|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() علاقتي بأسرتي ومشكلة النطق أ. عائشة الحكمي السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا بنت أبلغ من العمر 18 سنة، وأنا أصغر أخَواتي، وكلُّهنَّ متزوِّجات، وعلاقتي بأفراد أسرتي - أبي وأمي وإخواني - سطحيَّة جدًّا، وخصوصًا علاقتي بأبي، لا أتحدَّث معه، وأخاف أن أتبادل معه كلامًا؛ لأنني لا أعرف أتكلم، ولِسَاني يُخْطِئ بعض الكلمات وأتوتَّر، وأما علاقتي بأُمِّي فأنا أحاول ألاَّ أتعمق معها في الكلام؛ لأنَّه قد حدَث لي قبل سنتين موقف معَها بعد أَنِ اكتشَفَت أنني أكلِّم شبابًا، وفقَدَت الثِّقة فِيَّ، ولكن الآن العلاقة جيدة، وأبي لا يَعْلم شيئًا عن هذا الموضوع، لكن أنا أحاول أن أتناسى الماضي، وأمحوه من ذاكرتها وذاكرتي؛ لأنه يسبِّب لي حالة نفسية، ولا أحبُّ أن أتكلَّم مع أخواتي كثيرًا؛ لأنهنَّ جميعًا يَعْلمن بالموقف، وحدثَ منهنَّ ردَّة فِعْل صدَمَتْنِي، فأرجو إفادتي. الجواب أختي العزيزة، حياكِ الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بالنسبة لعلاقاتكِ السَّابقة مع الشَّباب، فقد كانت صفحة سوداء من حياتكِ الماضية، وقد انطوَتْ، بل تمَزَّقَت بتوبتكِ وندَمِكِ - بمشيئة الله - والله - عزَّ مِن قائل - يقول: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ﴾ [المائدة: 95]، ونحن في آخر الأمر وأوَّلِه بشَرٌ نُخْطِئ ونُذْنِب، وقد قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّ ابنِ آدم خطَّاء، فخير الخطَّائين التوَّابون))؛ رواه أحمد وصدق الشاعر حين قال: مَنْ ذَا الَّذِي مَا سَاءَ قَطْ ![]() وَمَنْ لَهُ الحُسْنَى فَقَطْ؟ ![]() وأنا أحسبكِ - والله حَسِيبُكِ - صادقةً في توبتكِ؛ لأنِّي أرى هذا الذَّنب مؤثِّرًا على حياتكِ، ومسيطرًا على تفكيركِ، ومُثيرًا لأحزانكِ، وهذا دليل توبة - بإذن الله - بل إنَّ الحزن على ارتكاب الذَّنب قد يكون تكفيرًا عن الذَّنب - بمشيئة الله - والموضوع قد انتهى منذ سنَتَيْن، ولا داعي لِتَقليبه كلَّ حين، ولا تَظُنِّي بأنَّ أُمَّكِ وأخواتكِ يَذْكُرْن ذلك فقط؛ لأنَّهن قد عَلِمْن بذلك، هذا توَهُّمٌ كبير منكِ قد أفسد علاقتَكِ بهنّ. صدِّقيني، الموضوع أبسط من ذلك بكثير، فأخَواتُكِ - وإن كانت ردَّة فعلهن مبالغة في أوَّل الأمر - إلاَّ أن نظرتَهنَّ نحوكِ الآن قد تغيَّرَت بلا شكٍّ، وبتوهُّمِكِ هذا ووساوِس الشيطان لكِ تَبْنِين حواجز نفسيَّة مُؤْلِمة في هذه العلاقة الأخويَّة والوالديَّة المباركة. أكنتِ تظنين أن أخواتكِ المتزوِّجات متفرِّغاتٌ للتفكير في ماضيكِ؟! أليس لديهنَّ بيوتٌ وأبناء ومشكلات أُسَرية تشغلهنَّ عنكِ؟! أم كنتِ تظنِّين أنكِ الوحيدة التي ارتكبت ذنبًا كهذا؟! وعلى افتراض أنَّ الذنب كبيرٌ وشنيع، وعلى افتراض أنَّ أخواتكِ لم يُسامِحْنَكِ حتى الآن، فما هو الأمر المهم بعد الإقلاع عن الذنب والتوبة منه؟! رضا الله أم رضا الناس؟! إنَّ إرضاء الناس - بمن فيهم أقرب الناس - مطلبٌ لا يُنال! وحتى لو أحسَنْتِ الفعل والقول، وكان الشيطان يَنْزَغ بينك وبين أخواتِك، لافْتَرقتُنَّ على الحسنات - فضلاً عن السيئات - إن وافقت هذه النَّزغات هوًى في النُّفوس؛ فاستعيذي بالله من الشَّيطان الرجيم، وبادري بِتَرميم هذه العلاقة بنفسكِ بالسؤال عنهُنَّ، وتبادُل الهدايا، والمُلاطفة، وإظهار الحرص والاهتمام. لا تنتظري أن تعطف أخواتُكِ عليكِ بحجَّة أنكِ العَزْباء الصَّغيرة، ولا تنتظري مقابلاً على ما تقومين به من خير لهنَّ سوى انتظار الأجر من لَدُن غفور رحيم، لا تضيع عنده الأُجور؛ ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنكُمْ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُمْ مِن بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 195]. وتذكَّري أنَّه لا شيء يُمْكنه تعويضَ علاقة الأُخوَّة، ولا يُمْكِن لأحد - كائنًا مَن كان - أن يحتلَّ مكانة الأخ في القلب؛ ولعلَّ مِن جميل القَصص في هذا الشأن قصَّةَ المرأة التي جاءت إلى الحجَّاج بن يوسف الثَّقَفيِّ تلتمس أن يُطلِق سراحَ زوجها وأخيها وابْنِهاالذين كان قد أسَرَهم بعد انتصاره في معركة وادي الجماجم، فقال لها: ما دامَتْ لكالشجاعة لِتُواجهي الأمير، فإنِّي سأَقْبَل أنْ أفرج عن أحدِهم، فأيَّهم تختارين? فكَّرَتالمرأة لِوَهْلة، ثُم قالت: "الزَّوج موجود، والابْن مولود، والأَخُ مفقود، أختار الأَخ"،فأُعْجبَ الحجاجُ بِجَوابها، وأَفْرَج عن الثلاثة. أمور صغيرة جدًّا يمكن أن تَفْعَل فِعْل السِّحر في تقوية العلاقات الأُسَريَّة والأخويَّة، كاتِّصالٍ هاتفي قصير، أو رسالة جوَّال قصيرة إن كانت إحدى أخَواتكِ تعيش في مدينة غير المدينة التي تعيشين فيها، أو من خلال شراء هديَّة لأحد أبناء أخواتكِ، أو صُنْع حلوى، أو حتى إحضار كوب شاي إلى إحداهنَّ. ولكننا لا نريد أن نفعل ذلك، ولدينا الكثير من الحُجَج الباطلة، والأسباب الواهية التي نُثْقِل بها قلوبنا الصغيرة، فتمتلئ مع مرور الوقت غِلاًّ وحنقًا على أحبابنا وأشِقَّائنا! الموضوع لا يتجاوز صدق الرَّغبة وقوَّة الإرادة، فإن شِئْتِ أن تُعيدي المياه إلى مَجاريها فكُوني أنتِ الطَّرَف المبادِرَ، وكوني أنتِ الطرف الْخَيِّر البادئ بالسَّلام؛ فعن أبي أيُّوب الأنصاري: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يحلُّ لرجل أن يَهْجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان، فيُعْرِض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسَّلام))؛ متفق عليه. وليس هناك من حلول أخرى، إمَّا أن تتَقدَّمي وتُقدِّمي الخير، أو فلْتَبْقَي على حالكِ هذه ولا تتذمَّري! الأمر نفسه يتعلَّق بعلاقتكِ بوالديْك - حفظهما الله - وإن كنتُ أعلم مدى صعوبة بِناء علاقات مميزة مع الوالِدَيْن إن لم يَتَعاون الوالدان مع أبنائهم منذ طُفولتهم مِن أجْل إبقاء قنوات الاتِّصال مفتوحة بينهم وبين أبنائهم. رُبَّما يُحدِث فارقُ العمر وفارق التعليم فجْوةً كبيرة بين الوالِدَيْن وأبنائهم، ما لم يُقدِّم كلُّ طرَف بعض التنازلات لتقريب المسافات، وإلاَّ فستَبْقى العلاقات الأُسَرية جافَّة ورسمية، علمًا أننا لم نكن نجد لهذه الفوارق تأثيرًا في العلاقات الأُسَرية في ماضي الزمان، والله المستعان! مِن أجْل ذلك حاولي أن تُجالسي والِدَيْك وساعديهما في شُؤون المَنْزل، شاركيهما اهتماماتِهما، أيًّا ما كانت هذه الاهتمامات، ولو كانت مُتابعة أحداث السَّاعة معهما، أو متابعة برنامج يُفَضِّلانه. إن بِرَّ الوالِدَيْن ليس أمرًا صعبًا، ولا هو بالمستحيل، فكلُّ ما يجعل أساريرهما تتهلَّل سعادةً هو من البِرِّ، وكلُّ ما يجعل فؤادَيْهما يَخْفق فرحًا هو من الإحسان، ومَن يبتغي دخول الجنة لا بُدَّ له من امتلاك هذا المفتاح الغالي، أرأيتِ عاقلاً يترك مفتاح بيته جانبًا، ويُفتِّش عن مفاتيح الجيران لفتح بيته؟! إن اختلافنا مع آبائنا وأمَّهاتنا في بعض وجهات النَّظر لا يعني إطلاقًا تمزيق عُرَى المحَبَّة بيننا وبينهم؛ بل يعني احترام بعضِنا البعض، والبحث عن نقاط التَّلاقي لا الاختلاف، والعمل على تغذيتها بالحُبِّ والودِّ والحرص والاهتمام؛ لأنَّ هذه وصية الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾ [العنكبوت: 8]. أمَّا فيما يتعلَّق بمشكلة صعوبة النُّطق، فهذا باب واسع، وعلمٌ قائم بِذَاته "علم أمراض النُّطق واللُّغة Speech - ******** Pathology" وليس مِن السَّهل إعطاءُ علاج مناسب قبل تشخيص المشكلة ومعرفةِ أسبابها الطبِّية والنفسية والعصبيَّة، خصوصًا وأن شرحك للمشكلة غير دقيق البتة. لهذا؛ أنصحُكِ أوَّلاً باستشارة أخصائيَّة نطق لإجراء الفحوصات الطبِّية اللازمة، فرُبَّما كانت العِلَّة لأسباب عصبية متعلِّقة بالمُخِّ، وأنا هنا لست بأخصائيةِ نُطْق ولا طبيبة أعصاب؛ كي أُفِيدكِ من هذه الناحية، ولكي أفيدك يجب أن تتأكَّدي أولاً من أنَّ هذه المشكلة ليست لأسباب عصبيَّة، وإنما نتيجة لأسباب نفسيَّة، وعندئذٍ يمكنني أن أفيدك بالقدر الذي أعلمه في هذا المجال. يوجد قِسْم للتَّخاطُب في كثير من المراكز المتخصِّصة والمستشفيات، فلا تتردَّدي في الذَّهاب إلى هناك، وعمل الفحوصات اللازمة، ثم وافيني بالنتائج. ألستِ تريدين حلاًّ للمشكلة؟! هذه هي اقتراحاتي لحلِّ مشكلاتك، وكلها تعتمد على إرادتك، فامْتَلِكي الإرادة القويَّة، وواجهي مشكلاتك بشجاعة، وتذكَّري أنكِ مُقْبِلة على مرحلة جامعيَّة مهمَّة وفاصلة في حياتك، وستكونين مضطرَّة لمواجهة عالَم أكبر من عالم المدرسة، وستحتاجين إلى قدرات كلاميَّة وتواصُليَّة في هذا المجتمع الجديد، ولن يتمَّ لكِ ذلك بمجرد استشارة عبر الإنترنت أو الاستسلام للأمر الواقع! أُذكِّرك فقط بأنَّ مشكلات النُّطق ليست حجَّة للانطواء، وقَطْعِ العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، فها هو ذا الكليم موسى - عليه السَّلام - كان ذا عُقْدة لسانيَّة واضحة، ومع ذلك أمَرَه الله - تعالى - بتبليغ الرِّسالة لبني إسرائيل، ولِأَعْدى أعداء الله: فرعون، ولم يتلقَّ موسى - عليه السَّلام - في ذلك الوقت أيَّ علاج طبي إلاَّ من خلال: 1 - الدعاء: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 25 - 28]. 2 - الدعم الأُسَري: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ [طه: 29 - 32]. 3 - المواجهة: ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 24]. فحاولِي تطبيق هذه الخُطَّة العلاجية على نفسكِ، وعسى الله أن يَحْلُلَ عقدة من لسانكِ؛ يَفْقَهوا قولكِ، وألاَّ يجعل للشيطان نزغًا بينكِ وبين أخَواتكِ كما نزَغ بين يوسف - عليه السَّلام - وإِخْوته، وأن يرزقكِ حُنوَّ والديكِ ويرزقهما بِرَّكِ، اللهم آمين. دمتِ بألف خير، ولا تنسيني من صالح دعائكِ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |