|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ما هو مرضي؟ د. ياسر بكار السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عُمْري 34 سنة، عندي رهاب اجتماعي منذ أن كنتُ في عُمر 15 سنة. أنعزلُ وحيدًا في العمل؛ خوفًا ورهبة من الحديث مع الناس. أشعرُ بعدم القدرة على مجاراة الآخرين في الحوار، عدم القدرة على إثبات الرأْي، عدم القدرة على الدخول في حوار أو مناقشة أو إقناع. ذو شخصيَّة ضعيفة أمام الزملاء وفي العمل، بطيء الفَهْم والاستيعاب، أجد صعوبة كبيرة في تكوين علاقات اجتماعيَّة، كثير السرحان، أنزعج لأتفه الأسباب كالطفل الصغير وأعاند. عندما أتكلَّم مع الآخرين أذل وأخفض صوتي، وأخشع وأجيب بشكلٍ مُختصر جدًّا على أي حوار وهذا يحدث بشكلٍ أوتو ماتيكي. عندما أريد الحديث مع شخْصٍ أقول في نفسي: لن أذل، ولن أخفض صوتي، ولكن لا أستطيع، عندما أعود إلى البيت أنزعج وأغضب لأتفه الأسباب، رُبَّما تعبيرًا عن انعدام قِيمتي وضَعف شخصيَّتي، وعدم قُدْرتي على الجلوس مع الآخرين. أمران أحلاهما مُرٌّ: الأول: إذا جلستُ مع الناس يصيبني الرهاب، بُطء الفَهْم، الظهور بمظهر الجاهل، عديم الرأي والفائدة، فيصيبني الحزنُ الشديد والاكتئاب، وأفضِّل الانعزال وحيدًا، والثاني إذا انعزلتُ عن الناس يصيبني أيضًا الحزن الشديد والاكتئاب. أعتمد غالبًا على الحفظ دون الفَهْم. تزوَّجْتُ منذ أشهر، ودائمًا أختلقُ المشكلات، وأنزعج لأتفه الأسباب وأغضب، وأعبِّر بالعنف والعناد؛ حتى ضاقتْ زوجتي بي ذرعًا؛ أرجوكم ما السبب? هل هذا بسبب ضَعف شخصيَّتي وعدم قُدْرتي على الجلوس مع الآخرين؟ أريد المساعدة، هل سأقضي حياتي بشخصيَّة غير قادرة على التفاعُل والتواصُل? أنا أتعذَّب كلَّ يومٍ ألف مرة، هل سأظل تابعًا للآخرين بسبب عدم القُدرة على إثبات الرأي، والدفاع عن الذات ومتطلباتها، وبسبب انعدام البصيرة وقلة العقل؟ ما هو مرضي? تخلُّف عقلي? توحُّد? تقلُّب مزاج? هل أنا معاق ذهنيًّا? أو ماذا؟ ما نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيرًا مع العلم أنني كنتُ أشعرُ بهذه المشاعر أيام الجامعة، واجتهدتُ في الدراسة والسهر؛ لأحصِّل درجاتٍ ممتازة، وكان ذلك، ولكن لم ترتفع قِيمتي قطُّ، لم أكسبْ أيَّة صداقة، وبقيتُ أغلب أيَّامي منعزلاً عن الناس، حياتي في الصغر: تحرُّش الأولاد بي في المدرسة، قلة الأصدقاء، إرهاب بعض المدرسين، وفاة الوالدين وأنا في عُمْر 17 سنة، إدمان العادة السريَّة بشكلٍ كبير جدًّا إلى أن تزوجتُ قبل أشهر، منذ الصغر وأنا أقرأ آلاف الكتب حول كيف تتخلَّص من الخجل، كيف تكسب الأصدقاء، كيف تبني نفسَك، كيف تصل للنجاح؟ آلاف الكتب لكن لم يتغيَّر فيّ شيءٌ منذ عُمر 17 سنة، وأنا الآن في طريق مسدودة، سيطَرَ عليّ اليأس والخوف بعد كلِّ المحاولات الفاشلة، أريد نصيحتكم، وجزاكم الله خيرًا. الجواب الأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قرأتُ رسالتك، وأتفهَّم مشاعرك، في الحقيقة أنتَ لا تعاني من أيِّ مرضٍ نفسي مما ذكرتَ، ولا من الرهاب الاجتماعي، ولا من أي مرض نفسي، ما تعاني منه هو خَلل في بناء الشخصيَّة يحتاج إلى العمل على إصلاحه. هل تعرف أين المشكلة في علاج مثل هذه الحالات؟ هو أننا نودُّ أن نحرزَ تقدُّمًا سريعًا ونتائج عاجلة، والواقع يقول بأن تغيير بناء الشخصيَّة يحتاج إلى الوقت والصبر وبذْل الجُهد، والصبر والمصابرة، وأقصد أن أحقِّقَ كلَّ يوم خطوة صغيرة في المسار الصحيح، خطوة صغيرة لا أكثر وأداوم عليها حتى أتقنَها ثم انتقل لما بعدها. التدريب وتطبيق التقنيات في التواصُل مع الناس، ومد العلاقات معهم وتحقيق الذات، وتطوير الثقة بالنفس، وارتكاب الخطأ وقَبوله وتصحيحه، وعدم الاستسلام - هو المسار الوحيد للتطور وإحراز التقدُّم، راقبْ نفسَك واستجاباتك واحبسْها عن ردِّ الفعْل المستعجل والخاطئ. من الجميل أن تمتلكَ هذه البصيرة في تأثير هذه المشكلة على علاقتك الزوجيَّة، ولا يوجد مُبرر لعدم ضبط النفس أو معاقبة الزوجة بغير وجْه حقٍّ. من العوامل المساعدة هنا أيضًا تغيير الحديث مع النفس؛ بسبب كل الظروف التي حدثتْ معك، فأنتَ تتحدَّثُ مع نفسك كلَّ اليوم، وتسترجع تلك الذكريات التي تدلُّ على ضَعف مهاراتك وثقتك بنفسك، هذا الحديث وهذه الذكريات المسترجعة لها أثرٌ سلبي كبير على نفسيَّتك وعلى تطور مهاراتك، إنَّها كالمعْوَل الذي يهدم ما تبنيه، والبديل هو أنْ نغيِّرَ الحديث مع أنفسنا إلى خطاب إيجابي تحميسي، يبعث الاعتزاز بالنفْس مَهْمَا حدَثَ؛ لأنه مكرمة وذات شأْنٍ، ثم اسعى بشكل دائمٍ على إرسال رسائل إيجابيَّة توكيديَّة عبر تمرين التوكيد؛ حيث تقف كلُّ يوم أمام المرآة، وتخاطب نفسك بجُمل قصيرة وإيجابيَّة في الزمن الحاضر: (أنا شخص لي العديد من المزايا، منحني الله العظيم نعمًا كثيرة، لا أستسلم أبدًا، بل أقاومُ وأجتهد بشكلٍ رائع)، وهكذا جمل إيجابيَّة توكيديَّة لا تذهب في الهواء، بل تعود إلى العقل الباطن، وتُحْدِث فيه تغييرًا كبيرًا. أودُّ منك أيضًا أنْ تسجِّلَ أيَّ إنجازٍ صغير مَهْمَا كان: "تحدثتَ أمام مجموعة بأسلوب جيد، قمتَ باتصال هاتفي بشكلٍ مثبت للذات، رحلة مع أصدقاء"، وتتذكَّره بشكلٍ متكرر، وتحمد الله عليه، وتحدِّث نفسَك وتستخدمه فيما ذكرته سابقًا من تمرين التوكيد، هذا أمر مفيد للغاية ويعطي نتائج فعَّالة. ختامًا: من المشكلات الرئيسة التي تواجه مَن يعاني مما تعاني منه أنه عندما يتلقَّى فكرة أو نصيحة تقفز إلى ذِهْنه فورًا فكرة هي: (لقد جرَّبْتها ولم تنفع ولن تنفع)؛ ولذا فمن الطبيعي أنها لن تنفعَ طالما أنَّك مقتنع بأنها لن تنفع. احذرْ ذلك، أريدك أن تمتلئ حماسًا للتغيُّر البطيء جدًّا؛ لأنه هو الذي يُعطي نتيجة، كما أنصحك بالعودة إلى الكتب التي ذكرتَ، ولكن بالمنظار التي تحدَّثتَ عنه قبل قليل، لكَ تحيَّاتي،
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |