|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() كيف أتخلَّص مِن العصبيَّة؟ أ. عائشة الحكمي السؤال السلام عليكم، لا أدْري مِن أين أبْدأ في سرْد قصَّتي، ولكنَّني - باختصار - أُعاني مِن مشكلة: وهي أنَّني عصبيَّة جدًّا، ولا أُسيطر على نفْسي في أغلب الأحيان. كان والدِي يُحاول ضرْبَ أحَدِ إخوتي بالعصَا (مازحًا)؛ لأنَّه لم يستجِبْ لكلامه، وحينما رفَع العصا وقعَتْ بقوَّة على أنْفي، وسبَّبتْ لي نزيفًا خفيفًا، وعندها بدأت أبْكي، تعاطَف أبي معي؛ لأنَّه لم يكن يقصِد، وحاول أنْ يرى مكانَ الإصابة، وفيما إذا تأذيتُ أوْ لا، ولكنَّني بفِعْل عصبيَّتي خرجتُ مِنَ الغُرْفة مسرعةً، ولم ألتَفِتْ له. أعترِف بأنَّني أخطأتُ ونادمة أشدَّ الندم على ما فعلتُ، والآن والدي لا يستطيع رُؤيتي، ولا يَسْمح لي حتَّى أن أقتربَ منه؛ لأطلبَ الصفحَ عنِّي لما فعلت، فهو عصبيٌّ جدًّا، ولن يسامحني بسُهولة. هذا موقِفٌ من المواقِف التي تحدُث معي بسبب عصبيتي، يقول أهلي: إنِّي يجب أن أسيطرَ على نفسي. حاولتُ جاهدةً، ولكن دون فائدة (أبكي كثيرًا، وأتألَّم لِمَا أنا فيه بسبب نفسي، ولكن دون جدوَى). كيف أتعامل مع أبي وأُرْضيه، وكيف أتخلَّص مِن هذه العصبية؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أرجو أن يَصلَكِ جوابي وقد عادتِ المياه إلى مجاريها بيْنك وبيْن والدك - حفِظه الله تعالى. رغم التصحُّر المعلوماتي الذي يُضايقني في استشارتِكِ، إلا أنَّني أتلمس بيْن سطوركِ علاماتٍ صغيرةً لتشكِّل "شخصية حدية"، تحتاج منكِ إلى وقْفة جادَّة للتعامل معها، والسيطرة على أعْراضها. اضطراب الشخصيَّة الحدية Borderline Personality Disorder هو اضطرابٌ شائع، يُصيب الفتيات بنسبة 75%، وتبدأ أعراضُه في الظهور في مرحلة المراهقة المتأخِّرة، ثم تستمرُّ إلى أن تصبحَ ظاهرةً وواضحةً في سِنِّ الرُّشْد. تتسم الشخصية الحدية بخصائصَ مميّزة، منها: 1. عدم الاستقرار العاطفي. 2. التقلُّب المزاجي المستمر. 3. قلَّة ضبط النفس. 4. انفجارات الغضب الحادَّة، وغير المبرَّرة إلى درجة الاعتداء البَدني. 5. السلوك الاندفاعي غير محسوبِ النتائج. 6. الشُّعور المزمِن بالملل والخواء الداخلي. 7. فُقدان الهُويَّة. 8. عدم المصالَحة مع الذَّات. 9. صعوبة اتِّخاذ القرارات المصيريَّة المتعلِّقة بالزواج والتخصُّص والمِهْنة. 10. علاقات غير مستقرَّة مع الأهْل والأصدقاء والزملاء، الأمر الذي يُؤثِّر سلبًا على أدائه المِهني، وبالتالي على استقراره في العَمل، وكذلك على علاقاته الاجتماعيَّة مع الآخَرين، حتى مع مَن يحبُّهم. لعلاجِ هذا الاضطراب نحتاج إلى تدخُّل طبِّيٍّ دوائي بشكل رئيس، إضافةً إلى الأخْذ بالنصائح التالية: أولاً: احْسبي حجمَ الخسائر التي جنيتِها من جرَّاء اندفاعاتك السلوكيَّة واهتياجك المفْرِط لأتفهِ الأمور وأبسطِ المواقف، وليس هناك ما هو أعظمُ مِن خَسارةِ مَن نحبهم ويحبوننا، ولئن لم تشعري اليوم بفقدان أهلكِ؛ لأنَّه لا انفصامَ في عُرى القرابة والدم التي تجمعك بهم، إلا أنَّ المستقبلَ ينتظرك - بمشيئة الله - بزَوْجٍ مُحبٍّ، وصديقات وفيَّات، وكم ستكون الخسائرُ فادحةً إن لم تضبطي انفعالاتِك، وسعيت لتهذيب سلوكياتك مِن الآن فصاعدًا! ثانيًا: التدريب على طُرق الاسترخاء المختلِفة، كالتنفُّس العميق البطيء، أو تمارين اليُوغا لمدة 15 دقيقة يوميًّا. ثالثًا: تمرين "مراقبة التشويش": اجْلِسي في غرفة يوجد فيها تِلفاز أو راديو، أو مسجِّل أو حاسوب، وقُومي بتشغيل البرنامج أو الإذاعة، أو القرص المدمج، أو جميعها في آنٍ واحد، وبصوت عالٍ، مع توقيت ساعة منبِّهة لمدة 15 دقيقة، ثم اجلسي وسطَ هذا الإزعاج والتشويش، وأغْمضي عينيك، وحدِّثي نفسَك بما تسمعينه، وكأنَّكِ مراسلةٌ لقناة تلفزيونية، وحذارِ مِن إيقاف هذا الإزعاج، مهما بلغت رغبتكِ في إيقافه، حتى ينتهيَ الوقت المحدَّد، وتدق ساعة المنبِّه مُعلنةً انتهاء الوقت، يمكنك تَكْرار التمرين متى شعرتِ بالحاجة إلى ذلك. فائدة التمرين: سيساعدك على ضبْط اندفاعاتكِ. رابعًا: استعمال العِلاجات العُشبيَّة التي تعمل على تقليلِ حدَّة التوتر، وتثبيت المزاج، مثل عشبة القدِّيس يوحنا St John’s Wort، وزيت السمك، وعشبة كافا كافا Kava Kava، وكل هذه الأعشاب يُمكن الحصولُ عليها من محلاَّت الأغذية التكميليَّة على هيئة كبسولات، لكن مِن المهم استشارةُ الطبيب قبلَ ذلك؛ نظرًا لتعارض بعض هذه الأعشاب مع بعض الأدوية، وبعض الحالات الصحية. خامسًا: تَفادَي الاحتكاك بالأشخاص الذين يعملون على استفزازِ مشاعركِ خلالَ فترة التدريب والعلاج قدرَ استطاعتكِ، وكذلك تجنَّبي المسؤولياتِ الجديدةَ التي تستنفد طاقاتِك النفسيَّة، كطلب وظيفة، أو الارتباط بخِطبة، أو مولود جديد...إلخ. سادسًا: احْرِصي على البقاء مع مجموعة داعِمة وإيجابية مِن أهلكِ وقرابتكِ أو صديقاتكِ؛ لتشجيعكِ على ضبْط نفسكِ ودعمكِ، إذا نجحتِ في التقليل مِن العصبية والاندفاعيَّة. سابعًا: مارسي الهُواياتِ التي تعمل على تصريفِ الطاقات الانفعاليَّة الزائدة بصورة صحيَّة، كالالْتحاق بنادٍ رياضي، أو الكتابة الأدبية (نظْم الشِّعر، وكتابة القصة القصيرة - على سبيل المثال)، أو الرسم، ونحو ذلك. ثامنًا: عند حدوث الموقِف الذي يُثير نزعتَكِ للغضب، احْرِصي على الحِفاظ على "مسافة نفسيَّة" بينكِ وبيْن ردَّة فعْلك تُجاهَها، توقَّفي لمدة لا تقل عن 30 ثانية قبلَ قول أيِّ كلمة، أو إبداء أيِّ تصرُّف اندفاعي، واستعيذي خلالَ هذه الثواني مِن الشيطان الرجيم، وإذا كنتِ واقفةً، فاجلسي من فوركِ، واترُكي لعقلكِ الفرصةَ للحُكم على الموقف، إنْ كان يستحقُّ منك كل هذا التوتُّر أم لا؟ كما جاء في الحديث؛ فعن ابن عبَّاس عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((علِّموا، وبشِّروا ولا تُعسِّروا، وإذا غضِب أحدُكم فليسكت))؛ رواه أحمد. بالنِّسبة للموقِف الذي حدَث مع والدِكِ كان بوُسعكِ - لو تركتِ لعقلكِ التفكير - أن تُدركي كم كان والدُك راغبًا في مصالحتك، وأنَّ الضربة على أنْفِك لم تكن مقصودةً على الإطلاق، وما كان لأحدٍ منكما أن يغضبَ مِن الآخَر، لو دربتِ نفسك على الحِفاظ على هذه المسافة النفسيَّة الواعية لضبط مشاعِرك. أما كيف تُرْضي والدك؟ فالأمرُ يسيرٌ للغاية، اختاري الوقتَ المناسب الذي يكون فيه والدُك مسترخيًا وهادئًا، واعتذري إليه، أو قدِّمي إليه شيئًا مما يحبُّه ويُفضِّله، كمشروب عُشبِي، أو القيام بعمل تعرفين مسبقًا أنَّ قيامك به سيُسعِده؛ ليكون مقدِّمةً لاعتذارك، وإلا فلتكُنْ لك واسطةٌ وشفيع مِن قِبل والدتك، أو أحد إخوتك المقرَّبين منه، واستمرِّي في محاولاتك حتى يرْضَى. ليس الأمرُ مستحيلاً أو صعبًا، إنما شخصيتُك وطريقةُ تفكيرك الخاطئة هي التي تجعلك تُكبِّرين الصورة أكثرَ مِن حجمها الحقيقي، فتظهر لك وكأنَّ الأمرَ مستحيل، وهذا مِن مكايد الشيطان بلا شَكٍّ. ختامًا: يقول الشاعر: لاَ تَغْضَبَنَّ عَلَى قَوْمٍ تُحِبُّهُمُ ![]() فَلَيْسَ يُنْجِيكَ مِنْ أَحْبَابِكَ الْغَضَبُ ![]() وَلاَ تُخَاصِمْهُمُ يَومًا وَإِنْ ظَلَمُوا ![]() إِنَّ القُضَاةَ إِذَا مَا خُوصِمُوا غَلَبُوا ![]() دمتِ بألْف خير، ولا تنسيني من صالِح دعائك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |