : ان ينقل عن المجتهد في المسألة قولان مختلفان في وقتين مختلفين ولا يعرف المتقدم منهما.
الحالة الأولى : أن يعرف المتقدم من القولين :
وفي هذه الحالة لا إشكال في نسبة القول المتأخر إليه ، ولكن الخلاف قد وقع في نسبة القول المتقدم إليه .
وللأصوليين في ذلك ثلاثة أقوال :
القول الأول : لا تصح نسبة القول المتقدم إلى المجتهد، وهو قول جمهور الأصوليين وبه قال الرازي، والآمدي، وهو اختيار ابن قدامة، والطوفي ، وهو مذهب الحنفية[4] .
القول الثاني : أنه ينسب إليه القولان معاً وهو مذهب بعض الشافعية وبعض الحنابلة وقول ابن حامد منهم[5] .
القول الثالث : ينسب إليه القولان معاً إذا لم يعلم رجوعه عن الأول ، فإن علم رجوعه لم ينسب إليه وهو منسوب إلى بعض الحنابلة[6] .
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بما يلي :
1-أن الرواية الأولى والرواية الثانية حكمان مختلفان وردا من مجتهد واحد في مسألة واحدة فهما قولان متضادان فالثاني منهما ترك للأول كالنصين المتضادين من صاحب الشرع في نفس المجتهد[7] .
2-أن القول الثاني للمجتهد يعتبر ناسخاً للقول الأول كما ينسخ المتأخر من نصوص الشارع المتقدم منهما إذا وقع التعارض بينهما[8] .
3-إذا عرف المتأخر منهما فهو رجوع عن الأول ؛ لأن النص على خلافه كالنص على بطلانه[9] وهو يدل على تغير اجتهاده[10] .
4-أن القول إذا رجع عنه المجتهد وتبرأ منه وصرح ببطلانه لا تصح نسبته إليه ، إذا عرفنا المتأخر من القولين كان الأول مرجوعاً عنه؛ لأن النص على خلافه كالنص على بطلانه؛ لأنه لا يمكن أن يكون القولان صحيحين في نظره لما تقدم، ولا يمكن أن يكون ما اختاره أخيراً هو الفاسد، لأنه لا يجوز ترك الصحيح إلى الفاسد ، فلم يبق إلا أن يكون الفاسد في نظره الأول[11] .
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي :
1-أن القولين صادران عن اجتهاد، فلا ينقض اجتهاد باجتهاد[12] .
ونوقش هذا الاستدلال بأنهم "إن أرادوا أن لا يترك ما أداه إليه اجتهاده الأول باجتهاده الثاني فهو باطل يقيناً ، فإنا نعلم أن المجتهد في القبلة إذا تغير اجتهاده ترك الجهة التي كان مستقبلاً لها وتوجه إلى غيرها، والمفتي إذا أفتى في مسألة بحكم ثم تغير اجتهاده لم يجز أن يفتي فيها بذلك الحكم الأول، وكذلك الحاكم وإن أرادوا أن الحكم الذي حكم به على شخص لا ينقضه أو ما أداه من صلوات لا يعيده فليس هذا نظير لمسألتنا ، إنما الخلاف فيما إذا تغير اجتهاده هل يبقى الأول مذهباً له أم لا[13] ؟" .
2-أن تغير الحكم ثبت في القرآن والسنة وتغير الاجتهاد ثبت عن الصحابة وغيرهم ولم يكن داعياً إلى استنقاصهم أو تزييف أقاويلهم ، ونصوص الإمام المجتهد تقاس على نصوص الشرع وفتاوى الصحابة فتنسب الروايتين إلى الإمام كما تنسب الناسخ والمنسوخ من الأحاديث للرسول –صلى الهم عليه وسلم[14] .
ونوقش هذا الاستدلال بأن نتيجته اعتراف بالنسخ لقول المجتهد الأول وهو المطلوب هنا[15] .
3-أن الجواب بجوابين مختلفين في زمانين ليس فاسداً وليس فيه تقصير ولا شبهة لأنه صرح بالحكم في كل مرة ولم يتوقف فوجب أن ننسب إليه كل ما نقل عنه[16] .
ونوقش بأنه إذا كان المقصود من النسبة إليه مجرد النقل عنه فلا بأس به، وهو خارج محل النزاع، وأما إذا كان المقصود منها جواز تقليده فيه فغير مسلم به والاستدلال لا يفيد ذلك[17] .
وأما القول الثالث فاستدل له بأنه إذا علم رجوع المجتهد عن قوله السابق كان في حكم المنسوخ والمنسوخ لا يعمل به ، ولأنه لو اعتقد صحته لم يرجع عنه ولم يبطله، وإن لم يعلم رجوعه فلا تصح دعوى النسخ فتصح نسبته إليه[18] .
ونوقش بأن صدور القول الثاني من المجتهد بخلاف القول الأول كافٍ لاعتباره مرجوعاً عنه لقيام الدليل على عدم إمكان اعتبارهما صحيحين معاً[19] .
الترجيح :
ولعل الراجح هو القول الأول لقوة أدلته ولضعف أدلة القولين المخالفين ونقضها بالمناقشة والله تعالى أعلم.
الحالة الثانية : أن لا يعرف المتقدم من القولين :
للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن مذهب المجتهد هو الأشبه بأصوله وقواعده والأقوى في الدلالة والأقرب إلى ظاهر الكتاب والسنة والإجماع وأما القول الثاني فنسبته إلى المجتهد مشكوكة وهو اختيار ابن الصلاح، وأبي الخطاب، وابن حمدان، وابن قدامة[20] .
القول الثاني : أنه يجب اعتقاد نسبة أحد القولين إليه من غير تعيين، واعتقاد أنه رجع عن واحد غير معين فلا يعمل بأحدهما إلا بعد معرفة التاريخ وإلى هذا ذهب الآمدي[21] .
القول الثالث : ينسب إليه القولان ولا يحكم برجوعه عن أحدهما بعينه وهو مذهب ابن حامد وقول الفخر الرازي[22] .
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بما يلي :
1-أنه يعمل في نصوص الإمام ما يعمل في نصوص الشارع حيث يرجح أحدهما عند التعارض وتعذر الجمع والنسخ ومثله أقوال الصحابة والأئمة المجتهدين إذا كان الأمر كذلك فإن أولهما بالترجيح أقربهما إلى الكتاب والسنة والإجماع [23].
ويمكن أن يناقش بأنه قياس أقوال المجتهدين على نصوص الشارع فلا يصح.
2-أنه لا يمكن نسبة القولين إليه على سبيل الجزم؛ لأنه يؤدي إلى الجمع بين الضدين فربما كان أحد قوليه بالإباحة والآخر بالتحريم فلا يمكن نستبهما إليه ولا يمكن أن يقال ليس له فيها رأي لأنه أفتى فيها ، فلم يبق إلا أن ننسب إليه ما يتفق مع قواعده وأصوله وما قرب من دلالة الأدلة الشرعية.
ويمكن أن يناقش بأنه لا سبيل إلى نسبة أحد القولين إليه لأننا لا نعرف المتقدم منهما أيضاً.
واستدل أصحاب القول الثاني بأنه لا يمكن نسبة القولين له معاً ولا يمكن تعيين أحدهما بلا دليل فلو نسبنا إليه أحدهما عيناً لاحتمل أن يكون هو المرجوع عنه.
ونص الآمدي في ذلك :"وهذا كما إذا وجدنا نصين وعلمنا أن أحدهما ناسخ للآخر، ولم يتبين لنا الناسخ من المنسوخ ، فإنه يمتنع العمل بكل واحد منهما لاحتمال أن يكون ما عمل به هو المنسوخ[24]" .
واستدل أصحاب القول الثالث بقياس نصوص المجتهد على نصوص الشارع في أن نصوص الشارع إذا تعارضت لم تنكر نسبتها إليه بل يجتهد في معرفة الأولى منها بالعمل فكذلك الشأن في نصوص المجتهد ولا يكون اختيار أحد القولين مبطلاً لنسبة القول الآخر له.
ونوقش بعدم صحة القياس لأنه قياس مع الفارق.
المبحث الثالث : لازم قول المجتهد :
اللازم هو ما يمتنع انفكاكه عن الشيء[25] .
والمقصود بلازم القول : هو ما يلزم من ثبوت القول ثبوته عقلاً أو شرعاً أو لغةً ولم يذكر في الكلام[26] .
وبما أن اللازم لا يمكن أن يتخلف عن ملزومه أو هو لا يتخلف عن ملزومه في الغالب كما هو رأي بعض الأصوليين فإن لازم قول المجتهد من الأمور المتصلة بتخريج واستنباط آراء المجتهدين[27] .
ومثال ذلك :
أن قول بعض العلماء :"الإقالة بيع" يلزم منه أنه يشترط فيها ما يشترط في سائر البيوع، ومن قال :"إنها فسخ" لا يشترط ذلك.
وقد خصص بعض الأصوليين "لازم المذهب" في صورة معينة وهي ما إذا لم يعرف للمجتهد قول في مسألة ولكن عرف له قول في نظيرها ، فإن لم يكن بين المسألتين فرق البتة فالظاهر أن يكون قوله في المسألة المنصوصة قولاً له في المسألة الأخرى[28].
وهذه الصورة من صور نسبة القول إلى المجتهد بالقياس- كما عرفنا- ولكن مسألة القول بلازم المذهب أعم مما ذكر، والدليل على ذلك أنه وجد هناك من نسب بعض الآراء إلى بعض العلماء بغير المسلك المذكور[29] ، وقد عرف بالتتبع أنه بالإضافة إلى الصورة المذكورة هناك صوراً أخرى يمكن أن ينسب بها القول إلى المجتهد باعتباره لازماً لمذهبه ومن ذلك :
1-بناء الرأي على قاعدة الإمام أو أصله كالأحكام المخرجة على قواعد الأئمة الأصولية أو الفقهية.
2-الاستدلال بالتلازم كأن يستدل من نفيه أحد النقيضين على إثبات الآخر أو من إثبات أحدهما على نفي الآخر[30] .
3-إذا نص المجتهد على قولين مختلفين أو إذا علل مسألة بعلة ونقضها في موضع آخر كما اعتبره شيخ الإسلام ابن تيمية لازم القول، وقال :"مثل أن ينص في مسألتين متشابهتين على قولين مختلفين أو يعلل مسألة بعلة ينقضها في موضع آخر[31]" .
محل النزاع :
إذا قال المجتهد قولاً يلزم منه قول أو أقوال في مسائل أخرى ولم يصرح هو بالتزامه ولم ينكر التزام ما يلزم من قوله، فهل يصح أن تنسب إليه تلك اللوازم فتكون مذهباً له[32]؟ .
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن لازم مذهب المجتهد لا يعتبر مذهبه ، وعليه لا تصح نسبته إليه ، وقد نسب شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول إلى أبي بكر الخلال وصاحبه وغيرهما، وقال بعد أن ذكر صورة من صور لازم المذهب : " فهذا مبني على تخريج ما لم يتكلم فيه بنفي ولا إثبات هل تسمى مذهباً له أو لا يسمى؟ ولأصحابنا فيه خلاف مشهور فالأثرم والخرقي وغيرهما يجعلونه مذهباً له ، والخلال وصاحبه وغيرهما لا يجعلونه مذهباً له والتحقيق أن هذا قياس قوله ولازم قوله، فليس بمنزلة المذهب المنصوص عنه وأيضاً بمنزلة ما ليس بلازم قوله بل هو منزلة بين منزلتين ، هذا حيث أمكن أن لا يلازمه[33]" .
القول الثاني : أن لازم المذهب مذهب ، وبناء عليه تصح نسبته إلى المجتهد، ونسب شيخ الإسلام هذا القول إلى الأثرم والخرقي[34] ، ويمكن القول أن من أجاز نسبة المذهب إلى المجتهد بالقياس على ما قاله فإنه يجيز نسبته إليه إذا كان لازماً لمذهبه من باب أولى[35] .
القول الثالث : التفصيل وهو أن لازم قول المجتهد نوعان :
الأول : لازم قوله الحق، فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه، ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره، وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب[36] .
والثاني : لازم قوله الذي ليس بحق ، فهذا لا يجب التزامه، وإن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له ، قد يضاف إليه[37] .
وقال :"وهذا التفصيل في اختلاف الناس في لازم المذهب: هل هو مذهب أو ليس بمذهب؟ هو أجود من إطلاق أحدهما، فما كان من اللوازم يرضاه القائل بعد وضوحه له فهو قوله، وما لا يرضاه فليس قوله"[38] .
الأدلة :
استدل للقول الأول بما يلي :
1-أن المجتهد قد يقول قولاً ويغفل عن لازمه بحيث لو نبه إلى اللازم لم يقل به، أو لرجع عن قوله الذي يلزم منه ذلك اللازم[39] .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا المعنى :"ومن سوى الأنبياء يجوز أن يلزم قوله لوازم لا يتفطن للزومها، ولو تفطن لكان إما أن يلتزمها أو لا يلتزمها، بل يرجع عن الملزوم، أو لا يرجع عنه ويعتقد أنها غير لوازم"[40] .
و يمكن أن يناقش بأن هذا صحيح فيما لو لم نعلم من حال القائل به أنه لا يلتزمه، وأما إذا علمنا منه ذلك فلا مانع أن ننسب إليه لاسيما إذا كان قوله حقاً.
2-أن تحديد لوازم القول من الأمور التي يمكن أن يقع فيها الخطأ والوهم فضلاً عن أن بعض اللوازم مما لم يتفق على اعتبارها والاعتداد بها، وهذا يؤدي إلى نسبة القول إلى المجتهد بطريق الخطأ فلا ينسب لازم قول المجتهد إليه[41] .
3-إننا لو ألزمنا المجتهدين لوازم قولهم لأدى ذلك إلى تكفير كثير من العلماء، كتكفير من قال عن صفة الاستواء أو غيره من الصفات أنه مجاز وليس بحقيقة لأن لازم هذا القول يؤدي إلى التعطيل والأخذ بأقوال غلاة الملاحدة[42] .
واستدل للقول الثاني بأن من يلتزم بمذهب معين يلزمه أن يلتزم لازمه وإلا كان متناقضاً، والظاهر من حال المجتهد الاطراد وعدم التناقض فيعمل بذلك الظاهر ما لم يصرح بإنكاره[43] .
ونوقش هذا الاستدلال بأن التناقض ممكن أن يقع من البشر[44] .
وأما شيخ الإسلام فقد استدل لتفصيله بما يلي :
1-أنه إذا علم لازم قول المجتهد أنه ليس بحق فإنه إن دل على شيء يدل على تناقض المجتهد، وقد ثبت عدم عصمة غير النبي –صلى الهي عليه وسلم - من التناقض، فإذا عرف من حاله أنه لا يلتزمه بعد ظهوره، فلا يجوز أن ينسب إليه ما لو ظهر له لرجع عنه[45] .
2-أنه لو صحت نسبة اللازم الباطل إلى المجتهد للزم من ذلك تكفير كثير من العلماء الذين قالوا أقوالاً لازمها كفر، وهذا باطل فيبطل ملزومه[46] .
3-وأما إن كان لازم قوله حقاً فيجوز أن ينسب إليه، لأن لازم الحق حق، فلا مانع من إضافته إليه، إذ لا ضرر يلحقه في ذلك، وأن كثيراً مما يضيفه الناس إلى مذاهب الإمام من هذا الباب[47] .
الترجيح:
بالنظر إلى الأقوال الثلاثة المذكورة في المسألة وما استندت إليها يتبين أن تفصيل شيخ الإسلام أوجه الأقوال ؛ وذلك لأن فيه التجنب من الوقوع في نسبة الكفر إلى كثير من العلماء، ولأن الكلام هنا في العلماء المجتهدين الذين يبحثون عن الحق، وأن وقوع الخطأ من المجتهد أمر جائز بنص الحديث، فلا معنى لنسبة قول علم بطلانه إلى المجتهد الذي يبحث عن الحق وأخطأ في الوصول إليه بناء على التخريج بطريق لازم قوله.
وأما إذا كان قوله حقاً فالدقة تقتضي أن يضاف لازم قوله الحق إليه بعبارة احترازية كأن يقال : مقتضى مذهبه كذا، أو يصرح أن لازم مذهبه كذا، وليس هناك ما يمنع عن مثل هذا التعبير.
والله تعالى أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

[1] ينظر : إرشاد الفحول ص 440 ، والإحكام للآمدي 4/427 ، وروضة الناظر 2/446 ، وتحرير المقال ص 72 .

[2] ينظر : إرشاد الفحول ص 440 .

[3] ينظر : المرجع السابق ص 440 .

[4] ينظر : المحصول 2/22 ، والإحكام للآمدي 4/427 ، ومسلم الثبوت 2/394 ، وإرشاد الفحول ص 440، وروضة الناظر 2/446 ، وشرح مختصر الروضة 3/646 ، وتحرير المقال ص 74 .

[5] ينظر : روضة الناظر 2/446 ، وتهذيب الأجوبة ص 101 ، والإنصاف 12 /241 ، وشرح مختصر الروضة 3/647 .

[6] ينظر : المسودة ص 470 وما بعدها ، والإنصاف 1/10 ، والمدخل إلى مذهب أحمد لابن بدران ص 187 .

[7] ينظر : روضة الناظر 2/446 .

[8] ينظر : شرح مختصر الروضة 3/646 .

[9] ينظر : شرح مختصر الروضة 3/646 .

[10] ينظر : إرشاد الفحول ص 440 .

[11] ينظر : روضة الناظر 2/446 ، وتحرير المقال ص 75 .

[12] ينظر : روضة الناظر 2/446 ، وشرح مختصر الروضة 3/646 .

[13] روضة الناظر 2/446 ، وينظر : شرح مختصر الروضة 3 / 646 .

[14] ينظر : أصل هذا الدليل في تهذيب الأجوبة ص 102 وما بعدها ، وتقريره في تحرير المقال ص 76 .

[15] ينظر : تحرير المقال ص 79 .

[16] ينظر : تهذيب الأجوبة ص 101 .

[17] ينظر : تحرير المقال ص 79 .

[18] ينظر : تحرير المقال ص 77 .

[19] ينظر : المرجع السابق ص 79 .

[20] ينظر : أدب المفتي ص 61 ، وروضة الناظر 2/446 ، وصفة الفتوى ص 87 ، والتمهيد 4/370 .

[21] ينظر : الإحكام للآمدي 4/427 .

[22] ينظر : المحصول 2/522 ، وتهذيب الأجوبة ص 106 .

[23] ينظر : صفة الفتوى ص 87 ، وتحرير المقال ص 83 .

[24] الإحكام 4/427 .

[25] التعريفات للجرجاني ص 90 .

[26] تحرير المقال ص 88 .

[27] ينظر : تحرير المقال ص 88 ، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين ص 282 .

[28] ينظر : نهاية السول مع سلم الوصول 4/443 .

[29] التخريج عند الفقهاء والأصوليين ص 281 ، وتحرير المقال ص 89 .

[30] ينظر : التخريج عند الفقهاء والأصوليين ص 284 وما بعدها .

[31] تحرير المقال ص 89 ، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين ص 283 .

[32] تحرير المقال ص 89 ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام 35 /288 .

[33] مجموع الفتاوى 35 /289 .

[34] ينظر : المرجع السابق 35 /289 .

[35] تحرير المقال ص 90 .

[36] مجموع فتاوى شيخ الإسلام 29 / 42 .

[37] المرجع السابق 29 / 42 .

[38] مجموع الفتاوى 29 / 42 .

[39] تحرير المقال ص 91 .

[40] مجموع الفتاوى 35 / 288 .

[41] ينظر : تحرير المقال ص 91 ، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين ص 289 .

[42] تحرير المقال ص 90 .

[43] المرجع السابق ، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين ص 290 .

[44] تحرير المقال ص 93 .

[45] ينظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام 29 / 42 .

[46] ينظر : مجموع الفتاوى 5 / 206 ، و 20 / 217 .


[47] ينظر : مجموع الفتاوى 29 / 42 .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.65 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.41%)]