الضعف في التخصص الجامعي

[ابوالوليد المسلم]

الضعف في التخصص الجامعي
أ. سحر عبدالقادر اللبان


السؤال

♦ ملخص السؤال:
فتاة في المرحلة الجامعية لديها مشكلات أسرية بسبب زواج أبيها مِن امرأةٍ أخرى، كما أن لديها مشكلات في الجامعة بسبب أن دراستها وتخصُّصها باللغة الإنجليزية، ومستواها ضعيف فيها، وتريد حلولاً لمشكلاتها.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة جامعيَّة، كانتْ لديَّ بعض المشكلات قبل الحياة الجامعية خاصة بأسرتنا، وذلك عندما تزوَّج والدي امرأةً أخرى على أمِّي، وقسَّم البيتَ نِصفين، وأَضَرَّ بحياتنا.

تخطيتُ هذه المشكلات بسلام، ودخلتُ الحياة الجامعية قوية، والآن تواجهني مشكلة أخرى، وهي: أني أدرس باللغة الإنجليزية، لكن مستواي فيها ضعيف مقارنة بزملاء القسم.

أجلس وحيدةً أثناء المحاضرات، فلا أشارك ولا أتكلَّم، وأبكي بكاءً شديدًا إذا استهزأ بي أحدٌ مِن الأساتذة أو الزُّمَلاء! كل ما أخاف منه أن أخيبَ أمل أمي التي تعتمد علينا لنكونَ أفضل من غيرنا.

نفسيتي لم تعدْ تحتَمِل أي شيء، فأنا أسكن في دار للطالبات، وإذا عدتُ للبيت وجدتُ المشكلات بين أمي وزوجة أبي وأبي، وإذا عدت للدار مع زميلاتي أجد الاستهزاء منهنَّ!

فماذا أفعل؟ وإلى أين أذهب؟ لا أعرف ما الحل

أرجوكم أشيروا عليَّ فلا أريد أن أفقدَ مستقبلي

وجزاكم الله خيرًا

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الجواب

الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أُرحِّبُ بك في قسم استشارات شبكة الألوكة، وبعدُ:

فيقولُ رسولُنا الكريم صلوات الله وسلامُه عليه: ((عجبًا لأمرِ المؤمنِ؛ إن أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ؛ إن أصابَتْه سرَّاء شَكَر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبرَ فكان خيرًا له))؛ رواه مسلم.

فالمؤمنُ يَتقلَّبُ بين مَقامِ الشُّكر على النَّعماء، وبين مقامِ الصبرِ على البلاء، فيَعلمُ علمَ يقينٍ أنه لا اختيارَ له مع اختيار مولاه وسيِّده ومالكه سبحانه وتعالى، فيتقلَّب في البلاءِ كما يتقلَّب في النَّعْماءِ، وهو مع ذلك يعلمُ أنه ما مِن شدَّة تُصيبُه إلا وسوف تزولُ، وما من حزنٍ إلا ويَعْقُبُه فرحٌ، وأن مع العسر يسرًا، وأنه لن يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ؛ فلا حزن يدومُ ولا سرور، ولا بؤسَ يدومُ ولا شقاء.

عزيزتي، ما حصَلَ لعائلتِكِ هو ابتلاءٌ من عند الله تعالى يَستوجِبُ الصبرَ عليه، وبذلَ المستطاع للفِكاكِ منه، وتغييرِ الحالِ إلى الأفضلِ، ولا يكونُ ذلك إلا بالصبر الجميلِ أولاً ؛ أي: صبرٍ برضًا ويقينٍ أن ما حصل هو من عندِ اللهِ تعالى، وأن مع الصبر ستأتي المكافأةُ، وثانيًا: مع العملِ بجدٍّ من دراسةٍ، وعملٍ، وتخطيطٍ لمستقبلٍ أفضلَ، ومكافأة والدتِك لاحتمالها ما احتمَلَتْه لأجلكِ أنتِ وإخوتك.

عزيزتي، كلُّ مشكلةٍ ولها حلٌّ، فمشكلةُ مستواكِ الضعيفِ حلُّها بأخْذِ دوراتٍ مكثَّفة في اللغة الإنجليزية، ويمكنُ لك ذلك عبر الإنترنت، كما يُمكِنُك قراءةُ قصصٍ باللغة الإنجليزية؛ بهدف تقويةِ لُغَتِك، المهمُّ أن تعرفي أنها مشكلةٌ يسيرة، حلُّها بيدكِ أنت، وببذلِ القليلِ من العمل والجهدِ، ويُمكِنُك ملء فراغِك بتقوية نفسكِ في اللغة الإنجليزية.

أمَّا إن كنتِ لا تُحبِّينَ هذه المادة، ولا تَرَيْنَ نفسَك ميَّالةً إليها - فأنت ما زِلْتِ في أول الطريق، ويُمكِنُك تغيير دفَّة دراستك لمادة تُحبينها، ولدراسةٍ تَشعرين بأنك ميَّالةٌ إليها، وهذا أمرٌ يعودُ إليكِ، ومهما اخترتِ لا بد مِن جُهدٍ لتصلي إلى النجاح والتفوُّق، ولمستقبلٍ تَحْلُمينَ به.

عزيزتي، تناسَيْ وَضعَ أسرتك، وأَبْعدِي عن رأسك كلَّ مشاكلك السابقة، وانظري إلى مستقبلكِ، وأنك قويةٌ، وقادرةٌ على بلوغ أعلى المراتب، قَوِّي ثَقتكِ بالله تعالى، ثم بذاتك، وذلك بجَعْل القرآنِ الكريم صاحبَك في الخلوات، والصلاة راحتَكِ، ثم أكْثِري من سماع محاضرات الراحل الدكتور إبراهيم الفقي التي تدور حولَ تنمية الذَّاتِ، فهي ستساعدك كثيرًا.

عزيزتي، تجاهلي أيَّ تعليقٍ في الجامعة، أو في السكن، وحاولي إنشاءَ عَلاقةٍ طيِّبة مع زميلات سَكَنكِ، وإن لم تستطيعي وكُنَّ بالسوء الذي لا يُمكِنُك تحمُّله فابحثي عن سكنٍ آخرَ، فإن كان صعبَ المنالِ فما عليك إلا تحاشيهنَّ، ومعاملتهنَّ بالمعروف والحُسْنَى، ولكن مع عدم الاختلاط؛ فأنت معهنَّ لفترة مؤقتة في سبيل تحقيق ذاتِك ومستقبلك؛ ولأجل هذا عليك بالصبر والتحمُّل، فلا شيء يدوم.

عزيزتي، قوِّي عَلاقتَك بالله تعالى، فمعه ستَزولُ كلُّ الصِّعاب، وبالركون إليه ستشعرين بالسعادة.

وفَّقَكِ الله تعالى، وباركَ فيكِ

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته