عون البصير على فتح القدير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 959 - عددالزوار : 121118 )           »          الصلاة دواء الروح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          يكفي إهمالا يا أبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فتنة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حفظ اللسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          التحذير من الغيبة والشائعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          قصة سيدنا موسى عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-01-2021, 12:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,460
الدولة : Egypt
افتراضي عون البصير على فتح القدير

عون البصير على فتح القدير (1)


أ. محمد خير رمضان يوسف






عون البصير على فتح القدير (1)

الجزء الأول

(سورة الفاتحة، وسورة البقرة 1 - 141)



مقدمة

الحمدُ لله العليِّ القدير، والصلاةُ والسلامُ على البشيرِ النذير، وعلى آلهِ وصحبهِ وكلِّ محبٍّ ونصير، ممن تبعهم وحملَ رايةَ هذا الدينِ الكبير. وبعد:
فإن "فتح القدير الجامع بيني فنَّي الرواية والدراية من علم التفسير" تفسيرٌ مشهور، وخاصةً في جزيرةِ العرب. وتأتي شهرتهُ من قيمتهِ العلميةِ أولًا، ثم من شهرةِ مولِّفهِ رحمَهُ الله، العلّامةِ محمد بن علي الشوكاني (ت 1250 هـ)، الفقيه المجتهد، قاضي صنعاءَ وحاكمها. وكان على مذهبِ الزيديةِ ثم تركه، فنبذَ التعصبَ والتقليد، ونظرَ في الأدلة، واهتدَى بالكتابِ والسنة، وجدَّ واجتهد، وصنَّفَ نحو (280) كتابًا ورسالة، من بينها هذا التفسير العظيم.

وقد جمعَ فيه بين (المأثور) و(الرأي)، الذي عبَّرَ عنه في العنوانِ الشارحِ له بالروايةِ والدراية. ويكونُ المجالُ بذلك مفسوحًا وواسعًا في النظرِ والنقل.
وهو أشبهُ ما يكونُ بتفسير "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، المعروفِ بتفسيرِ ابن عطية، الذي استدركتُ عليه أيضًا، وأوردتُ ميزاتهِ في مقدمةِ المستدرك.

والشوكاني رحمَهُ الله يقسمُ السورةَ إلى مجموعةِ آيات، ويوردُ رأيَهُ أو اختيارَهُ أولًا في تفسيرِ كلِّ مجموعة، تفسيرًا تحليليًّا، وهو (الدراية)، وفي نهايتها يذكرُ الأقوالَ والآثارَ في تفسيرها أو تفسيرِ بعضها، وقد يكونُ تفسيرًا متعددًا، مقارنًا، وهو (الرواية).

وهو مثلُ غيرهِ من المفسرين يتركُ بعضَ الألفاظِ أو الآياتِ بدونِ تفسير، سهوًا أو عمدًا، وقد يشيرُ إلى سابقِ تفسيرها أو لا يشير، وقد يكونُ فسَّرها أو شِبْهَها أو لم يفسرها لسببٍ ما:
كأنْ تكونَ واضحة.
وقد يفسرها لغويًّا أو نحويًّا بما لا يوحي بتفسيرها.
أو يفسِّرُ الآيةَ بالألفاظِ الواردةِ فيها نفسها.
وقد يفسِّرُ منها لفظًا واحدًا، ولا أشيرُ إلى ذلك عند الاستدراكِ عليه.
وشغلتْ أواخرُ الآياتِ قسمًا كبيرًا مما لم يفسِّره.

واعتبرتُ كلَّ ما يؤدِّي إلى توضيحِ معنى الآيةِ تفسيرًا. ويتبيَّنُ هذا من خلالِ ما يوردهُ المؤلفُ من الشواهدِ والآثار، من القرآن نفسه، ومن الأحاديثِ الشريفة، ومن أقوالِ أهلِ العلمِ والحكمةِ عمومًا، وحتى أسبابِ النزول.
وإذا لم يجدِ القارئ تفسيرَ آيةٍ أو لفظةٍ في مكانها، فليبحثْ عنها في آخرِ مجموعةِ الآياتِ المقسَّمة، التي يوردُ أقوالَ وآثارَ العلماء فيها، فقد يفسِّرُ الآيةَ أو اللفظَ أكثرَ من مرة، وفي أماكنَ متفرقة.

المنهج:
والمنهجُ الذي اتبعتهُ في الاستدراكِ على تفسيرهِ رحمهُ الله، هو كالنهجِ الذي اتبعتهُ في المستدركاتِ السابقةِ تقريبًا (ابن كثير، والبغوي، وابن عطية)، وهو تفسيرُ كلِّ ما لم يتضحْ للقارئ أنه فُسِّر، من الأمورِ التي ذكرتها سابقًا.
ولم أبحثْ في الحروفِ المقطَّعة، والمتشابهاتِ من الآيات.
ولم أتتبَّعْ ما أوجزَ من تفسير، والأفضلُ توضيحهُ أكثر.
واستثنيتُ - كذلك - ما كان تفسيرهُ واضحًا، ولو لم يتتبَّعِ المؤلفُ ألفاظه.

وقد لا أوردُ التفسيرَ كلَّهُ من المرجعِ إذا كان مطوَّلاً، بل أكتفي بما تتوضَّحُ به الألفاظُ أو الآيات، وقد أشيرُ عند ذلك إلى أنه مختصرٌ، أو منتخبٌ من مصدره.
وأُورِدُ تفسيرَ آيةٍ أو لفظٍ مما فسَّرهُ المؤلفُ من مشابهٍ له في موضعٍ آخر، فإنْ لم أجدهُ طلبتهُ في تفاسيرَ أخرى ذكرتها للقارئ. ولم أتقصَّ هذا، فتفسيرُ الألفاظِ والآياتِ في سياقها قد يعطيها مدلولًا إضافيًّا غيرَهُ فيما سبق، فالتكرارُ له فائدةٌ وميزة.

والتفسيرانِ الأساسيانِ لهذا العملِ هما: تفسيرُ الإمامِ الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن)، وتفسيرُ الحافظِ ابنِ كثير (تفسير القرآن العظيم)، وهذا ما يشكِّلُ جلَّ هذا التفسير.
كما استعنتُ بتفسيرِ الإمامِ البغويِّ رحمَهُ الله، وبتفسيرِ ابن عطية، وتفسيرِ القاضي البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) فهو تفسيرٌ مشهور، وتفسيرِ النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) لشمولهِ وسهولته، واستفدتُ من تفسيرِ (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) للآلوسي، فهو لا يكادُ يتركُ لفظًا دونَ بيانه، ويدخلُ في الأمورِ المستعصيةِ فيوردُ وجوهها ويحلُّها، كما استعنتُ بـ (الواضح في التفسير) لمعدِّ هذا الكتاب، وقد استفدتهُ من التفاسير السابقةِ وغيرها. واستعنتُ بتفاسيرَ أخرى، ولم أكثر.

وغالبُ ما كنت أنسخه من تفاسير مخزنة، وإذا شككتُ في خطأ قارنت.
وأضعُ المصدرَ في آخرِ تفسيرِ كلِّ آية.
وموضعُ الاستشهادِ هو مكانُ تفسيرِ الآياتِ في التفاسيرِ نفسها، واستغنيتُ بذلك عن ذكرِ أرقامِ الأجزاءِ والصفحاتِ في الهوامش.
ولم أوردِ الأقوالَ والآثارَ والخلافات.
وجمعتُ بين المأثورِ والرأي في هذا المستدركِ كما هو شأنُ التفسيرِ المستدركِ عليه.

وراعيتُ جاهدًا التوفيقَ بين التفاسيرِ القديمةِ التي أنقلُ منها، وبين ما أقدِّمهُ لجيلٍ معاصرٍ بما يناسبهُ وما يفهمهُ ويستفيدُ منه.
ولم أُدخِلْ في هذا التفسيرِ أمورًا محدَثة، ولا علومًا مساندةً للتفسير، فالأساسُ في هذا هو الأصل.
وأوردُ الآيةَ أو جزءًا منها، يسبقها رقمها، وأضعُ خطًّا تحت الكلمةِ أو الكلماتِ والجُمَلِ التي لم تفسَّرْ فيها.
فإذا لم تفسَّرِ الآيةُ كلُّها أبقيتُها بدونِ خطّ.
وقد لا أشيرُ إلى كلمةٍ فسَّرها في آيةٍ طويلةٍ كما ذكرت، فأفسِّرُها كلَّها مع الكلمة.
وفسِّرَ كثيرٌ من الآياتِ وهي تبدو سهلةً للقارئ، ولكنَّ تفسيرها يُظهِرُ له ما لم يدركهُ من أسرارها.

وأنبِّهُ إلى أن معظمَ ما وردَ هنا هو تفسيرٌ لجزءٍ أو ألفاظٍ أو جملةٍ من الآية، فلا يصلحُ إلا مع متابعةِ الأصل، يعني أن هذا التفسيرَ مكمِّلٌ لتفسيرِ "فتح القدير"، وليس مستقلاً بذاته، فقد أفسِّرُ لفظةً في آيةٍ تكونُ مرتبطةً بما قبلها وما بعدها فسَّرها المؤلف. والأفضلُ أن يطبعَ معه، بهامشه. وقد أذنتُ بذلك لمن شاء، مع إثباتِ هذه المقدِّمة، وعدمِ الزيادةِ أو النقصِ في الكتاب، إلا ما كان من الرسمِ العثماني للآياتِ الكريمة.

واعتمدتُ في هذا الاستدراكِ على طبعةِ دار الكلم الطيب (ط2، دمشق، بيروت، 1419 هـ). ولم يصدر محققًا حتى حينه.
والحمدُ لله الذي يسَّرَ وأعان، والشكرُ له سبحانه.
محمد خير رمضان يوسف



بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول
سورة الفاتحة
3- ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهما. ويعني عند تفسيرِ البسملة، وقد قالَ هناك: اسمانِ مشتقان من الرحمةِ على طريقِ المبالغة، ورحمانُ أشدُّ مبالغةً من رحيم. وفي كلامِ ابنِ جريرٍ ما يُفهَمُ حكايةُ الاتفاقِ على هذا، ولذلك قالوا: رحمانُ الدنيا والآخرة، ورحيمُ الدنيا. وقد تقررَ أن زيادةَ البناءِ تدلُّ على زيادةِ المعنى.

سورة البقرة
20- ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ أي: بصوتِ الرعد، ﴿ وَأَبْصَارِهِمْ بوميضِ البرق. وقيل: أي: لذهبَ بأسماعهم وأبصارهم الظاهرةِ كما أذهبَ أسماعَهم وأبصارَهم الباطنة.
﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي: هو الفاعلُ لما يشاء، لا منازعَ له فيه. (الخازن).

21-﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
لعلكم تتقون بعبـادتِكم ربَّكم الذي خـلقكم، وطاعتِكم إيّاه فـيـما أمركم به ونهاكم عنه، وإفرادِكم له العبـادة؛ لتتقوا سخطَهُ وغضبَهُ أنْ يحلَّ علـيكم، وتكونوا من المتقـين الذين رضيَ عنهم ربُّهم.
وكان مـجاهدٌ يقولُ فـي تأويـلِ قوله:
﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ : تطيعون. (الطبري)


29-﴿ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
وعلمهُ محيطٌ بجميعِ ما خَلق، لا يَخفى عليه شيء. (الواضح في التفسير).

33-﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .
﴿ قَالَ اللهُ تعالى: ﴿ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ يا ملائكتي ﴿ إِنِّيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ : ما كان منهما وما يكون؛ لأنه قد قالَ لهم: ﴿ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ . (البغوي).

37-﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم .
إن اللهَ جلَّ ثناؤهُ هو التوابُ علـى من تابَ إلـيه من عبـادهِ المذنبـين من ذنوبه، التاركُ مجازاتهِ بإنابتهِ إلى طاعتهِ بعد معصيتهِ بما سلفَ من ذنبه. ﴿ الرَّحِيمُ : المتفضِّلُ عليه مع التوبةِ بالرحمة. ورحمتهُ إيَّاهُ إقالةُ عثرته، وصَفحهُ عن عقوبةِ جُرمه. (الطبري، باختصار).

39-﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .
﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يعني جحدوا، ﴿ وَكَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَآ : بالقرآن، ﴿ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ يومَ القيامة، ﴿ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ : لا يخرجون منها، ولا يموتون فيها. (البغوي).

41- ﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ .
قالَ رحمهُ الله: الكلامُ فيه كالكلامِ في قولهِ تعالى: ﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ .
يعني في الآيةِ السابقة (40)، وقد قالَ هناك: الرهبُ والرهبة: الخوف، ويتضمنُ الأمرُ به معنى التهديد، وتقديمُ معمولِ الفعلِ يفيدُ الاختصاص.
وقالَ النسفيُّ في تفسيره: أي اعبدوا على رجاءِ أن تتَّقوا فتَنجوا بسببهِ من العذاب.

53- ﴿ وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .
لكي تهتدوا بتدبُّرِ الكتاب، والتفكُّرِ في الآيات. (البيضاوي).

54- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .

﴿ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ : لقد ارتكبتُم جُرْماً عظيماً ومَعصيةً كبيرةً عندما اتَّخذتمُ العجلَ ربًّا دونَ الله.
﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ : ... فإنَّهُ أنسبُ عقوبةٍ لنفوسِكمُ السيِّئة، وقلوبِكمُ القاسية، وطبيعتِكمُ المنحرفة، وعسَى أنْ يكونَ هذا توبةً لجُرمِكم الشنيع، وتذكرةً مؤلمةً لكم لئلاّ تعودوا إلى مثلِه. ثمَّ أدركتْكُم رحمتهُ فتابَ عليكم، فهو يقبلُ التوبةَ الصادقةَ من عبادِه، رحمةً بهم. (الواضح).

56- ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
فعلنا بكم ذلك لتشكروني على ما أولـيتُكم من نعمتي علـيكم بإحيائي إياكم، استبقاءً مني لكم لتراجعوا التوبةَ من عظيـمِ ذنبكم، بعد إحلالـي العقوبةَ بكم بـالصاعقةِ التي أحللتُها بكم، فأماتتكم بعظيـمِ خطئكم الذي كان منكم فيما بـينكم وبـين ربكم. (الطبري).

57- ﴿ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ .
كلوا من مشتهياتِ رزقنا الذي رزقناكموه. (الطبري).

58- ﴿ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ .
أي: إذا فعلتم ما أمرناكم، غفرنا لكم الخطيئات (ابن كثير)، بسجودكم ودعائكم. (البيضاوي).

59- ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ .
﴿ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ : الذين فعلوا ما لـم يكنْ لهم فعله. (الطبري).
﴿ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ قال: قد تقدمَ تفسيره. ويعني كلمة (الفَاسِقِينَ)، الواردة في الآيةِ (26) من السورة، حيثُ أوردَ أقوالًا لأهلِ العلمِ فيها. وقد قالَ الإمامُ البغوي: ﴿ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ : يعصون ويخرجون من أمرِ الله تعالى.

61- ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُون .

قالَ رحمهُ الله: "وقد تقدمَ تفسيرُ الغضب".
لكنْ لم تردْ هذه الكلمةُ في الآياتِ السابقة.
قالَ الإمامُ الطبري: أي: قد صارَ علـيهم من اللهِ غضب، ووجبَ علـيهم منه سخط. (الطبري).
﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُون : واستحقُّوا السُّخْطَ والغضبَ من اللهِ بما فعلوهُ مِن آثامٍ كبيرةٍ وذنوبٍ عِظام، من كفرِهم بآياتِ اللهِ وحُجَجهِ البيِّنة، واستكبارِهم عن اتِّباعِ الحقّ، وإهانتِهم وقتلِهم أفضلَ الخلقِ أجمعين: أنبياءَ اللهِ ورُسُلَه؛ فهذا جزاءُ مَن عصَى الخالقَ واعتدَى على خَلقه. (الواضح).

62- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون .
من صدقَ وأقرَّ بـالبعثِ بعد المماتِ يومَ القـيامة، وعملَ صالحًا فأطاعَ الله، فلهم ثوابُ عملهم الصالحِ عند ربِّهم. ولا خوفٌ علـيهم فيما قدموا علـيه من أهوالِ القـيامة، ولا هم يحزنون علـى ما خلَّفوا وراءهم من الدنـيا وعيشها عند معاينتهم ما أعدَّ الله لهم من الثوابِ والنعيمِ المقيمِ عنده. (الطبري، باختصار).

63- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ .
قال: تقدَّمَ تفسيرُ الميثاق. ويعني في الآيةِ (27) من السورة، وقد قالَ هناك: الميثاق: العهدُ المؤكدُ باليمين، مفعالٌ من الوثاقة، وهي الشدَّةُ في العقدِ والربط، والجمع: المواثيق، والمياثيق.

66- ﴿ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِين .
للمؤمنين من أمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فلا يفعلون مثلَ فعلهم. (البغوي).

73- ﴿ وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
لتعقلوا وتفهموا أنه محقٌّ صادق، فتؤمنوا به وتتَّبعوه. (تفسير الطبري).

84- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ﴾.
قالَ في الآيةِ (27) من السورة: الميثاق: العهدُ المؤكدُ باليمين.

85- ﴿ ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون .
﴿ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ : فصارَ يَقتلُ بعضُكم بعضًا، ففريقٌ مع الأوسِ وفريقٌ مع الخزرج. كما تُخرِجون بعضَكم من بيوتِ بعض، وتَنهبون ما فيها من المالِ والمتاعِ وتأخذون سباياهُم. (الواضح).
﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ : ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره، ويعني في الآيةِ (74) من السورة، وقد قالَ هناك: من التهديدِ وتشديدِ الوعيدِ ما لا يخفَى، فإن الله عزَّ وجلَّ إذا كان عالماً بما يعملونه، مطَّلعاً عليه، غيرَ غافلٍ عنه، كان لمجازاتهم بالمرصاد.

86- ﴿ أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ .
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره. ولم يوجدْ بلفظه.
وقد قالَ الإمامُ الطبريُّ رحمهُ الله: أخبرَ جلَّ ثناؤهُ أن هؤلاء الذين اشتروا رئاسةَ الحياةِ الدنيا علـى الضعفـاءِ وأهلِ الجهلِ والغبـاءِ من أهلِ ملَّتهم، وابتاعوا المآكلَ الخسيسةَ الرديئةَ فـيها بالإيمانِ الذي كان يكونُ لهم به في الآخرةِ لو كانوا أتَوا به مكانَ الكفرِ الخـلودُ في الجنان.
وإنما وصفهم الله جلَّ ثناؤهُ بأنهم اشتروا الحياةَ الدنـيا بـالآخرة، لأنهم رضوا بالدنيا بكفرهم بـالله فـيها عوضًا من نعيـمِ الآخرةِ الذي أعدَّهُ اللهُ للمؤمنـين، فجعلَ حظوظَهم مِن نعيـمِ الآخرةِ بكفرهم باللهِ ثمنًا لِـما ابتاعوهُ به مِن خسيسِ الدنـيا. (الطبري).

91- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ .
﴿ وَهُوَ الْحَقُّ يعني القرآن، ﴿ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ يعني التوراة؛ لأن كتبَ الله تعالى يصدِّقُ بعضُها بعضاً. (النكت والعيون للماوردي).

93- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ .
ذكرَ أن تقدمَ تفسيرُ أخذ الميثاق والطور. وقد قالَ في الآيةِ (27) من السورة: الميثاق: العهدُ المؤكدُ باليمين. وأكمله في الآيةِ (63) بقوله: والمراد: أنه أخذَ سبحانهُ عليهم الميثاقَ بأن يعملوا بما شرعَهُ لهم في التوراة، وبما هو أعمُّ من ذلك، أو أخصّ.
والطور: اسمُ الجبلِ الذي كلَّمَ الله عليه موسى عليه السلام، وأنزلَ عليه التوراةَ فيه. وقيل: هو اسمٌ لكلِّ جبلٍ بالسريانية.
وقد ذكرَ كثيرٌ من المفسرين أن موسى لما جاءَ بني إسرائيلَ من عند الله بالألواحِ قالَ لهم: خذوها والتزموها. فقالوا: لا، إلا أن يكلِّمَنا الله بها كما كلَّمك. فصُعِقوا، ثم أُحيوا، فقال لهم: خذوها والتزموها، فقالوا: لا. فأمرَ الله الملائكةَ فاقتلعتْ جبلاً من جبالِ فلسطين، طولهُ فرسخٌ في مثله، وكذلك كان عسكرهم، فجعلَ عليهم مثلَ الظُّلَّة، وأُتُوا ببحرٍ من خلفهم، ونارٍ من قبلِ وجوههم، وقيلَ لهم: خذوها، وعليكم الميثاقُ أن لا تضيِّعوها، وإلا سقطَ عليكم الجبل. فسجدوا توبةً لله، وأخذوا التوراةَ بالميثاق...
وقالَ في تتمةِ تفسيرِ الآية: وقوله: ﴿ خُذُواْ أي: وقلنا لهم: ﴿ خُذُواْ مَا ءاتَيْنَـٰكُم بِقُوَّةٍ والقوَّة: الجدُّ والاجتهاد.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,226.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,224.31 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.14%)]