أعاني من أفكار سلبية قهرية

[ابوالوليد المسلم]

أعاني من أفكار سلبية قهرية


د. ياسر بكار


السؤال


السلام عليكم، يا إخواني، لدي مشكلةٌ تؤرِّقني، قد تعتقدون أنَّها ليست بمشكلةٍ كبيرة، ولكن صدِّقوني؛ لقد جعلَتْني أنطوي على نفسي، وأكره كلَّ شيء، لقد فشلت!

أنا شاب حصلتُ على عملٍ بعيد عن المكان الذي أسكن فيه، فبدأَتْ تنتابني أفكار وتخيُّلات سوداء، وخوفٌ من المستقبل؛ أي: أصبحت أفكر أنِّي لا أستطيع الابتعاد عن المنزل، ولا أتحمَّل البعد، ولا أستطيع تحمُّل ذلك العمل... وغيرها من أفكارٍ تشاؤمية وغريبة.


مع العلم أن هذه الأفكار تنتابني كلَّما أريد الابتعاد عن المنزل؛ أيْ: منذ سنوات، صدِّقوني حاولت مرارًا وتكرارًا نَزْع هذه الأفكار، واستبدالَ أفكارِ تفاؤُلٍ بِها، ولكن بدون جدوى، حتى أصبحَت أفكارًا قهرية، أصبحت أشعر أنِّي عديم الجدوى، فهل هذا مرض نفسي؛ أي: عقدة، أم حالة يمكن التغلُّب عليها؟ فأنا خائف جدًّا من هذه الحالة التي أنا فيها من أن أفقد ذلك العمل، وأضيع مستقبلي لو بقيتُ بتلك الأفكار.

أريد حلاًّ في أقرب وقت، ولو بكلمةٍ تَنْزع منِّي هذا الهمَّ الذي أنا فيه

وشكرًا لكم


الجواب

الأخ الكريم، وعليكم السلام ورحمة الله.
مرحبًا بك في شبكة (الألوكة) وأهلاً وسهلاً.


قرأتُ رسالتك، وأتفهَّم المعاناة التي تمرُّ بها، أسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يعينك ويسدِّدك.
ما تصِفُه من معاناةٍ بسبب هذه الأفكار القهريَّة التي تعوقك عن الاستمرار في بناء حياتك المهنيَّة، هو شكلٌ من أشكال المرض النفسيِّ الذي يعاني منه كثيرٌ من الناس، في الواقع لا أستطيع وضْعَ التشخيص بشكلٍ دقيق؛ لأنني يجب أن أسأل عن أمورٍ كثيرة تخصُّ المزاج والنشاط الجسديَّ والنفسي، وطبيعة النَّوم وشهيَّة الأكل، وغير ذلك من الأعراض الكثيرة التي تصاحب مثل هذه الأفكار، هذه الأفكار قد تدلُّ على إصابتك بالاكتئاب، أو بالقلق، أو بالوسواس القهري، الذي يأتي بهذه الصُّورة في بعض الأحيان.

بدايةً: يجب أن أؤكِّد أنَّ هذه الأفكار إذا كانت سببًا في إعاقتك عن عملك والاستمتاع بحياتك، فهي اضطرابٌ نفسي شائع، ويمكن علاجه والتغلُّب عليه - بمشيئة الله.

نستخدم في العلاج في العادة طريقتين:
• الطَّريقة الأولى: هي العلاج النفسيُّ؛ حيث يقوم المُعالِج النفسي على مساعدتك في التعرُّف على هذه الأفكار ومناقشتها وتغييرها، ومن ثَمَّ تحسين الحالة النفسية.

• الطريقة الثانية: هي العلاج الدَّوائي، وهذه الطَّريقة تكتسب أهميةً كبيرة؛ بسبب التقدُّم العلميِّ الكبير الذي تم تحقيقُه في مجال صناعة الأدوية النفسيَّة؛ حيث نمتلك الآن - بفضل الله - مجموعةً من الأدوية الجيِّدة، ذات أعراض جانبية أقلَّ من السابق، وهي لا تسبِّب إدمانًا أو تعوُّدًا، وتعطي نتائج مُرْضية في معظم الأحيان.

أودُّ أن أطمئنك بأنَّ الأمر لا يستحقُّ الانكفاء على الآلام، بل يتطلَّب المبادرة إلى البحث عن علاجٍ بزيارة الطَّبيب النفسي لتخطِّي هذه الحالة، والعودة إلى ممارسة حياتك الطبيعيَّة، والإنتاج والإبداع فيها - بمشيئة الله.

أتمنى لكَ التوفيق، وأهلاً وسهلاً بك