|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الخوف من النقد أ. شروق الجبوري السؤال أنا شابٌّ جامِعي، عمري 21 سَنة، عندي نقطة ضعْف قويَّة مِن النقد، فدائمًا أُحبُّ المديحَ، وعندما أسمع نقدًا يظلُّ في ذاكرتي ولا يزول، حتى إنَّني الآن أذكُر ملاحظاتٍ وُجِّهت إليَّ منذ كنتُ في السابعة والثامنة من عمري، عِلمًا بأني لا أذكُر غَداءَ أمس! وأنا شخصيًّا ناجحٌ ومحبوب مِن المجتمع، ولديَّ الكثير من الأصدقاء، ودائمًا أضحَك، وعندما أسمع أنَّ أحدًا انتقَد فِعلاً مِن أفعالي، أو قولاً مِن أقوالي، أظلُّ طول نهاري منزعجًا، ويمكن أن يطولَ الأمر إلى أكثرَ مِن ثلاثة أيَّام! وأيضًا كل موقِف أقوم به "أعرف أنَّ أعْيُن الناس موجّهة إليَّ"، قلبي لا يتوقَّف عن الخفقان، وبشكل شديد، وتضطرب الكلماتُ في حَلْقي، ويداي ترتعشان، علمًا بأني أقومُ بإلْقاء البحوث، وأيضًا قمتُ بتمثيلِ بعضِ المسرحيات الصغيرة، وتمَّت بنجاح عظيم، ولكن إلى الآن في كثيرٍ مِن الأفعال لا أجرؤ على القيامِ بها رغمَ سُهولتها ويُسْرها. وأشكُر تعاونَكم، وأتأسَّف مِن ضَعْف لُغتي العربية الفصيحة. الجواب أخي الكريم، السلام عليكم ورَحمةُ الله تعالى وبركاته. نحن الذين نشكُرك أخي الفاضل على اختيارِك الموقع لطلبِ الاستشارة، داعين المولَى القديرَ أن يستخدَمَنا في تقديمِ ما ينفعكم، وتفريج كُربتكم، إنَّه تعالى سميع مجيب. أخي الكريم، إنَّ بُغضَ الإنسان لسماع نقْد يُوجَّه إليه له أسبابٌ عديدة، أهمُّها أسبابٌ تعود إلى أسلوب التنشِئة، خاصَّة في مراحلِها الأولى، فكثيرٌ مِن الآباء يجهل أهميةَ تنشئة أبنائِهم على ضرورةِ الإصغاء إلى النَّقْد الموجَّه إليهم، والتدبُّر فيه؛ ليكونَ أحدَ أساليب التغيير نحوَ الأفضل. كما تُشكِّل النجاحاتُ المتواتِرة والتفوُّق أو التألُّق المستمر سببًا مِن أسبابِ الانزعاج مِن سماع نقْد الآخَرين لسلوكٍ معيَّن؛ لأنَّ ذلك يُسبِّب لهم مشاعرَ قلق، وتوتُّرًا مِن خسارةِ ما تَمَّ إنجازه، سواء كان هذا الإنجازُ مكانةً اجتماعية، أو نجاحًا أدائيًّا، أو إعجابَ الآخرين، وما شابه ذلك. وتُعَدُّ مشاعرُ النقص أحيانًا مِن الأسباب التي تؤدِّي بصاحبها إلى انزعاجٍ شديدٍ مِن سماع أيِّ نقْد يُوجَّه إليه، حيث يظن أنَّ مَن يوجه إليه هذا النقد مُطَّلِعٌ على ما تُخفيه نفسُه مِن هواجسَ وخلجاتٍ يَخشى أن يَطَّلع عليها أحد. وأيًّا ما كانتِ الأسباب، فإنَّ اكتشافَ الفرد لها يساعده على التخلُّصِ مِن مشاعر الانزعاج إذا ما حاول علاجَ سببها بشكلٍ مباشِر، وواجَهَها بوضوح. ومنِ الضرورة بمكان، أن تُميِّز أخي الكريم، أنَّ هناك نوعَيْن من الآراء المعترِضة على سلوك الآخرين: فمنها (الرأي الناقد)، وهو تقديم نقْدٍ أو اعتراض موضوعي على السلوكِ أو الموقِف، ولا بدَّ أن يتَّسِمَ قائلُه بالكَياسة، وانتقاءِ العبارات التي لا تُنفِّر سامعَها، بل تشدُّه للتعرُّف على مواطنِ الضَّعْف، كما يُفضَّل أن يكون هذا الرأيُ بين القائل والسامِع؛ تجنُّبًا لإحراج الأخير. أما النوع الآخَر، فهو (الرأي المنتقِد)، والذي يتميَّز بجفاءِ الألفاظ والنبرة الصوتية، ممَّا يُنفِّر سامعَه ويجرَح مشاعرَه، ويؤذي أحاسيسَه، وهذه الآراء قد تصدُر مِن الحُسَّاد والحاقدين، ومَن شاكلَهم؛ لذا عليك أخي الفاضِل التعرفَ على نوْع الآراء التي تُزعجك، فإنْ كانتْ مِن النوع الثاني، فأنصَحُك بعدم الوقوف عندَها كثيرًا، وتجاوزها بحِلمك وتحدِّيك لهم، باستمرارِك في طلب المزيد مِن النجاح والتفوُّق الذي لا يشوبه غرور. أمَّا إذا كانتِ الآراء مِن النوع الأول، فعليك أخي الكريم أن تَتبنَّى شعارًا تزرَعُه في نفسك - إنْ آمنتَ به وتدبَّرتَ في معانيه - وهو قولٌ مأثور عن سيِّدنا عمر بن الخطَّاب - رضي الله تعالى عنه - حين دعَا برحمةِ الله تعالى لمَن يُهدِي إليه عيوبَه، فاعتبَر - رضي الله تعالى عنه - أنَّ توجيهَ النقد إليه بمثابةِ (هدية) تُهدَى إليه. كما أنصَحُك أخي الكريم، بتغييرِ رُؤيتك الذاتية للرأيِ الناقِد الموجَّه إليك، بأن تعتبرَه أحدَ المراحل التي تنقُلك إلى مرحلةٍ أفضل، فإنَّ هذا النوعَ مِن الآراء يطلبه كثيرٌ مِن الناس، الذين يبحثون عن النجاحِ والتقدُّمِ والتغييرِ الإيجابي، بل إنَّ منهم مَن يدفع المالَ ليحصلَ على تقييم ناقِدٍ لعملٍ أو سلوكٍ يقوم به. فإذا ما قُمتَ بذلك، فإنَّك ستضع سِماتِ شخصيتك الإيجابية - التي ذكرتَها في رسالتك - في إطارها الصحيح، وعندَ ذاك ستتمتَّع بالتوازُن والاستقرار النفْسي - بإذن الله تعالى. أمَّا عن الارتباكِ والتوتُّرِ الذي يُصادفك حين تكون محطَّ الأنظار، فإنَّها مشاعرُ طبيعيَّة في هذه المواقِف، وهي بالطبع تختلف عن تقديمِك الأدوارَ المسرحية وغيرها؛ لأنَّ تقديمَك لهذه الأدوار يأتي بشكلٍ مُتكرِّر، وقد تُكوِّن لديك تكيُّفًا نفسيًّا معها، بينما المواقف الحياتية - التي تكون فيها محطَّ أنظار الآخرين - تأتي بين حينٍ وآخرَ، ولا يكون مُخطَّطًا لها بشكلٍ مُسبَق. واعلم أخي الكريم، أنَّ هذا التوتُّرَ ينخفض مع تقدُّمك في السِّنِّ، واكتسابِك المزيدَ مِن الخبرات الاجتماعيَّة وغيرها. وأخيرًا: أدعو الله تعالى أن يمُنَّ عليك بالسكينة والطُّمأنينة، وأن يُصلِح شأنَك كلَّه ويَنفع بك، إنَّه تعالى سميع مجيب.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |