|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شرح حديثي أبي هريرة وعائشة الصديقة رقم 80 و81 من كتاب عمدة الأحكام الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد شرح حديثي أبي هريرة وعائشة الصديقة رضي الله عنهما رقم: (80) و(81) من كتاب عمدة الأحكام الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد؛ فهذا بابُ الإِمامةِ، من كتاب (عمدة الأحكام)، لعبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى، ودرسنا اليوم هما الحديثان المرقومان بـ (80، 81) وموضوعهما متابعةُ الإمام في صلاة الجماعة. أوّلهما في درس اليوم هو الحديث الثاني من باب الإِمامةِ والمرقوم بـ(80) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ؛ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ". التخريج: (خ) (734)، (م) 86 - (414)، والرواياتُ عن أبي هريرة لم تذكر سببَ ورودِ الحديث. معاني كلمات الحديث وجُمَلِه: قوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ): إنما؛ أداة قصر وحصر الائتمام بالإمام، لا بغيره. و[لا بد فيه من تقدير محذوف، وهو المفعول الثاني لـ (جَعَل)؛ لأنها هنا بمعنى صَيَّرَ، والتقدير: إنما جُعلَ الإمامُ إمامًا، و - المفعولُ - الأوَّلُ ارتفعَ - بالضّمّة - لقيامه مقامَ الفاعل، ومعنى «ليؤتم به»؛ أي: يُقتدَى به][1]. قوله صلى الله عليه وسلم: (فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ). أي لا تسابقوه ولا توافقوه، ولا تتأخروا عنه، بل تابعوه. قوله صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا). الفاء الواقعة في (فكبروا) و (فاركعوا) ... إلخ؛ للترتيب والتعقيب، ومعنى الترتيب؛ أن تقع بعده، والتعقيب؛ بأن تليَه - أي تلي الإمامَ في حركاته وتنقلاته - مباشرة، فلا تُساوِه - أيها المأموم] - ولا تتأخرْ عنه، - ولا تسابقْه - [2]. قوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)، [قيل: معنى «سمع الله لمن حمده»: أجاب الله دعاء من حمده. ففيه الحثُّ على التحميد][3]. قوله صلى الله عليه وسلم: (فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ). عندما تسمعوا التسميع من الإمام، وعند الرفع من الركوع، فالفاءُ تفيد الترتيبَ والتعقيب. قوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ)، "أجمعون": تأكيد لضمير الجمع. وثاني الحديثين في درس اليوم هو الحديث الثالث من باب الإِمامةِ والمرقوم بـ(81) قال عبد الغني المقدسي: وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، صَلَّى جَالِساً، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَاماً، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ: أَنْ اجْلِسُوا، لَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ)). التخريج: حديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري وسلم وغيرهما هذا نصُّه: عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الـمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ)، قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا»[4]. هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها في شكوى النبي صلى الله عليه وسلم وصلاتِه جالسًا، وبتتبُّع رواياته لم أجدْ ما نسبه المصنفُ ابن قدامة رحمه الله تعالى من حديثها رضي الله عنها، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ)، وكذلك لفظةُ (أَجْمَعُونَ)؛ لا في الصحيحين ولا غيرهما من روايتها رضي الله عنها، بينما ثبت ذلك من حديث أبي هريرة وأنسٍ وغيرهما في الصحيحين وغيرهما، والله تعالى أعلم. وبعد البحث وجدت كلمة (أجمعون) من حديثها رضي الله عنها في كتاب (الطبِّ النبوي) لأبي نعيم الأصفهاني (المتوفى: 430هـ)[5]. وروى البخاريُّ هذا الحديث في (بَابٌ إِذَا عَادَ مَرِيضًا، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً) من (كِتَاب المَرْضَى) [6]، عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ثم حكم عليه بأن صلاة المأموم جالسًا خلف الإمام القاعد منسوخ، فـ [قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - البخاريُّ -: قَالَ الحُمَيْدِيُّ: (هَذَا الحَدِيثُ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ مَا صَلَّى صَلَّى قَاعِدًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ)]. وفي موضع آخر قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - البخاريُّ -: [قَالَ الحُمَيْدِيُّ: قَوْلُهُ: «إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا»، هُوَ فِي مَرَضِهِ القَدِيمِ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالقُعُودِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ، مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ][7]. معاني الكلماتِ وتوضيحُ الجمل: قولها رضي الله عنها: (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ)، وفي رواية: في مَشْرُبَةٍ لِعَائِشَةَ، وهي الْغُرْفَة الْمُرْتَفِعَة[8]. (وَهُوَ شَاكٍ)، أي مريض. قولها رضي الله عنها: (فَأَشَارَ إلَيْهِمْ: أَنْ اجْلِسُوا) الإشارة المفهمة تغني عن العبارة. قولها رضي الله عنها: (قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)، أي ليُتَّبَعَ في أقوله وأفعالِه؛ إلاَّ ما خرج بدليله. الشرح والتوضيح: أوَّلا: سبب ورود الحديث في الصلاة جالسا؛ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا، فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، ...). [9]، وفي رواية: (فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ). [10]، وفي رواية: (فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ)[11]. [ولا مانع من اجتماع الأمور الثلاثة، لما سقط أصيب برضوض، وانفكَّت قدمُه، وجرح، لا سيما وأن الروايات فيها قوة][12]. ثانيا: التعليلُ لصلاة المأمومين جلوسا خلف الإمام الجالس، هو عدم التشبُّه بالأعاجم، ففي رواية جَابِرٍ رضي الله عنه؛ حيث قال: (رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا بِالْمَدِينَةِ، فَصَرَعَهُ عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ، فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ لِعَائِشَةَ [13] يُسَبِّحُ جَالِسًا)، قَالَ: (فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَسَكَتَ عَنَّا، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى نَعُودُهُ، فَصَلَّى الْمَكْتُوبَةَ جَالِسًا، فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا)، قَالَ: (فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ)، قَالَ: "إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا، وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا"[14]. ثالثا: المعنى الإجمالي: قال الشيخ البسَّام رحمه الله تعالى: [في هذين الحديثين بيانُ صفةِ اقتداءِ المأموم بالإمام، ومتابعتِه له. فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم المأمومين إلى الحكمة من جعْلِ الإمام؛ وهي أن يُقتَدَى به ويُتابَع، فلا يُختلَفُ عليه بعمل من أعمال الصلاة، وإنما تُراعى تَنَقُّلاتُه بنظامٍ؛ فإذا كبّر للإحرام، فكبِّروا أنتم كذلك، وإذا رَكع فاركعوا بعده، وإذا ذكَّركم أنَّ الله مجيبٌ لمن حمده بقوله: "سمع الله لمن حمده"، فاحمدوه تعالى بقولكم: "ربنا لك الحمد". وإذا سجد فتابعوه واسجدوا، وإذا صلى جالساً لعجزه، عن القيام - فتحقيقاً للمتابعة - صلُّوا جلوساً، ولو كنتم على القيام قادرين...][15]. [فقد ذكرت عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى من المرض، وبيَّن أنسٌ رضي الله عنه سببَ الشكوى وهو أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَجُحِشَتْ) - أي خدشت أو أشدّ من الخدش قليلاً - (سَاقُهُ - أَوْ كَتِفُهُ - وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ) - أي حلف ألاَّ يدخل عليهن - (شَهْرًا)، وفي رواية: (آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتْ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ)، فَقَالُوا: (يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا!!) فَقَالَ: «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ»[16]. وفي رواية: (فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا وَهُمْ قِيَامٌ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا»[17]. فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يظنونَّ أنَّ عليهم القيامَ لقدرتِهم عليه، فصلَّوا وراءَه قيامًا فأشار إليهم، أن اجلسوا. فلما انصرف من الصلاة أرشدهم إلى أن الإمام لا يخالف، وإنما يوافَق لتحقُّقِ المتابعةِ التامةِ والاقتداءِ الكامل، بحيث يصلى المأمومُ جالساً مع قدرته على القيام لجلوس إمامه العاجز][18]. فكان سقوطه صلى الله عليه وسلم عن فرسه قد وافق إيلاءه (... مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا). [19]،أَيْ: حَلَفَ لَا يَدْخُل عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِيلَاءَ الْمُتَعَارَفَ بَيْن الْفُقَهَاء[20]. واختُلف في سبب حَلِفِه بعدم الدخول على نسائه شهرا؛ هل هو حَلِفُه على تحريمِ أَمَتِه ماريَةَ القبطيةِ رضي الله عنها، [21] أو تحريمِ العسل على نفسه؟ أو كليهما؟ والقول الأخير هو الأقرب. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |